الخميس، 12 فبراير 2015

حديث الدار (حديث الانذار)

حديث الدار (حديث الانذار)


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم .


حديث الدار او حديث الانذار من الاحاديث النبوية الاولى التي بينت للناس بصوره عامه ولقريش بصوره خاصة ولبني عبد المطلب بصورة اخص مكانة امير المؤمنين علي (عليه السلام), عند الله(جل جلاله) وعند رسوله صلى الله عليه وآله ) ، وبإذن الله تعالى سوف يتم التطرق في هذا البحث الى صوره من صور هذا الحديث الشريف وضمن النقاط الآتية :ـ
اولاـ متن حديث الدار :
1ـ قال الشيخ هاشم آل قطيط المسراوي في كتابه : اكتشفت الحقيقة (من بيروت كانت البداية) / سلسلة الرحلة الى الثقلين (55)/ إعداد : مركز الأبحاث العقائدية )
...حديث الدار أو حديث الانذار ، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله:
(هذا علي أخي ، ووزيري ، ووصيي ، وخليفتي من بعدي).
.... صدر هذا الحديث عن صاحب الرسالة في بدء الدعوة .
ونص الحديث على ما ذكره الطبري في تاريخه (ج 3 - ص 560.) عن أبي حميد، قال:
حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمر، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن العباس، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:
لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله (وأنذر عشيرتك الأقربين) (سورة الشعراء: الآية 214) دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا علي! إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت إني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاء جبرئيل، فقال:
(يا محمد! إنك إلا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك)! فاصنع لنا صاعا من الطعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله صلى الله عليه وآله جذبة من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال:
خذوا بسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال: اسق القوم. فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا، وأيم الله، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكلمهم، بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم!! فتفرق القوم، ولم يكلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: (الغد يا علي، إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول)، فتفرق قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي).
قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام، فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة، ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا.
ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: (يا بني عبد المطلب! إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي، وخليفتي فيكم)؟
قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت - وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا -: أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه.
فأخذ برقبتي، ثم قال:
(إن هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا).
قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب:
قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.(انتهى)
2ـ قال العلامة عبد الحسين الأميني في كتابه الغدير (ج 2 - ص 279) بعد ذكر هذا الحديث: وبهذا اللفظ أخرجه أبو جعفر الإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي المتوفى 240 هـ‍ في كتابه (نقض العثمانية) وقال: إنه روي في الخبر الصحيح ( راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 3 - ص 263).
ورواه الفقيه برهان الدين في (أنباء نجباء الأنباء) ص 44 - 48، وابن الأثير في الكامل ص 24، وأبو الفداء عماد الدين الدمشقي في (تاريخه) ج 1 - ص 116، وشهاب الدين الخفاجي في (شرح الشفا) للقاضي عياض ج 3 - ص 137 وبتر آخره، وقال:
ذكر في دلائل البيهقي، وغيره بسند صحيح.
والخازن علاء الدين البغدادي في (تفسيره) ص 390، والحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) كما في ترتيبه ج 6 - ص 392 نقلا عن الطبري، وفي ص 397 عن الحفاظ الستة: أبي إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي.
وابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) ج 3 - ص 254، وذكره المؤرخ جرجي زيدان في (تاريخ التمدن الإسلامي): ج 1 - ص 31، والأستاذ محمد حسنين هيكل في (حياة محمد) ص 104 من الطبعة الأولى.
ورجال السند كلهم ثقات إلا أبو مريم عبد الغفار بن القاسم فقد ضعفه القوم، وليس ذلك إلا لتشيعه ، فقد أثنى عليه ابن عقدة وأطراه، وبالغ في مدحه كما في (لسان الميزان) ج 4 - ص 43 وأسند إليه ، وروى عنه الحفاظ المذكورون ، وهم أساتذة الحديث ، وأئمة الأثر ، والمراجع في الجرح والتعديل ، والرفض والاحتجاج .
ولم يقذف أحد منهم الحديث بضعف أو غمز، لمكان أبي مريم في إسناده ، واحتجوا به في دلائل النبوة، والخصائص النبوية.
وصححه أبو جعفر الإسكافي ، وشهاب الدين الخفاجي كما سمعت، وحكى السيوطي في (جمع الجوامع) كما في ترتيبه ج 6 - ص 396 تصحيح ابن جرير الطبري له ، على أن الحديث ورد بسند آخر رجاله كلهم ثقات كما يأتي، أخرجه أحمد في مسنده ج 1 - ص 111 بسند رجاله كلهم من رجال الصحاح بلا كلام ، وهم: شريك ، الأعمش ، المنهال ، عباد .
....ثم ذكر العلامة الأميني صورة ثانية , وقال: أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 1 - ص 159 عن عفان بن مسلم الثقة المترجم له ج 1 - ص 86 عن أبي عوانة الثقة المترجم له ج 1 - ص 78 عن عثمان بن المغيرة الثقة، عن أبي صادق مسلم الكوفي الثقة، عن ربيعة بن ناجذ التابعي الكوفي الثقة، عن علي أمير المؤمنين عليه السلام.
وبهذا السند والمتن أخرجه الطبري في تاريخه ج 1 - ص 217، والحافظ النسائي في الخصائص ص 18.
وصدر الحفاظ الكنجي الشافعي في الكفاية ص 89، وابن أبي الحديد في (شرح النهج) ج 3 - ص 255، والحافظ السيوطي في (جمع الجوامع) كما في ترتيبه 6 - ص 408، وذكر الحديث.
صورة ثالثة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا بني عبد المطلب، وساق الحديث فراجع، ثم قال: أخرجه الحافظ ابن مردويه، بإسناده، ونقله عنه السيوطي في (جمع الجوامع) كما في كنز العمال ج 6 - ص 401.
وذكر للحديث أيضا صورة رابعة - بعد ذكر صدر الحديث -:
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا بني عبد المطلب، إن الله بعثني إلى الخلق كافة، وإليكم خاصة، فقال: (وأنذر عشيرتك الأقربين) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان: شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر، ويؤازرني، يكن أخي، ووزيري، ووصيي، ووارثي، وخليفتي من بعدي). فلم يجبه أحد منهم.
فقام علي، وقال: أنا يا رسول الله. قال: اجلس. ثم أعاد القول على القوم ثانيا، فصمتوا، فقام علي، وقال: أنا يا رسول الله. فقال: اجلس.
ثم أعاد القول على القوم ثالثا، فلم يجبه أحد منهم، فقام علي: فقال: أنا يا رسول الله. فقال: (اجلس، فأنت أخي ووزيري، ووصيي، ووارثي، وخليفتي من بعدي).
أخرجه الحافظان ابن أبي حاتم واليعقوبي، ونقله عنهما ابن تيمية في (منهاج السنة) ج 4 - ص 80 وعنه الحلبي في سيرته ج 1 - ص 304.
ثم قال: صورة خامسة، في حديث قيس ومعاوية فيما رواه التابعي الكبير صادق الهلالي في كتابه عن قيس.
ثم قال: صورة سادسة، أخرجه أبو إسحاق الثعلبي المتوفى سنة 427 المترجم ج 1 - ص 101 في تفسيره (الكشف والبيان).
رواه مسندا وبهذا السند والمتن أخرجه صدر الحفاظ الكنجي الشافعي في الكفاية ص 89.
ثم قال: في صورة سابعة، أخرجه أبو إسحاق الثعلبي في (الكشف والبيان) عن أبي رافع، إلى قوله: وذكر الحديث عبد المسيح الأنطاكي المصري المسيحي في تعليقه على (العلوية المباركة) ص 76 ولفظ ذيل الحديث فيه: (فمن يجيبني إلى هذا الأمر) وذكر الحديث نظما، راجع الجزء الثاني من كتاب (الغدير) للعلامة الحجة الأميني ص 284.
وقد قال الإمام الأكبر، فقيد الإسلام السيد عبد الحسين شرف الدين (رحمه الله) في كتابه (المراجعات) ص 119:
وهذا الحديث - أي حديث الدار المتقدم - أورده الكاتب الاجتماعي محمد حسنين هيكل المصري في الطبعة الأولى - من كتابه (حياة محمد صلى الله عليه وآله) لكنه لم يذكره في الطبعة الثانية والثالثة!!
قال: وقد قامت الضجة حول إثباته الحديث، وهو صريح في استخلاف علي أمير المؤمنين عليه السلام وحين قيام الضجة نشر في جريدته (السياسة المصرية) مصادر هذا الحديث، فراجع العمود الثاني من الصفحة الخامسة من ملحق (عدد) 2751 من جريدته (السياسة المصرية) الصادر في 12 ذي العقدة سنة 1350 هـ‍ تجده مفصلا، وإذا راجعت العمود الرابع من ص 6 من ملحق (عدد) 2785 من (السياسة) تجده ينقل الحديث عن كل من:
مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وابن حجر الهيثمي في مجمع الفوائد، وابن قتيبة في عيون الأخبار، وابن عبد ربه في العقد الفريد، وعمرو بن بحر الجاحظ في رسالته، عن بني هاشم، والثعلبي في تفسيره.
قلت: ونقل الحديث (جرجس) الإنجليزي في كتابه الموسوم (مقالة في الإسلام) وقد ترجمه إلى العربية ذلك الملحد البروتستاني الذي سمى نفسه بهاشم العربي!!
والحديث تجده في ص 79 من ترجمة المقالة في الطبعة السادسة.
ولشهرة هذا الحديث ذكره عدة من الإفرنج في كتبهم الفرنسية والإنجليزية، والألمانية، واختصره (توماس كارليل) في كتابه (الأبطال) أقول:
ففي هذا الحديث الشريف دلالة واضحة، وحجة قاطعة على أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو علي بن أبي طالب عليه السلام لأن النبي صلى الله عليه وآله أصدر هذا الأمر في أول بدء الدعوة، واستوزر بها عليها عليه السلام إذ لم يتصد لها غيره من القوم الذين حضروا الدار في المرات الثلاث، وفي كلها ينهض علي عليه السلام قائلا:
أنا يا رسول الله.
وفي آخرها قال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
(أنت أخي، ووزيري، ووصيي، وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا) (ونذكر لك عزيزي القارئ مصادر أخرى لأعلام القوم قد رووا هذا الحديث المبارك، منهم:
أحمد في مسنده: 1 - 111 - و ص 330، والحاكم في المستدرك: 3 - 123، والطبري في تفسيره: 19 - 68، عنها إحقاق الحق: 3 - 560.
ورواه الثعلبي في تفسيره: 75 على ما في مناقب عبد الله الشافعي، والطبري في تاريخ الملوك: 2 - 62، والخركوشي في شرف النبي: 70، وابن حسنويه في در بحر المناقب: 39 (مخطوط)، وسبط ابن الجوزي في التذكرة: 44، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: 68، وفرائد السمطين: 1 - 85، والزرندي في نظم درر السمطين: 82، وابن سعد في الطبقات الكبرى:1 - 187، وأبو الفداء في تفسيره (المطبوع بهامش فتح البيان: 7 - 193) وابن أبي بكر في مجمع الزوائد: 8 - 302 و ج 9 - 113، والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال: 5 - 41 (المطبوع بهامش المسند)، وبرهان الدين الحلبي في إنسان العيون المشهور بالسيرة الحلبية: 1 - 286، والقندوزي في ينابيع المودة: 105 عنها إحقاق الحق: 4 / 60 - 70.ورواه الخازن في تفسيره: 5 - 105، والبغوي في معالم التنزيل: 5 - 105، والآمرتسري في أرجح المطالب: 230، والنسائي في الخصائص: 18، والحنفي في حياة الصحابة: 1 - 81 و 155، والحسكاني في شواهد التنزيل: 1 - 20، عنها إحقاق الحق: 14 - 423 - 430.ورواه الهندي في كنز العمال: 15 - 100، وابن الورد في تاريخه: 1 - 138، وأبو الفداء القرشي في السيرة النبوية: 1 - 459، عنها الإحقاق: 15 - 144 - 149، وفي ص 193 - 195 و 207 و 280 و 505 - 507 عن شرح النهج لابن أبي الحديد: 3 - 255، وابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ دمشق: 1 83 و 84، وأبو الفرج في الوفا بأحوال المصطفى : 1 279، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين: 244.ورواه الأنصاري في مختصر تاريخ دمشق: 17 - 120، ومحمد المكي في الغرر والدرر: 124، وأبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي عليه السلام خرجه الشيخ محمد باقر المحمودي وسماه (النور المشتعل): 155، عنها إحقاق الحق: 20 - 119 - 130، وفي ص 224 و 231 و 238 و 381، عن الشافعي في تهذيب الآثار وتفصيل المعاني الثابت من رسول الله صلى الله عليه وآله: 1 - 57، والجرجاني في الكامل في الرجال: 2 - 588.(انتهى)

 3
ـ نقل السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتابه (النص والاجتهادتحقيق وتعليق ونشر أبو مجتبى / ط1 / 1404 ه‍ / مطبعة : سيد الشهداء عليه السلام – قم)، قائلا:

..حديث الدار يوم الإنذار وفيه قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام :
" إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا " .
(عن المصادر الآتيه) :
تاريخ الطبري ج 2 ص 319 - 321 ط دار المعارف بمصر ، الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي ج 2 ص 62 و 63 ط دار صادر في بيروت ، شرح نهجالبلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 210 و 244 وصححه ط مصر بتحقيق أبو الفضل ، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج 1 ص 311 ط البهية بمصر ، منتخب كنز العمال بهامشمسند أحمد ج 5 ص 41 و 42 ط الميمنية بمصر ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 372 ح 514 و ج 2 ص 420 ح 580 ط 1بيروت
، كنز العمال ج 6 ص 392 ط 1 و ج 15 ص 115 ح 334
ط 2 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص85 ح 139 و 140 و 141 ط 1 بيروت ، ....
4ـ وقال الشيخ حسين الراضي في كتابه سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم ( 459 ) (المجلد الأول) / مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
/ سلسلة الكتب العقائدية (10)/إعداد: مركز الأبحاث العقائدية)
...(459) حديث الدار يوم الانذار: عن علي بن أبي طالب قال لما نزلت هذه الآية * (وأنذر عشيرتك الاقربين) *... (وفي آخر الحديث قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)):
يا بني عبد المطلب اني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني أن أدعوكم، فأيكم يوازرني على هذا الامر على أن يكون أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم (بعدي) ؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: واني (أي عليا) لاحدثهم سنا... أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: (أي الرسول (ص)) ان هذا أخي، ووصيي، وخليفتي، فيكم فاسمعوا له واطيعوا... الخ ".

