الأربعاء، 24 يونيو 2015

سيدنا سلمان المحمدي



سيدنا سلمان المحمدي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل مجمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
هو ابو عبد الله سلمان المحمدي، ويلقب بـ سلمان باك وتعني الطاهر
قال ابن عساكر ان اسم سلمان الفارسي: هو روزبه(سعيد) بن يوذخشان بن مورشلا بن بهبوذان بن فيروز بن شهرك(تاريخ دمشق - ابن عساكر ج122) 
من أصفهان قرية (جَيْ) ، وكان والده ذهقان قريته(الرئيس الديني) ، مر ذات يوم بكنيسة فاعجب بدينهم فترك المجوسية وتحول الى دينهم وهكذا في رحلة من البحث عن الحقيقة طويلة وغريبة انتقل فيها من صومعة الى صومعة ومن راهب الى راهب ومن بقعة الى بقعة حتى قال له آخر راهب التقى به :
 أي بني والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
 قال سلمان : ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نفر من بني كلب تجار، فقلت لهم : تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي ؟ قالوا نعم، فأعطيتهم البقر والغنيمات، وحملوني حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني على رجل من اليهود عبداً، فمكثت عنده ورأيت النخل ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي لها، فأقمت بها وبعث الله رسوله محمداً، فاقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عتق أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة - يعني الأنصار- والله إنهم الآن لمجتمون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي. قال سلمان : فلما سمعتها أخذتني العرواء - يعني الرعدة- حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه : ماذا تقول ؟ ماذا تقول ؟ قال فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك، قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبت عما قال. قال سلمان : وقد كان عندي شي قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله وهو بقباء فدخلت عليه، فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال : فقربته إليه، فقال لأصحابه : كلوا وأمسك يده فلم يأكل، قال سلمان : فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم أنصرفت عنه فجمعت شيئاً، وتحوَّل رسول الله إلى المدينة، ثم جئته به فقلت : إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال : فأكل رسول الله منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال فقلت في نفسي : هاتان إثنتان، ثم جئت رسول الله وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم أستدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني رسول الله استدرت عرف أني استثبت في شيء، فالقى ردائه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت على رسول الله أقبِّله وأبكي، فقال لي رسول الله  : تحوَّل فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس..
( مقبل الوادعي/الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)
فهنيئا لك ايها البطل الالهي بهذا الفوز العظيم والوصول الى مبتغاك ، وفداه الحبيب المصطفى الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فعن ابي نعيم:
إن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أملى كتاب مفاداة سلمان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وهو كما يلي :
هذا ما فادى صلّى الله عليه وآله وسلّم محمّد بن عبدالله ، رسول الله ، فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الاُشهل اليهودي ، ثم القرظي ، بغرس ثلاثمائة نخلة ، وأربعين أوقية ذهب؛ فقد برىء محمّد بن عبدالله رسول الله لثمن سلمان الفارسي ، وولاؤه لمحمّد بن عبدالله رسول الله ، وأهل بيته ، فليس لاُحد على سلمان سبيل.
وكتب علي بن أبي طالب الاثنين في جمادى الاولى ، مهاجر محمّد بن عبدالله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
شهد على ذلك : أبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو ذر الغفاري ، والمقداد بن الاسود ، وبلال مولى أبي بكر ، وعبدالرحمان بن عوف .
وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
 "سلمان منا آل البيت"
قال الشيخ الالباني(في الحاشية من ضعيف الجامع): قد صح الحديث موقوفا على علي رضي الله عنه فها أنا أذكرها(طرق الحديث) إن شاء الله تعالى .
الـطـريـقُ الأولـى : عن أبي البختري قال : قالوا لِعَليٍّ : أخبرنا عن سلمان ، قال : أدرك العلم الأول ، والعلم الآخر ، بحر لا ينزح قَعْرُه ، هو منا أهل البيت .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ، وابن سعد ، وأبو نعيم في " الحلية " ، وابن عساكر .وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، واسم أبي البختري سعيد بن فيروز ....
وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال فيه :
( كان عبداً صالحاً، حنيفا ، مسلما، وما كان من المشركين)
ومن آثاره(عليه السلام)
عن حفص بن عمرو السعدي عن عمه قال: قال سلمان الفارسي  لحذيفة : "يا أخا بني عبس، العلم كثير والعمر قصير، فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه فلا تعانه".
وعن قتادة قال: قال سلمان الفارسي : "إذا أسأت سيئة في سريرة فأحسن حسنة في سريرة، وإذا أسأت سيئة في علانية فأحسن حسنة في علانية؛ لكي تكون هذه بهذه".
وفي الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن وهو سائر بالطريق، لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل من التين والتمر، وكان الحمل يتعب الشامي، فلم يكد يرى أمامه رجلا يبدو عليه من عامة الناس وفقرائهم حتى قال له احمل عني هذا فحمله سلمان ومضيا، وعندما بلغا جماعة من الناس فسلم عليهم فأجابوا وعلى الأمير السلام) فسأل الشامي نفسه أي أمير يعنون ؟!ودهش عندما رأى بعضهم يتسارعون ليحملوا عن سلمان الحمل ويقولون عنك أيها الأمير فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي فسقط يعتذر ويأسف واقترب ليأخذ الحمل، ولكن رفض سلمان وقال لا حتى أبلغك منزلك
توفي سلمان المحمدي في 8 صفر سنة 35 هجـ (656 للميلاد). (وقيل 34 ـ او  36)في المدائن ، وتولى غسله وتجهيزه، والصلاة عليه ودفنه الامام علي(عليه السلام)، وقد جاء من المدينة المنورة إلى المدائن من أجل ذلك.
والمدائن اسم آرامي ، واسمها بالفارسي طيسفون وبالاغريقي سلوقيا
وقد بناها الفرثيون وهم أقوام جاؤوا من جنوب إيران، واستولوا على العراق عام 141 ق.م، وبنوا مدينة طيسفون لتكون عاصمة لهم، كذلك اختارها الساسانيون لتكون عاصمتهم الشتوية، مع عاصمتهم الصيفية، سوسة، في إيران، بعد أن تمكن أردشير الساساني من القضاء على ارطبان آخر ملوك الفرثيين عام 224 للميلاد. ومنذ ذلك الوقت حكمت الدولة الساسانية العراق حتى الفتح الإسلامي.
ويحيط بالمدينة نهر دجلة من جهة الشرق، ومما بقي من آثارها القصر الذي بناه شابور الأول (241-275م) والذي يعرف بالقصر الأبيض أو قصر كسرى والذي يحتوي على أشهر طاق في التاريخ وهو ما يعرف بـ"طاق كسرى".
وهو جزء من القصر الأبيض، وقد تهدمت جدرانه واندكت ولم يبق من معالمه إلا الطوق وبعض الأسس. وهناك أكوام من الردم والأنقاض منتشرة على مسافة مئات الأمتار، مما حول الطاق. وما تبقى من البناء تدل على عظمة القصر عندما كان شاخصا في عهده الغابر. يبلغ ارتفاع الطاق عن سطح الأرض حوالي 30 مترا وعرضه 25.5 مترا وسمك جداره من الأسفل 7 أمتار. ويطل الإيوان على الشرق وله ثلاثة أبواب، واحد من اليمين والآخر على اليسار وكلاهما قرب فتحة الإيوان، والثالث قرب الجدار الغربي. وإلى يسار الإيوان هناك حائط شاهق يعلو حتى قمة الطاق، يبلغ سمكه من الأسفل 6 أمتار، وقد تم إسناد هذا الحائط بمسند من الآجر والاسمنت مؤخرا لحمايته من الانهيار. أما بالنسبة للحائط الذي كان قائما إلى الجانب الأيمن من الإيوان، فقد تهدم عام 1887 بفعل فيضان دجلة.
ويقع مرقد سيدنا سلمان المحمدي على مسافة كيلومترين من طاق كسرى جنوب شرقي بغداد، بالضريح المعروف باسمه، والذي يتألف من ثلاث أبنية أحدها هو البناء الرئيسي الذي يضم قبر الجسد الطاهر لسلمان المحمدي ، أما الثاني فيضم قبر الجسد الطاهر لحذيفة بن اليمان ، ويقابله مبنى قبر الجسد الطاهر لعبدالله بن جابر الأنصاري وكذلك قبر السيد طاهر بن الإمام محمد الباقر (عليهم السلام) ، وهو ملاصق لمبنى ضريح سلمان المحمدي.
تعلو هذه المباني قباب أربع هي على التوالي قبة فوق الجامع وقبة فوق قبر سلمان المحمدي وقبة قبر حذيفة بن اليمان وقبة فوق قبري عبدالله بن جابر بن عبد الله الأنصاري وطاهر بن الإمام محمد الباقر (عليهم السلام). وكسيت القباب من الخارج بزخارف هندسية بسيطة، وعلى جوانبها ترتفع مئذنتان أسطوانيتان تجلسان على قاعدتين مربعتين شيّدتا من الطابوق الآجر والجص، وزينتا بالبلاط المزجج القاشاني الرائع.
ويحيط بالمبنى من جميع جهاته صحن واسع، ويحيط بالصحن من جهاته الثلاث غرف تتصدرها مجازات تعلوها أقواس ذات رؤوس مدببة. وفي الصحن يوجد مصلى صيفي كبير ومكان للوضوء والمرافق في إحدى زواياه
أما قبة سلمان فهي بقطر 8 م وبارتفاع 17 م أما المنارتان فهما بارتفاع 23م وقطر مترين مساحة المزار التي أنشئ عليها الإعمار الجديد أكثر من عشرة آلاف متر مربع على شكل شبه مستطيل بعرض 88 م وطول 125م لأربع أبواب فرعية وثلاث أبواب رئيسية، الاولى من جهة بغداد وستسمى باب الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وباب باسم فاطمة الزهراء (عليها السلام) باتجاه نهر دجلة وباب الإمام علي (عليه السلام) باتجاه النجف الاشرف
قال عبد الرزاق حمد الشهيلي (مشرف الإعمار الاخير): إن المزار الشريف مر بعمارتين الأولى في العهد العثماني ببناء بسيط والبناء الثاني في عام 1997م ثم العمارة الثالثة التي نحن في طورها، حيث تبلغ مساحة الصحن السليماني الشريف بعرض 70م ×100م يتخلله مساحة المرقد بـ 46م×60م(انتهى)
روي سادن مرقد سيدنا سلمان أن والده كان ايضاً سادن القبر ، وقد رأى بمنامه في عام 1932 رؤيا ان سيدنا حذيفة أتاه في المنام يشكو الغرق، وكان قبر الصحابيين الجليلين حذيفة والأنصاري على ضفة نهر دجلة، وحين زار قبرهما وجد أن مياه النهر باتت تأكل من جرف القبرين، وأنهما مُهدّدان بالإنجراف مع النهر، فقام بإبلاغ مفتي الديار العراقية نجم الدين الواعظ آنذاك، والذي قام بابلاغ الملك غازي بالأمر، وبعد قيام مهندس الأوقاف بالكشف على القبر أكد في تقريره أنه معرض لخطر التجريف، ونصح بضرورة نقلهما. وحين وصل الأمر للملك غازي ، اصدر أمره الفوري بنقل الجثمانين من مكانهما الى جوار قبر سيدنا سلمان الفارسي .
 ولاحظ الناس كيف ان جسدي الصحابيين حذيفة بن اليمان وعبدالله بن جابر الأنصاري مازالا على وضعهما يوم استشهدا في معركة القادسية، بل أن الدم مازال طرياً، ورائحة عطرة تفوح من الجسدين الطاهرين، بحيث وقعت قطرات الدم على ملابس السادن واحتفظ بقطعة القماش المعطرة بدم الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان ومازال ولده يحتفظ بها.
فسلام الله عليك يا سيدنا يا سلمان وعلى جميع الاجساد الطاهرة والنفوس الطيبة التي عاشت وماتت على حب المصطفى الخاتم واهل بيته النجباء(صلوات الله عليهم اجمعين)
واليكم احبتي بعض الصور

صورة قيمة لطاق كسرى


آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.
من مصدر ومراجع المبحث 
المستدرك / الحاكم النيسابوري، ج3، ص598.
2ـ تهذيب تاريخ دمشق، ج6، ص200 و 204.
3ـ السيرة النبوية، (سيرة ابن هشام)، ج3، ص235.
    المغازي، الواقدي، ج2، ص446
5ـ بحار الانوار للشيخ المجلسي، ج22، ص326 و 330 و 331 و 348 و 349 و 374.
6ـ تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطبري)، ج2، ص568، طبعة دار المعارف.
7ـ الطبقات/ إبن سعد، ج1، ص59.
8ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة/ ابن الأثير، ج2، ص331.
9ـ سلمان الفارسي/ السيد جعفر مرتضى العاملي/ مؤسسة النشر الإسلامي
10ـ مقالا لكل من حسين النعمة علاء السلامي، واكرم عبد ارزاق المشهداني
11ـ موسوعة وكيبيديا العالمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق