الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

لمحات من زيارة السيد القائد مقتدى الصدر(اعزه الله) لمدرسة الموهوبين


تشرفت مدرسة الموهوبين في النجف الاشرف بزيارة السيد القائد مقتدى الصدر (اعزه الله)، بتاريخ : 23 / 11 / 2016م ، وفي هذه الزيارة الكريمة مداليل كثيرة ينبغي الالتفات اليها لكي يتم الانتفاع بها ومنها ما يلي:
1.اهمية العلم والتعليم وما يلحق به من مناهج ولوازم وبنايات ومختبرات وتشريعات ...تستدعي العناية الفائقة بها والرعاية الحقيقية لمتطلباتها فبالرغم من مشاغل سيدنا القائد والتي منها :
ـ انشغاله بمجاهدينا في ساحات القتال في حربهم المقدسة مع الارهاب والتطرف
ـ انشغاله برعاية ومتابعة مراسيم الزيارة المليونية الاربعينية ...
ـ انشغاله بمآسي الشعب العراقي وما يمر بها من ازمات وبلاءات عجيبة غريبة...
ـ انشغاله بمقاومة الهجمات والدسائس والمؤامرات التي تحاك ضد العراق من كل جانب ومكان...
الا انه ومع كل ذلك يقوم بهذه الزيارة لبيان اهمية العلم والتعليم التي تستوجب ان يبذل القائمين عليه اقصى جهودهم من اجل انجاحه وتذليل عقباته
2.ضرورة واهمية رعاية الموهوبين والمتميزين لكل تُسْتَثْمَرْ طاقاتهم في بناء وتكامل البلد بل وحتى خارج البلد:
(...يجب ان تخرج علومكم الى الخارج، يجب ان يراكم الخارج، يجب ان يعرفوا ان في العراق نماذج علمية موهوبة، وان العراق مو مجرد حروب مو مجرد مشاكل...)
3.بين سيدنا القائد مقتدى الصدر(اعزه الله) من خلال توجيهاته عدة امور والتي منها ما يلي :
ا.ان:
(... العملية التعليمية والتربوية في العراق تمر بمأزق كبير، وبإشكالات كبيرة)، وفي هذا تنبيه الى كافة المؤسسات والمنظمات...الحكومية والشعبية في المسارعة الى التكاتف والسعي الحقيقي في ايجاد الحلول الناجعة
ب. يجب على الطلبة الاعزاء والطالبات العزيزات ، ومع بداية العام الدراسي الجديد الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم والتكامل التربوي، والنأي عن المشاكل المعرقلة لذلك :
(...يجب ان تبقون بعيدين كل البعد عن كل هذه المشاكل، ويجب ان تكرسوا كل جهدكم للعلم والدراسة والتعليم والتربية ...)
ج. (...ان العراق صرح للعلم، صرح للعلماء، صرح للطلاب الموهوبين...)
د. يقع على عاتق طلبتنا (...مسؤولية كبرى من اجل تطوير العملية التعليمية والتربوية في العراق...)
هـ. السعي بان تكون كافة المدارس ،مدارس موهوبين وتلقى العناية والرعاية اللازمة فـ (... هذا نموذج طيب، انتم كلكم نماذج طيبة من اجل ان نتقدم بالعجلة التعليمية والتربوية ...)
و.تنعمنا ببركة دعاء سيدنا القائد الذي يتمنى لنا:
التوفيق والسداد والنجاح ان شاء الله .

السبت، 26 نوفمبر 2016

رسول الله وانسانية الانسان


حينما وصلت الانسانية الى مستويات متدنية خطيرة من التسافل ، حيث:ـ
قيام القويُّ بأكْل الضعيف وما يلحقه من سفك للدماء وهتك للأعراض وسلب للأموال ...، وشيوع النزعات الطبقية والعنصرية المقيتة وما يلحقه من تكبر وغرور وتميز اعمى اضافة الى انتشار الامراض النفسية بالمجتمعات بصورة مرعبة من كذب ونفاق ودعارة ...وما رافقها من كثرة الخرافات والعادات السيئة كوأد البنات واللجوء الى السحر والشعوذة وغيرها كثير يطول بيانه...
في هذا الجو المظلم المرعب ارسل الله رحمة للعالمين لتعيد الانسان الى انسانيته وفطرته التي فطره الله عليها قائلا(صلى الله عليه وآله وسلم) للناس:
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
وان : ( خياركم أحاسنكم أخلاقا ) (رواه الترمذي) .
ومبينا لهم: " إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَ بَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا ،الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا ، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ ، وَإِنَّ أَبْغَضَ كُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ ، الْمُتَشَدِّقُونَ ، الْمُتَفَيْهِقونَ " .( الطبراني، والترمذي)
نعم فخلق رسول الله هو خلق القرآن الكريم فشكرا لله على نعمه العظيمة التي لاتعد ولاتحصى ، ويشرفني نقل هذه الرواية التي فيها الدروس والعبر الكثيرة لمن يبتغي التخلق بعطر من اخلاق صاحب الخلق العظيم :
ذات يوم نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اعرابي، قائلا: يا محمد يا محمد ، فقال له النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):
يا محمد يا محمد
قال(الاعرابي) له: أنت الساحر الكذاب الذي ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة هو أكذب منك، أنت الذي تزعم أن لك في هذه الخضراء إلها بعث بك إلى الاسود والابيض واللات والعزى، لو لا أني أخاف أن قومي يسمونني العجول لضربتك بسيفي هذا ضربة أقتلك بها، فأسود بك الاولين والاخرين.
فوثب إليه عمر بن الخطاب ليبطش به فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أجلس يا أبا حفص فقد كاد الحليم أن يكون نبيا. ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الاعرابي فقال له:
يا أخا بني سليم هكذا تفعل العرب ؟ يتهجمون علينا في مجالسنا يجبهوننا بالكلام الغليظ ؟ يا أعرابي والذي بعثني بالحق نبيا إن من ضربني في دار الدنيا هو غدا في النار يتلظى، يا أعرابي والذي بعثني بالحق نبيا إن أهل السماء السابعة يسمونني أحمد الصادق، يا أعرابي أسلم تسلم من النار يكون لك ما لنا وعليك ما علينا وتكون أخانا في الاسلام.
قال. فغضب الاعرابي وقال: واللات والعزى لا أؤمن بك يا محمد أو يؤمن هذا الضب، ثم رمى بالضب عن كمه، فلما أن وقع الضب على الارض ولى هاربا، فناداه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
أيها الضب أقبل إلي، فأقبل الضب ينظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ):
أيها الضب من أنا ؟ فإذا هو ينطق بلسان فصيح ذرب غير قطع فقال:
أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من تعبد ؟ قال: أعبد الله عز وجل الذي فلق الحبة وبرأ النسمة واتخذ إبراهيم خليلا واصطفاك يا محمد حبيبا ثم أنشأ يقول:
ألا يا رسول الله إنك صادق *** فبوركت مهديا وبوركت هاديا
شرعت لنا دين الحنيفة بعد ما *** عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا
فيا خير مدعو ويا خير مرسل *** إلى الجن بعد الانس لبيك داعيا
ونحن أناس من سليم وإننا ***أتيناك نرجو أن ننال العواليا
أتيت ببرهان من الله واضح *** فأصبحت فينا صادق القول زاكيا
فبوركت في الاحوال حيا وميتا *** وبوركت مولودا وبوركت ناشيا
قال: ثم أطبق على فم الضب فلم يحر جوابا، فلما أن نظر الاعرابي إلى ذلك قال: واعجبا ضب اصطدته من البرية ثم أتيت به في كمي لا يفقه ولا ينقه ولا يعقل يكلم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الكلام ويشهد له بهذه الشهادة أنا لا أطلب أثرا بعد عين، مد يمينك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم الاعرابي وحسن إسلامه. ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أصحابه فقال لهم:
علموا الاعرابي سورا من القرآن
قال: فلما أن علم الاعرابي سورا من القرآن قال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
هل لك شي من المال ؟
قال: والذي بعثك بالحق نبيا إنا أربعة آلاف رجل من بني سليم ما فيهم أفقر مني ولا أقل مالا. ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أصحابه فقال لهم:
من يحمل الاعرابي على ناقة أضمن له على الله ناقة من نوق الجنة
قال: فوثب إليه سعد بن عبادة قال: فداك أبي وأمي عندي ناقة حمراء عشراء وهي للاعرابي. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
يا سعد تفخر علينا بناقتك ؟ ألا أصف لك الناقة التي نعطيكها بدلا من ناقة الاعرابي، فقال: بلى فداك أبي وأمي. فقال:
يا سعد ناقة من ذهب أحمر وقوائمها من العنبر، ووبرها من الزعفران وعيناها من ياقوتة حمراء، وعنقها من الزبرجد الاخضر، وسنامها من الكافور الاشهب، وذقنها من الدر، وخطامها من اللؤلؤ الرطب، عليها قبة من درة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها تطير بك في الجنة. ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أصحابه فقال لهم:
من يتوج الاعرابي أضمن له على الله تاج التقى، قال: فوثب إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
وقال: فداك أبي وأمي وما تاج التقى فذكر من صفته، قال: فنزع علي (عليه السلام)
عمامته فعمم بها الاعرابي. ثم التفت النبي (صلى الله عليه وآله) فقال:
من يزود
الاعرابي وأضمن له على الله عز وجل زاد التقوى، قال: فوثب إليه سلمان الفارسي فقال: فداك أبي وأمي وما زاد التقوى ؟ قال: يا سلمان إذا كان آخر يوم من الدنيا لقنك الله عز وجل قول شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن أنت قلتها لقيتني ولقيتك، وإن أنت لم تقلها لم تلقني ولم ألقك أبدا. قال: فمضى سلمان حتى طاف تسعة أبيات من بيوت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يجد عندهن شيئا، فلما أن ولى راجعا نظر إلى حجرة فاطمة (عليها السلام) فقال: إن يكن خير فمن منزل فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقرع الباب فأجابته من وراء الباب:
من بالباب ؟ فقال لها: أنا سلمان الفارسي فقالت له:
يا سلمان وما تشاء ؟ فشرح قصة الاعرابي والضب مع النبي (صلى الله عليه وآله). قالت له:
يا سلمان والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق نبيا إن لنا ثلاثا ما طعمنا، وإن الحسن والحسين قد اضطربا علي من شدة الجوع، ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان، ولكن لا أرد الخير إذا نزل الخير ببابي. يا سلمان خذ درعي هذا ثم امض به إلى شمعون اليهودي وقل له: تقول لك فاطمة بنت محمد: أقرضني عليه صاعا من تمر وصاعا من شعير أرده عليك إن شاء الله تعالى. قال: فأخذ سلمان الدرع ثم أتى به إلى شمعون اليهودي فقال له: يا شمعون هذا درع فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تقول لك: أقرضني عليه صاعا من تمر وصاعا من شعير أرده عليك إن شاء الله. قال: فأخذ شمعون الدرع ثم جعل يقلبه في كفه وعيناه تذرفان بالدموع وهو يقول: يا سلمان هذا هو الزهد في الدنيا هذا الذي أخبرنا به موسى بن عمران في التوراة أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه. ثم دفع إلى سلمان صاعا من تمر وصاعا من شعير فأتى به سلمان إلى فاطمة فطحنته بيدها واختبزته خبزا ثم أتت به إلى سلمان فقالت له: خذه وامض به إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فقال لها سلمان: يا فاطمة خذي منه قرصا تعللين به الحسن والحسين، فقالت: يا سلمان هذا شئ أمضيناه لله عز وجل لسنا نأخذ منه شيئا. قال:
فأخذه سلمان فأتى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما نظر النبي (صلى الله عليه
وآله) إلى سلمان قال له: يا سلمان من أين لك هذا ؟ قال: من منزل بنتك فاطمة، قال: وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يطعم طعاما منذ ثلاث. قال: فوثب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى ورد إلى حجرة فاطمة، فقرع الباب وكان إذا قرع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الباب لا يفتح له الباب إلا فاطمة فلما أن فتحت له الباب نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صفار وجهها وتغير حدقتيها، فقال لها: يا بنية ما الذي أراه من صفار وجهك وتغير حدقتيك ؟ فقالت: يا أبه إن لنا ثلاثا ما طعمنا طعاما وإن الحسن والحسين قد اضطربا علي من شدة الجوع ثم رقدا كأنهما فرخان منتوفان. قال: فأنبههما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذ واحدا على فخذه الايمن والاخر على فخذه الايسر وأجلس فاطمة بين يديها واعتنقها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاعتنق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ورائه، ثم رفع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طرفه نحو السماء فقال: إلهي وسيدي ومولاي هؤلاء أهل بيتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قال: ثم وثبت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى دخلت إلى مخدع لها فصفت قدميها فصلت ركعتين ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء وقالت:
إلهي وسيدي هذا محمد نبيك، وهذا علي ابن عم نبيك، وهذان الحسن والحسين
سبطا نبيك إلهي أنزل علينا مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا منها وكفروا بها، اللهم أنزلها عليها فإنا بها مؤمنون. قال ابن عباس: والله ما استتمت الدعوة فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها وإذا قتارها أزكى من المسك الاذفر، فاحتضنتها ثم أتت بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي والحسن والحسين، فلما أن نظر إليها علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال لها: يا فاطمة من أين لك هذا ؟ ولم يكن عهد عندها شيئا فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): كل يا أبا الحسن ولا تسأل الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولدا مثلها مثل مريم بنت عمران (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) (سورة آل عمران: 33.). قال: فأكل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وتزود الاعرابي واستوى على راحلته وأتى بني سليم وهم يومئذ أربعة آلاف رجل فلما أن وقف في وسطهم ناداهم بعلو صوته:
قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال: فلما سمعوا منه هذه المقالة أسرعوا إلى
سيوفهم فجردوها، ثم قالوا له: لقد صبوت إلى دين محمد الساحر الكذاب، فقال لهم: ما هو بساحر ولا كذاب. ثم قال: يا معشر بني سليم إن إله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خير إله، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) خير نبي: أتيته جائعا فأطعمني، وعاريا فكساني، وراجلا فحملني، ثم شرح لهم قصة الضب مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنشدهم الشعر الذي أنشد في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم قال: يا معاشر بني سليم أسلموا تسلموا من النار، فأسلم في ذلك اليوم أربعة آلاف رجل وهم أصحاب الرايات الخضر وهم حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).( أقول(المجلسي): وجدت هذا الحديث في كتاب قديم من مؤلفات العامة، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الطرشيشي ببغداد سنة أربع وثمانين وأربعمائة، قال:حدثتنا كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزي - بمكة حرسها لله - بقراءتها علينا في المسجد الحرام في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، قالت: أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه بسرخس، قال: حدثنا معاذ بن يوسف الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب، عن عثمان بن أبي شيبة، عن ابن نمير، عن مجالد عن ابن عباس )((بحار الانوار للمجلسي 43ج ص69)
آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين صلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم

الجمعة، 25 نوفمبر 2016

اعظم المصاب فقد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)


أمن بعد تكفين النبي ودفنه ** بأثوابه أسى على هالك ثوى
رزئنا رسول الله فينا فلن نرى ** بذاك عديلاً ما حيينا من الورى
(الامام علي (عليه السلام))
يشرفني ان انقل بعض الروايات المتعلقة بمقتل وشهادة خاتم النبيين وسيد المرسلين وحبيب اله العالمين مولانا ومقتدانا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وضمن النقاط الآتية:

اولا.
1.في السيرة النبوية لابن كثير :
عن الأعمش عن عبد الله بن نمرة عن ابي الاحوص عن عبد الله بن مسعود ،قال:
لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا. 
(السيرة النبوية لابن كثير الدمشقي ج 4ص 449 ).
2.قال الشعبي: والله لقد سم رسول الله 
(مستدرك الحاكم ج 3 ص 60 )

ثانيا.
1.قال ابن سعد:
فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع 
( الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 249 ، و عيون الأثر لابن سيد الناس ج 2 ص 281..) 
2. كانت أم البشر بن البراء، قد قالت للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):
ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد
(الطبقات الكبرى ج 2 ص 236). 
3.
*.قالت عائشة : لددنا (قمنا بتطعيم) رسول الله في مرضه، فقال:
( لا تلدوني). فقلنا: كراهية المريض للدواء.
فلما أفاق قال:
(لا يبقى منكم أحد إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم)
(تاريخ الطبري ج 2 ص 438)
*.قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: 
(لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم).
( صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198)
*. قال ابن سعد في كتاب الطبقات ج 2/235 :
فأُغمِيَ عليه صلى الله عليه وآله حين أفاق والنساء يلددنه, وهو صائم .
*. قال ابن سعد:
وبعد قيامهم بلد النبي، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عائشة:
(ويحها لو تستطيع ما فعلت)
( الطبقات لابن سعد ج 2 ص 203) .
*.قال ابن القيم الجوزي :
كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر من في الدار بأن لا يلدوه و لا يجرعوه أي دواء مهما كان ، إذ رويأنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم:
(ألم أنهكم أن لا تلدوني)
( الطب النبوي لابن القيم الجوزي ج 1 ص 66 ، سيرة ابن كثير ج2 ص 32 ومعنى لغوياً : ( لدننا ) أي جرعنا و سقينا)

ثالثا.
1.في مسند احمد والمستدرك عن أم سلمة قالت : 
والذي أحلف به ، ان كان علي بن أبي طالب لأقرب الناس عهدا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عدنا رسول الله ( صلى الله عليهوآله وسلم ) غداة وهو يقول : 
( جاء علي ، جاء علي " مرارا فقالت فاطمة :
كأنك بعثته في حاجة قالت : فجاء بعد ، قالت أم سلمة :
فظننت ان له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجعل يساره ويناجيه ، ثم قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من يومه ذلك فكان علي أقرب الناس عهدا )
( مسند أحمد ج 6 / 300 أخرجه الحاكم في المستدرك ج 3 / 138 - 139 وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، واعترف بصحته الذهبي في تلخيص المستدرك ، وأخرجه ابن عساكر في بابه أنه كان أقرب الناس عهدا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ترجمة الإمام علي ج 3 / 16 - 17 بطرق متعددة ، ومجمع الزوائد لابي بكر الهيثمي 9 / 112 ط . دار الكتاب بيروت ، وكنز العمال ج 15 / 128 ط . الثانية بحيدر آباد ، كتاب الفضائل ، باب فضائل علي بن أبي طالب ، وتذكرة خواص الأمة لابن الجوزي باب حديث النجوى ، والوصية عن كتاب الفضائل لاحمد بن حنبل وخصائص النسائي) . 
2.في تاريخ ابن كثير بسنده عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال في مرضه :
" ادعوا لي أخي " فدعوا له أبا بكر فأعرض ، عنه ثم قال : " ادعوا لي أخي " فدعوا له عمر فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعوا لي أخي " فدعوا له عثمان فأعرض عنه ، ثم قال : " ادعو لي أخي " فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه فلما خرج من عنده قيل له : ما قال ؟ قال : علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب 
( تاريخ ابن كثير ج 7 / 359).
3. في طبقات ابن سعد في " ذكر من قال توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في حجر علي بن ابي طالب " بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ان كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ونحن جلوس عند عمر : ما كان آخر ما تكلم به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال عمر : سل عليا ، قال : أين هو ؟ قال : هو هنا ، فسأله فقال علي :
اسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة ! فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يبعثون ، قال : فمن غسله يا أمير المؤمنين ؟ قال : سل عليا ، قال : فسأله فقال : كنت أنا أغسله وكان عباس جالسا ، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء 
(طبقات ابن سعد وكنز العمال ج 2 / 262 - 263)
4.قال ابن عبّاس :
«الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله».
ولمّا قرب أجله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى عليّاً بجميع وصاياه، ثمّ فاضت نفسه الطاهرة في حجر علي (عليه السلام)
(مسند أحمد 2: 300؛ كفاية الطالب 133).
5.عن عمر من حديث قال فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي(عليه السلام):
وأنت غاسلي ودافني..(الحديث)
(ص393 ج 6 في الكنز، وفي هامش ص45 ج 5 من مسند أحمد).
6.
*.لما وضع على السرير وأرادوا الصلاة عليه (صلّى الله عليه وآله) قال علي (عليه السلام)
: لا يؤم على رسول الله أحد، هو إمامكم حياً وميتاً، فكان الناس يدخلون رسلاً رسلاً، فيصلون صفاً صفاً، ليس لهم إمام ويكبرون، وعلي قائم حيال رسول الله يقول: 
سلام الله عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزلت إليه، ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله عز وجل دينه، وتمت كلمته، اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما أنزل الله إليه، وثبتنا بعده وأجمع بيننا وبينه، فيقول الناس: آمين آمين، حتى صلى عليهالرجال ثم النساء ثم الصبيان
(ابن سعد عند ذكره غسل النبي من طبقاته)
وأول من دخل على رسول الله يومئذ بنو هاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار ثم الناس، وأول من صلى عليه علي والعباس وقفا صفاً وكبرا عليه خمساً. 
عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال لما حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال للعباس: 
يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته؟ فرد عليه وقال: يا رسول الله: أنا شيخ كبير كثير العيال، قليل المال، من يطيقك وأنت تباري الريح؟ قال: فأطرق هنيئة ثم قال: يا عباس أتأخذ تراث رسول الله وتنجز عداته وتؤدي دينه. 
فقال: بأبي أنت وأمي أنا شيخ كبير كثير العيال قليل المال، من يطيقك وأنت تباري الريح؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أما إني سأعطيها من يأخذ بحقها. 
ثم قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عداة محمد وتقضي دينه وتأخذ تراثه؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي. 
فنزع خاتمه من إصبعه فقال: تختم بهذا في حياتي فوضعه علي (عليه السلام) في إصبعه اليمنى فصاح رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية وسيفي: ذي الفقار وعمامتي: السحاب والبرد والأبرقة والقضيب. 
فقال: يا علي أن جبرائيل أتاني بها. 
فقال: يا محمد إجعلها في حلقة الدرع واستوفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين إحداهما مخصوفة والأخرى غير مخصوفه، والقميص الذي اسري به فيه، والقميص الذي خرج فيه يوم أحد والقلانس الثلاث قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين وقلنسوة كان يلبسها. 
ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله):
يا بلال علي بالبغلتين: الصهباء والدلدل والناقتين: العضباء والصهباء والفرسين الجناح الذي كان يوقف بباب مسجد رسول الله لحوائج الناس، يبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الرجل في حاجته فيركبه وحيزوم وهو الذي يقول أقدم حيزوم. 
والحمار اليعفور. 
ثم قال: يا علي إقبضها في حياتي حتى لا ينازعك فيها أحد بعدي. 
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة (عليها السلام) بأبي وأمي أنت!!! أرسلي إلى بعلك فادعيه لي. 
فقالت فاطمة للحسين (عليه السلام): إنطلق إلى أبيك فقل: يدعوك جدي. 
فانطلق إليه الحسين فدعاه فأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) عنده وهي تقول: واكرباه لكربك يا أبتاه. 
فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة، إن النبي لا يشق عليه الجيب، ولا يخمش عليه الوجه، ولا يدعى عليه بالويل ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم:
تدمع العينان وقد يوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون ولو عاش إبراهيم لكان نبياً. 
ثم قال يا علي أدن مني. 
فدنا منه فقال أدخل أذنك في في. ففعل. 
فقال: يا أخي ألم تسمع قول الله تعالى في كتابه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(سورة البينة/ الآية 7 )
قال: بلى يا رسول الله. 
قال: هم أنت وشيعتك يجيئون غراً محجلين، شباعاً مرويين، أولم تسمع قول الله في كتابه (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)(سورة البينة/ الآية 6 )؟
قال: بلى يا رسول الله. 
قال: هم أعداؤك وشيعتهم، يجوزون يوم القيامة ظماء مظمئين، أشقياء معذبين، كفار منافقين، ذلك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك ولشيعتهم. 

*.روي عن علي بن الحسين عليه السلام ، قال : سمعت أبي عليه السلام يقول :
لما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أيام هبط عليه جبرائيل عليه السلام ، فقال : يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة يسألك عما هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك يا محمد . قال النبي صلى الله عليه وآله : أجدني يا جبرائيل [ مغموما ، وأجدني يا جبرائيل ] ، مكروبا ، فلما كان اليوم الثالث هبط جبرائيل وملك الموت ومعهما ملك يقال له : إسماعيل في الهواء على سبعين ألف ملك فسبقهم جبرائيل ، فقال : يا أحمد إن الله عز وجل أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة يسألك عما هو أعلم به منك ، فقال : كيف تجدك يا محمد . قال( صلى الله عليه وآله وسلم):
أجدني يا جبرائيل مغموما وأجدني يا جبرائيل مكروبا ، فاستأذن ملك الموت ، فقال جبرائيل : يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ، لم يستأذن على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك . قال صلى الله عليه وآله 
ائذن له فأذن له جبرائيل ، فأقبل حتى وقف بين يديه ، فقال : يا أحمد إن الله تعالى أرسلني إليك وأمرني أن اطيعك فيما تأمرني ، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها وان كرهت تركتها ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : أتفعل ذلك يا ملك الموت ؟ فقال : نعم بذلك امرت أن أطيعك فيما تأمرني ، فقال له جبرائيل : يا أحمد إن الله تبارك وتعالى قد اشتاق إلى لقائك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا ملك الموت إمض لما امرت به.

*.روي في المناقب عن ابن عباس :
إنه أغمي على النبي صلى الله عليه وآله في مرضه ، فدق بابه ، فقالت فاطمة عليها السلام : من ذا ؟ قال : أنا رجل غريب أتيت أسأل رسولالله صلى الله عليه وآله أتأذنون لي في الدخول عليه ؟ فأجابت : إمض رحمك الله [ لحاجتك ] ، فرسول الله عنك مشغول . فمضى ثم رجع ، فدق الباب ، وقال : غريب يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله أتأذنون للغرباء ؟ فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله من غشيته وقال : يا فاطمة أتدر ين من هذا ؟ قالت : لا يا رسول الله ، قال : هذا مفرق الجماعات ، ومنغص اللذات ، هذا ملك الموت ، ما استأذن والله على أحد قبلي ، ولا يستأذن على أحد بعدي ، استأذن علي لكرامتي على الله ائذني له ، فقالت : ادخل رحمك الله . فدخل كريح هفافة وقال : السلام على أهل بيت رسول الله ، فأوصى النبي صلى الله عليه وآله الى علي عليه السلام بالصبر عن الدنيا ، وبحفظ فاطمة عليها السلام ، وبجمع القرآن ، وبقضاء دينه وبغسله ، وأن يعمل حول قبره حائطا ، ويحفظ الحسن والحسين عليهما السلام.

*.روى الصدوق عن ابن عباس : فجاء الحسن والحسين عليهما السلام ، يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله صلى الله عليه وآلهفأراد علي عليه السلام أن ينحيهما عنه ، فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال :
يا علي دعني اشمهما ويشماني وأتزود منهما ويتزودان مني ، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما ، فلعنة الله على من يظلمهما يقول ذلك .
النبي (صلى الله عليه وآله) مسجىًّ على فراشه في بيته وعلي (عليه السلام) منهمك في تجهيزه إذ سُمِع صوتٌ دون أن يُرى شخص ، يقول : 
السلام ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زُحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور لتُبلّون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعنّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً ، وأن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور. إن في اللهخلفاً من كل هالك ، وعزاءً من كل مصيبة ، عظم الله أجوركم والسلام ورحمة الله 
( اليعقوبي ٢ / ١١٤ وقيل لجعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) من كنتم ترونه؟ فقال : جبريل!) وكان المتكلم جبرائيل (عليه السلام). 
وصار المسلمون يدخولون عليه أرسالاً يودعونه ، حتى إذا فرغ الرجال أدخل النساء ، حتى إذا فرغ النساء أدخل الصبيان ، ثم أدخل العبيد (الطبري ٣ / ٢١٣.) يودعون المنقذ العظيم وهم بين ذاكرٍ لله ، وبين متمتمٍ بأسمى آيات الإجلال والإعظام ، وبين مرسلٍ دموعه الحرى بهدوءٍ وهم يصلون عليه ويسلمون تسليماً كما أوصاهم (صلى الله عليه وآله).
*روي انه:
لما حضره الموت كان أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضراً عنده فلما قرب خروج نفسه (صلّى الله عليه وآله) قال له:
ضع يا علي رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله تعالى فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي، واستعن بالله تعالى. 
فأخذ علي (عليه السلام) رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه فأكبت فاطمة (عليها السلام) تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول: 
وأبيض يستقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة الأرامل
ففتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عينه، وقال بصوت ضئيل: يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه ولكن قولي
(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم)(سورة ال عمران/ الآية 144 ) .
فبكت طويلاً وأومأ إليها بالدنو منه فدنت منه فأسرّ إليها شيئاً تهلل وجهها له. 
ثم قبض (صلّى الله عليه وآله) ويد أمير المؤمنين (عليه السلام) تحت حنكه ففاضت نفسه (صلّى الله عليه وآله) فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره واشتغل بالنظر في أمره.

*.قال الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابه التهذيب : قبض (صلى الله عليه وآله) [ بالمدينة ] مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة..(انتهى)
*.قال الإمام محمد الباقر عليه السلام:
«لما قبض رسول الله بات آل محمد صلى الله عليهم أجمعين بأطول ليلة حتى ظنوا ان لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتر الأقربين والأبعدين في الله».
*ولما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من تغسيل البدن الطاهر للرسول صلى الله عليه وآله وسلم تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه احد في الصلاة عليه. واجتمع الناس في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم ماعدا أصحاب السقيفة، ليصلوا عليه ويدفنوه. وحضر امير المؤمنين عليه السلام، وقال «ان رسول الله أمامنا حيا وميتا». 
*.قالت سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام:
«ما رأيت كاليوم قطّ حضروا أسوأ محضر وتركوا نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم جنازة بين اظهرنا واستبدلوا بالأمر دوننا».
بعد ذلك قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «إنّ الله لم يقبض نبيّاً في مكان إلاّ وقد ارتضاه لرمسه فيه وإنّي دافنه في حجرته التي قبض فيها».

*.قال امير المؤمنين عليه السلام:
( فنزل بي من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به ، فرأيت الناس من أهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه ، ولا يضبط نفسه ، ولا يقوى على حمل فادح ما نزل به قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم والإفهام والقول والاستماع ، وسائر الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر ، وبين مساعد باك لبكائهم ، جازع لجزعهم . وحملت نفسي على الصبر عند وفاته ، بلزوم الصمت والاشتغال بما أمرني به من تجهيزه ، وتغسيله وتحنيطه ، وتكفينه ، والصلاة عليه ، ووضعه في حفرته ، وجمع كتاب الله وعهده الى خلقه ، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة ، ولا هائج زفرة ولا جزيل مصيبة حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله علي ، وبلغت منه الذي أمرني به ، واحتملته صابرا محتسبا).
*.لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ، جاء الخضر عليه السلام فوقف على باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله قد سجي بثوب ، فقال : 
( السلام عليكم يا أهل البيت * ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة ) إن في الله خلفا من كل هالك ، وعزاءا من كل مصيبة ، ودركا من كل ما فات ، فتوكلوا عليه ، وثقوا به واستغفر الله لي ولكم ) .
وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هذا أخي الخضر جاء يعزيكم بنبيكم.

*.قال أنس بن مالك قال : لمّا فرغنا من دفن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أتت اليّ فاطمة (عليها السلام) فقالت : 
كيف طاوعتكم أنفسكم على أن تهيلوا التّراب على وجه رسول الله ثمّ بكت وقالت : يا اَبَتاهُ اَجابَ رَبّاً دَعاهُ يا اَبَتاهُ مِنْ رَبِّهِ ما اَدْناهُ يا بتاه الى جبريل ننعاه . 
* في كتاب الدرة الثمينة في أخبار المدينة لابن النجار ص139 :
أنبأنا أبو جعفر الواسطي، عن أبي طالب بن يوسف، أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي، عن عمر بن شاهين، أخبرنا محمد بن موسى، حدثنا أحمد بن محمد الكاتب، حدثني طاهر بن يحيى، حدثني أبي، عن جدي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، انه قال: لما رمس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جاءت فاطمة(عليها السلام) فوقفت على قبره وأخذت قبضة من تراب القبر، فوضعته على عينها وبكت وأنشأت تقول:

ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها ... صبت على الأيام عدن(صرن) لياليا

(راجع: مناقب آل أبي طالب 1/207 ، بحار الانوار للمجلسي ج79 ، ص 106 ، الآلوسي في روح المعاني ج10-ص146 ، عبد القادر العاني في بيان العاني ج4-ص95 ، علي القاري في مرقاة المفاتيح ج3-ص1239، القسطلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج2-ص378 ، حمزة محمد قاسم في منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري ج5-ص26، الطحطاوي الحنفي في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص619، مصطفى السيوطي الرحيباني في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى ج1-ص926 ، أبو العباس القسنطيني في وسيلة الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام ص119، ابن ناصر الدين الدمشقي في سلوة الكئيب بوفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم ص190-191 ، تاريخ مكة المشرفة لابن الضياء ص321 )

*. وفي الجزء الثامن من المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي ص70 :قال
أنشدنا الشيخ أبو محمد جعفر بن أحمد بن السراج، في جمادى الأولى سنة ست وتسعين , قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي , قال: ومن شعر فاطمة عليها السلام، ترثي النبي صلى الله عليه (وآله)وسلم:

أغبر آفاق السماء وكورت ... شمس النهار وأظلم العصران
والأرض من بعد النبي حزينة ... أسفا عليه كثيرة الرجفان
فلتبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مصر وكل يمان
وليبكه الطور المبارك جوه ... والبيت ذو الأستار والأركان

*. وفي كتاب انساب الاشراف/لـ أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري ((المتوفى: 279هـ) تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي الناشر: دار الفكر) 
..وقال عَليّ بن أبي طالب(عليه السلام) شعرا كتبنا مِنْه أبياتا وهي :

ألا طرق الناعي بليل فراعني*** وأرقني لِمَا استقل مناديا
فقلت لَهُ لِمَا رأيت الَّذِي أتى ***لغير رَسُول اللَّهِ إن كنت ناعيا
فوالله لا أنساك أَحْمَد ما مشت بي ***العيس أو جاوزت فِي الأرض واديا
وكنت متى أهبط من الأرض تلعة ***أرى أثرا مِنْه جديدا وعافيا
جواد تشظي الخيل عَنْهُ كأنما ***يرين بِهِ ليثا عليهن ضاريا
لبيك رَسُول اللَّهِ خيل كثيرة ***تثير غبارا كالضبابة عاليا

قال الشيخ عبّاس القُمِّي : إِنِّي كلّما زرته صلّى الله عليه وآله ... بَدَأت بزيارته على نحو ما علّمه الإمام الرِّضا عليه السلام البزنطي ، ثُمَّ قرأت هذهِ الزّيارة.
فَقَد رُوي بسند صحيح أنَّ ابن أبي بصير سأل الرِّضا عليه السلام كَيفَ يصَلِّي على النَّبيّ صلّى الله عليه وآله ويسلِّم عَلَيهِ بعد الصلاة فأجابَ عليه السلام(راجع: كامل الزيارات/ابن قولويه في: ٥٨ ، باب ٣) : تقول :

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفْوَةَ اللهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أمِينَ اللهِ. أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُوُلُ اللهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لاُمَّتِكَ ، وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَعَبَدْتَهُ حَتَّى أَتاكَ اليَقِينُ ، فَجَزاكَ الله يا رَسُولَ الله أَفْضَلَ ماجَزى نَبِيّا عَنْ أُمَّتِهِ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .

من مصادر ومراجع المبحث:
1.الانوار البهية ومفاتيح الجنان/ شيخ عباس القمي
2. الاحتجاج/ الشيخ احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي
3.أمالي الصدوق/الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق.(المتوفى 381)/تقديم: سيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان
4. تهذيب الأحكام/الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (385 460 ه)
5.السيرة النبوية من البداية والنهاية /أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)/تحقيق مصطفى عبد الواحد
6.المستدرك على الصحيحين /محمد بن عبد الله بن محمد ابن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبي أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع(المولود سنة (321 هـ) والمتوفي سنة (405 هـ) بنيسابور)/ تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا/ (ط. العلمية)