السبت، 22 أغسطس 2015

الوالدان ودار العجزه


الوالدان ودار العجزه
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }(الإسراء23 )
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الابرار.
تطرق احد اخوتي ايدهم الله بتوفيقه الى دار العجزه والحكايات المؤلمه للاباء النزلاء فيه ، فقد ادبنا ائمتنا الطاهرين(عليه السلام) في الاحساس والتفاعل مع المجتمع الذي نعيش فيه والا كيف يكون المسلم مسلما ام كيف يكون الانسان انسانا ، وهو لايدري ولايهتم بما يجري حوله من احداث صالحة كانت ام طالحه .
اولا.
ان مما قام به الطواغيت على مر الدهور وخصوصا في هذا البلد المقدس هو قطع الطريق امام كل مصلح يبتغي هداية الناس والاخذ بايديهم نحو سبيل النجاة ، مما نجم عن ذلك تبعات كثيره اهمها قلة الوعي والادراك عند فئه كثيره من المجتمع ، ولا يخفى على اي عاقل ما في الجهل من مصلحه للطواغيت وادامة لحكمهم ، لانه يجعل الناس يتخبطون في الظلام ولايبصرون ابسط الاشياء التي بايديهم او التي حولهم مما يُسهل على الطواغيت التلاعب بهم  وفق ما تشتهيه مصالحهم المريضه  وهكذا يزداد انتشار الفساد في كافة مفاصل الحياة سيما وان بعض الناس ونتيجة لعدة عوامل تجد فيه بعض النزعات الشريره الكامنه وما ان يجد فرصه لاخراجها ،  يسارع في ذلك خصوصا اذا كان الرادع ضعيف ، مما يؤدي الى ضياع خلقي وشرعي يتبعه انتشار ملحوض لعدد من الظواهر كـ :ـ كثرة الايتام (وخصوصا من لايعرف له اصل)، وكثرة اللصوص والسراق وذوي العادات السلبية الشاذه ، وكثرة نزلاء مستشفى الامراض العقليه(خصوصا اذا علمنا ان بعضهم سليم العقل ولكنه وقع تحت فخ اهل الباطل من سلطات او من بعض اهلهم لاجل منافع رخيصه كالاستحواذ على اكبر حصة من الارث )وكثرة نزلاء دار العجزه (محور البحث) ...، فلله در الاسلام الاصيل الذي اولى اهتماما بالغا بجوهر الانسان وبنائه الروحي والفكري وتصحيح نواياه في كل قول او فعل ، ليبعده عن حضيض الحيوانيه ومرتبة البهيميه ، ثم يسعى بعد ذلك جاهدا لبناء الاسرة والاهتمام بكل تفاصيلها  مهما كانت صغيرة ودقيقه لتكون نواة صالحه في هيكل جسم المجتمع اما النضريات الاخرى كـ:ـ الرأسماليه والماركسيه ... فتجدها تصب جل اهتمامها بالمظهر الانساني بغض النظر عن النوايا والدوافع ...وهذا مانجم عنه مشاكل اجتماعيه ونفسيه ...كثيره ، لايجدون لها الحل الناجع سوى محاولات الترقيع الوقتيه .
ثانيا.
بر الوالدين ودور العجزه
1. نعم ان ليس للانسان الا ماسعى وان سعيه سوف يرى ثم يُجزاه الجزاء الاوفى ، سواءا كان هذا السعي صالحا ام طالحا ، وكثير مما يصيب الانسان هو نتيجة لما جنت يداه ، واود في هذا الباب ان اذكر هذه الحكاية (بالمعنى)التي روتها لي والدتي العلويه حينما كنت طفلا [قالت العلويه :ـ حكم القاضي بالاعدام على لص كبير وقبل تنفيذ الحكم ، قيل للص لك رغبه يمكن ان نؤديها لك ، فقال اللص اريد ان اقبل لسان امي ، فاتوه بامه وعندما اخرجت لسانها قام اللص بعضه فحاول الشرطه تخليصها منه بالقوه فوجدوا ان اللص قد قطع لسان امه ، فاستغربوا من هذا الفعل وسألوه عن سبب ذلك فاجاب اللص :
ان اول سرقه لي كانت بيضه وعندها كنت طفلا صغيرا وقد سرت امي بهذا الفعل وشجعتني بعد ذلك  كلما سرقت شيئا الى ان وصلت الى ماوصلت اليه ، فاحببت ان اقطع اللسان الذي ادى بي الى هذه النهايه] وبغض النظر عن وقوع هذه الحادثه ام لا فان الحقيقه التي لامفر منها هي:
{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ }(الزلزلة7  )،{وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }(الزلزلة8 ) .
2 .  {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }(لقمان15 )
لايخفى ماللمعروف من اثار ولو بعد حين وخصوصا اذا كان هذا المعروف بر الوالدين ، حتى وان وصل الوالدين الى مستوى مجاهدة ابنهما على الشرك بالله العلي العظيم ، وهنا ايضا انقل هذه الحكايه(بالمضمون)لتقريب المطلب لانها لاتخلوا من نفع باذن الله تعالى:
[رأى احد الصالحين في المنام ان شقي البلده اُدخل الجنة قبله ، فانتبه من نومه مستغربا وفي الضحى توجه الصالح متسائلا عن منزل الشقي وعندما وصل ، طرق الباب فخرج الشقي مستقبلا اياه ، فاستأذنه الصالح في الدخول الى بيته ، فاذن له الشقي ، وعندما استقر به المجلس طلب منه الشقي ان يمهله ساعة يقضي به شغلا داخل البيت فأذن له ، ورأى الصالح ان ذلك الشقي يتحرك بهمه داخل البيت وكثيرا مايخرج ويدخل على حجرة في الدار وبعد ساعه ، جاء الشقي للرجل الصالح معتذرا عن التاخير وطالبا منه معرفة سبب مجيئه ، فقص الصالح رؤياه فابتسم الشقي مستغربا وهو يقول:ـ  ان هذا غير معقول فانا من تعرف ثم ان مارأيت هو مجرد حلم ولايعول على الاحلام ، ولكن الصالح قال له :
احب ان تخبرني باعمالك الصالحه ، فقال الشقي :
( اين انا من الاعمال الصالحه ،  وبعد اصرار الصالح :ـ قال الشقي لي عمل واحد اقوم به يوميا :
وهو ان لي ابوين عجوزين مشلولين قد صنعت لكل واحد مهما مهد بحجمه ، وان تاخري عنك كان لاجلهما حيث اقوم يوميا بتنظيفهما واطعامهما ثم اسليهما واهز مهدهما حتى يناما ولم اتخلف عن هذا العمل لافي صيف ولا في شتاء ومهما كان حال صحتي ووضعي ) فتعجب الصالح من هذا العمل النبيل وعرف ان هذا الجواب على سؤاله ، قائلا للشقي :

هذا العمل الذي ادخلك الجنة قبلي ، فصعق الشقي من عظم الرحمة الالهيه وتاب الى الله توبه نصوحا] وقد علمنا قادتنا المعصومين (عليه السلام) ان لانحقر من المعروف شيئا ، فان فشل الوالدين في امتحانهما اتجاه ابنائهم ،  لايبرر التخلي عن برهما وغمط حقهما فان في ذلك فشل في امتحان الابناء اتجاههما ، اسال الباري العطوف ان يسامحنا عن تقصيرنا وقصورنا اتجاه ابوي هذه الامه المرحومه الا وهما حبيب الله المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) وحجة الله المرتضى(صلى الله عليه وآله وسلم)وان يجيرنا من عقوقهما ويرزقنا مرضاتهما (صلوات الله عليهما وعلى ابنائهما الطيبين الطاهرين).   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق