الخميس، 4 يونيو 2015

معرفة الله جل جلاله (ج 3)


معرفة الله جل جلاله (ج 3)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم .
بعد ذكر التوحيد الذاتي في الجزء الثاني وان ذات ربنا العلي العظيم واحده بسيطة لاجزء لها، ووحدته هي الوحدة الحقه الحقيقية والتي هي عين ذاته المقدسه ((هو الله الواحد القهار))(سورة الزمر/ الآية 4) ،ننتقل في هذا الجزء إلى النقطه :

ثانيا: التوحيد الافعالي : أي إن كل مافي الوجود هو فعله وإيجاده(تعالى شأنه وتقدست أسماؤه)
وهو جل جلاله غير محتاج إطلاقا لأي احد ولأي شيء في فعله وإيجاده ولايمكن لأي موجود أن يعينه في أفعاله فهو العلة المطلقة المستغنية عن كل شيء وكل شيء فقير ومحتاج إليه :
قال تعالى ((له ملك السماوات والأرض يحي ويميت وهو على كل شيء قدير (2)هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم (3) هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير(4) له ملك السماوات والأرض والى الله ترجع الأمور(5) يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور (6)(سورة الحديد))
وفي هذا المطلب من مطالب التوحيد قال الشيخ محمد تقي اليزدي:
الصفات الفعلية :
عبارة عن المفاهيم التي تنتزع من مقارنة الذات الالهيه بمخلوقاتها من خلال ملاحظة نسبه وأضافه ورابطه معينه بينهما، وأن الخالق والمخلوق يمثلان طرفي الإضافة، أمثال مفهوم ألخالقيه الذي ينتزع من ملاحظة ارتباط وجود المخلوقات بالله تعالى وإذا لم يلاحظ هذا الارتباط بينهما لم يمكن انتزاع هذا المفهوم ، وليس هناك حصر وتحديد للروابط والإضافات التي يمكن تصورها بين الله والخلق ولكن يمكن تقسيمها بصوره جامعه وكليه إلى مجموعتين من زاوية ما:ـ
المجموعه الأولى ـ ملاحظة الإضافات المباشرة بين الله والمخلوق كالإيجاد والخلق....
المجموعه الثانيةـ الإضافات التي تتصور بعد تصور إضافات وروابط أخرى كالرزق وذلك لأنه في البداية لابد أن نتصور علاقة الموجود المرتزق بالشيء الذي يرتزق منه
وبعد ذلك نتصور توفير الله تعالى لذلك الشيء لنتوصل من خلال ذلك إلى مفهوم الرازق، والرزاق، بل يمكن أحيانا أن نتصور إضافات وروابط متعددة بين المخلوقات نفسها ، قبل أن تنتزع الصفة الفعلية لله تعالى وبعد ذلك نلاحظ ارتباطها بالله تعالى ، أو إن هناك اضافه مترتبة على عدة إضافات سابقه بين الله والخلق امثا ل المغفرة حيث تترتب على الربوبية التشريعية الالهيه وتعيين الله تعا لى للأحكام التكليفيه وعصيان العبد لها ....
وهناك ملاحظه مهمة ينبه عليها الشيخ اليزدي وهي:
(إننا حين نتصور الرابطة بين الله تعالى والموجودات المادية, وعلى ضوئه تنتزع الصفة الفعلية المعينه لله تعالى ، فان هذه الصفة سوف تتحدد ببعض القيود الزمانيه والمكانيه بلحاظ تعلقها بالموجودات الماديه التي تمثل احد طرفي الاضافه، وان كانت هذه الصفة بلحاظ تعلقها بالله تعالى الذي يمثل الطرف الآخر للاضافه منزهة عن مثل هذه القيود والحدود فأن إفاضة الرزق إلى شخص مثلا إنما تتم في ظرف زماني ومكاني معينين ولكن هذه القيود والحدود في واقعها متعلقة بذلك الشخص المرتزق لا بالرازق .والذات الالهيه منزهة عن أية نسبه زمانيه ومكانيه(انتهى )
ويتجلى التوحيد الافعالي بأنحاء مختلفة اهمها مايلي:
توحيد الخالقيه، توحيد الربوبيه، توحيد العبودية، توحيد التشريع، توحيد الاستعانة، توحيد الشفاعة، توحيد الرازقيه..........
1 ـ توحيد الخالقيه :
أي انه لاخالق حقيقي في الوجود إلا الله جل جلاله وكل ما سوى الله إنما يخلق ويفعل فعله بأذن الله وقدرته تعالى شأنه (أي في طول خلق الله وفعله) لا مستقلا عن الله (أي ليس خلقه وفعله (الممكن) في عرض خلق الله وفعله)
إنما الخالق المستقل هو الله فقط لان كل ماسوى الله هو ممكن الوجود وكل ممكن الوجود محتاج وفقير إلى الله تعالى في كل شيءمن حدوث وبقاء إلى غير ذلك من آثار وجوده (الممكن) فلو كان هنالك خالق مستقل غير الله للزم أن يكون واجب وجود آخر وهذا باطل كما ثبت بأنه لايوجد واجب وجود في الوجود سوى الله فهو العلة الموجدة(الخالق) وكل ماسواه مخلوق له
وقال الشيخ محمد تقي اليزدي حول، عملية الخلق التي يقوم بها الله تعالى :
إنها[لاتشابه تصرفات الإنسان في الأشياء وصنعه للصناعات، حيث يحتاج في عمله هذا إلى الحركة، والى استخدام أعضاء بدنه لتمثل حركته (الفعل) بينما تمثل الظاهرة التي تحصل منه (نتيجة الفعل) وأما في خلق الله فلا يكون (الخلق) شيئا (والمخلوقات) شيئا آخر، وذلك بالاضافه إلى تنزه الله تعالى عن الحركة، وخصائص الموجودات الجسمانية، فأنه لو كان (لخلق) الله مصداق عيني خارجي زائد على ذات المخلوق، لكان موجودا ممكن الوجود، ومخلوقا من مخلوقات الله بدوره، ليعود الحديث مره أخرى حول خلقه نفسه أيضا، ولكن وكما ذكرنا في تعريف الصفات الفعلية إن هذه الصفات مفاهيم منتزعه من الإضافات والنسب بين الله والخلق، وقوام الاضافه والنسبة بلحاظ العقل]
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين وعجل اللهم فرجهم والعن عدوهم.
من مصادر ومراجع المبحث :ـ
1 ـ القرآن الكريم
2ـ دروس في العقيدة الاسلاميه للشيخ محمد تقي اليزدي
3 ـ بداية المعرفة للشيخ حسن مكي العاملي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق