الأحد، 25 نوفمبر 2018

( مفاهيم جديدة حول اسباب غيبة الإمام المهدي عليه السلام ) ج2 / الاستاذ ع...

السيد الشهيد محمد الصدر قدس : المهم انه من الصحيح اني مولود في 17 من شهر...

( مفاهيم جديدة حول بعثة الرسول ( ص ) ودوره التكميلي في سعادة البشرية ) /...

برنامج ( تعلّم معنا علم المنطق ) للاستاذ طالب العلوي / الحلقة الثلاثون

الاثنين، 19 نوفمبر 2018

لماذا نعتقد بالإمام المهدي عليه السلام، قائدا للإنسان


1 ـ المستمع الواعي لصوت العقل والشرع ، يدرك بان الله(جل جلاله)، لم يخلقنا عبثا ، بل خلقنا من اجل السير في طريق الكمال والرقي الانساني وان يكون هذا السير اختياري وبشعور حر ، عسى ان نصل الى السعادة الحقيقية .

2 ـ اثبت الواقع المعاش بان تعاون العقل والحس بدون الوحي الالهي يبقيه قاصراً عن ادراك الكثير من الحقائق ، فها هي المنظومات الوضعية ، بالرغم من عمرها الطويل وخبرة الاف العلماء فيها الا انك تجد فيها الفجوات والثغرات والهفوات سواء كان ذلك الخلل في النظريات او في القوانين المشرعة لديهم ، مما يحتم على العقل ان يقبل بطريق ثالث وهو الوحي لسد النقص الحاصل من جراء القصور والتقصير ، لكي نصل الى جاده الصواب من جهة ، ولمعرفة كيفية الارتقاء في طريق التكامل الايجابي من جهة اخرى.

3 ـ ان العقل يرى بان قابليات الناس متفاوتة فهنالك:
ا. من يمتلك الاستعداد العالي والصفاء القلبي فاثمر العلماء والصالحين ، الذين نالتهم العناية والتربية والتأييد ، فطوي البعض منهم مراحل الكمال برشده العقلي وارتقى بروحه حتى اصبح يرى ظلم الناس وانتهاك حرياتهم وغصب حقوقهم ، على صورتها الحقيقة ، اي انها قاذورات ينبغي للعاقل ان يتجنبها ، وهذا هو الانسان الحقيقي الذي اراده الله خليفه وقائد ؟
ب.وهنالك من لوث فطرته فلم يلتزم بأبسط القيم الإنسانية ، او ارتدى ثوب الكسل ، فصعبت عليه اسهل المعارف العلمية ، فاثمر الاشرار والفاسدين الذين مالوا الى البهيمية وابتعدوا عن الإنسانية!

4 ـ لقد رأى العقلاء انه لابد من وجود مدارس للتربية والتعليم بمناهج علمية تربوية ولابد لهذه المدارس من معلمين من اجل أفهام التلاميذ مفردات تلك المناهج وكيفية تطبيقها ، واي خرق في هذه المنظومة ومفاصلها سوف ينعكس بالسلب على المسيرة التربوية والتعليمية لأنها سوف تتلكيء وتصاب بالكثير من الهفوات
اذن العقل يقر بضرورة وجود المعلم في كل مجالات الحياة ، سيما المعلم الانساني الذي يكون قائد انساني ، فوجوده ضرورة لابد منها من اجل الوصول الى الرقي الانساني .

5 ـ ان سلوك المعلم وافعاله من الاهمية بحيث انها تكون ابلغ في ايصال المعلومات في كثير من الاحيان سيما واننا محتاجين لمن يترجم التعليمات والقواعد الى سلوكها العملي الحقيقي ولا تبقى محبوسة في دائرة التطبيق النظري فحسب ، لأننا ومثلما نحتاج الى التعليم النظري نحتاج الى التربية من اجل تركيز وتجذير الخصائص الانسانية النبيلة ، وهذا من اولى مهام ومسؤوليات القائد الانساني ولذا هو قدوة واسوة .

النتيجة :
نعم بالرغم من وجود النصوص الشرعية والاخبار التاريخية العميقة الجذور ، الدالة على خروج وظهور قائد انساني نبيل يملئ الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ، الا انه ومع ذلك حينما تلتفت الى سيرة وقصص المصلحين في تراث البشرية ، وسيرة جمله من قادة الانسانية في الكتب السماوية ، فعليك ان تشعر بحكم من وراء تلك القصص المذكورة والتي تناقلتها الاجيال البشرية ومن هذه الحكم البحث عن مصاديقها في كل زمان ومكان للسير على خطاهم ، ونحن قوم وجدنا في زماننا هذا ان الشهيدين الصدرين، ونجلهما المقتدى من تلك المصاديق ، لانهم عاشوا عيشة الانسان في السراء والضراء ، ففرحوا لفرحه وحزنوا لحزنه ، ونصروه ودافعوا عن حقوقه حتى ُقتلوه من اجله.
وهذا ما فهمناه بعقولنا ووجدناه بكل شعورنا ، ولذا اتبعناهم اتباع الفصيل اثر امه ، وصدقناهم فيما يقولون من الحقائق التي بشرونا بها وفهمونا جملة من مفرداتها واخذوا بأيدينا للتمهيد لها والاستعداد الحقيقي لاستقبالها ، والتي من اهمها حقيقة الامام المهدي وانه هو القائد الانساني المصلح الذي سيحقق حلم المصلحين في بناء دولة الانسان العادلة والتي سوف تتجلى فيها جميع القيم الانسانية النبيلة ومبادئها السامية.

برنامج ( تعلّم معنا علم المنطق ) للاستاذ طالب العلوي / الحلقة التاسعة و ...

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره يذكر من هم اشد الناس بلاءً في الدنيا

سيد المقاومة الشريفة وقائدها السيد مقتدى الصدر يُحيي الحموع التي التحقت...

الكتاب المسموع ( نظرات اسلامية في اعلان حقوق الانسان )

العملية العسكرية النوعية ضد المحتل الامريكي التي خطط واشرف عليها بنفسه ا...

هل كان الامام الحسن العسكري(عليه السلام)، من احلاس البيوت ؟؟


اولا.
الذي يطلع على عصر الامام الحسن العسكري يجده مليءً بالملاحم والفتن حيث:
1.الصراع الدموي بين افراد بني العباس انفسهم واتباعهم من الاعاجم وكذلك صراع غيرهم كصاحب الزنج ، على زمام السلطة، وانعكاساته المريرة على طبقات واسعة من المجتمع ، والتي راحت ضحية تلك الصراعات .
2.الهجمات الفكرية والعقائدية ، وبروز الكثير من الفرق والحركات والتيارات المذهبية والطائفية والعنصرية ، وانجراف الكثير من فئات المجتمع خلف هذا وذاك من المنحرفين والمنشقين .
3. تفشي الكثير من الامراض والاوبئة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع نتيجة فساد وظلم السلطة الحاكمة واتباعها من جهة ، ونتيجة احداث الاضطرابات والصراعات كثورة الزنج من جهة اخرى.
عليه ووفق ما ذكر اعلاه وهو غيض من فيض ملامح عصر الامام الحسن العسكري(عليه السلام)، لابد ان يكون الامام العسكري(عليه السلام)، من احلاس البيوت اكيدا، فهو القائل:
(قد وضع بنو اُمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلّتين:
إحداهما: أنّهم كانوا يعلمون (انّ) ليس لهم في الخلافة حق فيخافون من ادّعائنا إيّاها وتستقرّ في مركزها.
وثانيهما: انّهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة الظلمة على يد القائم منّا، وكانوا لا يشكّون أنهم من الجبابرة والظلمة ، فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول الى منع تولد القائم(عليه السلام) أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم إلاّ أن يتم نوره ولو كره المشركون)(منتخب الأثر: 359 ).
ثانيا.
الامام الحسن العسكري عليه السلام، كان يشعر حقيقة وبكل وجدانه وشعوره ووجوده ، بأبوته للناس ، اضافة الى انه حجة الله ووصي رسول الله وخليفته على الناس من بعد ابيه الامام علي الهادي(عليه السلام) ، اي ان هنالك مسؤوليات عظيمة تقع على عاتقه(عليه السلام) ، والتي منها:
1.حماية الناس من الوقوع ضحية لـحيل وألاعيب الاشرار والدفاع عن حقوقهم وخصوصا المتعلقة بحريتهم وكرامتهم من جهة ، ومواصلة الطريق في بنائهم ورقيهم وتكاملهم الانساني من جهة اخرى.
2.الحفاظ على منظومة الشريعة وقواعدها ، وافهام الناس كيفية تطبيق مفرداتها.
3. المحافظة على ولده الامام محمد المهدي عليه السلام ، وفكرة الدولة العادلة فلقد (...كان كل امام يقوم بدوره الكافي في التبليغ والارشاد الى هذه الفكرة الكبرى وقد كان لكل هذه التبليغات اثرها الكبير في ترسيخ فكرة المهدي في نفوس المسلمين بشكل عام ..، يأخذ كل فرد منهم ما يناسبه منها بحسب عمق ايمانه وسعة تفكيره واتجاه مذهبه في الاسلام(السيد الشهيد الصدر)).
وقاد شاركت المرأة في اعباء هذه المهمة الانسانية النبيلة ، متمثلة بالسيدة نرجس ، والدة الامام المهدي ، تلك المرأة الصابرة النقية(عليهما السلام).
اذن كيف أدى الامام العسكري(عليه السلام)، هذه المهمات وغيرها كثير ان كان حِلْساً حسب المعنى الشائع والدارج في اذهان الكثير من الناس ، فذلك المعنى لا يتلاءم وحجم هذه المهمات وطريقة ادائها مع ان الامام العسكري ، قد اداها على اكمل وجه ، وكان من احلاس البيوت كآبائه الطاهرين الذين(كانوا يمثلون دور المعارضة بشكل اعزل لا يراد به الا العدل الالهي ورضاء الله عز وجل )(السيد الشهيد الصدر))
عليه لابد ان يكون هنالك معنى آخر لأحلاس البيوت غير المعنى الشائع بين الكثير من الناس، فما هو ذلك المعنى يا ترى؟
ثالثا. قبل التطرق الى المعنى الحقيقي للحِلْس من النافع الالتفات الى ما يلي:
1.قاعدة احلاس البيوت رويت عن النبي محمد وعترته الطاهرة ، وهنالك جملة من الروايات في هذا المعنى ، فقد روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال:
كونوا ينابيع الحكمة ، مصابيح الهدى ، احلاس البيوت ، سرج الليل ، جدد القلوب..
2.المعنى الشائع عند الكثير من الناس للحِلْس هو:
اذا اجتاحت البلاد البلاءات والفتن والاوبئة والامراض ، فعلى المرء ان ينعزل في بيته وينطوي على نفسه واسرته ، حتى يمر البلاء او ينقضى الوباء ، وان تبع ذلك ضرر ناجم عن ترك نشر العلم ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، واعانة الناس وخصوصا المحتاج والمظلوم والمسكين منهم؟
رابعا. المعنى الحقيقي للحِلْس والذي كان يطبقه المعصومون عليهم السلام ، ومنهم الامام الحسن العسكري ، والذي يجب ان نفهمه ، لكي نطبقه ونتلافى الوقوع في الهفوات والاخطاء والمحاذير التي وقع بها الكثير من الناس ، قال الامام العسكري عليه السلام ، في مراسلته مع اسحاق بن اسماعيل النيسابوري:
(ولقد كانت منكم في أيام الماضي (عليه السلام) إلى ان مضى لسبيله وفي أيامي هذه ، أمور كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولا مسدّدي التوفيق)
وقبل بيان الجواب من النافع الالتفات الى الامثلة التالية لتقريب المطلب:
ا. لو اجتاح البلاد وباء من الامراض واعتزل جميع الاطباء والصيادلة في بيوتهم ، لكي لا يصابون بالوباء ، وحينما تسالهم عن حجتهم في ذلك ، يكون جوابهم انه:
في البلاءات والفتن على المرء ان يكون حلسا في بيته لتجنبها ، ونحن ملتزمين بتطبيق قاعدة الحِلْس.
فهل تطبيقهم لقاعدة الحلس بهذا الشكل صحيح يا ترى؟
وحينما ينعزل في البيوت الاطباء المعالجين واصحاب الادوية الصيادلة ، امام الاوبئة التي اجتاحت البلاد ، فماذا ستكون النتائج غير الدمار وهلاك الناس وما يلحقه من تبعات جمه
ب. حينما تجتاح البلاد هجمات اللصوص والقتلة ، امثال النواصب والدواعش والمحتلين ، وانعزل المحاربين وقادة العسكر والشباب ، مبررين انعزالهم بالالتزام بقاعدة الحلس
فهل تطبيقهم لقاعدة الحِلْس بهذا الشكل صحيح يا ترى؟
وحينما ينعزل الحماة عن صد هجمات الاعداء ، ماذا ستكون النتائج غير هلاك الحرث والنسل ، والدمار الشامل.
ج. حينما تشن الهجمات الفكرية والعقائدية والثقافية ، كالبعث والشيوعية والالحادية والاباحية ، وينعزل العلماء والمفكرين والباحثين ، بحجة التمسك بقاعدة الحلس وتطبيقها
فهل تطبيقهم لقاعدة الحلس بهذا الشكل صحيح يا ترى؟
وحينما ينعزل العلماء والمفكرين والعقلاء وذوي الحكمة والباحثين ، عن صد الهجمات الفكرية والعقائدية والثقافية والنفسية والاجتماعية...، المسلطة على المجتمع ، ماذا ستكون النتائج غير هلاكه وتدمير اسس قواعده ليكون مسخا ودون مرتبة البهيمية بمراتب.
اذن لابد ان يكون هنالك معنى حقيقي للحِلْس غير معناه الشائع وان النبي واهل بيته (عليهم السلام)، قد اعطوا لنا هذه القاعدة لتكون وسيلة نواجه بها البلاءات والفتن وليس وسيلة للتقهقر والانهزام ، اي انها فرس اصيلة نمتطيها لمواجهة البلاءات والمحن وليس من اجل الهروب ، وسلاح فعال نستخدمه وقت البلاءات والمحن وليس لخزنه وقت البلاءات والمحن!
عليه ما هو المعنى الحقيقي للحلس؟
الجواب:
معنى الحِلْس الحقيقي ، بينه الاستاذ الفاضل علي الزيدي في محاضرته الاولى من المحاضرات الستة لمحرم الحرام 1440 هـ ، والتي بعنوان (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر)،حيث قال بما معناه ومضمونه:
(معنى الحِلس ، ان يكون الفرد صلب العقيدة لا تؤثر به الفتن الخارجية ، يعرف كيف يتعامل مع الخارج ومع الفرد الاخر ، وكيف يوصل المباني الاسلامية الحقة الى المجتمع من دون أن يتأثر بهم، اي :
كأبن اللبون لا ظهرٌ فيُركب ولا ضُرعٌ فيُحلب
اي من دون أن يُركب من قبلهم فيكون امعه ، ويمكن لأي انسان ان يأتي ويصعد عليه فيجعله دابة لتمشية مشاريعه، ولا ضُرع فيُحلب ، اي لا تسحب وتمتص عقيدته الحقة من قبل الاخرين ويتخلى عنها ، فتسلب ويكون خاويا )
اذن هنالك فرق واسع وجوهري بين معنى:
1.الحلس الدارج بين الكثير من الناس والذي في واقعه الحقيقي خدعة ومكر من اساليب جهة الشر لتمرير مشاريعهم الفاسدة ، والتي انطلت على الكثير من الناس فجعلتهم مشلولين الحركة ، محبوسين في البيوت كأنهم موتى، والاشرار في الخارج يسرحون ويمرحون ويعيثون في الارض فسادا ، وقد راينا نتائج ذلك بأم اعيننا فلو تصدينا للبعث والبعثيين بداية هجومهم لكنا قد تجنبنا جميع الويلات التي اصابتنا بسببهم ، ولو تصدينا بكل حزم واصرار للفساد والفاسدين لتجنبنا جميع الويلات التي اثقلت كاهل شعبنا وعرقلة مسيرة رقيه الانساني .
2.وبين معنى الحلس الحقيقي الوارد عن المعصومين عليهم السلام والذي يجعلنا احياء نواجه اساليب جهة الشر مهما كثرت وتنوعت وتطورت ، بصورة تجعلنا نرتقي ونتكامل في مراتب الانسانية ، بل وتتجذر فينا الخصائص الانسانية بشكل اتم وامثل ، كالطرح الفكري الرائع الذي يحصل كلما واجهت المفكرين مطالب وشبهات جديدة ، والطب الذي يتطور كلما واجهت الاطباء امراض جديدة ، والتكنولوجيا التي تتقدم كلما واجهت المهندسين مشاكل جديدة.
من مصادر المقال:
1.العلم والحكمة لمحمد الريشهري ، وغيبة النعماني : 203 / 5
2.موسوعة الامام المهدي (عليه السلام) للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر(قدس)ج1(تاريخ الغيبة الصغرى)

الخميس، 8 نوفمبر 2018

السيد الشهيد محمد الصدر قدس يتحدث عن الامام الرضا (سلام الله عليه) في ذك...

The Forty Ninth Friday of the Iraqi leader Al-Sayyid Muqtada Al-Sadr (...

لماذا يعاقب الله العبد المؤمن في الدنيا ؟ هذا ما ما يجيبنا عنه السيد مق...

جانب من حضور السيد مقتدى الصدر مجلس العزاء السنوي المقام بذكرى استشهاد ...

الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

محمد حقيقة يجب ان نعيد التفكير بها من جديد لكي نفهم ماذا يريد


في الواقع لازال الكثير منا بعيد الفهم عن حقيقة النبي محمد وفكره وسلوكه ومنهجه(صلى الله عليه وآله وسلم) ...، ولا اكاد ابالغ ان قلت ان الكثير منا لم يغادر دائرة الفهم السطحي القشري لهذه الحقيقة، والدليل على ذلك هو:
كثرة ما وقعنا فيه من مشاكل وهفوات وتعثر اثناء المسير باتجاه الرقي الانساني ، فان دل هذا على شيء فإنما يدل على سطحية فهمنا القشري لحقيقة محمد ومنهجه وسلوكه (صلى الله عليه وآله وسلم).
وعليه :
ان كنا لم نفهم حقيقة محمد الفهم الصحيح ، فهل يا ترى نتمكن من اتخاذه قدوة ونتأسى به؟
هيهات ، فكيف يمكن للفرد ان يتأسى بقدوة جاهل بها اصلا؟
ثم ان الامر تعدى ذلك ، حيث اننا بينا للبشرية محمد الذي لم نفهمه الفهم الصحيح ، وانما توهمنا باننا فهمناه من خلال تفكيرنا السطحي القشري وهذا ما انتج مظلوميتين :
الاولى.
للبشرية ، وذلك لان فهمنا السطحي القشري الخاطئ قد ساعد في حجب الكثير من حقيقة محمد عن الانسانية.
الثاني.
لمحمد نفسه فقد ظلمناه بفهمنا السطحي القشري المغلوط ، وهذا بحد ذاته ظلم لإنسان نبيل ومصلح كريم ، حينها سنكون مشاركين بالحاق الاذى لهذا النبي الذي ما اوذي نبي مثل ما اوذي(صلى الله عليه وآله وسلم)
اذن يجب ان نعيد التفكير الجدي بمحمد عسى ان نقترب من فهمه ، الفهم الصحيح لكي نتمكن من الاقتراب من معرفته ، عسى ان نتأسى به ونقتدي.
فان قيل ولكن حقيقة محمد لا يعرفها الا الله وعلي؟
الجواب:
نعم ذلك مقام وتلك مرتبة من المعرفة الحقيقية الواقعية التي هي فوق ادراكنا بمراتب والتي لا يمكن لنا حتى ان نتصورها فضلا عن ادراكها ، ولكن هنالك مراتب من المعرفة المتعلقة بحقيقة محمد يمكن لنا الوصول اليها ، والا لما جاء التكليف والتوجيه لنا بان نتأسى به ، لان التكليف دون الوسع والطاقة يقينا ، والتوجيه لابد ان يتلاءم مع الاستطاعة اكيدا، لكي يكون الفرد قادرا على الاداء.
عليه كيف يمكن لنا ان نتقدم خطوه في فهم حقيقة محمد ؟
الجواب:
يمكن لنا ان نتقدم خطوة في فهم حقيقة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، اذا حاولنا ان نجتهد في ذلك وننظر بقواعد وقوالب متلائمة مع مرحلة التكامل الانساني للبشرية ، وقبل الدخول في المطلب لنستمع الى هذه الرواية التي نقلها الشيخ الكليني في الكافي ج ٦ - الصفحة ٢٧١ ، بسنده حيث قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: مرت امرأة بذية برسول الله صلى الله عليه وآله وهو يأكل وهو جالس على الحضيض (قرار الأرض وأسفل الجبل) فقالت: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: إني عبد وأي عبد أعبد مني، قالت: فناولني لقمة من طعامك فناولها فقالت لا والله إلا الذي في فيك فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله اللقمة من فيه فناولها فأكلتها قال أبو عبد الله عليه السلام: فما أصابها بذاء حتى فارقت الدنيا(انتهى).
وللتعرف على معنى من معاني هذه الرواية ، لنعود الى الجذر الفلسفي الذي اشار اليه الاستاذ الفاضل علي الزيدي في احدى محاضراته الستة لمحرم الحرام 1440 هجـ ، وهو:
ان الموت علة للحياة ، او العدم علة للوجود
فيمكن ان نستشف منه : ان العدم علة للحياة
ففي المقال السابق (محمد هو الحياة التي يمكن لكل انسان ان يسعى اليها) ، ذكرت انه:
(عاش الانسان النبيل محمد بكل روحه وقلبه ونفسه وشعوره ووجدانه ، بانه لا شيء امام الله اطلاقا ، وان كل شيء لله وحده فقط ، أي انه لم تكن لديه أي علائق تحول بينه وبين الله)
والان يمكن التقدم خطوة اخرى والقول :
ان الانسان النبيل محمد عاش بروحه وقلبه ونفسه وشعوره ووجدانه ، بانه لا شيء امام باقي المخلوقات ومنها الانسان ، أي انه كان يشعر بعدميته في قبال اي انسان اخر، وكلما تقدم الرسول باتجاه الرقي الانساني مرتبه بقي هذا الشعور لصيقا به ولم يفارقه ابدا ، حتى حينما وصل الى مرتبة الفرد الاكمل والمثال الانساني الاعلى.
اذن من يريد ان يقتدي بمحمد يجب ان يرى محمد بهذا المنظار ، والذي يريد ان يتأسى بمحمد ، عليه ان يشعر بعدميته امام المخلوقات بشكل عام والانسان بشكل خاص، لكي يتمكن من الرقي والتكامل الانساني ، كطالب العلم ، فالتلميذ حينما يدخل المدرسة اول مرة يجب ان يكون مهيئ لاستقبال العلم ، أي تكون ساحته مهيئة لاستقبال العلم ، وبمعنى اخر فارغة لاستقبال العلم ، وهكذا خلال طيلة رحلته المدرسية ، يسمى تلميذ ، او طالب ، لأنه كلما انتقل الى مرحلة اعلى ، عليه ان يواجهها وقد افرغ ساحته لاستقبال العلم فيها ، اما لو كان الفرد الجالس امام المعلم يشعر بانه عالم ، حينها سوف لن يتعلم بالتأكيد؟
ولتقريب المطلب اكثر يتم ذكر هذه الحادثة التي ذكرها السيد حسين دستغيب في كتابه القلب السليم ج2 ص92:
روي أن الله -تبارك وتعالى- أوحى لموسى (؏):
عـندما تأتي للمناجاة هذه المرة إجلب معك من تعتقد أنك أفـضل منه وأرقى.
فطفق موسى يبحث هنا وهناك، وينظر إلى هذا وذاك ويتصفح وجوه الناس ويفكر مع نفسه لكنه لم يجرؤ أن يعتبر نفسه أفضل من أي واحد منهم أو أرقى، ولذلك قرر الالتفات إلى الحيوانات مضطراً وطفق يبحث بينها على بُغيته، فلم يعثر على ضالته المنشودة، وكاد أن ييأس من ذلك، إلا أنه وقع نظره على كلب أجرب.
فقال مع نفسه:
( لولا أخذت معي هذا الكلب ).
فجاء بحبل ووضعه في رقبة الكلب، وفي الموعد المحدد للمناجاة انطلق بالكلب الأجرب متجهاً نحو جبل الطور، وبعد مسافة قصيرة ألقى الحبل من يده بعد أن ندم من جلبه الكلب وفك الحبل عن رقبته وخلّى سبيله.
وعندما وصل إلى محل المناجاة أوحى إليه الله تبارك وتعالى:
هل جلبت يا موسى ما كنا أمرناك بجلبه في المرة السابقة.
أجاب موسى:
إلـهي انني لم أجد ما طلبته مني.
فقال الله (جل جلاله):
وعـزتي وجلالي، لو كنت أتيت به لمحوت اسمك من ديوان الأنبياء(انتهى).
اذن ومن هذه الحادثة يمكن لنا فهم صورة من معاني المطلب ، وهو:
ان الانسان ولكي يكون انسانا يجب ان لا يشعر بأهميته في داخل نفسه قبال مخلوقات الله ومنها الانسان فيكون حينئذ صفر امام الانسانية التي حوله، حينها سوف يتخلص من السلبيات ويتمكن من الرقي نحو الحياة الاكمل ، وسوف تتركز به الخصائص الانسانية.
ومن هذه الفهم يمكن لنا الوقوف على صورة من صور معاني قوله تعالى:
((وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47))
أي انه تم تصفير قلوبهم من الغل ، بعد نزعه منها ، ولذا اصبحوا :
((لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48))
لأنه لو بقي الغل في قلوبهم لما استطاعوا التلذذ بالحياة في الجنان ولمسهم النصب .

الاثنين، 5 نوفمبر 2018

فراق المصطفى مأساة كبرى ومحنة عظمى.



حينما خفت ضوء النور الالهي في المعمورة ، طوى البشرية ظلام دامس ، فأكل الغني الفقير والقوي الضعيف واُنتهكت كرامة الانسان حتى اصبح سلعة يباع ويشترى بـ أبخس الاثمان ، ووأدت الطفلة باعتبارها عار وسبة...
في هذا الوضع الرهيب حيث طوفان الظلم والفساد اجتاح الارض واهلك ما فيها الا من عصم الله ، فاضمحل الامل عند المظلومين وانقطع الرجاء عند المحرومين وطفح الياس عند العقلاء واستولى الحزن على الفقراء ...
انبلج الصبح بنور النبي احمد ، ذاك النبيل الامجد ، ومعه سفينة عظيمة ، وكأنه ينادي بأعلى صوته ، النجاة ، النجاة ، النجاة
ايها الناس خذوا مني اطواق النجاة ، وتمسكوا بها كي انقذكم من الهلاك ، ساحبا الغرقى بيديه الكريمتين ، نحو سفينته ، ليغمرهم بعطفه ويشملهم بكرمه ، فتزداد بوجه سفينته الامواج العاتية عتوا وشدة ، تبتغي ابادته وتحطيم سفينته للحؤول بينه وبين الغرقى ، فلم يثنيه ذلك ابدا ، فلقد كان سعيدا بانقاذ الناس من جهة ، وحزينا على من ابى النجاة من جهة اخرى ، وهكذا ، رويدا رويدا تنحسر الامواج ويهدأ البحر ، فتجري السفينة في عبابه بكل سكينة ، تواصل سيرها نحو ما اعده الله لها من خير عظيم ورزق كريم ، وفي كل مرة ينشغل فيها النبي ، بشؤون من التقطهم يجعل اخيه المرتضى في حجرة قيادته ليكون ربان سفينته ، معلنها بمليء فمه :
يا علي، أنت أخي ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي.، أنت مني بمنزلة هارون من موسى.، من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ،...
وتستمر الرحلة ويا لها من رحلة ، فما احلى العمل فيها وما اجمل البذل فيها ، وما اروع الاخلاص فيها ...، حيث سكان السفينة متنعمين ببركات ذلك المصلح العظيم الذي ارسله العطوف رحمة للعالمين ، لاحت للناظرين جزيرة الدنيا وزخارف زينتها ، واذا بزمرة ممن تسللوا مع من انقذهم منقذ العالمين فيمن انقذ ، يجمعون امرهم للنزول الى جزيرة الدنيا ، والاستيلاء عليها ، بعد قتل المنقذ ، فقد وسوست لهم انفسهم الشريرة ، بان الاستيلاء على جزيرة الدنيا لن يتم الا بقتله ، معتبرين وجوده من اشد الموانع امام رغبتهم في تملك جزيرة الدنيا والتلذذ بمتاعها ، فيتحينون فرصة الغدر، حتى اذا سنحت لهم امتدت ايديهم نحو المنقذ النبيل فاردوه قتيلا ، معلنيها بأشد الصلافة وقاحة ، عن رغبتهم بالنزول من السفينة الى تلك الجزيرة واتبعهم الكثير ممن ركنوا للذين ظلموا ، تاركين الوصي في محنته العظيمة بفقدان اخيه النبي ، معرضين عن سماع نصيحة بضعة النبي التي خرجت من خدرها لتحذرهم عاقبة الانقلاب على الاعقاب ، ولكن دون جدوى ، ففروا الى براثن ما انقذهم النبي منه ، زاهدين بقوله :
إن مثل أهل بيتي في أمتي كمثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.
وهكذا وبعد عظيم المحنة وشدة المأساة في فراق المنقذ العظيم والمصلح النبيل المصطفى المحمود احمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، واصلت السفينة مسيرها بقيادة اولياء الله واوصياء رسول الله ، لكي تصل الى جزيرة الله ، فتبني مدينة الانسان الاكمل وحضارة الانسان الامثل ، فطوبى لمن ركب سفينة رسول الله فقد فاز فوزا عظيما ، وسحقا لمن تخلف عنها فقد خسر خسرانا مبينا.

الأحد، 4 نوفمبر 2018

السيد مقتدى الصدر :- كل من يستطيع ان يحضر الى النجف الاشرف وليس فيه ضرر ...

السيد الشهيد محمد الصدر قدس يذكر معجزة خالدة اخرى (غير القرآن الكريم) لل...

محمد هو الحياة التي يمكن لكل انسان ان يسعى اليها


الانسان هو اكرم مخلوقات الله ، الذي خُلِقَ من أجل غاية نبيلة يسعى للوصول اليها ، ولمحبة الله له ، اكرمه بقدوة يقتدي بها واسوة حسنة يتأسى بها ، وهذه القدوة هي ذلك الانسان النبيل والمصلح الكريم الذي انعدمت عنده كل العلائق التي تحول بينه وبين حبيبه ، فكان العدم عنده علة للحياة الحقيقية ، الا وهو المحمود المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فما احوجنا للتأسي به واقتفاء اثره عسى ان نصل الى الحياة الحقيقية ، وهذا من دواعي هذا المبحث المتكون من محورين :

المحور الاول / عدمية رسول الله علة لحياته العظيمة.

اشار الاستاذ الفاضل علي الزيدي ، في احد محاضراته الستة لموسم محرم الحرام 1440هـ ، الى هذا الجذر الفلسفي المهم وهو:
ان العدم علة للحياة
وهنا سنحاول ان نستقرأ حياة الرسول الاكرم من خلال مدخل عدميته فلقد عاش الانسان النبيل محمد بكل روحه وقلبه ونفسه وشعوره ووجدانه ، بانه لا شيء امام الله اطلاقا ، وان كل شيء لله وحده فقط ، أي انه لم تكن لديه أي علائق تحول بينه وبين الله ، فكان لا يرى شيئا سوى الله ، فوهبه الله كل شيء ، ولذا كانت حياته عظيمة وبها انقذ امم واحياها ، وكون خير امة اخرجت للناس.
فكيف انقذ المجتمع ، وكون خير امة اخرجت للناس ؟

اولا. حالة المجتمع المعاصر للرسول الاكرم.
لقد كان المجتمع المعاصر للرسول كثير الادران مليء بالشوائب ، فلقد كان مجتمعا يعيش في بيئة صحراوية انعكست قسوتها على حالة المعيشة فيها ، فالقبائل يغير بعضها على بعض لتامين لقمة العيش عن طريق السلب والنهب وما يصاحبه من اراقة الدماء وازهاق النفوس وانتهاك الاعراض وسبي الذراري ، فانتشرت الكثير من السلبيات فيهم كوجود:
دور اللهو والمجون ، وكثرة ابناء الفراش واستعمال الربا في التعاملات ، وانتشار السحرة والمشعوذين بينهم ، وتفشي الامية عندهم ، وقلة الوعي في تفكيرهم ، واضمحلال شعورهم بالمسؤولية...

ثانيا. كيفية انقاذ المجتمع .
توجه النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نحو هذا المجتمع لإنقاذه ، بكل عطف ورحمة باذلا كل طاقاته وبأقصى جهده ، بالرغم من وجود عدة معرقلات والتي منها:

ا. تدني فكر ووعي المجتمع وخشونة سلوكه وطباعه
ب. كثرة المناوئين والخصوم والاعداء الموجودين والذين منهم:

1.عتاة قريش الجبابرة المنتفعين كليا من مآسي الوضع المعاش والبانين كل مصالحهم ونفوذهم وحياتهم عليه ، والمحيطين بالرسول احاطة الحلقة بمعصم اليد.
2.اشرار المشركين في جزيرة العرب المتغطرسين الطباع والسلوك والذين سلوتهم في القتل وسفك الدماء ، ومعيشتهم على السلب والنهب ، وافتخارهم بكثرة الزنا وشرب الخمر ...
3.مردة اليهود الذين شاقوا الله ورسله وتلطخت ايديهم بسفك دماء انبياء الله واولياءه ، والذين اعتاشوا على الدسائس والمكائد ، والمتربصين لأي نفس او حركة تشير ولو ظنا لخروج اي نبي ، لينقضوا عليه مسرعين من اجل القضاء عليه ، سيما وان علماؤهم يعلمون بانه لم يبقى من الانبياء والمرسلين الا خاتمهم وسيدهم ، وعندهم اوصافه ومحل سكناه ودار هجرته...
4.طواغيت الدول المجاورة وعملائهم بالمنطقة ، الرافضين حتى سماع دعوة النبي والاصغاء الى مضمون رسالته.

ومع ذلك وغيره كثير ، كان النبي يؤمن بضرورة واهمية الانقاذ والاصلاح ، وانها مهمة نبيلة ، تستحق الصبر والبذل والتضحية ، لأنها رسالة كونية عظيمة تحتاج الى تبليغها وترسيخ اسسها وبناء قواعدها ، فهي المتكفلة بضمان كرامة الانسان ونيل حريته وسعادته ورقيه وتكامله وفق ما يريده الله ويرضاه.
ولذا سعى الرسول بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل حنان وعاطفة ، من اجل اقناع المجتمع وافهامه لكي يشعر بأهمية التخلص من العلائق المتمثلة بالأدران والشوائب الناجمة عن ارتكاب الموبقات والمحرمات لكي يعدمها شيئا فشيئا ، مبينا لهم بان ضرر هذه الامور خطير فهي سبب النصب والضعف والتمزق والحزن فيجب التخلي عنها ، لأنها جعلت من الناس تعيش في صراعات وهمية
اذن يجب الرجوع الى الفطرة السليمة لتكون العقول والقلوب سليمة ، والنفوس نقية ، وخالية من علائق الشر والرذيلة والفساد بعد اعدامها شيئا فشيئا .
وهكذا اوقفهم الرسول على هذه الحقيقة البالغة الاهمية وهي:
ان الفرد كلما استشعر انه لا شيء ، لأنه اصلا لم يكن شيئا ، حينها سيتمكن من العودة الى فطرته السليمة ، وسيشعر بقيمة النعم الالهية والفضل الالهي والاحسان الالهي ، اما حينما يستشعر الانسان ان له وجود قبال وجود الله وانه شيء وعلى شيء ، فحينها لن يشعر بحقيقة النعم الالهية واهمية النعم الالهية ، ولن يتمكن من النهوض والتعلم والتفكير ، لذا ترى شهواته ونزواته هي التي تقوده باتجاه السرقة والزنا والقتل ...، فهو لا يستشعر حقيقة انه لا شيء قبال الله ، قال تعالى(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ)
اذن محورية حركة العدمية، اصبحت علة للحياة الجديدة وبؤرة التأسيس من اجل التغير الايجابي نحو التكامل ، فلا يمكن زرع مغروسات الفضيلة وازهار المحبة واشجار الخير والنماء ، في ارض مليئة بمغروسات الرذيلة واشجار الفساد والرذيلة ، عليه لابد من تطهير الارض وتصفيرها ، وذلك بإعدام جميع تلك الاشجار الفاسدة والمغروسات الضارة وقلعها من جذورها ، ليحل محلها نباتات ومغروسات الخير والعطاء ، أي يجب التخلص والتخلي من أي سلوك منحرف وفكر متطرف ، لكي يحل محله السلوك الصحيح والفكر الراقي ، وهذا ما قام به الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

المحور الثاني: إنما أنا بشر مثلكم.

وهذه قاعدة بالغة الاهمية تبين لنا وبشكل جلي عدة معاني والتي منها:
1.انه يمكن لكل انسان ان يقتدي برسول الله ويتأسى به صلى الله عليه وآله وسلم
2.ان الرسول الاكرم مع اهمية رسالته وعظيم مسؤوليته وثقل امانتها ، يعمل بالأدوات الممكنة والاسلوب المتيسر المتناسب مع افهام الجميع بشكل عام ، والافراد ، فردا فردا بشكل خاص ، بلا كلل ولا ملل ، مهما كان ذلك الفرد متدني الفكر ومحدود الفهم وخشن الطباع ، لذا فانه (صلى الله عليه وآله وسلم)، استطاع التأثير بكل فرد عاصره او لم يعاصره مهما كان ذلك الفرد وحشيا ومنحرفا.
3.انه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان يعيش معيشتهم البسيطة فيأكل الطعام البسيط ويلبس الملابس البسيطة الخشنة ويسكن المسكن البسيط ويركب الحمار العاري ويجلس مع العبيد ويجيب دعوة المملوك الى قرص الشعير ، موجود بينهم غير معزول عنهم يبكي لبكائهم ويحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم غير متكبر عليهم ، بل انه معهم وكانه احدهم ، فاحبوه من كل قلوبهم وكانوا يسمعونه بكل جوارحهم ، لذا تسابقوا في شرح تعاليمه ونشر فضائله لانهم رأوه الروح التي احيتهم والبلسم الذي داوى جراحهم والعطر الزكي الذي ملء انفسهم وانشرحت له قلوبهم.

نعم لقد بالغ الخصوم والاعداء في محاربته وابداء الاذى اتجاهه واسرته ، ولكنه كان يبادلهم بالعطف والحنان...
حاصروه ثلاث سنوات في شعب ابي طالب مع اهل بيته حتى راح في ظلم هذا الحصار عمه سيد البطحاء ابو طالب ، وزوجته الحنون السيدة خديجة الكبرى ، ولم يتغير في عطفه وحنانه اتجاههم قيد شعرة ، بل انه كان يحزن ويبكي بشدة من اجلهم فخاطبه حبيبه ، بقوله(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) ، وحينما اصروا على ابادته واستئصاله ومن انقذهم ، امر اتباعه ومحبيه بالهجرة الى ارض الله الواسعة ، وبقي هو حتى اطمئن على هجرتهم جميعا ثم هاجر لتكون هجرته مؤشر للانتقال الى الحياة المدنية التي تليق بكرامة الانسان علما وادبا ، ولكي يكون الانسان انسانا كما خلقه الله واكرمه، وفعلا تأسست نواة دولة الانسان وقاعدة امة الانسان وفق اعدل واكمل نظام عرفه الانسان .

خلاصة المبحث:

1.يجب على الفرد ان يستشعر بان لاوجود له قبال الله تعالى وان الوجود الحقيقي لله وحده فقط ، وحينما يستشعر بعدميته سوف يستشعر قيمة نعم الله ، وقيمة رحمة الله ، وقيمة فضل الله ، وهذا الشعور هو الذي يجعل منه انسانا .
2. لابد للإنسان من قدوة يتأسى به ، وخير قدوة وافضل قدوة واعلى قدوة ، هو ذلك الفرد الاكمل الذي تخلى عن جميع العلائق التي تحول بينه وبين خالقه فكان لا يرى لنفسه أي شيء قبال الله فمنحه الله كل شيء ، فاصبح هو الحياة الحقيقية التي ينبغي للإنسان ان يسعى اليها، الا وهو النبي المحمود احمد(صلى الله عليه وآله وسلم)
3.يجب عدم الالتفات الى المعرقلات والمبررات واتخاذها حجة وذريعة لأنها سوف تحول بين الفرد وبين ان يكون انسانا كما خلقه الله واراده ، فمهما كانت المعرقلات شديدة فإنها لن تكون بشدة المعرقات التي واجهها الرسول الاكرم ، ومع ذلك فإنها لم ولن تحول دون تنفيذ مطالبه وتحقيق اهدافه.
4.ان الاصلاح الداخلي مقدم على الاصلاح الخارجي فيجب على الفرد ان يبدأ بنفسه اولا ليصلحها ثم اسرته وهكذا الى ان يصل الى مرحلة اصلاح المجتمع ، ولا يمكن للفرد ان يكون مصلحا ، ان لم يكن صالحا اطلاقا.
5.يجب على الانسان ان يواصل مسيره ويسعى في طريق كماله وان كانت الادوات المتوفرة بسيطة والوسائل المتاحة محدودة ، فالإيمان بالهدف النبيل والهمة العالية والجد والاجتهاد والصبر والتضحية كفيلة بتذليل الصعاب وتحقيق المطالب.
6. الذين يشعرون بوجود اهمية لأنفسهم وانهم شيء في قبال الله ، أي انهم لم يعدموا العلائق التي تحول بينهم وبين الله ، ولم يصفروا ساحة انفسهم وقلوبهم من الادران والشوائب وخصوصا الخطير منها فانهم لم يسايروا رسول الله ولم يتخذوه قدوة واسوة حقيقة ، وان بدوا ظاهرا انهم يسايروه ، فهؤلاء وفي لحظة الانتقال المفصلية كلحظة شهادة رسول الله لن يتمكنوا من الانتقال الى حياة ضمن مرحلة الولاية.
7.ان جهود النبي الاكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، في انقاذ البشرية ومدها بالحياة الحقيقية لن تذهب سدا اطلاقا لأنها بذلت خالصة لوجه الله تعالى ، عليه لابد من تحقق ذلك اليوم الذي تصل به البشرية الى الغاية التي خلقت من اجلها وتحيا حياة الانسانية وكما اراده الله تعالى لها.

السبت، 3 نوفمبر 2018

السيد القائد مقتدى الصدر يدعو الى توّحد المسلمين بمناسبة وفاة واستشهاد س...

The Forty eighth Friday of the Iraqi leader Al-Sayyid Muqtada Al-Sadr (T...

The Forty eighth Friday of the Iraqi leader Al-Sayyid Muqtada Al-Sadr ...

السيد الشهيد محمد الصدر قدس يتحدث عن تواضع الرسول الاعظم محمد ص ورفضه لت...

السيد مقتدى الصدر يقدّم التعازي ويؤدي الطاعة بمناسبة استشهاد النـبيّ الأ...

برنامج ( تعلّم معنا علم المنطق ) للاستاذ طالب العلوي / الحلقة الثامنة و ...