وهذا الحديث من صحاح السنن المأثورة أخرجه بهذه الالفاظ وقريب منها كثير من الحفاظ والعلماء. فراجع: تاريخ الطبري ج 2 ص 319 - 321 ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الاثير الشافعي ج 2 ص 62 و 63 ط دار صادر في بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 210 و 244 وصححه ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي ج 1 ص 311 ط البهية بمصر، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 41 و 42 ط الميمنية بمصر، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 ص 371 ح 514 و 580 ط بيروت، كنز العمال ج 15 ص 115 ح 334 ط 2 بحيد آباد، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1 ص 85 ح 139 و 140 و 141 ط بيروت التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوي ج 2 ص 118 ط 3 مصطفى الحلبي، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج 3 ص 371 و 390 ط مصر. جنايات على الاسلام حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص 104 الطبعة الاولى سنة 1354 ه‍ وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " وأن يكون أخي، ووصيي وخليفتي فيكم ؟ ! ! " وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الاولى والطبعات الاخرى ومراجعة الجريدة، تفسير الطبري ج 19 ص 121 ط 2 مصطفى الحلبي ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم " وذكر بدله " ان هذا أخي وكذا وكذا ! ! " مع أنه ذكر الحديث بتمامه في تاريخه ج 2 ص 319 ط دار المعارف بمصر فراجع. وقريب من هذا اللفظ يوجد في: خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 86 ط الحيدرية وص 30 ط بيروت، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 205 ط الحيدرية وص 89 ط الغري، كنز العمال ج 15 / 100 ط 2، تاريخ الطبري ج 2 / 321 ط دار المعارف بمصر، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 83 ط القضاء، مجمع الزوائد ج 8 / 302 وج 9 / 113 ط القدسي، فرائد السمطين ج 1 / 86 ويأتي الحديث بلفظ آخر تحت رقم (711) فراجع. (460) مسند أحمد بن حنبل ج 2 / 165 ح 883 بسند حسن وج 2 / 352 ح 1371 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر. (461) عشر فضائل امتاز بها الامام علي (عليه السلام): راجع: مسند أحمد ج 5 / 25 ح 3062 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، خصائص أمير المؤمنين للنسائي الشافعي ص 61 - 64 ط الحيدرية وص 15 ط بيروت، وص 8 ط التقدم بمصر. راجع بقية المصادر تحت رقم (468). (462) روى عنه في: صحيح البخاري، صحيح مسلم. (463) روى عنه في: صحيح البخاري، صحيح مسلم. (464) صحيح البخاري ك العلم ب من خص بالعلم ج 1 ص 41 ط دار الفكر. (465) النص على الخلافة العامة لعلي (عليه السلام): راجع: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 77 ح 124 و 126 و 249 و 139 و 140 ط 1 بيروت، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 187 ط الحيدرية وص 79 ط الغري، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 89 و 90 ط الحيدرية، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 200 ح 238 و 313 ط 1 بطهران، ذخائر العقبى ص 71 ط القدسي، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 206 ح 269 وص 157 ح 211 ط بيروت، فرائد السمطين ج 1 / 54 و 267 و 273 و 315 و 316 و 318 و 329 وج 2 / 34 ح 371 وص 134 ح 431 وص 243 ح 517 الغدير للأميني ج 5 / 365 ط بيروت. (466) الصواعق المحرقة ص 18 ط المحمدية. (467) حديث الدار من طريق الشيعة: وهذا الحديث من المسلم صدوره من طرقهم فراجع: بحار الانوار للمجلسي ج 18 / 163 و 178 و 181 و 191 و 212 ط طهران الجديد، البرهان في تفسير القرآن ج 3 / 189 - 191، تفسير القمي ج 2 / 124، إثبات الهداة للحر العاملي ج 3 / 451، علل الشرايع للصدوق ص 170 ط الحيدرية. وغيرها من الكتب.
5ـ ونقل حديث الدار بالمتن اعلاه السيد علي الحسيني الميلاني , في كتابه (حديث الدار / سلسلة الكتب العقائدية (72) /اعداد : مركز الأبحاث العقائدية / فارس الحسون ـ سلسلة الندوات العقائدية (9)): نقلا عن تفسير البغوي المتوفى سنة 510 هـ ( معالم التنزيل 4/278 ـ 279 ـ طبعة دار الفكر ـ بيروت ـ 1405 هـ ) وعن الكثير من امهات المصادر الاخرى
6ـ ونقل حديث الدار بالمتن اعلاه الشيخ محمد محمديان , في كتابه (حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) عن لسانه / ج 2/ مؤسسة النشر الاسلامي / قم /ط 1 / 1417 ه‍. )، عن مصادره وهي:
تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 ص 102 الرقم 138، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 111، تاريخ الطبري ج 2 ص 62، تفسير الطبري ج 19 ص 121، علل الشرائع للصدوق ج 1 الباب 133 الرقم 2،
الارشاد للمفيد ج 1 ص 49، تفسير فرات الكوفي ص 301، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 الرقم 514، الكامل لابن الاثير ج 1 ص 585، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 210، تفسير ابن كثير ج 3 ص 363، كنز العمال ج 13 ص 114 الرقم 36371 وص 131، احقاق الحق ج 4 ص 68، السيرة الحلبية ج 1 ص 286، بحار الأنوار ج 35 ص 144، وج 38 ص 223، الغدير ج 2 ص 278 - 289. (انتهى)
7ـ وقال الشيخ عبدالله دشتي في كتابه النفيس في بيان رزية الخميس
ج1 ص396 :
فقد روى أحمد في مسنده عن علي (عليه السلام) قال : لما نزلت هذه الآية ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) قال جمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا … " (مسند أحمد - ج2 ص225) ولكن ليس فيها " ويكون خليفتي في أهلي … فقال علي : أنا ".
وقوعه بلفظ أنت أخي وصاحبي ووارثي ووزيري
فقد رواه النسائي في ( السنن الكبرى ) في كتاب خصائص علي (عليه السلام) عن ربيعة بن ناجد أن رجلا قال لعلي : يا أمير المؤمنين لم ورثت ابن عمك دون عمك قال : " جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو قال دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني عبد المطلب فصنع لهم مدا من طعام قال : فأكلوا حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ، ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقي الشراب كأنه لم يمس أو لم يشرب ، فقال : يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم بخاصة وإلى الناس بعامة ، وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم ، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه وكنت أصغر القوم فقال : اجلس ، ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول : اجلس ، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي ثم قال أنت أخي وصاحبي ووارثي ووزيري فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي " (السنن الكبرى للنسائي - ج5 ص125 ( 8451 ) 83) .
والعجب إن محقق الخصائص البلوشي قال : " أبو صادق اسمه مسلم بن يزيد الأزدي الكوفي وقيل اسمه عبد الله بن ناجد ، قال يعقوب بن شيبة : ثقة وذكره ابن
حبان في الثقات ، وقال أبو حاتم : مستقيم الحديث ، وقال ابن سعد : كان ورعا مسلما قليل الحديث يتكلمون فيه وقال ابن حجر : " صدوق " .
وربعة بن ناجد الأزدي يقال : هو أخو أبي صادق الراوي عنه ، قال العجلي : كوفي تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الحافظ ابن حجر : " ثقة " .
وبعد ذلك حكم بضعف السند ، فقال معلقا على ثوثيق ابن حجر لربيعة : " وهذا تساهل منه لأنه في عداد المجهولين … " ، فلا أعرف كيف يكون من وثقه العجلي وابن حبان مجهولا ؟ ويكون ابن حجر متساهلا ؟ في حين أن الآخرين لم يذكروا ربيعة وسكتوا عنه ، القول الذهبي فقط " لا يعرف " ، أم بغضا لعلي (عليه السلام) وطمسا لفضائله ؟
وقد رواه أحمد في مسنده (مسند أحمد بن حنبل - ج2 ص564 ( 1731 )) أيضا عن أبي صادق عن ربيعة ولكن بدون كلمة وزيري ، وذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ثم قال : رواه أحمد ورجاله ثقات (مجمع الزوائد - ج8 ص203) .
ولذلك كان الإمام علي (عليه السلام) يقول كما ينقل الحاكم في ( المستدرك ) : عن ابن عباس (رض) قال : كان علي يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله يقول : ( أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) (آل عمرن : 144) ، والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ، والله أني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني " (المستدرك على الصحيحين - ج3 ص126 - ج1 ص 398 -) .
والحديث رواه النسائي في الخصائص من ( السنن الكبرى ) (السنن الكبرى للنسائي - ج5 ص125) والهيثمي في ( مجمع الزوائد ) وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد - ج9 ص134) .
شواهد على صحة قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) : " خليفتي "
نقل الحاكم في ( المستدرك ) خبرا طويلا قال : أخبرنا القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة ثنا أبو بلج ثنا عمرو بن ميمون قال : إني لجالس عند ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا ابن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو بنا من بين هؤلاء ، قال : فقال ابن عباس : بل أنا أقوم معكم ، قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ، قال : فابتدءوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ، ويقول أف وتف وقعوا في رجل له بضع عشرة فضائل ليست لأحد غيره ، وقعوا في رجل قال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : " … إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي … " .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وقال الذهبي في التلخيص : صحيح (المستدرك على الصحيحين - ج3 ص143).
ونقل أحمد بن حنبل هذا الخبر في مسنده في مسند عبد الله بن عباس (مسند أحمد بن حنبل - ج5 ص178 ( 3061 )) . وروى الخبر بتمامه أحمد في ( فضائل الصحابة ) ، وعلق المحقق وصي الله بقوله : " إسناده حسن ، ويحيى بن حماد بن أبي زياد أبو بكر البصري ختن أبي عوانة ثقة وثقه أحمد وأبو حاتم وابن حبان … وأبو بلج هو يحيى بن سليم أو ابن أبي سليم بن بلج الفزاري الكوفي صدوق أطلق القول بتوثيقه ابن سعد وابن معين والنسائي
والدارقطني والجوزجاني والأزدي ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث لا بأس به ، وذكر ابن عبد البر وابن الجوزي عن ابن معين تضعيفه وقال أحمد : روى حديثا منكرا " (فضائل الصحابة - ج2 ص849) .
وروى المقطع المذكور ابن أبي عاصم في ( السنة ) بلفظ " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنك لست بنبي وأنت خليفتي في كل مؤمن من بعدي " ، قال المحقق الدكتور الجوابرة : " إسناده حسن رجاله رجال الشيخين غير أبي بلج واسمه يحيى بن سليم بن بلج ، قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ " (السنة لابن أبي عاصم - ج2 ص800) ، ولكن المحقق المسكين رجع بعد ذلك عن قوله عند إيراد ابن أبي عاصم الرواية تامة وبنفس السند قال : " إسناده ضعيف بهذا السياق فيه يحيى بن سليم وثقه غير واحد وقال البخاري : فيه نظر " (نفس المصدر السابق - ص900) والظاهر أنه نقل كلمة محققي طبعة الرسالة من مسند أحمد بن حنبل غير ملتفت إلى مناقضتها للنتيجة التي توصل إليها سابقا من حسن الحديث ، وقد أشرنا إلى محله في المسند .
وقد ذكر الخبر ابن حجر أيضا في ( الإصابة ) (الإصابة في تمييز الصحابة - ج4 ص270) ضمن فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في ترجمته .

  ثانيا: رواة حديث الدار(والكلام مازال للشيخ عبدالله دشتي في كتابه النفيس في بيان رزية الخميسج1 ص396ـ ....)
...هذا الخبر يرويه محمّد بن إسحاق مسنداً عن ابن عباس ، وهو موجود في كتاب كنز العمال مع فرق سأذكره فيما بعد .
يرويه صاحب كنز العمال عن :
1 ـ ابن إسحاق .
2 ـ ابن جرير الطبري ، صاحب التفسير والتاريخ .
3 ـ ابن أبي حاتم الرازي ، صاحب التفسير المعروف .
4 ـ ابن مردويه .
5 ـ أبي نعيم الاصفهاني الحافظ .
6 ـ البيهقي( كنز العمال 13/131 رقم 36419 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1405 هـ ، تفسير الطبري 19/74 ـ دار المعرفة ـ بيروت ، السنن الكبرى 9/7 ـ دار المعرفة ـ بيروت ، تفسير ابن أبي حاتم 9/2826 رقم 16015 باختلاف ـ مكتبة نزار الباز ـ مكة المكرمة ـ 1417 هـ )
فرواة هذا الحديث أئمّةٌ أعلام من أهل السنّة ، منهم :
محمّد بن إسحاق صاحب السيرة ، المتوفى سنة 152 هـ(من رجال البخاري ـ في المتابعات ـ ومسلم والاربعة . تقريب التهذيب 2 / 144) .
محمّد بن إسحاق يروي هذا الخبر عن عبد الغفار بن القاسم ، وهو أبو مريم الانصاري ، وهو شيخ من شيوخ شعبة بن الحجاج الذي يلقّبونه بأمير المؤمنين في الحديث ، ويقولون بترجمته إنّه لا يروي إلاّ عن ثقة ، وشعبة بن الحجاج كان يثني على عبد الغفار بن القاسم الذي هو شيخه ، لكن المتأخرين من الرجاليين يقدحون في عبد الغفار ، لانّه كان يذكر بلايا عثمان ، أي كان يتكلّم في عثمان ، أو يروي بعض مطاعنه ، ولذا نرى في ميزان الاعتدال عندما يذكره الذهبي يقول : رافضي .
فإذا عرفنا وجه تضعيف هذا الرجل وهو التشيع ، أو نقل بعض قضايا عثمان ، إذا عرفنا هذا السبب للجرح ، فقد نصّ ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري في شرح البخاري على أنّ التشيع بل الرفض لا يضر بالوثاقة ، هذا نص عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرح البخاري .
فإذن ، هذا الرجل لا مطعن فيه ولا مورد للجرح ، إلاّ أنّه يروي بعض مطاعن عثمان ، لكن شعبة تلميذه يروي عنه ويثني عليه ، وشعبة أمير المؤمنين عندهم في الحديث . فهذا عبد الغفار بن القاسم .
والمنهال بن عمرو ، من رجال صحيح البخاري ، والصحاح الاربعة الاُخرى فهو من رجال الصحاح ما عدا صحيح مسلم(من رجال البخاري والاربعة ، تقريب التهذيب 2 / 278) .
وأمّا عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب ، فهذا من رجال الصحاح الستّة كلّها(تقريب التهذيب 1 / 408) .
عن عبدالله بن العباس .
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) .
فالسند في نظرنا معتبر ، وعلى ضوء كلمات علمائهم في الجرح والتعديل ، إلاّ عبد الغفار بن القاسم ، الذي ذكرنا وجه الطعن فيه والسبب في جرح هذا الرجل ، وهذا السبب ليس بمضر بوثاقته ، استناداً إلى تصريح الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري(مقدمة فتح الباري : 382 ، 398 ، 410) .
فهذا نص الخبر ، وفيه كما سمعتم أنّ النبي يقول : « فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فقال أمير المؤمنين : يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله برقبة علي وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع » .
وليست الامامة والخلافة إلاّ : وجوب الاطاعة ، وجوب الاقتداء ، وجوب الاخذ ، وجوب التمسّك بالشخص ، وأيّ نصّ أصرح من هذا في إمامة علي أو غير علي ؟
يعني لو كان هذا اللفظ وارداً في حقّ غير علي بسند معتبر متفق عليه لوافقنا نحن على إمامة ذلك الشخص .
فهذا هو الخبر ، وهو خبر متفق عليه بين الطرفين ، إذ ورد هذا الخبر بأسانيد علمائنا وأصحابنا في كتبنا المعتبرة المشهورة .
فمن رواة هذا الخبر :
1 ـ ابن إسحاق ، صاحب السيرة .
2 ـ أحمد بن حنبل ، يروي هذا الخبر في مسنده( مسند أحمد 1/111 رقم 885 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ 1414 هـ )
3 ـ النسائي ، صاحب الصحيح(سنن النسائي 6/248 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت) .
4 ـ الحافظ أبو بكر البزار ، صاحب المسند .
5 ـ الحافظ سعيد بن منصور ، في مسنده .
6 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني ، في المعجم الاوسط .
7 ـ الحافظ أبو عبدالله الحاكم النيسابوري ، في مستدركه على الصحيحين .
8 ـ عرفتم أنّ من رواته أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري .
9 ـ الحافظ أبو جعفر الطحاوي ، صاحب كتاب مشكل الاثار .
10 ـ عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، صاحب التفسير .
11 ـ أبو بكر بن مردويه .
12 ـ الحافظ أبو نعيم الاصفهاني ، صاحب دلائل النبوة وكتاب حلية الاولياء .
13 ـ الحافظ البغوي ، صاحب التفسير .
