السبت، 22 أغسطس 2015

العبادة سبعون جزئا أفضلها طلب الحلال


العبادة سبعون جزئا أفضلها طلب الحلال

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.

يتم في هذا المبحث التطرق الى اهمية العمل من خلال الأحاديث الواردة من العترة الطاهرة (عليهم السلام)
فـ للكسب الحلال دوره الفعال في إنشاء الأسرة الصالحة، وينبغي لكل مؤمن أن يكون له مكسب طيب يحصل منه ما يحتاج إليه من الرزق والمخارج المحمودة
قال المصطفى الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم):
[العبادة سبعون جزئا أفضلها طلب الحلال ]
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم):
[ملعون من القى كله على الناس]
وقال الإمام الباقر(عليه السلام ):
[من الطلب الدنيا استعفافا عن الناس ، وسيعا على الأهل ، وتعطفا على جاره ، لقي الله عز وجل يوم القيامه ووجهه مثل القمر ليلة البدر ]
وقال الإمام الصادق(عليه السلام ):
[الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله ]
وعن الإمام الصادق(عليه السلام )انه قال:
[إن الله تبارك وتعالى ليحب الاغتراب في طلب الرزق]
وعنه(عليه السلام)أيضا: 
[ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه]
وعنه(عليه السلام)أيضا:
[لا تكسلوا في طلب معايشكم ، فأن آبائنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها]
وقال له(عليه السلام )رجل ، (إنا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها، فقال(عليه السلام ) : 
تحب أن تصنع بها ماذا؟
قال:
أعود بها على نفسي وعيالي، وأصلي بها وأتصدق ، وأحج وأعتمر، فقال أبو عبد الله(عليه السلام) :
ليس هذا طلب الدنيا هذا طلب الآخرة)
وكان أبو الحسن(عليه السلام) يعمل في ارض قد استنقعت قدماه في العرق ، فقيل له (جعلت فداك أين الرجال ؟ فقال(عليه السلام):
وقد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي، فقيل: ومن هو ؟ فقال(عليه السلام) :
رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين وآبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم ،وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين)
ونقل عن أمير المؤمنين(عليه السلام)انه قال :
[أوحى الله عز وجل إلى داوود (عليه السلام):
انك نعم العبد لولا انك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا ، قال فبكى داوود أربعين صباحا ، فأوحى الله عز وجل إلى الحديد أن لن لعبدي داوود ، فألان الله له الحديد، وكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين الفا، واستغنى عن بيت المال ]
وعن الصادق(عليه السلام) انه قال:
[من أحبنا أهل البيت فليأخذ من الفقر جلبابا أو تجفا فا](والجلباب : كناة عن الستر على فقره ، والتجفاف: كناية عن كسب طيب يدفع فقره)
وقيل له في رجل قال: لأقعدن في بيتي ، ولأصلين ، ولأصومن، ولأعبدن ربي ، فأما رزقي فسأتيني، قال أبو عبد الله(عليه السلام):
(هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم)
وجاء في الارشاد للشيخ المفيد عن محمد بن ابي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله الصادق(عليه السلام) انه قال:
ان محمد بن المنكدر كان يقول : ما كنت ارى ان مثل علي بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين(عليه السلام)، حتى رأيت محمد بن علي(عليه السلام) فأردت ان أعظه فوعظني ،خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي(عليه السلام) وكان رجلا بدينا وهو متكيء على غلامين له، فقلت شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا والله لأعضنه فدنوت منه وسلمت عليه فسلم علي بنهر وقد تصبب عرقا فقلت: اصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا لو جائك الموت وأنت على هذه الحالة ،قال : فخلى عن الغلامين يديه ثم تساند وقال(عليه السلام):
لو جائني والله الموت وأنا على هذه الحال جائني وأنا في طاعة من طاعات الله اكف بها نفسي عنك وعن الناس ، وانما كنت اخاف الموت لو جائني وأنا على معصية من معاصي الله
فقلت : يرحمك الله اردت ان اعظك فوعظتني.
وعلق السيد هاشم معروف الحسني على هذه الرواية بقوله:
(وابن المنكدر هذا كان يميل الى التصوف كطاوس اليماني وابراهيم بن ادهم وغيرهما وكان قد ترك التكسب وانصرف الى العبادة وعاش كلا على الناس فكان جواب الامام(عليه السلام) تعريضا به وتنبيها له على خطئه في هذا الاسلوب لأن السعي في طلب الرزق ليستغني به عن الناس من أفضل العبادات ......وقد جاء عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم):
(عمل يوم خير من عبادة سنة)
ولذلك قال له ابن المنكدر أردت ان اعظك فوعظتني )
ومن نتائج الفرد الذي يترك العمل والكسب الحلال كما يقول الشيخ محمد مهدي النراقي(قدس سره) (هو:
افتقاره إلى الناس فيما يحتاج إليه من الرزق ، وإلقاء نظره إلى أيديهم ، وحوالة رزقه على أموالهم ، أما على وجه محرم ، كالغصب والنهب والسرقة وأنواع الخيانات ، أو غير محرم ، كأخذ وجوه الصدقات وأوساخ الناس ، بل مطلق الأخذ منهم إذ جعل يده يدا سفلى ويدهم يدا عليا ...
إذ الوجه الأول محرم في الشريعة وموجب للهلاك الأبدي ، والوجه الثاني ، وان لم يكن محرما إذا كان فقيرا مستحقا ، إلا انه ليجابه التوقع من الناس وكون نظره إليهم يقتضي المذلة والانكسار والتخضع للناس والرقية والعبودية لهم ، وهذا يرفع الوثوق بالله والاعتماد والتوكل عليه ، وينجر ذلك إلى سلب التوكل على الله بالكلية ، وترجيح المخلوق على الخالق ، وهذا ينافي مقتضى الإيمان والمعرفة الواقعية بالله سبحانه )
وبحول الله وقوته إن تمكن الفرد المسلم المؤمن من السعي الحقيقي ، وأدى ما عليه في موضوع العمل والكسب الحلال فسوف تغلق أبواب كثيرة من أبواب إبليس التي طالما حطم بها الكثير من الناس ، نعم قد يقول قائل :
إن توفير فرص العمل يقع على عاتق كثيرين ومن أهمهم الحكومة ومؤسساتها، وأن الفساد الإداري المستشري يؤدي إلى تكدس الأموال وفرص العمل عند فئات معينه على حساب الباقين مما يؤدي إلى الكثير من النتائج السلبية منها الفقر وكثرة البطالة ، فيكون الجواب إن هذا صحيح لاريب فيه ولا اشكال ، ولكن هذا لايمنع من وجود فرص عمل للكسب الحلال وخصوصا للفرد المؤمن مهما تسلط الطواغيت وعاثوا في الأرض فسادا ،لأن مقاليد كل الأمور ومنها الرزق بيد الرزاق جل جلاله ، كما إن الالتزام بالشرع المقدس وعدم الانجرار خلف الطواغيت وأذنابهم ، وتجنب الكسب الحرام يؤدي إلى النتائج المحمودة في الدنيا والآخرة وهنيئا للناجحين في الامتحانات الإلهية الثابتين على ولاية أمير المؤمنين ، والرافضين لكل أنواع الظلم والظالمين.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
اهم المصادر:ـ
1ـ جامع السعادات للشيخ محمد مهدي النراقي
2ـ مكارم الأخلاق للشيخ الحسن بن الفضل الطبرسي
3ـ سيرة الائمة الاثني عشر للسيد هاشم معروف الحسني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق