السبت، 22 أغسطس 2015

صلة الارحام


صلة الارحام
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))(سورة النساء/الآية1)
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
للأرحام أهمية كبيره في المنظومة الشرعية المقدسه لما لها من آثار ونتائج في دار الدنيا والاخره ، وبالرغم من انها غريزيه فطريه إلا إن أدائها وفق مايريده الله (تعالى شأنه)تحتاج إلى فهم صحيح
أولا ومن ثم تطبيقها التطبيق السليم ثانيا ، ولولا فضل الله ورحمته لكان حالنا أسوء من حال البهائم في موضوع الأرحام وغيره، قال تعالى :
((أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ))(سورة الأنعام/ الآية 122)
وما يحدث الآن من فشل والوقوع في المحذور في موضوع الأرحام ناجم عن الابتعاد عن حبل الله المتين والركون إلى أهواء النفس الاماره بالسوء فشاع بين الناس الكثير من المفاهيم الخاطئة فالكثير من الناس يفضل فسقة قومه على أخيار غيرهم ، بل يصل الأمر إلى قيامه بازاحه الأخيار وانتهاك حقوقهم من اجل أقربائه ، كما فعل بنو أميه (لعنهم الله) ، وهذا ظلم قبيح وعصبيه جاهليه ، فأين هؤلاء من قوله تعالى :
((وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ))(سورة الأعراف/الآية 85)
وآخرين يطبقون سنائن أقربائهم والعشيرة مع مخالفتها الصريحة لشرع الله ، حيث يقول (جل جلاله)(( فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ))(سورة المائدة/الآية 44)
أما إذا مات شيخ عشيرة بعضهم فتجد من يمجده حد الالوهيه بالرغم من انه كان فاسقا فاجرا قد أفنى عمره في خدمة إبليس وأعوانه
والبعض الآخر يستغل ضعف والديه وكبر سنهم فيصبح سجان لهم وطاغوت متسلط على رقابهم ليقيدهم بسلاسل الذل والأحزان
((وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)) (سورة الأحقاف/الآية 17 )وكم من والدين وخصوصا الأمهات ، يقومون بطرد أبنائهم المتدينين أصحاب الأخلاق العالية من اجل زوج البنت (النسيب) الفاسق صاحب الأخلاق الواطئة ، ولا يجد الأبناء بد إلا الانسحاب خوفا من الوقوع في هلكة عقوق الوالدين , أما إذا أبقته الظروف السيئة معهم فسوف يذيقونه وأسرته ألوان من الظلم والتعسف فبعض الآباء ما إن يرى ولده ملتزم دينيا إلا ويتفنن في إيذائه ، ليقينه بان ولده لن يخالف الشرع معه وكذلك قيام بعض الأمهات بالضغط على بنتها من اجل التبرج ..مدعيه إن في ذلك فائدة لها لكي تراها الناس وتخطبها ...ولا اعلم إن هؤلاء الآباء يعلمون أم لا يعلمون ، انه قد ورد عن العصمة (عليهم السلام) مامعناه ( لعن الله والدين حملا ابنهما على عقوقهما )
والبعض من الناس يدخل في عبودية زوجته، فالقول ماقالته الزوجة والفعل ما أرادته الزوجة وعلى الشرع والأخلاق والأعراف السلام ، والغريب إن بعض هؤلاء يفتخر بذلك الرق خصوصا إذا كانت زوجته غنية أو حسناء ...
والبعض الآخر على العكس من ذلك يتفنن في ظلم زوجته وكأنها عدو قد تم أسره فيذيقها ألوان العذاب ,خصوصا إذا كانت مكسورة الجناح ، فليس له شأن لا بها ولا بأطفاله منها وليفعلوا ما يفعلوا ؟
وهكذا من مظالم جمة تنال الكثير وخصوصا البنات والأيتام نتيجة الجهل والتخلف والابتعاد عن شرع الله المقدس ، مما ينجم عن ذلك كثرة البغضاء والتشاحن والعداوات والحسد والتسيب ...
وهذا ماينخر جسد المجتمع فيورده المهالك ، وليس هنالك سبيل للإصلاح إلا بتضافر الجهود الجبارة وتعاون الجميع مع الحوزة الناطقة الشريفة والقائد الإلهي الصادع بالصدق ، فبالتفافنا حولهما يمن الله علينا بالهدايه إلى جادة الحق والصراط المستقيم ، وإلا فان مايحدث الآن مما يشيب له الرضيع ، والى الله المشتكى وعليه المعول فقد أصبح الكثير يستهزئون بـ(احترام الكبير والعطف على الصغير والعفة والحشمة والغيرة ...)مما كان يبذل دونها النفوس رخيصة ، كيف لا وقد نبت لحوم الكثير من الأكل الحرام ، والبعض قد خالط لحمه ودمه ماء الغرب الكافر ...نستجير بالله من غضبه وسخطه والتعرض لمعصيته ، وهنا أتشرف بذكر هذه الرواية الواردة عن مولانا الصادق (عليه السلام) ، قال (عليه السلام ):
[طلب المنصور علماء المدينة فلما وصلنا إليه خرج إلينا الربيع الحاجب فقال : ليدخل على أمير المؤمنين منكم اثنان ، فدخلت أنا و عبد الله بن الحسن فلما جلسنا عنده ، قال : أنت الذي تعلم الغيب ، فقلت :
لا يعلم الغيب إلا الله ، فقال : أنت الذي يجبى إليك الخراج ، فقلت :
بل الخراج يجبى إليك ، فقال : أ تدري لم دعوتكم , فقلت : لا ، فقال: إنما دعوتكم لأخرب رباعكم و أوغر قلوبكم و أنزلكم بالسراة فلا أدع أحدا من أهل الشام و الحجاز يأتون إليكم فإنهم لكم مفسدة ، فقلت :
إن أيوب ابتلي فصبر و إن يوسف ظلم فغفر و إن سليمان أعطي فشكر و أنت من نسل أولئك القوم .
فسرى عنه ثم قال : حدثني الحديث الذي حدثتني به منذ أوقات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت :
حدثني أبي عن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال :
الرحم حبل ممدود من الأرض إلى السماء يقول من قطعني قطعه الله و من وصلني وصله الله ، فقال : لست أعني هذا , فقلت :
حدثني أبي عن جدي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
قال الله تعالى: أنا الرحمن خلقت الرحم و شققت له اسما من أسمائي فمن وصلها وصلته و من قطعها قطعته .
قال : لست أعني ذلك فقلت :
حدثني أبي عن جدي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
إن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره ثلاث سنين و وصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة و إن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان بقي من عمره ثلاثون سنة فقطع رحمه فجعلها الله ثلاث سنين فقال هذا الذي قصدت و الله لأصلن اليوم رحمي ثم سرحنا إلى أهلنا سراحا جميلا
]
وفي الختام اسأل المولى القدوس بحق الحبيب المصطفى وعترته الطاهرة وبحق الشهيدين الصدرين ومقتدى نور العين أن يوفقنا لمراضيه ويجنبنا معاصيه ولا يجعلنا من الذين يبغضون ويعترضون على محمد وآله في الدنيا والاخره انه على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير.
أهم المصادر:ـ
عوالي اللآلي ج : 1 ص : 363(ابن أبي جمهور الاحسائي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق