السبت، 22 أغسطس 2015

الافتراء


الافتراء
بسم الله الرحمن الرحيم
((...فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))(سورة الأنعام/ الآية 144)
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الابرار .
الافتراء لغة:
 افْتَرَى عَلَيْهِ كَذِبًا اخْتَلَقَهُ وَالِاسْمُ الْفِرْيَةُ بِالْكَسْرِ وَفَرَى عَلَيْهِ يَفْرِي مِنْ بَابِ رَمَى مِثْلُ افْتَرَى .(المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ج7 ص185) ،(الفِرْيةُ الكذب فَرَى كذباً فَرْياً وافْتَراه اختلقه ..عن اللحياني الليث يقال فَرَى فلان الكذب يَفْريه إِذا اختلقه والفِرْية من الكذب وقال غيره افْتَرَى الكذب يَفْترِيه اختلقه...(لسان العرب ج15ص151)
واود هنا ذكر بعض ما يتعلق بالافتراء الذي يؤدي بصاحبه الى النفاق . (نستجير بالله )
1:ـ بين العلي العظيم(جل جلاله) في كتابه المجيد حالات المفترين وما يزعمون وعاقبة امرهم ومن هذا البيان ما يلي :ـ
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }الأنعام93
((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ))(سورة الأعراف/ الآية 37)
(({فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ
))(سورة يونس/ الآية 17)
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ }هود18
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الصف7 .
فما اعظم نعم الله(تعالى) علينا فلقد يسر لنا (الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)، ففيه من الحقائق مايكفي وزياده ، اضافة الى نعمة العقل التي يمكن من خلالها ادراك قبح الكذب بالبداهه ، ولهذه الرذيلة خطوره كبيره حيث سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يكون المؤمن جبانا  ؟ قال : (نعم ، قيل : ويكون بخيلا؟ قال : نعم ، قيل ويكون كذابا ؟ قال لا)
 وقال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب " عليه السلام :
"( لا يصلح من الكذب جد  ولا هزل ولا ان يعد احدكم صبيه ثم لا يفئ له ، والكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي  إلى النار ، وما يزال احدكم يكذب حتى يقال كذب وفجر ، ومايزال احدكم يكذب حتى  لايبقى في قلبه موضع ابرة صدق فيسمى عند الله كذابا ).و (قال أبو جعفر عليه السلام : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) أنا زعيم ببيت في الجنة لمن حسن خلقه مع الناس ، وترك الكذب في المزاح والجد ، وترك المراء وهو محق) (مشكاة الانوار)، ومن الخطير في هذا الامر ان الكذب يوصل صاحبه الى النفاق (نستجير بالله)
لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم(مصباح الشريعة ص 146) قال :
(المنافق من إذا وعد أخلف و إذا فعل أساء و إذا قال كذب و إذا ائتمن خان و إذا رزق طاش و إذا منع عاش )
وروي عن مولانا جعفر الصادق (عليه السلام) في وصف المنافقين(مصباح الشريعه 145)  حيث قال:
المنافق قد رضي ببعده عن رحمة الله تعالى لأنه يأتي بأعماله الظاهرة شبيها بالشريعة و هو لاه و لاغ و باغ بالقلب عن حقها مستهزئ فيها و علامة النفاق قلة المبالاة بالكذب و الخيانة و الوقاحة و الدعوى بلا معنى و استخانة العين و السفه و الغلط و قلة الحياء و استصغار المعاصي و استيضاع أرباب الدين و استخفاف المصائب في الدين و الكبر و المدح و مدح الحب و حب المدح و الحسد و إيثار الدنيا على الآخرة و الشر على الخير و الحث على النميمة و حب اللهو و معرفة أهل الفسق و معونة أهل البغي و التخلف عن الخيرات و تنقص أهلها و استحسان ما يفعله من سوء و استقباح ما يفعله غيره من حسن )
3 ـ في قضية هذا المقال يمكن القول ان المحور يدور حول طرفان رئيسيان :ـ
 الطرف الاول  ـ
 المفترين وهذا الطرف ، يستحيل ان يقرأ كلاماً يكتبه مغمور مثلي ، ناهيك عن ان يسمعه او يلتفت اليه ، فلا جدوى وهذا الحال من مخاطبتهم بعد ان استحوذ عليهم الشيطان ، علما ان الحل لهم يكمن في شيء رئيسي وهو ترك الكذب لما فيه من مخاطر جمه .
اما الطرف الثاني  ـ
 فهم الذين انخدعوا بهؤلاء المفترين ساحبينهم الى وادي مظلم سحيق ماله من قرار ، فهؤلاء المخدوعين يمكنهم ان يسمعوا نصائح ائمتنا  عسى ان ينجوا من وادي الهلكة  ، فعن امامنا الجواد (عليه السلام) :
(المؤمن يحتاج الى توفيق من الله وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه)
اذن فليتوجهوا الى الله بقلوب صادقه ونيات مخلصه طالبين منه العون للهداية الى داعي الله الناطق بالحق والصادع بالصدق فعن مولانا ومقتدنا أبو جعفر الثاني محمد الجواد(عليه السلام)قال:
(من اصغى الى ناطق فقد عبده ، فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وان كان الناطق ينطق عن ابليس فقد عبد ابليس)
ومن خلال هذا الحديث الشريف يتبين خطورة الموقف ، فمن كان همه الله يجب ان لا يجمد على الركون الى فلان وفلان  فينبغي وهذا الحال ان يبتغي الفرد مرضاة الله فمن يحبه الله يجب ان نحبه وما يبغضه الله يجب ان نبغضه وما يريده الله يجب ان نريده وما لا يريده الله يجب ان لا نريده ...ومن غير الممكن ان يجتمع حب الله مع حب اعداء الله؟...
واظن والعلم عند الله ان ترك الكذب باب ومدخل للوصول الى داعي الله الناطق بالحق وكما قيل في المثل شبيه الشيء منجذب اليه والطيور على اشكالها تقع . اسأل الله حسن العاقبة والمنقلب لجميع اخوتي الذين اسألهم ان لا ينسوني من بركة دعائهم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين  .
من مصادر ومراجع المبحث:
1 ـ القرآن الكريم
2ـ مصباح الشريعة المنسوب للامام جعفر الصادق(عليه السلام)
3ـ المصباح المنير في غريب الشرح الكبير/ للشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْفَيُّومِيُّ الْمُقْرِي
4ـ لسان العرب / للشيخ أَبو محمد بن بَرِّي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق