السبت، 29 سبتمبر 2018

القطاع التربوي ومطلع العام الدراسي الجديد



من أهم مفاصل البلدان وركائز نظامها ، القطاع التربوي ؛ كونه الأساس والقاعدة لكل بناء علمي وفكري وعقائدي وثقافي وديني...، وفي هذا المبحث يتم التطرق الى اهمية هذا القطاع تزامنا مع مطلع العام الدراسي الجديد وضمن المحاور التالية:

المحور الاول. نشأة ومسير القطاع التربوي الحديث في العراق.
نشأ القطاع التربوي بالمنهج التعليمي الأكاديمي الحديث في العراق عام 1921 ، وذلك بعد إنشاء الدولة العراقية الحديثة ، المُعَرَّفة باسم الحكم الوطني الملكي العراقي ، وقد بدا التعليم بداية بسيطة ، وبمدارس محدودة العدد مقتصرة في الأعم الأغلب على أبناء الميسورين وخصوصا في مراكز المدن.
أما القصبات والقرى والأرياف فكان حضها في هذا المجال يكاد يكون معدوما , وكان مستوى النمو في هذا المجال بطيئا إلى منتصف الستينات من القرن الماضي ، ثم بدا المستوى بالصعود ولمدة عقد من الزمن أي إلى منتصف السبعينات من القرن الماضي ، حيث وصل المستوى في قطاع التربية إلى مرحلة جيدة إذا ما قورن بالدول العربية والإسلامية ، بل انه نافس الدول المتقدمة في مجالات التربية والتعليم الأكاديمي آنذاك ، وهذا المستوى التصاعدي شمل القطاع التربوي بمفصليه الحكومي والأهلي وما ينقسم إليه كل مفصل من أقسام ، كـ رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والمتوسطة والاعداديات الأكاديمية والمهنية ولكلا الجنسين..
وما يلحق بهما من مناهج تعليمية ودور طباعة ومختبرات ومكتبات..
فازداد عدد المدارس وكانت المناهج التعليمية مقبولة نوعا ما وان كان هنالك تقصير واضح في مناهج التاريخ والتربية الإسلامية ...
ولكن كان مستوى التعليم مقبول والكادر التعليمي يحظى بمكانة جيدة في المجتمع لأنه مجد في غالبيته بأداء وضيفته التربوية والتعليمية النبيلة , ولكن بعد ذلك بدأت الهجمات تتوالى على هذا البلد ومفاصله المهمة ومنها ، القطاع (التربوي)، فلم يروق للطواغيت هذا التقدم فشُنت الحرب على أيدي البعثيين ، هذه الفئه العجيبة التي هي اخطر من الفكر البعثي , فغالبا ما تكون الخطورة في الأحزاب والحركات والمنظمات ...، بما تطرحه من فكر ماعدا البعث في العراق فان البعثيين أسوء من الفكر البعثي ، بل إن غالبية البعثيين في العراق لا فكر لهم ولا يحملون أي مبدأ مقبول أو معقول يرتكزون عليه , فهم يكرهون العلم ، والمتعلم بأي علم كان ويكرهون أصاحب الأخلاق ، وأصاحب الدين ، وأصحاب الحرف والمهن ...
لأنهم مجموعة من المخلوقات التي لم تجد شيء تصل من خلاله إلى تحقيق مآربهم ، سوى الفناء في هذا الحزب الشيطاني ليسدوا به نقصهم ، ويشبعوا به نوازعهم , والذي لم يعش في العراق تلك الفترة قد يظن إني أبالغ في هذا الوصف مع انه دون حقيقتهم بكثير , ويكفي برهان على ذلك إن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس)، ناقش الأفكار الخاطئة المطروحة آنذاك كالفكر الماركسي إلا انه مع البعث قال (لو كان إصبعي بعثيا لقطعته)
فنستشف من هذه المقولة بعض الحكم والتي منها ما يلي:
ا ـ إن البعث أشبه بالسرطان الخبيث الذي ليس له حل سوى البتر والاجتثاث.
ب ـ كان مستوى وحجم البعث ، في الوقت الذي أطلق الشهيد الصدر الأول ، مقالته فيه ، لازال بحجم الإصبع من جسم العراق فلو ترك هذا الإصبع المصاب بالسرطان(البعث)، دون قطعه لانتقل وبائه إلى جميع الجسم ولأصبح من الصعوبة التخلص منه والقضاء عليه، وفعلا وقع المحذور وحدث ما يحتاج إلى مجلدات لبيان بعض نتائجه السلبية .
فقام هؤلاء البعثيين وخصوصا بعد اندلاع الحرب على الجمهورية الإسلامية في ايران ، عام 1980 ، وقتلهم للسيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)، وجملة من العلماء والمخلصين في هذا البلد المظلوم، بتسييس التعليم والتلاعب بمناهجه وخاصة التاريخية والدينية ..
وفُرض الانتماء إلى حزبهم بالجبر والإكراه ...
فبدا مستوى التعليم بالركود ثم التدني شيئا فشيئا ، وأصبحت الكثير من المدارس مقرا لمنظماتهم الحزبية ومن الغرائب إن بعض أسباب بقاء مفصل التربية مستمر بالحياة في تلك الفترة هو إن غالبية الطلبة مستمرين بالدراسة ويجتهدون بالتعليم لأجل التهرب من الجيش وعدم الانجرار بحروب الهدام ، لا لأجل التعليم ذاته؟
وقد التفت البعثيين إلى ذلك لاحقا فتلاعبوا بعملية القبول المركزي وراح ضحية مكرهم الكثير من الشباب الذين لم يتم قبولهم بأي جامعة أو معهد بالرغم من نجاحهم في مرحلة الاعدادية وحصول الكثير منهم على معدلات عالية , وقد قُتل الكثير منهم في المعارك , والبعض الآخر أصيب بعوق في جسمه ارتبط به الى الموت، وكانت تلك الفترة مظلمة مرعبة مليئة بالآلام والأحزان والخوف بشكل يفوق الوصف...
وقد ذاق الشعب العراقي المظلوم ، الويلات من الهدام والبعثيين أمام مسمع ومرأى العالم بأسره ولكن من دون ناصر ومعين سوى الله وعترة أهل البيت الطاهرة(عليهم السلام)
واستمر هذا الحال إلى مطلع التسعينات ، مرحلة ما بعد الانتفاضة الشعبانية
حيث بدأت هجمة جديدة من الغرب الكافر وهي هجمة الحصار المفروض على الشعب العراقي لأنه انتفض على عميلهم الهدام ، معبود البعثيين ، فتسرب اثر ذلك الكثير من التلاميذ من المدارس نتيجة الأزمة الاقتصادية وانخفض مستوى التدريس بسبب الرواتب المجحفة التي كان النظام المقبور يعطيها للموظفين ومنهم الكادر التعليمي
وتسرب الكثير من التدريسيين إلى خارج العراق للعمل هنالك والحصول على رواتب أفضل مما هي عليه بالعراق...، إلى فترة احتلال العراق من قبل الغرب الكافر وزوال الهدام وبعض مرتزقته عام 2003، وهذه ، هي الفترة المستمرة وإلى اليوم حيث الـ ...
(واقع العلمي والتعليمي في العراق في تسافل دائمي)(1)
فقد اضيف للقطاع التربوي مزيد من الامراض والمعرقلات ، بالإضافة الى أمراضه السابقة فـ :ـ
ا ـ لازالت هنالك شحة في عدد المدارس ، (حيث قدرت الاحصائيات ان البلاد تحتاج الى بناء 6000 مدرسة اضافية)، خصوصا في المناطق النائية من قرى وأرياف في وسط وجنوب العراق ، والمضحك المبكي إن هنالك مدارس جيدة البناء تم تهديمها في هذه الفترة لإعادة بنائها ولكنها إلى اليوم لم تبنى بحجة إن المقاولين سرقوا الأموال وهربوا ؟
2 ـ من المخجل والمحزن ، انه لازالت هنالك مدارس طينية وخصوصا في جنوب العراق والتي يجلس فيها بعض التلاميذ على الأرض بدون رحلات ؟
بحالة يذاب لها قلب الغيور حسرة وألما، خصوصا وإن هؤلاء التلاميذ يسكنون في أغنى بقاع المعمورة الطافية على بحار من الخيرات والتي منها النفط والزئبق الأحمر !
والى الله المشتكى من آكلي أموال يتامى أبوي هذه الأمة ، المصطفى محمد والمرتضى علي (صلوات الله عليهم).
والى الله المشتكى من الساكتين عن هذا الظلم والجور وقد تم تصوير بعض من هذه المدارس ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة ولكن دون منقذ سوى استغاثة ودعوات السيد مقتدى الصدر(اعزه الله)، وآخرها دعوات مطلع هذه السنه التي خصصها سماحته ، لخدمة هذا القطاع وقد علمت من مختصين إن المعنيين في وزارة التربية رفضوا المعونات المالية التي أمر بها السيد(اعزه الله)، (سنة 2012م)، من اجل دعم هذا القطاع كون الأموال المخصصة لدعم هذا القطاع في الميزانية الاتحادية موجودة وتكفي لسد الكثير من الاحتياجات؟
3 ـ نقص في أعداد الكوادر التعليمية مع إن الخريجين العاطلين عن العمل يتجاوز عددهم عشرات الآلاف ، وبالرغم من وجود الكثير من الطيبين الساعين للحفاظ على ما يستطيعون الحفاظ عليه في هذا القطاع طلبا لرضا الله ، وخدمة لأبناء شعبهم المظلوم , إلا إن إصابة البعض من الكادر التعليمي بهوس جمع المال بأي طريقة كانت ، وانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل كبير وقيام البعض بتسريب الأسئلة الإمتحانية، والى غيرها من أفعال كثيرة تسيء لسمعة هذا القطاع النبيل , فانخفض مستوى التعليم ، وضعف الاحترام بين بعض التلاميذ وبعض الكوادر التعليمية ...، وكذلك ضعف الاحترام بين بعض اسر التلاميذ وبعض الكوادر التعليمية ...
4 ـ المناهج التعليمية وخضوعها للأهواء السياسية والطائفية والعنصرية ...، حيث وصف السيد(اعزه الله)، في احد الاستفتاءات، الكثير من هذه المناهج بأنها:
(مناهج مخالفة للقواعد العامة العقلية والفقهية والكثير منها بعيد عن روح الإسلام)، وإعادة طبع هذه المناهج مرارا من اجل الكسب المالي الحرام ، إضافة إلى قلة المختبرات والمكتبات والقاعات الرياضية والمرافق الصحية ...
5 ـ استشراء الفساد الأخلاقي والديني والإداري عند الكثير من المسؤولين على هذا القطاع ، فهُدرت أموال طائلة ، والتي لو استغلت بشكل صحيح لكان الحال أفضل بكثير مما هو عليه الان ،إضافة إلى ذلك فان الكثير من المسؤولين على هذا القطاع تصرفوا بشكل مصلحي وعنصري وطائفي في سلوكهم وقيادتهم لمواقعهم ، مبتعدين عن التصرف وفق ما يليق بالإنسانية والموضوعية والوطنية والمهنية ، سيما وانهم يرون المتصدين للعملية السياسية يتصرفون وفق أهواءهم ونزعاتهم وتغليب مصالحهم الخاصة على المصالح العامة، وكأن المحاصصة والفساد والانحراف أصبح قانون هذه المرحلة فانتشرت الكثير من السلبيات كتزوير الوثائق والأوامر التعيينيه وإعطاء المناصب وفق العلاقات الوضيعة والرشاوى وما إلى ذلك ...، فهل سمعت أو قرأت إن وزيرا للتربية وحمايته يطلقون النار في مركز امتحاني ، ولكن حدثت هذه الاعجوبة عندنا وكأنها حادثة اعتيادية مع إنها جريمة وقحة بحق حرمة هذا القطاع .
إن ما ذكر أعلاه قطرة من بحر ما جرى على هذا القطاع النبيل ، وما رافقه من أحداث , وأهلنا الطيبين متعايشين يوميا مع ألآم وأحزان هذا القطاع ، ومطلعين وبشكل مباشر على امور اكثر مما ذكر اعلاه بكثير.

المحور الثاني.
اولا. كيفية النهوض بالقطاع التربوي في العراق.
ان الحلول الكفيلة بعملية النهوض بهذا القطاع في العراق ، والمعالجات الحقيقية المتكفلة بالشفاء من أمراضه ؟
لا يمكن إيفاء بيانها بهذه العجالة المختصرة ؛ لان هنالك مسؤولية كبيره تقع على عاتق الدولة بكافة مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والإعلامية ...، للقيام بواجباتها اتجاه هذا القطاع إضافة إلى المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني وعوائل الطلبة ، ومن ثم الكادر التربوي والتلاميذ
أي ان الموضوع يحتاج الى تظافر جهود الجميع من اجل النهوض بالقطاع التربوي في العراق واعادة التعليم في العراق الى المستوى اللائق به
قال تعالى: ((وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))(التوبة/ 105 )
وقال تعالى: ((مَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ , وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ))( الزلزلة/ (7، 8).
وقال تعالى: ((ولا تعملون مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ))( يونس/ 61 ).


ثانيا. رسالة شكر الى كل معلم ومعلمة ، ومدرس ومدرسة ، واستاذ واستاذة ، معطرة بأريج بعض الأحاديث الواردة عن العترة الطاهرة(عليهم السلام) ،وكما يلي:ـ
ا ـ نقل عن الامام زين العابدين (عليه السلام)، في مورد رعاية الأدب أمام الأستاذ في رسالة الحقوق ، قوله (عليه السلام):
«وحقّ سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه وأن لا ترفع عليه صوتك ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يجيب ولا تحدّث في مجلسه أحداً ولا تغتاب عنده أحداً وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدواً ولا تعادي له ولياً فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنّك قصدته وتعلّمت علمه لله جلَّ اسمه لا للناس»
ب ـ عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
«إن معلم الخير يستغفر له دواب الأرض وحيتان البحر، وكل ذي روح في الهواء، وجميع أهل السماء والأرض، وإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، يأتيان يوم القيامة كفرسي رهان يزدحمان».
ج ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال:
«معلم الخير تستغفر له دواب الأرض، وحيتان البحر وكل صغيرة وكبيرة في أرض الله وسمائه».


ثالثا. رسالة تحذير.
الحذر من أن (نجعل من المعلم المنحرف والمعلم الذي يميل إلى الشرق أو الغرب، أو المتربي شرقياً أو غربياً، أن نجعله معلماً للأولاد الذين لهم نفوس صقيلة كالمرآة، وتعكس كل شيء. إن من السذاجة أن نسلّم شبابنا لمعلم متأثر بالشرق فيجعل منهم شرقيين، أو متأثر بالغرب فيجعل منهم غربيين ، إن من السذاجة أن نتصور بأن التخصص هو المعيار فقط ، وإن العلم هو المعيار، بل إن العلم الإلهي ليس معياراً أيضاً وعلم التوحيد أيضاً ليس معياراً، وعلم الفقه والفلسفة أيضاً ليس معياراً، ليس هناك أي علم يكون هو المعيار، إنما المعيار هو ذلك العلم ، وسعادة البشر في ذلك العلم الذي فيه تربية ، الذي يُلقى من المربي، الذي يلقى البر من ذلك الذي تربى تربية إلهية.
لو كانت جميع مدارسنا هكذا ، سواء مدارس العلوم الإسلامية أو مدارس العلوم الأخرى ، ووجدت الاستقامة وزال الانحراف فإنه سوف لا تمضي فترة طويلة إلاّ ويصلح جميع شبابنا ـ الذين هم أمل هذه البلاد في المستقبل ، وينشأ الجميع لا شرقيين ولا غربيين ، ويسلكون جميعاً الصراط المستقيم .
إن من السذاجة أن نفكر بأنه يكفينا وجود أشخاص يملكون العلم ، بل يجب أن يملكوا العلم والتربية ، أو على الأقل أن يمتلكوا العلم ولا يكونوا منحرفين ، إننا نريد نشر العلم ونستفيد من علم العلماء، فيجب أن يكون العلم غير منحرف على الأقل ، ولا يرتبط بالشرق أو الغرب ، أن لا يكون الوضع هكذا بحيث يكون معلمونا ومربوا شبابنا من المتربين في موسكو أو واشنطن.
إن من السذاجة أن نفكر بأننا نستطيع أن نستفيد من جميع أهل التخصصات مهما كان حالهم .
إنه لا يمكن الاستفادة منهم ، فلو شافى المتخصص مرضنا الظاهري ، فإنه سيوجد لنا أمراضاً باطنية ، إنه سيرجعنا من مرض ضعيف إلى مرض شديد، ومن مرض صغير إلى مرض كبير، يجب أن ننتبه إلى جميع الأمور)(2).
واخيرا ، من الممكن القول بان المدرسة هذه الأم الثانية والرحم الطاهر الثاني التي إن أعددتها أعددت جيلا طيبا طاهرا ، فالنفوس الطيبة تؤمل في المدارس وأبنائها الأمل الكبير فللمدارس منا ، خالص الود والتقدير والاحترام فمهما قلنا وفعلنا لا نستطيع رد الجميل ، ومثلما يحن الولد إلى أمه التي ولدته ، كذلك هو يحن إلى المدرسة التي ربته وعلمته ، وترى فينا من يتمنى بين فترى وأخرى أن يزور مدرسته ويُقَبل حيطانها وتدمع عيناه شوقا لها
فكيف إذن بالمدرسة العظيمة مدرسة التوحيد الكبرى تلك الجنة العالية التي لا تسمع فيها لا غيه .
اسأل الباري أن يعجل فرج ولي الله الأعظم لتسعد الأرض ومن فيها ببركاته ولكي لا تبقى لمدارس الظلم والجور أي باقية ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين وعجل اللهم فرجهم والعن عدوهم .

من مصادر ومراجع البحث:
1 ـ القرآن الكريم
2 ـ بحار الأنوار للشيخ محمد باقر المجلسي
الهامش:
(1) استفتاء مقدم للسيد مقتدى الصدر (اعزه الله)، عن المدارس بمناسبة بدأ العام الدراسي الحالي.
(2) التربية والمجتمع مظاهر عينية من فكر السيد الخميني"قدس"

السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس : (( .. الامام السجاد عليه السلام ...

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018

السيد الشهيد محمد الصدر قدس يذكر الجهات التي ساهمت بقتل الإمام الحسين عل...

جانب من استقبال سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) لنيجيرفان برز...

المميزات الإصلاحية التي اختلف بها الإمام الحسين عليه السلام عن غيره / ال...

هل يندرج جهاد الإمام الحسين عليه السلام تحت واحد من انواع الجهاد المذكور...

السبت، 22 سبتمبر 2018

The Forty second Friday of the Iraqi leader Al-Sayyid Muqtada Al-Sadr ...

السيد محمد الصدر يوضح عبارة الامام الحسين كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان ...

زيارة الاربعين شعيرة للتكامل


لا يخفى على كل منصف ما تحظى به زيارة الأربعين (في العشرين من شهر صفر الخير من كل عام هجري قمري)، من أهمية بالغة في قلوب المؤمنين والمؤمنات، حيث تتوجه الملايين من كل حدب وصوب صغارا وكبارا ، نساءا ورجالا ، بل حتى المرضى والمعوقين والعجزة ...
سائرين نحو ضريح الامام الحسين، وأخيه أبي الفضل العباس، وباقي شهدا
ء الطف(عليهم السلام) ، في مسير شبيه بمسير الدماء التي تجري بالأوردة والمتجهة نحو القلب وهو الامام الحسين(عليه السلام).
ومن المعروف إن الدماء الجارية في الأوردة المتجهة نحو القلب تكون محملة بثاني أوكسيد الكاربون أي بالذنوب والأحمال الكثيرة ولكنها تخرج من القلب وتجري بالشرايين إلى باقي جسم الإسلام والمسلمين وهي محملة بالكثير من الأوكسجين أي بالمغفرة وزيادة الهدى والتحف الإلهية...
وبالرغم من إن هذا التشبيه مجازي ولكن من خلاله يمكن لنا أن نتصور ما لهذه الشعيرة وإحيائها من فوائد جمة ، حتى جعلت إحدى علامات المؤمنين ، ففي بحار الأنوار للشيخ محمد باقر المجلسي (82/75)، روى عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) انه قال:
(علامات المؤمن خمس :
صلاة الإحدى والخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم).

وقد التفت الطواغيت وأعوانهم إلى أهمية وخطورة هذه الشعيرة الإلهية ، فاستنفروا كل مابوسعهم من جهود جيلا بعد جيل من اجل قتلها أو تحريفها أو على الأقل إضعافها وتفريغها من محتواها ؛ لأنهم رأوا فيها العدو اللدود لمخططاتهم
فكم أرقتهم هذه الشعيرة وسلبت منهم خيلائهم المزيف ...
فقد كانوا يعتقدون إن بقتل الامام الحسين وفصل رأسه الشريف من جسده الطاهر سوف ينتهي كل شيء وإذا بالرأس الشريف لا ينفك عن ملاحقتهم
ففي احد المرات السبعة التي تكلم بها الرأس الشريف ، كان هنالك جمع من الناس مشغولين بدنياهم فتنحنح الرأس لكي يلتفت إليه الناس وفعلا التفت الناس وقد أصابهم الذهول من هذا الموقف العجيب ، ومن ثم تكلم لسان الله وحجته ليقرع أسماع الناس ، فاحتار الطغاة ماذا يفعلون لإنهاء هذا الرعب الذي يلاحقهم فقام يزيد الشؤم بتسليم الرأس المقدس إلى الامام زين العابدين (عليه السلام)، بالإضافة إلى باقي الرؤوس الطاهرة وكان يأمل أن ينتهي هذا الكابوس ولكن ما إن أرجع الامام السجاد (عليه السلام)، الرأس المقدس إلى الجسد الطاهر حتى بدأت ملحمة جديدة لم تكن بحسبان الطواغيت إطلاقا ، وإذا بالضريح يتفجر بالأنوار لتضيء الدرب لكل الأحرار والطيبين و تكشف جرائم كل الأشرار والخبيثين...
ولكن المارقين ومن باب عتوهم واستكبارهم في الارض اشتد غضبهم على هذا الضريح وزواره المؤمنين
فقاموا بشن حربا لا هوادة فيها ، بحيث إن المتوكل العباسي هدم القبر وَحَرَثَ الأرض المباركة أربع مرات !؟
وتصور ماذا فعلت نفسه الشريرة بالزوار ؟
وعجبا من الذي أوله نطفة وآخره جيفة ، لا يدفع حتفه ولا يرزق نفسه ما أكفره وما أطغاه !
بل وصل التمادي والطغيان بالذين هم أضل من الأنعام إلى قيام احدهم (المدعو بـ حسين كامل صهر الهدام)، بالوقوف في مدينة المسيب(عقب الانتفاضة الشعبانية)، واتجه نحو الجبل الشامخ الأشم ، قائلا : أنا حسين وأنت حسين...، ثم يأمر بإطلاق الصواريخ ...نحو الصرح الإلهي العظيم
وما هي إلا أيام قلائل وإذا بالناس يرون بأم أعينيهم ماجرى لهذه الحثالة ، فأصبح كعصف مأكول ، وممن ؟
من الطاغية الذي سلطه على رقاب المسلمين فـ (الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه).
وإذا بالصرح الإلهي يزداد علوا وشموخا وزواره يزدادون إيمانا وتكاملا ، فيفيض عليهم الرب العطوف بإشعاع منبعث من ثار الله وابن ثاره ، ألا وهو المولى المقدس سيد محمد محمد صادق الصدر ، الموالي والمواسي بكل إخلاص لجده سيد الشهداء ، ففاضت بركات ربنا العظيم من هذا المرجع الحنون الذي أيقضنا من نومة الغافلين وحررنا من قيود الظالمين ...
فيا ترى هل يسكت الظالمين على هذا النصر المبين ؟
كلا ، فإنها عداوة تجذرت في قلوبهم حتى اسودت وخلت من كل خير.
فعمدوا إلى هذا الشعاع الحسيني فذبحوه مع ولديه وثلة من أتباعه ومريديه معلنيها بمليء أفواههم: (أطفئوا نار الكوفة)
وهيهات أن يطفئوا نور الله ، وقد أعلنتها الطاهرة العقيلة زينب ، في مجلس الطاغية المتجبر يزيد الشؤم:
(... فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحوا ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحظ عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند ، وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين ...).

وهذا القول هو السيف المسلط على رقاب الفراعنة والمجرمين إلى قيام يوم الدين ، فما كان من المجرمين بعد ذلك إلا أن جاءوا بأنفسهم وبكامل عدتهم وعديدهم بل لم يتركوا مجرما في الأرض إلا وجلبوه معهم بعد أن فتحوا حدود هذا البلد المقدس على مصراعيه ، فأمعنوا بشعبه قتلا وتفجيرا وانتهاكا للمقدسات وسفكا للدماء الزاكيات جالبين معهم مجموعة من مواليهم المحسوبين على هذا الشعب المظلوم .
وفي كل مرحلة يهزون أنفسهم بهذه الأرض المقدسة يلتحق بهم مجموعة من مرضى القلوب وضعيفي الإيمان ، الذين باعوا آخرتهم بدنياهم .
وفي نفس الوقت برزت الجواهر الثمينة بقيادة الولي الطاهر والعلوي الثائر ، سليل المعصومين ووارث الطيبين ، مقتدى الصدر (اعزه الله)
فانطلقت هذه الثلة الطيبة بمسيرها التكاملي مستنيرة بنور الامام الحسين (عليه السلام)، واضعة نصب أعينها طلب الثأر من كل متكبر جبار ، وكادحة ليلا ونهار من اجل الاستعداد لاستقبال مولاها وريث الأنبياء وخاتم الأوصياء الحجة بن الحسن(عليه السلام)، ليملئ الأرض قسطا وعدلا بعد ماملئت ظلما وجورا .

والآن ماذا نفعل نحن الموالين المذنبين المقصرين وقد أقبلت علينا زيارة الأربعين لنكون ممن عظم شعائر الله ، عسى أن نحظى برشحه من رشحات المولى العطوف لنفوز بتقوى القلوب .
ولكي نطلع على بعض مما يترتب علينا إزاء هذه الشعيرة المقدسة ، من المهم ملاحظة كيفية تأدية مفرداتها بأكمل وجه وأفضل صورة ، حيث يمكن للتقريب تقسيم زيارة الأربعين إلى مجموعة من المفردات أهمها لا على وجه الحصر والتحديد ، مايلي :

أولا .
خَدَمَة زوار الامام الحسين (عليه السلام).
وهم الأسر والعوائل التي تقع بيوتهم على مقربة من الطرق التي يسلكها الزوار أثناء مسيرهم نحو ضريح الامام الحسين(عليه السلام) بالإضافة إلى أصحاب المواكب والمؤسسات والحسينيات والتكيات ... المهيأة لغرض خدمة الزوار .
وهؤلاء الكرماء يستعدون وقبل فترة زمنية من بدأ انطلاق الزوار ، لتهيئة كل المستلزمات الضرورية التي تساعدهم بأداء الخدمة على أفضل مايستطيعون وهذا التهيؤ قد يستغرق عند البعض منهم عدة أشهر ، وهذا العمل النبيل قد لا أبالغ إن قلت انه من الفضائل والكرامات التي منحها الله تعالى للشعب العراقي العظيم وهي من خصال الأنبياء والأوصياء أكيدا،ففي أمالي الشيخ الطوسي(697 ح 1490)عن مولانا الصادق(عليه السلام)قال:
(نعم الحمد لله الذي جعل أجلة موالي بالعراق)
ومن الجدير بالذكر إن زيارة الأربعين تأخذ الثقل الأكبر من هذه الاستعدادات والخدمة كونها أعظم حدث ومسيرة وتجمع يحدث بالعراق في كل عام ، بل لا توجد مسيرة وتظاهرة وتجمع يضاهيها على وجه المعمورة
وتنقسم تلك الاستعدادات إلى تهيئة الأموال اللازمة والافرشة والأغطية ومستلزمات الطبخ وتهيئة أماكن استقبال الزوار ومبيتهم...
مع الأخذ بعين الاعتبار إن عدد الخدام يزداد سنة بعد سنة وكذلك عدد الزوار ، بل وحتى الوقت الذي يبدأ به هؤلاء الكرماء لتأدية مهمتهم بخدمة زوار الامام الحسين (عليه السلام)، نراه يتقدم قبل موعد الزيارة عاما بعد عام حتى إن البعض منهم يبدأ بأداء هذه الخدمة قبل شهر من موعد الزيارة أما وقت الذروة فيكون قبل أسبوع من موعد الزيارة وخصوصا على الطريقين الرئيسين :

نجف كربلاء وبغداد كربلاء

ولو أخذنا طريق نجف كربلاء على سبيل المثال :
وهو الطريق الذي يسلكه الزوار القادمين من جنوب العراق ومن مناطق الفرات الأوسط بالعراق بالإضافة إلى الزوار العرب والأجانب الذين يأتون من بلدانهم المختلفة وينزلون مدينة النجف الاشرف ، ومنها يبدأ التحاقهم بالمسير الحسيني المقدس، فهذا الطريق قد لايكون له نظير على وجه الأرض من نواحي عده أهمها كثرة الحسينيات والمواكب الموجودة عليه وبدئا من الضريح المقدس للامام علي (عليه السلام) ، والى مدخل الضريح المقدس للامام الحسين(عليه السلام)
بالإضافة إلى امتلائه بالزوار وازدحامهم فيه بحيث انك ترى خط متصل من جموع الزائرين وسفرة مليئة بالاطعمه والاشربة وممتدة على مسافة 80 كلم وخصوصا قبل موعد الزيارة بيومين ، ويقوم خدام الزائرين ، ببذل الجهود العظيمة بلا كلل ولا ملل ولعدة أيام ، ليلا ونهارا، وبصوره تغبطهم بها حتى الملائكة الكبار ، فإنهم يخجلونك بتواضعهم وشدة نكران ذاتهم فتراهم يتوسلون بالزائر لغسل رجليه وتدليكها بالإضافة إلا انك تسمع منهم ألطف عبارات الاستقبال والترحاب ويفرحون إذا أكلت من طعامهم ، وأنا على يقين إن الكثير من هؤلاء الخدمة يخدمون الزوار بصورة لايخدمون فيها أهلهم وأحبابهم بل وحتى أنفسهم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إن خدمَة الامام الحسين (عليه السلام) وزواره عند هؤلاء النبلاء لا تعادلها خدمة أخرى، فجزاهم الله خير جزاء المحسنين نساءا ورجالا ، صغارا وكبارا ، وهنيئا لهم هذه الخدمة فمن المعروف أنه: حينما يقدم ضيفا على احد فسوف يقوم المضاف وعياله بأداء حق الضيافة للضيف . فأسأل الباري أن يجعل هؤلاء الخدمة من عيال وموالي الامام الحسين(عليه السلام) .
وهنيئا لهم هذا الشرف العظيم ، واستميحهم عذرا ، فهم اجل وارفع من أن أقدم لهم نصيحة ولكن حبا لهم وكرامة لخدمتهم ، هنالك بعض الملاحظات قد يغفل عنها البعض أود بيانها والله تعالى من وراء القصد .

1 ـ إن ربنا العلي العظيم ورسوله الكريم والعترة الطاهرة ومنهم الامام الحسين(عليهم السلام) ، يحبون منا أن نقدم الحلال الطيب الخالص من الطعام والشراب، قال تعالى(ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ...)، فمن الأفضل الابتعاد عن موارد الشبهة في الأطعمة والاشربة وخصوصا اللحوم التي يتم جلبها ممن لايطمئن لحاله، ففي الحديث الشريف(إن الله طيب لايقبل إلا الطيب) ، فيجب الحذر لكي لاتضيع هذه الجهود العظيمة وتذهب هبائا منثورا ، لأن الله يتقبل من المتقين
وكذلك يجب الحذر من مزالق إبليس والنفس الأمارة ، فيجب أن يطغى الإخلاص على أعمالنا ولا نجعل الرياء والعجب ... يتلفها ويحرقها ، قال تعالى(لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى من قلوبكم )
وكذلك يجب التحلي بالحلم وسعة الصدر ...، فهيهات أن يترك ابليس وأتباعه هذه الشعيرة المقدسة من دون أن يضع المعرقلات المختلفة فيها ، وهذا ديدنه الخبيث ، ومن جملة هذه المعرقلات بثه لأوليائه وأتباعه ودسهم بين الزوار للقيام بأعمال منافية للدين ولشريعة سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم)
فيجب إهمال مثل هذه النماذج وعدم احتسابها على الزائرين بل وحتى على المسلمين والانسانية ، فلعمري ما المسلم إلا من سلم الناس من لسانه ويده، وماالانسان الا من اتصف بالانسانية ، وان تجاهل مثل هذه النماذج عقوبة مؤلمة لهم ، فـ (لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا لأصبح مثقال الحجر بدينار) ، سيما اذا رفضوا النصح والارشاد من الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

2 ـ عدم السماح لأي جهة كانت باستغلال هذه الخدمة ، وتسييرها لأجل مصالحهم السياسية والدنيوية ، وتحت أي ذريعة كانت فقد قامت بعض الجهات بهذا الفعل الدنيء ، حيث تقوم بإعطاء الأموال والأطعمة للمواكب التي توافق على نشر الدعاية لها والانطواء تحت مصلحتها ، فتعسا لهذه الجهات التي باعت الدين بالدنيا الدنية ، ولا ادري هل يشعرون أم لا يشعرون إنهم يسيرون على شاكلة من سلب الامام الحسين (عليه السلام)؟
أيعلمون إن الخسة بمن سلب الامام الحسين وصلت إلى مرحلة قطع خنصر الولي المقدس من اجل سلب خاتمه !
فلماذا السير على منهج الأراذل ، ولأي شيء هذا التهاوي إلى الدركات السفلى في النار؟!
قال السيد مقتدى الصدر(اعزه الله):

(إن السير إلى الإمام الحسين(عليه السلام) ، إنما هو شعيرة من شعائر الله وعبادة يطاع بها الله سبحانه وتعالى ، فاخلصوا عبادتكم هذه لله جل وعلا ولا تشركوا بها من دنياكم أو سياستكم الدنيوية شيئا ..
ولا تراءوا ولا تظلموا أحدا ولا تفعلوا المنكر ولا تعتدوا وأحسنوا كما أحسن الله إليكم حيث وفقكم لمثل هذه الطاعة ، فوالله هي نعم الطاعة).

3 ـ لااحد يجهل موضوع رفض الامام الحسين(عليه السلام) ، البيعة ليزيد الشؤم وقولته المشهورة(مثلي لايبايع مثله) ، اوليست هذه الكلمة قانون الهي لكل محب للامام الحسين ، ويبغي السير على منهجه القويم ، فعلى هذا الأساس كيف يبايع الحسيني من هو على شاكلة يزيد ؟
هل أسرة الامام الحسين وصحبه الكرام ، بايعوا يزيد أم لا ؟
والجواب قطعا لا ، لأنهم على نهج الامام الحسين ، عاشوا وقتلوا على ذلك ، لذا يجب عدم البيعة ليزيد العصر مهما كان ومهما يكن
قال السيد مقتدى الصدر(اعزه الله):

(إن السير إلى الإمام الحسين(عليه السلام) ، إن دل على شيء إنما يدل على السير نحو التضحية والفداء والالتزام بخطه والوفاء له سلام لله عليه ، فيجب أن نقتدي به فنكون كما قال (عليه السلام):
(كونوا أحرارا في دنياكم)).

فعلى من زلت قدمه وأخطأ ، المسارعة إلى التوبة واستثمار هذه المناسبة العظيمة وما فيها من اجر جزيل جراء الخدمة المباركة والتوجه الخالص الى الباري العطوف من اجل التوفيق الى التوبة النصوح ، للنجاة من إثم البيعة وتبعاتها والركوب في سفينة الامام الحسين (عليه السلام) ، للفوز بالصراط المستقيم .

ثانيا ـ
السائرين نحو الامام الحسين(عليه السلام)، (المشاية):
ويتكون هذا القسم من ملايين الناس بمختلف الأعمار ومن شتى البلدان ...
والمشتركين فيما بينهم بقواسم عالية متعددة ، ومنها :
المشاركة في هذا المسير المبارك لتأدية زيارة الأربعين
اسأل الباري أن يجعلنا منهم ، وهؤلاء المشايه منهم من يسير جماعة ومنهم من يسير وحدانا ، والجماعات منهم من يسير مستصحبا عائلته ومنهم من يسير مستصحبا بعض من أرحامه ومنهم من يسير مع أصحابه .....
ومنهم من يسير مع إخوته في الله ، فمن المعروف إن للإنسان عدة روابط تجمعه مع باقي أفراد جنسه كرابطة الرحم واللغة والوطن ....
ومن أهم هذه الروابط وأنبلها ، رابطة الإخوة الإلهية التي زين الله بها عباده المؤمنين ، لذلك أصبحت من امتن الروابط وأبقاها ، فمن وصية للمصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) لاخيه الامام علي (عليه السلام) :
( ياعلي أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )

ومن وصية للمصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر :
( يااباذر يقول الله تبارك وتعالى : إن أحب العباد إلي المتحابون من اجلي...)

لذا تجد سمو هذه الرابطة ورفعتها ، بالرغم من أهمية باقي الروابط ، كرابطة صلة الرحم المعلقة بالعرش
فياله من ربح كثير يجنيه المؤمن عندما يجد له إخوانا في الله ، ويالها من خسارة كبيرة تصيب المؤمن عندما يضيع إخوانه في الله ، الم يرد في الحكمة: الرفيق قبل الطريق ، وأي طريق أفضل من الطريق المؤدي إلى الله حيث تلتقي بالمتسابقين إلى رضوان الله والمسارعين إلى مغفرته ، اوليس النبي هارون(عليه السلام) ، أخا لرسول الله موسى(عليه السلام) من حيث الرحم ، ولكن الكليم(عليه السلام) ، سأل ربه أن يمنحه الأخوة الأعلى من إخوة الرحم وهي الإخوة الالهيه ليشد به أزره ويشركه في أمره كي يسبحون الله كثيرا ويذكرونه كثيرا ، وهذا بعينه الذي جرى مع حبيب الله المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأخيه المرتضى(عليه السلام):
(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لانبي بعدي)
وتصور إن في إحدى المرات (والقصة انقلها بالمعنى إجمالا) أحب صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة نبي الله داود(عليه السلام) ، أن يلتقي بأخيه في الله ليتعرف عليه ، فتم إخباره بمحل سكن أخيه في الله ، وقد كان مسكن أخيه في منطقة نائية من جهة ، ومن جهة أخرى من أفقر المنازل وأكثرها تواضعا ويقع في نهاية المنطقة ، وعندما وصل النبي داود (عليه السلام) ، إلى مسكن أخيه لم يجده وبعد فترة جاء أخوه وإذا هو الولي المقدس متي (عليه السلام) ، والد نبي الله يونس(عليه السلام)، ورأى نبي الله داود(عليه السلام) ، العجب من أحوال أخيه ولي الله متي (عليه السلام) ، فسبحان الذي أخفى أوليائه في سواد عباده ، علما إن نبي الله داود(عليه السلام)، بالرغم من انه خليفة الله وسلطان زمانه إلا انه كان يعمل بيده الكريمة ويأكل بثمن أتعابه قرص الشعير ، وقد أكرمنا الله تعالى شأنه بنماذج في غاية الروعة للإخوة الالهيه ، فما إن تنظر لها قلوب الطيبين إلا وتصعق من جمال طلعتها كاخوة سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين(عليهما السلام)، وأخوة العقيلة زينب(عليها السلام) ، وأبي الفضل العباس (عليه السلام).
فشكرا لله على فضله العظيم ومنه القديم ، أن عرفنا بهكذا قادة
والآن ومن اجل المحافظة على اواشج واواصر هذه الاخوة الالهية من النافع الالتفات الى جملة من الامور والتي منها مايلي:

1 ـ محاولة الالتزام قدر المستطاع بمضمون هاتين القاعدتين المهمتين في القرآن الكريم وهما :ـ
((ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا )) ( الأحزاب 70).
((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ))( الإسراء53).
وينبغي مراجعة بعض التفاسير والشروحات للاطلاع على بعض مضمون هاتين الآيتين ليتيسر فهمهما ومن ثم تطبيقهما .
ولكن مايتيسر قوله في هذه العجالة هو يجب أن لا أتكلم مع أي احد من إخوتي بكلمة تجرح مشاعرهم
قال المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم):
(يااباذر الكلمة الطيبة صدقة....)

وكذلك يجب تجنب أي فعل أو موقف يؤذيهم ، فهناك من لايحب المزاح منهم فلماذا أمازحه اوليس له حرمة اوليست حرمته أعلى من بيت الله العتيق فلماذا أزعجه !
اوليس مالك خازن النيران ملك مقرب ولكن هيئته كئيب وهو أخا لرضوان خازن الجنان ولكن رضوان مستبشر وكلاهما ملك مقرب
اوليس أصحاب مولانا الحسين (عليه السلام)قدوتنا ولكنهم كانوا أنواع فكان برير وحبيب مستبشرين في ليلة عاشوراء لأنهم رأوا مابينهم وبين لقاء الله سوى سيوف العدو ولكن عبد الرحمن الأنصاري ويزيد بن الحصين الهمداني كانوا مستغربين من هذه الحالة فهم لهم رؤيتهم في هذه الليلة وكلاهما صحيح ولكنهم أنواع
وذات مرة سألت احد الاخوة الافاضل عن نبيين احدهما دائم البشر والآخر دائم الحزن بالرغم من إنهما أقرباء وتعايشا سوية فترة من الزمن فقال لي أخي (مامضمونه) :
إن المستبشر قد ذاب في أسماء وصفات الجمال لله تعالى ، أما الحزين فقد ذاب في أسماء وصفات الجلال لله تعالى ، وكلاهما نبي عظيم .

2ـ الاعتناء بتطبيق هذه القاعدة التي بينها مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) لهمام في خطبة المتقين وهي
(...نفسه منه في عناء والناس منه في راحة , اتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من نفسه...)
أي انه مشغول بمعالجة عيوبه وتنظيف أدرانه ، فمن وصية المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر ،
يااباذر: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه .
ولا يعني هذا انه غير مهتم بشؤون إخوانه ، ولكنه لايبحث عن عوراتهم متناسيا عوراته ، قال المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم):
( يااباذر لاتكن عيابا ولا مداحا ولا طعانا ولا مماريا )
ثم أليس الله ستار ويحب الستر فلماذا لا استر ، قال المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم):
( يااباذر المجالس بالأمانة ، وإفشاء سر أخيك خيانة فاجتنب ذلك..)
أو ليست لدي ذنوب وعيوب لو اطلع عليها الناس لنبذوني ولكن ستر الله مرخى علي
أوليس في دعاء أبي حمزة الثمالي للامام السجاد(عليه السلام):
(... أنا صاحب الدواهي العظمى إنا الذي على سيده اجترى أنا الذي عصيت جبار السما أنا الذي أعطيت على معاصي الجليل الرشا...)
اوليست الإخوة الإلهية أن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
لا أن أهتك ستره واجرح مشاعره وادخل عليه الحزن ..
قال السيد مقتدى الصدر (اعزه الله)، حيث قال :
(إن السير إلى الإمام الحسين(عليه السلام) هو حج وقصد لولي من أولياء الله الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا..
فكل من يقصد (أبي الضيم) ويقصد الأهداف التي سار عليها (سلام الله عليه) وهو الموكل والمنصب من الله سبحانه وتعالى فهو قاصد طاعة الله ورضوانه
إذن فيجب أن يكون جميع السائرين إلى كربلاء إخوة في الله متساوين في الحقوق والواجبات ، لافرق بين احد منهم إلا بالتقوى والإيمان ، فكلهم ممن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبعلي إماما وبالقرآن كتابا والكعبة قبلة وبزيارة الحسين قصدا وسبيلا ..
فلا تتكبروا وتواضعوا , فان الله رافع المتواضعين درجات ..((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)).
واسأل الباري أن لا يجعلنا من الذين يقولون مالا يفعلون ((كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون (3) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص(4)) (الصف).

ثالثاـ سفر زيارة الاربعين :
إن السفر والهجرة من اجل طلب الكمال رافق الإنسان منذ بدأ الخليقة والى اليوم بل هو مستمر إلى ماشاء الله ، وهنالك نماذج رائعة من هذه الأسفار ، كأسفار رسول الله إبراهيم الخليل(عليه السلام) ، ورسول الله موسى الكليم(عليه السلام) ، ورسول الله عيسى المسيح(عليه السلام) ، الذي وصفه أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، بقوله:
(كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن وكان ادامه الجوع وسراجه بالليل القمر وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها وفاكهته وريحانه ماتنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجه تفتنه ولا ولد يحزنه ولا مال يلفته ولا طمع يذله)
أما إذا نظرنا إلى الجبال الشامخة المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعترته الطاهرة(عليهم السلام)، فإننا نجد العجب العجاب من أسفارهم وما خفي كان أعظم أكيدا فكم للمصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) من أسفار في الأرض وفي السماوات بروحه تارة ، وبروحه وبدنه الشريف تارة أخرى ، وكذلك حال علي المرتضى ، والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء(عليهم افضل الصلاة واتم التسليم)
وها نحن نتنعم ببركات سفرته الخالدة لطلب الإصلاح في امة جده المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهاهي قلوب المحبين الطائرة تقتفي نوره محلقة في سماء الفضائل تبتغي الوصول لرضا باريها ، فما أحلى السفر للقاء المحبوب وما أهون متاعبه عند الوصول للمطلوب ، وهنالك أسفار مميزة الجواهر وثمينة الدرر كسفر الحج إلى بيت الله العتيق وسفر زيارة الأربعين نحو ضريح الامام الحسين(عليه السلام)، حيث الانتقال من محطة إلى أخرى مع مافيها من دروس ، فتجد درجات النجاح تختلف باختلاف المسافرين في سفرة الخير والإصلاح وما أجمل ماتراه في طريق المجتهدين من دروس وعبر ، فتجد المرأة العجوز المنحنية الظهر من أتعاب الزمن ولكنها تجد المسير كالشابات من اجل الوصول لنيل المأمول وكذلك ترى الشيخ الكبير شادا وسطه بحزامه متوكئا على عصاه لايهمه ضعف بصره فبصيرته حديد يسابق الريح للقاء المحبوب وتنظر إلى الأطفال فرحة مستبشرة كصغار الحمام عند تحليقها لأول مرة مع فصيلتها ، وتبرز المعادن الأصيلة في السفر وخصوصا في أوقاته الصعبة ولحظاته الحرجة ، وقطعا لكل مسافر غاية يبتغيها ، وما أحلى أن تكون الغاية عين المحبوب لامثوبته ، فعندها تكون الجذبة الحقيقية ، وهنيئا للمسافر الصابر الناجح في مسيره حيث ينتقل من مقام إلى مقام ارفع ، ومن درجة إلى درجة أعلى ، لتبدأ بعدها مرحلة تكامل اخرى ، فليس للمحبوب حد محدود انما المحدود يحلق ويطير حتى يصل مقامه المعلوم ، فلا بخل بفيض الكريم انما القابل محدود(سالت أودية بقدرها ) فلا تنتهي زيارة الأربعين بالوصول الى الضريح المقدس فحسب فمن غير اللائق أن نحد المعصوم وقد ذابت ذاته المقدسة بذات اللامحدود (جلت قدرته) ، لذا فالحذر من الغفلة واجب ، فكم من ناجح بالوصول لكنه أساء بعد ذلك ، مثله كمثل الذي ذهب ليستلم سيارة جديدة وبعد أن وصل لمحل استلام السيارة ، واستلمها أصابها بطريق العودة بحادث شوهها واذهب نضارة جمالها أجارنا الله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ومن الشيطان ووسواسه وأسال الباري بحق دموع الزائرين وأنفاسهم الطيبة أن يعجل فرج الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء لتنتهي بدولته الكريمة هموم المستضعفين وتسكن آلام وحسرات الأيتام والمساكين ولا يبقى على وجه الأرض أي أصل للظالمين الا واقتلعه ، ولاركنا للفاسدين الا وحطمه ، لنعبد الله وحده لا نشرك به شيئا فيكون الدين خالصا لوجه الله تعالى ، ويحل الأمن محل الخوف والى تلك اللحظة المباركة اسأل الباري أن يمكننا من دوام المسير على منهج الشهيدين الصدرين(قدس ) ، وان يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين ببركة المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين(صلوات الله عليهم اجمعين) .


من مصادر ومراجع المبحث :ـ
1ـ القرآن الكريم
2 ـ بحار الأنوار شيخ محمد باقر المجلسي
3 ـ نهج البلاغة شرح الشيخ محمد عبده
4 ـ مكارم الأخلاق للشيخ الحسن بن الفضل الطبرسي
5 ـ مقتل الإمام الحسين(ع) سيد عبد الرزاق المقرم
6 ـ مواهب الرحمن في تفسير القران سيد عبد الأعلى السبزواري
7 ـ مفاتيح الجنان شيخ عباس القمي
8ـ استفتاء للسيد القائد مقتدى الصدر (اعزه الله) في 12/ صفر الخير/ 1429هجرية

تكلم رأس الامام الحسين (عليه السلام)

لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا *** يكســـوه من انواره جلبابا
يتلو الكتاب على السنان وانما *** رفعوا به فوق الكتاب سنانا
(سيد رضا الهندي)

ان ملحمة الطف الخالده وبالرغم من كثرة ماحوته من الاحداث والمعجزات الغريبه في يوم عاشوراء الا ان احداثها ومعجزاتها لم تتوقف عند هذا اليوم فحسب بل انها استمرت وستستمر حتى يرث الله الارض ومن عليها وقد ذكر العلماء والمؤرخين البعض من هذه الاحداث وعلى سبيل المثال :

1 . عن محمد بن سليمان الكوفي في كتابه مناقب امير المؤمنين(عليه السلام) عن ابو احمد قال :
حدثنا ابراهيم بن الحسين ، قال حدثنا عمار ، قال حدثنا حماد بن زيد عن ابي عون عن محمد بن سيرين قال :
ماظهرت الحمره في السماء الا حين قتل الحسين بن علي (عليه السلام)

2 . وعن ابو احمد (ايضا)قال :
حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال حدثنا [ابو عاصم] النبيل قال : حدثنا ابن جريج : عن ابن شهاب قال :
لما قتل الحسين بن علي لم يرفع في الشام حجر الا وجد تحته دم عبيط.

3. عن ابو احمد(ايضا) قال : اخبرنا علي بن عبد الله السمسار عن علي بن خشرم قال : اخبرنا سفيان بن عيينه قال : حدثتني جدتي ام ابي قالت :
كنت جويريه يوم قتل الحسين بن علي فرأيت الورس تحول رمادا .

4 . عن محمد بن سليمان الكوفي في كتاب مناقب امير المؤمنين(عليه السلام)، عن ابو احمد قال : سمعت محمد بن مهدي يحدث ، عن عبد الله بن داهر الرازي ، عن ابيه عن الاعمش : عن المنهال بن عمرو قال :
رأيت رأس الحسين بن علي على الرمح وهو يتلو هذه الاية (ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا )(الكهف9))، فقال رجل من عرض الناس :
رأسك يابن رسول الله اعجب .

و قد ذكر العلماء ومنهم القاضي النعمان المغربي في كتابه شرح الاخبار ج 3 ، الكثير من هذه المعجزات ، وسيتم في هذا المبحث ذكر معجزه تكلم رأس سيد الشهداء ابو عبد الله الحسين (عليه السلام) ، لانها :

ا . معجزه عظيمه لم تحدث في البشريه سوى مرتان 
ب . ان السيد الصدر المقدس ارشدنا الى النهل من بركات هذه المعاجز ، وسوف يتم ذكر هذه الالتفاته الرائعه من جانبه(قدس)، في طيات هذا المبحث .

اولا . مصادر تكلم الرأس الشريف:ـ 
ا. في كتاب اضواء على ثورة الامام الحسين(عليه السلام) لسيدنا الصدر المقدس ، ذكرت المصادر التاليه في هامش موضوع تكلمالرأس الشريف ، تحت عنوان (الجهه الثامنه):
الخصائص الحسينيه للتستري 381//احقاق الحق للتستري 11:452//اسرار الشهاده للدربندي 476//البحار للمجلسي45:121//مقتل ابي مخنف 110// الارشاد للمفيد 2:117//الخصائص الكبرى للسيوطي2: 125 .

ب . في كتاب مقتل الامام الحسين(عليه السلام) للسيد المقرم قد ذكرت مصادر اخرى لهذه المعجزه كـ:ـ المناقب لابن شهر آشوب ج2ص127//شرح قصيدة ابي فراس 148//مقتل العوالم ص151 

ثانيا. تكرار حدوث هذه المعجزه .

ا . على مدى التاريخ حدثت هذه المعجزه مرتين ، قال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس):
وبالمعجزه نطق رأسان في البشريه المعروفه هما رأس يحيى بن زكريا ورأس الحسين(عليهما السلام ).

ب . فيما يخص رأس الامام الحسين الشهيد ، فقد تكررت حادثة النطق الشريف سبع مرات احصاها السيد الصدر من كتاب (الحسين في الفكر المسيحي)، عن النقول التاريخيه لمؤلف الكتاب (انطوان بارا)، وقال قدس:
ولعل المؤلف لم يلتفت الى انها سبعة موارد او الى اهمية كونها سبعه
وقد قام مالسيد الصدر المقدس بعرضها مرقمه(حسب عبارة (انطوان بارا))، في كتابه أضواء..وكمايلي:

1 . ولما حمل الرأس الشريف الى دمشق ونصب في موضع الصيارفه وهناك لغط الماره وضوضاء المتعاملين فأراد سيد الشهداء توجيه النفوس نحوه ليسمعوا عظاته ، فتنحنح الرأس تنحنحا عاليا ، فاتجهت اليه الناس واعترتهم الدهشه حيث لم يسمعوا رأسا مقطوعا يتكلم قبل يوم الحسين(عليه السلام)، فعندها قرأ سورة الكهف الى قوله تعالى (انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى )(13 سورة الكهف).

2. وصلب على شجره فاجتمع الناس حولها ينظرون الى النور الساطع فأخذ يقرأ(وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون)(227سورة الشعراء).

3 . وقال هلال بن معاويه :
رأيت رجلا يحمل رأس الحسين (عليه السلام)والرأس يخاطبه
(فرقت بين رأسي وبدني فرفع السوط واخذ يضرب الرأس حتى سكت).

4 . ويحدث ابن وكيده :
انه سمع الرأس يقرأ سورة الكهف فشك في انه صوته او غيره ، فترك (عليه السلام) القرائه والتفت اليه يخاطبه :
ياابن وكيده اما علمت انا معشر الائمه أحياء عند ربهم يرزقون.

5 . فعزم على ان يسرق الرأس ويدفنه ، واذا الخطاب من الرأس الشريف يابن وكيده :
ليس الى ذلك سبيل ، ان سفكهم دمي أعظم عند الله من تسييري على الرمح فذرهم فسوف يعلمون ((إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ))(سورة غافر/الآية 71).

6 . وقال المنهال بن عمرو:
رأيت الحسين بدمشق على رمح وامامه رجل يقرأ سورة الكهف ، حتى اذا بلغ الى قوله تعالى((أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً ))(سورة الكهف/لآية 9).
نطق الرأس بلسان فصيح :
اعجب من اصحاب الكهف قتلي وحملي.

7 . ولما امر يزيد بقتل رسول ملك الروم ، حيث انكر عليه فعلته ، نطق الرأس الشريف بصوت رفيع : 
لاحول ولاقوة الا بالله.
وقال السيد الصدرالمقدس:
وينبغي هنا ان نلتفت ان كثرة النقل يسمى بالاصطلاح بالاستفاضه فلو كان النقل مقصورا على رواية زيد بن ارقم التي هي اشهرها لامكن مناقشتها او التشكيك فيها ولكن ليس الى ذلك سبيل بعد الذي سمعناه من كثرة النقل ، وكان فيما نقل عنه المؤلف المذكور(انطوان) كتب من كلا الفريقين

ثالثا . بعض الحكم من نطق الرأس الشريف:

قال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس) :

ان نطق الرأس انما كان لاقامة الحجه على اهل الشام الذين كانوا يجهلون شأن الحسين وامامته وصدق قضيته بل كان الحكام لديهم يغرسون في اذهانهم ان هذا الموكب لسبايا غير المسلمين من الروم او الديلم او القبط ونحو ذلك ، وكان لابد لهذا الجانب اعني لموكب الحسين(عليه السلام) ان يثبت صدق قضيته ، وفي الواقع انهم لم يقصروا في ذلك بعد ان تكلم الامام زين العابدين ، وزينب بنت علي عليهما السلام وآخرين، وحدثت له عدة مآتم في الشام .
ومحل الشاهد الان ان الحسين(عليه السلام) نفسه شارك في هذه الحمله الموسعه للهدايه والاعلام ، وذلك بقرائة القرآن وهو فوق رأس رمح طويل .
كانت مشاركته اوكد من كل المشاركات لانه الشخص الرئيسي والاهم اولا ، ، ولأن مشاركته اعجازيه ثانيا وهاتان الصفتان لم تحصل لاي من المشاركين الاخرين في معسكر الحسين(عليه السلام)وان علا شأنهم وغلا.

وقال السيد الصدر(قدس):
(وهذا من جملة الامور العديده التي كانت سببا لاقامة الحجة على كل الجيل المعاصر لقتل الحسين(عليه السلام)، بل والاجيال المتأخره عنه...)

اذن يمكن للاجيال المتأخره ومنها جيلنا ان يستشف من هذه الحادثه العظيمة بعض الحكم والتي منها ما يلي :

1 ـ ان الطواغيت واتباعهم في كل زمان ومكان ، مهما فعلوا ويفعلون لاسكات صوت الحق حتى وان وصل تسافلهم الى قتل المصلح الناطق وقطع رأسه الشريف ، فلن يتمكنوا من اسكات صوت الحق ، بتاتا ؛ لانه باقي ببقاء الله تعالى 
2 ـ ان نطق رأس قتيل بعد فصله عن جسده بهذا النطق الفصيح ليدل بما لايقبل ادنى شك ، بان هذا القتيل(عليه السلام) ، على قدر عالي من الارتباط الوثيق بالله تعالى ، بل هو (عليه السلام) لسان الله الناطق وحجته البالغه الذي لايحجبه الموت وقطع الرأس عن الاستمرار بقول الحق مهما كان ومهما يكن لهداية الضالين وايقاض الغافلين ...ليعلموا بان النصر الحقيقي هو بقاء الدين وشريعة سيد المرسلين ،وان ارتكاب جريمة القتل بمثل هذا الشهيد(عليه السلام)، لهي من ابشع الجرائم واشدها قباحه ، لذا فان من ارتكبها وشارك فيها ورضي عنها من ابشع المجرمين واشدهم قباحه.
3 ـ فيها زيادة يقين للمؤمنين بانهم بعين الله وعلى جادة الحق مادامهم لمثل هذا الولي(عليه السلام)، متبعين وعلى منهجه سائرين ولاعدائه رافضين ، وانهم مهما قدموا من تضحيات ويقدمون في سبيل الله فهي قليله امام الله (جل جلاله) بالمقارنه مع عظم نعم الله تعالى من جهه ، وبالمقارنه مع تضحيات امامهم(عليه السلام)، الخالصه لله من جهة اخرى. 
4 ـ عدم افتراق الرأس الشريف عن قرائة القرآن وهذا مايدل على شدة تعلق صاحبه(عليه السلام)، بالقرآن لانه(عليه السلام) ، شريك القرآن وعدله فلن يفترقا ابدا حتى يردا على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الحوض. 
5 ـ قراءة الرأس الشريف لأيات من سورة الكهف الى قوله تعالى: 
(انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى )( سورة الكهف/ الآية 13) لهي شهادة من حجة الله(عليه السلام)، على حقيقة شهداء الطف(عليهم السلام)، من جه ، ومن جهة اخرى ، فيها البشاره العظيمه بتحقق النصر الالهي والفتح العظيم بانشاء دولة العدل والتوحيد على يد الفتيه الذين آمنوا بربهم وزادهم الله هدى بقيادة حفيد الانبياء والاوصياء ووريثهم والآخذ بثارهم(عليهم السلام).
6 ـ اظهار حقيقه مفادها ان قتل مولانا الحسين(عليه السلام) وحمل رأسه لهي من الاحداث العجيبه فحادثه اصحاب الكهف على اهميتها الا انها لاترقى الى حادثة مقتل امامنا الحسين(عليه السلام) وحمله ، حتى قال زيد بن ارقم (والله يابن رسول الله رأسك اعجب واعجب) ، فلا يوم كيوم ابا عبد الله (عليه السلام).

وفي ختام هذا المبحث اسأل الباري بحق نحر مولانا الحسين الشهيد ودمائه الزكيه ودماء شهداء اسرته وانصاره التي سفكت من اجل اعلاء كلمة لااله الاالله محمد رسول الله علي ولي الله , ان يعجل فرج مولانا حفيد سيد الشهداء والآخذ بثأره ليمليء الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، انه على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير ، وصلى الله على احب خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين .

الهامش:
الورس :الْوَرْسُ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ وَقِيلَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ وَقِيلَ يُشْبِهُهُ وَمِلْحَفَةٌ وَرْسِيَّةٌ مَصْبُوغَةٌ بِالْوَرْسِ وَقَدْ يُقَال مُوَرَّسَةٌ .
(المصباح المنير في شرح الغريب الكبير)
( ورس ) الوَرْس شيء أَصفر مثل اللطخ يخرج على الرِّمْثِ بين آخر الصيف وأَوَّل الشتاء إِذا أَصاب الثوبَ لَوَّنَه التهذيب 
(لسان العرب)
(كتاب العين)

اهم المصادر :ـ 
1 . مقتل الامام الحسين(عليه السلام)/ سيد عبد الرزاق المقرم(قدس)
2 . اضواء على ثورة الامام الحسين(عليه السلام)(ص200ـ 205)/لسيدنا ومرجعنا محمد محمد صادق الصدر (قدس)
3 . مناقب الامام امير المؤمنين/ محمد بن سلمان الكوفي ج2
4 . شرح الاخبار/ القاضي النعمان المغربي ج3
5 . دلائل الامامه/ محمد بن جرير الطبري
6 . نوادر المعجزات/ محمد بن جرير الطبري

مسير السبي الحسيني من كربلاء الى الكوفة

في هذا المبحث يتم التعرض لبعض العناوين المتعلقة بمسير السبي الحسيني من كربلاء الى الكوفة وضمن عدة نقاط تعويلا على بعض المصادر النقلية ومن الله التوفيق
بعد استشهاد امامنا الحسين عليه السلام بمدة قصيرة . . هجم الأعداء على المخيم الحسيني بكل وحشية ومن على خيولهم، وذكر الشيخ محمد مهدي المازندراني الحائري، انه تم سحق سبعة من الأطفال تحت حوافر الخيل ساعة الهجوم (معالي السبطين ج 2 ص 135 ، الفصل الخامس عشر ، المجلس الثاني عشر)
ذكر المازندراني أسماء خمسة منهم ، وهم :
بنتان للإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وطفلان لعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب ، وإسمهما : سعد وعقيل . (وذكر في بعض الكتب أنهما ماتا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر ، بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) وهجوم الأعداء على المخيم للسلب . وأمهما : خديجة بنت الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام)
وعاتكة بنت مسلم بن عقيل ، وكان عمرها سبع سنوات . ومحمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب وكان له من العمر سبع سنوات .
وتمت عمليات السلب والنهب بصورة بشعة (معالي السبطين ، الفصل الثاني عشر ، المجلس الثاني ـ بحار الأنوار للمجلسي ج 45 ص 61)
وخرجن بنات آل الرسول مذعورات (الملهوف لابن طاووس ، ص 181)
وقام خولي بن يزيد الاصبحي بسلب خيمة الامام السجاد (اسرار الشهادة للدربندي الطبعة الحديثة ، ج 3 ص 129)
واراد اللعين شمر قتل امامنا السجاد عليه السلام ولكن مولاتنا زينب قالت : والله لا يقتل حتى أقتل .
فأخذ عمر بن سعد بيده وقال : أما تستحي من الله ، تريد أن تقتل هذا الغلام المريض ؟ !
فقال شمر : قد صدر أمر الأمير عبيد الله بن زياد أن أقتل جميع أولاد الحسين .
فبالغ عمر في منعه ، فكف عنه . ( معالي السبطين ج 2 ، الفصل الثاني عشر ، المجلس الثاني . وأسرار الشهادة ج 3 ص 129) .
قال أبو إسحاق الإسفرائيني في كتاب نور العين في مشهد الحسين:
روي عن زينب أُخت الحسين عليه السلام عند هجوم القوم على الخيام أنّها قالت:
دخل علينا رجال وفيهم رجل أزرق العيون، فأخذ كلّ ما كان في خيمتنا الّتي كنّا مجتمعين فيها، إلى أن قالت: فقلت له: قطع الله يديك ورجليك، وأذاقك الله النار في الدنيا قبل الآخرة، قال:
فما كان إلاّ قليل حتّى ظهر المختار الثقفي طالباً بثار الحسين عليه السلام، فوقع في يده ذلك الرجل- وهو خولي بن يزيد الأصبحي – فقال المختار: ما فعلت بعد قتل الحسين؟ فذكر أفعاله التي فعلها ودعوتها عليه، فقطع المختار يديه ورجليه وأحرقه بالنار.
ولما فرغ القوم من النهب والسلب ، أمر عمر بن سعد بحرق الخيام .
فأضرموا الخيم ناراً ، ففررن بنات رسول الله من خيمة إلى خيمة ، ومن خباء إلى خباء . .
(معالي السبطين ج 2 ، الفصل الثاني عشر ، المجلس الثالث .)
وبعدذلك امر عمر بن سعد ، خولي بن يزيد الاصبحي بحمل رأس امامنا الحسين عليه السلام وارساله الى ابن مرجانه في الكوفة ، ومن ثم امر اللعين عمر بن سعد بـ :

1ـ قطع رؤوس اصحاب الامام الحسين عليه السلام
قال الشيخ المفيد (الإرشاد: ٢: ١١٣):
(....، وأمر(عمر بن سعد) برؤوس الباقين من أصحابه(الامام الحسين) وأهل بيته فنظّفت، وكانت اثنين وسبعين رأساً، وسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث، وعمرو بن الحجّاج، فأقبلوا حتّى قدموا بها على ابن زياد)
قال الدينوري(الاخبار الطوال): (وحُملت الرؤوس على أطراف الرماح! وكانت اثنين وسبعين رأساً..)
وقريب منهم قال الطبري(بسنده عن أبي مخنف) في تاريخه(٣: ٣٣٦)، والخوارزمي في مقتل الحسين(٢: ٣٩)، والبداية والنهاية لابن كثير(٨: ١٩١)
الا ان محمّد بن أبي طالب(تسلية المجالس: ٢: ٣٣١):قال (روي أنّ رؤوس أصحاب الحسين عليه‌ السلام وأهل بيته كانت ثمانية وسبعين رأساً، واقتسمتها القبائل؛ ليتقرّبوا بذلك إلى عبيد الله بن زياد ويزيد..) ومثله قال البلاذري في أنساب الأشراف ج1ص424.

2ـ قيام اللعين عمر بن سعد بجمع قتلاه والصلاة عليهم ودفنهم وترك الاجساد الطاهرة لإمامنا الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه بغير دفن ومن ثم البقاء في ساحة الطف الى زوال يوم الحادي العشر من محرم
قال الخوارزمي في مقتله ج2ص44: وأقام عمر ابن سعد يومه ذلك إلى الغد فجمع قتلاه وصلى عليهم ، وترك أصحاب الحسين وأهل بيته وأصحابه..
[انظر : بحار الأنوار ج45ب37ص62ح2].
قال السيد ابن طاووس (اللهوف: ١٨٩): (وأقام ابن سعد بقيّة يومه واليوم الثاني إلى زوال الشمس، ثمّ ارتحل بمَن تخلّف من عيال الحسين عليه‌ السلام ، وحمل نساءه على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء!...)
ليلة الوحشة(ليلة الحادي عشر من محرم)
قال امامنا زين العابدين (عليه السلام) :
«فتحت عيني ليلة الحادية عشر من المحرم ، وإذا أنا أرى عمتي زينب تصلي نافلة الليل وهي جالسة ، فقلت لها : يا عمة أتصلين وأنت جالسة» ؟
قالت : نعم يابن أخي ، والله إن رجلي لا تحملني (زينب الكبرى/الشيخ جعفر النقدي ، ص 58 ).

3ـ بدأ مسيرة السبي الحسيني من كربلاء
في مثير الأحزان(ص٨٣ ) قال السيد ابن طاووس: ثم إن عمر بن سعد :
أقام : بقية يوم عاشوراء ، و الثاني إلى الزوال ، ثم أمر : حميد بن بكير الأحمري ، فنادى في الناس : بالرحيل إلى الكوفة .
و حمل معه : بنات الحسين وأخواته ، ومن معه من الصبيان ، وعلي بن الحسين مريض ، بالدرب .
وقريب منه قال الطبري في تاريخه : ٣: ٣٣٥، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٦، والخوارزمي في مقتله: ٢: ٤٤)
اي انه بعد مرور حوالي عشرين ساعة على مقتل الامام الحسين (عليه السلام). وقبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر من محرم سنة 61 هـ ، رحل ابن سعد وما تبقى من جيشه عن كربلاء ، تاركاً ساحة المعركة وآخذاً معه ما بقي من رحل الامام الشهيد وأهله وبينهم الامام علي بن الحسين زين العابدين
(راجع: تاريخ النياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام /تأليف:السيد صالح بن ابراهيم بن صالح الشهرستاني 1325 ـ 1395 هـ ج5ص3))
قال ابن سعد في طبقاته:
(ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن عليّ الذين معه إلاّ خمسة نفر: عليّ بن الحسين الأصغر، وهو أبو بقيّة وِلْد الحسين بن عليّ اليوم، وكان مريضاً فكان مع النساء، وحسن بن حسن بن عليّ، وله بقيّة، وعمرو بن حسن بن عليّ ولا بقيّة له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمّد بن عقيل الأصغر، فإنّ هؤلاء استُضعفوا، فقدم بهم وبنساء الحسين بن عليّ وهنّ:
زينب، وفاطمة ابنتا عليّ بن أبي طالب، وفاطمة، وسكينة ابنتا الحسين بن علي، والرباب بنت أنيف الكلبية امرأة الحسين بن علي، وهي أمّ سكينة وعبد الله المقتول ابنَي الحسين بن علي، وأمّ محمّد بنت حسن بن عليّ امرأة عليّ بن حسين، وموالي لهم ومماليك عبيد وإماء، قدم بهم على عبيد الله بن زياد مع رأس الحسين بن علي ورؤوس مَن قُتِل معه رضي الله عنه وعنهم)
( ترجمة الإمام الحسين(ع)ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد / تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي : ص٧٨، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: ٣: ٣٠٣ ) .
وفي مقاتل الطالبيين(119)قال ابو الفرج الاصفهاني: (وحمل أهله أسرى، وفيهم عمرو، وزيد، والحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم ‌السلام ، وكان الحسن بن الحسن بن عليّ قد ارتثّ جريحاً، فحُمل معهم، وعليّ بن الحسين الذي أمّه أمّ ولد، وزينب العقيلة، وأمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وسكينة بنت الحسين ...)(انظر: اللهوف: ١٩١، وتاريخ أبي الفداء: ١: ٢٦٦ ) .
وينقل صاحب «كامل البهائي» الحسن بن علي الطبري، المعاصر للعلامة والمحقق:ومجموعهن عشرون امرأة وكان زين العابدين في الثانية والعشرين من عمره، والإمام الباقر في السنة الرابعة، وكلاهما كانا في كربلاء،
وقال الشيخ عماد الدين الطبري في كامل البهائي (ص٢٩٠): ( أن عمر بن سعد أقام في كربلاء يوم الشهادة إلى زوال اليوم التالي، ثم وكّل جماعة من المسنين والمعتمدين بالإمام زين العابدين وبنات أمير المؤمنين ، والنساء الأخريات وكنّ جميعهنّ عشرين نسوة، وكان لزين العابدين في ذلك اليوم اثنان وعشرون سنة، ولمحمّد الباقر أربع، وكانا كلاهما في كربلاء وحفظهما الله تعالى)
وذكر الشيخ محمد طاهر السماوي في كتابه إبصار العين (ص220 ـ الفائدة الثالثة) : أنّ زوجة جنادة بن الحرث السلماني (وام ابنه عمرو الغلام ذي الإحدى عشرة سنة) كانت في الركب الحسيني أيضاً ، وكذلك عائلة مسلم بن عوسجة وأمّ وهب ..(راجع: أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠، حديث رقم ١)
قال الشيخ الدربندي (أسرار الشهادة) : ثم أمر عمر بن سعد بأن تحمل النساء على الأقتاب ، بلا وطاء ولا حجاب ، فقدمت النياق إلى حرم رسول الله (صلى الله علهي وآله وسلم) وقد أحاط القوم بهن ، وقيل لهن : تعالين واركبن ، فقد أمر إبن سعد بالرحيل .
فلما نظرت زينب (عليها السلام) إلى ذلك نادت وقالت : سود الله وجهك يا بن سعد في الدنيا والآخرة ! تأمر هؤلاء القوم بأن يركبونا ونحن ودائع رسول الله ؟ !
فقل لهم : يتباعدوا عنا ، يركب بعضنا بعضاً .
فتنحوا عنهن ، فتقدمت السيدة زينب ، ومعها السيدة أم كلثوم ، وجعلت تنادي كل واحدة من النساء باسمها وتركبها على المحمل ، حتى لم يبق أحد سوى زينب (عليها السلام) !
فنظرت يميناً وشمالاً ، فلم تر أحداً سوى الإمام زين العابدين وهو مريض ، فأتت إليه وقالت :
قم يابن أخي واركب الناقة .
قال : يا عمتاه ! إركبي أنت ، ودعيني أنا وهؤلاء القوم .
....فأقبلت فضة وأركبتها . . (أسرار الشهادة للدربندي) .
وندبت مولاتنا زينب اخيها الحسين بصوت حزين وقلب كئيب :
«يا محمداه ، صلى عليك مليك السماء ، هذا حسين مرمل بالدماء ، مقطع الأعضاء ، مسلوب العمامة والرداء ، محزوز الرأس من القفا . ونحن بناتك سبايا .
إلى الله المشتكى ، وإلى محمد المصطفى ، وإلى علي المرتضى ، وإلى فاطمة الزهراء ، وإلى حمزة سيد الشهداء .
يا محمداه ! هذا حسين بالعراء ، تسفي عليه ريح الصباء ، قتيل أولاد البغايا .
واحزناه ! واكرباه عليك يا أبا عبد الله .
بأبي من لا هو غائب فيرتجي ، ولا جريح فيداوى .
بأبي المهموم حتى قضى .
بأبي العطشان حتى مضى . . . .»
فأبكت ـ والله ـ كل عدو وصديق . (الملهوف لابن طاووس ، ص 181 ، وكتاب الإيقاد ، ص 140).

4ـ في الطريق مابين كربلاء والكوفة
لما وصل إلى ابن زياد خبر عودة جيشه الى الكوفة ، بقيادة عمر بن سعد، أمر أن لا يحمل أحدٌ من الناس السلاح في الكوفة، كما أمر عشرة آلاف فارس أن يأخذوا السكك والأسواق، والطرُق والشوارع؛ خوفاً من أي ردة فعل .. ،وأمر أن تُجعل الرؤوس في أوساط المحامل أمام النساء، وأن يُطاف بهم في الشوارع والأسواق؛ حتّى يغلب على الناس الخوف والخشية.
(معالي السبطين: ٢: ٥٧، وروضة الشهداء: ٢٨٨.)
كما أمر ابن مرجانة بوضع رأس امامنا الحسين عليه السلام على الرمح، ويُطاف به في سكك الكوفة وقبائلها ...(كامل البهائي: ٢٩٠ )
فمن ما ذكر اعلاه يستنتج بان تدابير شديدة اخذت بعد انتهاء واقعة الطف تحسبا لأي امر طاريء ، فان قيل ولكن معظم الناس ما بين مشارك في المعركة وما بين خائف مستسلم وما بين فرح بما حصل، فلماذا هذه التدابير الشديدة؟
وبعض الجواب على هذا التساؤل هو:
نعم ولكن اعداء الله واعداء اوليائه لم يكونوا بهذه السذاجة فهم من شدة مكرهم ودهائهم يحسبون حسابا لكافة الاحتمالات هذا من جهة ومن جهة اخرى
ان ما ارتكبوه ليس بجريمة عادية بل هي اعظم جريمة ارتكبت على وجه هذه الخليقة فلا يوم كيوم ابو عبد الله عليه السلام.
ولذا فان عمر بن سعد لم يتحرك من كربلاء في صبيحة يوم الحادي عشر من محرم بل بعد الزوال كما اشارت جملة من الروايات التاريخية ، واغلب الظن انه لم يسرح ما معه من الجند بل وجه اليهم (تنفيذا لاوامر ابن مرجانة )عدة توجيهات عسكرية اخرى وقد كان العدو مخطط لكل شيء حتى موضوع وصول السبي الى الكوفة ، فالخروج من كربلاء بعد الزوال يعني وصولهم الى مشارف الكوفة نهاية اليوم والاشارات التاريخية تدل على دخول السبي ضحى يوم الثاني عشر من محرم أي ان السبي مع قسم كبير من معسكر العدو باتوا على مشارف الكوفة ، لان دخول السبي ليلاً لن يشفي غل اعاد الله الذين كانوا يبالغون في اذى العترة الطاهرة وهذا ما يوفره لهم دخول السبي ضحى حيث اجتماع الناس ووضوح الرؤية.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.

من مصادر المبحث:
1ـ مقتل الامام الحسين عليه السلام/ للسيد المقرم
2ـ مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة/ تأليف: علي الشاوي - الشيخ نجم الدين الطبسي - الشيخ محمد جواد الطبسي - الشيخ عزت الله المولاني - الشيخ محمد جعفر الطبسي - الشيخ محمد امين الاميني
3ـ زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد/ سيدمحمد كاظم القزويني

الجمعة، 21 سبتمبر 2018

برنامج ( تعلّم معنا علم المنطق ) للاستاذ طالب العلوي / الحلقة الثالثة و ...

التسجيل الكامل للخطبة الثانية لصلاة الجمعة لسماحة السيد القائد مقتدى محم...

النص الكامل لخطبتي السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله في مسجد الكوفة المعظم 21 / 9 / 2018







التسجيل الكامل للخطبة الاولى لصلاة الجمعة لسماحة السيد القائد مقتدى الص...

الخميس، 20 سبتمبر 2018

The Forty second Friday of the Iraqi leader Al-Sayyid Muqtada Al-Sadr (T...

( أطروحات جديدة حول مقولة الإمام الحسين (ع): ( هذآ الليل قد غشيكم فاتخذو...

كربلاء لازلتي كرباً وبلا ..... بصوت السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله

السيد الشهيد محمد الصدر قدس يشرح عبارة الامام الحسين ع (فيملأن مني اكراش...

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

Piety of the hearts \ By Muqtada Al-Sadr on 18\9\2018





قراءة حداثوية في قول الامام الحسين (ع) : ( ... اريد ان آمر بالمعروف وانه...

تقوى القلوب بقلم / سماحة القائد مقتدى السيد محمد الصدر 18 / 9 / 2018


السلام على الامام الحسين
وعلى علي بن الحسين
وعلى اولاد الحسين
وعلى انصار الحسين
اما بعد، بت اخشى كثيرا من انحراف بعض الشعائر الحسينية عن مسراها ومجراها وما اقره الشرع والعقل وعلماؤنا الاعلام
فإنه باتت الشعائر على قسمين
القسم الاول: الشعائر المُقرة من علمائنا الاعلام تقدست ارواح من مضى منهم وحفظ الله من بقي منهم، كاللطم والعزاء والتطبير والبكاء وما الى غير ذلك
القسم الثاني: ما لم يقرّ من العلماء لحد الان، كلطم الشور والمشي على الجمر والمغالات في العزاء وتطبير الاطفال وما شابه ذلك
وبين هذا وذاك، فانه (من يعظم شعائر الله فانها من {تقوى القلوب}) فإقامة الشعائر عبارة عن ما يلي:
1- اخلاص وحب، فانك ان احببت الامام الحسين تشبهت به
2- اغاضة عدو.. كإغاضة الفرق الشاذة واعداء الانسانية والجهاد
3- مواساة لصاحب المصاب، كما في عاشوراء والاربعينية
ونقف هنا... فنقول: لا يجتمع الاخلاص مع ارتكاب ما هو محرم او قل ما لم يقره علماؤنا الاعلام
واي اغاضة للعدو وانت تضر نفسك فتكون اغاضة للصديق لا للعدو ؟
واي مواساة وانت ايها المقيم للشعائر تواسيه في امور قد تكون محرمة حتى عند صاحب العزاء ؟
واي مواساة وانت تواسيه في ظواهر الامور التي تعرض اليها في معركة الطف على سبيل المثال ولا تواسيه في اهدافه الحقيقية ؟
افلا تواسيه في (عطشه) ؟ الا تواسيه في (جوعه) ؟الا تواسيه في (جهاده) ؟الا تواسيه في (صلاته) ؟ الا تواسيه (رفض الضيم) ؟ الا تواسيه في (عدم الحياة مع الظالمين) ؟الا تواسيه في (اصلاحه) ؟ الا تواسيه في (تسليمه لله) ؟ الا تواسيه في (فنائه) ؟ الا تواسيه في (زهده) ؟وووو
أليست الامور الدينية والانسانية والاخلاقية والباطنية والعرفانية والشرعية وغيرها اولى من الامور الظاهرية ؟
وان لم تك اولى فهي في نفس المستوى فلِم تأتيه بالظاهرية وتترك الامور الاخرى ؟
ويا ليتك حينما تأتي بالظاهر منها تأتي بها وهي مقرة شرعا وعقلا لا ان تفتعل وتبتدع بعض الامور بغير هدى ولا كتاب منير
عجبا عجبا.. كل ينصب نفسه فقيها وعالما وهو مما تخفى عليه ابسط الامور واتفهها - ان جاز التعبير - فضلا عن الامور المهمة والصعبة
فانك اذا اردت التشبه بكل ما قام به الاعداء ضد الامام الحسين فانك ستضطر مستقبلا ان تحتز رقبتك وان تحرق منزلك على اهلك ونسائك وان تسبى عيالك!!؟؟..
أ نحن ممن يقتدي بالامام الحسين وافعاله ام نقتدى باعداء الحسين وفِعالهم!!!؟
اعزتي، احبتي، اكتفوا بالقدر المُقر فحسب ولا تتعدوا ذلك والا كنتم مخالفين (لتقوى القلوب) في الاية اعلاه، فالبدعة حرام والتجديد والزيادة حتى في الشعائر الحسينية يحتاج الى نظر ثاقب ويحتاج الى ايمان متجذر
والا فلا معنى انك تترك (الدواعش) ولا تجاهد ضدهم وتذهب الى التطبير في كربلاء وخصوصا ذووا المكنة والسعة
ويا ترى ما ذنب الاطفال حينما تطبرهم!!؟.. فان قلت: تربية وثقافة.. قلت: نعم هي كذلك، لكن كيف احرزت رضاه وعدم الاضرار به، فان قلت: كان ذلك وفق طلبه ومراده.. فأقول: فلم تستجيب له في التطبير مثلا ولا تستجيب له في المصالح الاخرى كشراء حاجة او طلل ما من هنا او هناك؟؟! وضمن المصالح..
فان الاطفال قد وفع عنهم الجهاد فارفع عنهم التطبير يرحمك الله... فهم احباء الله فلا تؤذوهم وارأفوا بهم يرأف بكم وربوهم على حب المعصوم بطرق واليات صحيحة رجاءا
عموما، فانهم سلام الله عليهم وكما قلنا سابقا لا يرضون بالمغالات بل الاعتدال في كل شيء مطلوب ومراد اكيدا، فلا تقولوا فيهم ما ليس لهم ولا تعكسوا صورة قبيحة عنهم
ولتعلموا اننا تربينا ان نتأسى بعطش الامام الحسين فلا نشرب الماء يوما او اياما او عشرا.. وان نترك الطعام مواساة للامام وصحبه وان نزهد بالدنيا وان نرخص انفسنا من اجل الدين والمذهب والانسانية جمعاء وان لا نفرق صف المسلمين فان الامام ما قاتل يزيد لكونه (من غير مذهبه ولكن لانه فاسد وظالم.. فكل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء
فسلام على مقيمي الشعائر والسلام على المطبرين والسلام على السائرين والباكين ورحمة الله وبركاته
مقتدى السيد محمد الصدر