14 ـ الضياء المقدسي ، في كتابه المختارة ، وهذا الكتاب الذي التزم فيه الضياء المقدسي بالصحة ، فلا يروي في كتابه هذا إلاّ الروايات الصحيحة المعتبرة ، ولذا قدّم بعض علمائهم هذا الكتاب
على مثل المستدرك للحاكم ، ومن جملة من ينصّ على ذلك هو ابن تيميّة صاحب منهاج السنّة ، ينصّ على أنّ كتاب المختارة أفضل وأتقن من المستدرك للحاكم .
15 ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي ، صاحب تاريخ دمشق .
16 ـ أبو بكر البيهقي ، صاحب دلائل النبوة .
17 ـ الحافظ ابن الاثير ، صاحب الكامل في التاريخ .
18 ـ الحافظ أبو بكر الهيثمي ، في كتابه مجمع الزوائد يروي هذا الحديث(مجمع الزوائد 9 / 113 ، وفيه : وإسناده جيّد ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ 1403 هـ) .
19 ـ الحافظ الذهبي ، في تلخيص المستدرك ينصّ على صحّة هذا الحديث
20 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي ، في كتابه الدر المنثور .
21 ـ الشيخ علي المتقي الهندي ، صاحب كنز العمال ، يرويه صاحب كنز العمال عن : أحمد ، والطحاوي ، وابن إسحاق ، ومحمّد بن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم الاصفهاني ، والضياء المقدسي .
هذا بالنسبة إلى متن الحديث ، وعدّة من كبار علماء القوم
الرواة لهذا الحديث في كتبهم .
وأمّا بالنسبة إلى سنده ، فسنده في كتاب محمّد بن إسحاق قد قرأته لكم وصحّحت السند .
ويقول الحافظ الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد بعد أن يرويه عن أحمد بن حنبل يقول : رواه أحمد ورجاله ثقات(مجمع الزوائد 8/302 ـ باب معجزاته صلّى الله عليه وسلّم في الطعام) .
ويقول بعد أن يرويه بسند آخر عن بعض كبار علمائهم من أحمد وغير أحمد يقول : رجال أحمد وأحد إسنادي البزّار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة(مجمع الزوائد 8/303) .
إذن ، حصلنا على أسانيد عديدة ينصّون على صحّتها .
مضافاً : إلى سند الحافظ المقدسي في كتابه المختارة الملتزم في هذا الكتاب بالصحّة .
كما ذكر المتقي الهندي صاحب كنز العمال : أنّ الطبري محمّد بن جرير قد صحّح هذا الحديث .
وأيضاً ، صحّحه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس في حديث طويل ، ووافقه على التصحيح الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك .
وأيضاً نصّ على صحّة هذا الحديث الشهاب الخفاجي في شرحه على الشفاء للقاضي عياض ، حيث يذكر هناك معاجز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن جملة معاجزه هذه القضية ، حيث أنّ الطعام كان صاعاً واحداً وعليه رِجل شاة فقط ، فأكلوا وكلّهم شبعوا ، وهذا من جملة معاجز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويقول الشهاب الخفاجي : إنّ سند هذا الخبر صحيح(نسيم الرياض ـ شرح الشفاء للقاضي عياض 3 / 35) .
وعندما نراجع نصوص الحديث في الكتب المختلفة ، نجد في بعضها هذا اللفظ : « فأيّكم يوآزرني على أمري هذا ويكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟ قال علي : أنا يا نبيّ الله ، أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي فقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لعلي » .
وهذا لفظ ، وقد قرأناه عن عدّة من المصادر .
لفظ آخر : « من يضمن عنّي ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة ويكون خليفتي في أهلي ؟ فقيل له : أنت كنت بحراً ، من يقوم بهذا ، فعرض ذلك على أهل بيته واحداً واحداً ، فقال علي : أنا ،
فبايعه رسول الله على هذا»( تفسير ابن كثير 6/168 ـ دار طيبة ـ الرياض ـ 1418 هـ ، كنز العمال 13/128 رقم 36408 ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1405 هـ) .
ومن ألفاظ هذا الحديث ما يلي : « قال رسول الله : من يبايعني على أن يكون أخي ووصيّي ووليّكم من بعدي ؟ قال علي : فمددت يدي فقلت : أنا أُبايعك . فبايعني رسول الله (صلى الله عليه وسلم)»( كنز العمال 13/149 رقم 36465) .(انتهى)
فهذه ألفاظ الحديث ، وتلك أسانيد الحديث ، وتلك كلمات كبار علمائهم في صحّة هذا الحديث وتنصيصهم على صحّته .
ثالثا: دلالة حديث الدار على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)(والكلام مازال للشيخ عبدالله دشتي في كتابه النفيس في بيان رزية الخميس ج1 ص396ـ ....)
...وهذا الحديث الصحيح المتفق عليه هو من جملة أدلّتنا على إمامة أمير المؤمنين الدالّة على إمامته وولايته بالنص .
وإنّما اخترت من بين الاحاديث التي هي نصّ على إمامة أمير المؤمنين هذا الحديث في هذه الليلة ، لخصوصيات موجودة في هذا الحديث ، قد لا تكون في غيره ، مضافاً إلى صحّته وكونه مقبولاً بين الطرفين ، بل يمكن دعوى تواتر هذا الحديث :
الخصوصية الاولى
صدور هذا الحديث في أوائل الدعوة النبويّة ، وفي بدء البعثة المحمّديّة ، فكأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمورٌ بأنْ يبلّغ ثلاثة أُمور في آن واحد وفي عرض واحد :
مسألة التوحيد والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .
ومسألة رسالته .
ومسألة خلافته من بعده الثابتة لعلي (عليه السلام) .
وقد أسفر ذلك المجلس وتلك الدعوة عن هذه الاُمور الثلاثة .
الخصوصية الثانية
إنّ القوم من أبي لهب وغيره قالوا ـ وهم يضحكون ـ لابي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لابنك علي .
هذا ممّا يؤيّد استنتاجنا من هذا الحديث واستظهارنا من هذا الكلام ، إنّه حتّى أُولئك المشركون أيضاً فهموا من هذا الحديث ومن هذا اللفظ ومن كلام رسول الله : إنّه يريد أن ينصب عليّاً إماماً مطاعاً من بعده لعموم الناس .
الخصوصية الثالثة
استدلال أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الخبر في جواب سائل ، يروي هذا الحديث النسائي في صحيحه( خصائص أمير المؤمنين : 86 ، ط الغري ، وهو من صحيحه كما ثبت في محلّه) يقول : إنّ رجلاً قال لعلي :
يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمّك دون عمّك ؟ أي ، بأيّ دليل أصبحت أنت وارثاً لرسول الله ولم يكن العباس وارثاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فذكر الامام (عليه السلام) حديث الانذار ، وجاء في هذا الحديث بهذا اللفظ وقال : أنت أخي ووارثي ووزيري . فذكر أمير المؤمنين في جواب هذا السائل هذا الخبر ثمّ قال : فبذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي .
إذن ، يصبح علي (عليه السلام) بحكم هذا الحديث القطعي المتفق عليه خليفة لرسول الله ووزيراً له ووارثاً ووصيّاً وقائماً مقامه ووليّه من بعده ، والناس كلهم مأمورون لانْ يطيعوه ويسمعوه .
أو ليست الخلافة والامامة هذا ؟
وأيّ شيء يريدون منّا عند إقامتنا الادلّة على إمامة أمير المؤمنين أوضح وأصرح من مثل هذه الاحاديث الواردة في كتبهم وبأسانيد معتبرة ينصّون هم على صحّتها ؟
وهل ورد مثل هذا في حقّ أحد غير علي مع هذه الخصوصيات من حيث السند والدلالة والقرائن الموجودة في لفظه ؟
مع علماء أهل السنة في حديث الدار(والكلام مازال للشيخ عبدالله دشتي في كتابه النفيس في بيان رزية الخميسج1 ص396ـ.....)
حينئذ يأتي دور مواقف العلماء من أهل السنّة ، الذين يريدون ـ في الحقيقة ـ أن يبرّروا ما وقع ، الذين يحاولون أن يوجّهوا ما كان !!
اختلفت مواقفهم أمام هذا الحديث الصحيح سنداً ، الصريح دلالةً على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
مع الفضل ابن روز بهان
يقول الفضل ابن روزبهان(أنظر : دلائل الصدق 2 / 359) : إنّ كلمة خليفتي التي هي مورد الاستدلال غير موجودة في مسند أحمد ، وهي من إلحاقات الرافضة .
لو لم يكن مسند أحمد موجوداً بين أيدينا ، لو لم ينظر أحد في كتاب مسند أحمد ، لامكن للفضل أن يتفوّه بمثل هذه الكلمة ويقول هذا الكلام ويتركه على عواهنه ، إذا لم يراجع أحد المسند ، أو كان كتاب المسند غير موجود بين أيدينا ، ولكن يقتضي أن يكون الانسان عندما يتكلّم يتصوّر الاخرين يسمعون كلامه ، ويلتفت إلى أنّهم سيراجعون إلى المصادر التي يحيل إليها ، إمّا إثباتاً وإمّا نفياً ، وإلاّ فمن العيب للإنسان العاقل عندما يريد أن يتكلّم يتصوّر الناس كأنّهم لا يسمعون ، أو لا يفهمون ، أو سوف لا يراجعون إلى تلك المصادر أو الكتب التي يذكرها .
إنّ هذا الحديث موجود في غير موضع من مسند أحمد بن حنبل والكلمة أيضاً موجودة في رواية مسند أحمد ، وقد راجعناه نحن ، ومسند أحمد بن حنبل موجود الان بين أيدينا(مسند أحمد 1 / 111) .
فالتكلم بهذا الاُسلوب ، إمّا أن يكون من التعصب وقلة الحياء ، وإمّا أن يكون من الجهل وعدم الفهم ، وإلاّ فكيف يكذّب الانسان مثل العلاّمة الحلّي الذي هو في مقام الاستدلال على العامة بكتبهم ، ينقل عنهم ليستدلّ بما يروونه ، فيلحق كلمة أو كلمات في حديث ،وهو في مقام الاحتجاج والاستدلال ؟! هذا شيء لا يكون من مثل العلاّمة وأمثاله .
هذا بالنسبة إلى الفضل ابن روزبهان ، وقد أراد أن يريح نفسه بهذا الاُسلوب .(انتهى كلام الشيخ عبدالله دشتي في كتابه النفيس في بيان رزية الخميس ج1 ص396ـ....)

 مع ابن تيميه وحديث الدار
قال :ـ السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه :الصحيح من سيرة النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( مدخل لدراسة السيرة والتاريخ ) السيد جعفر مرتضي العاملي ج1/ ط 4 1995 م 1415 ه‍/ دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع غبيري - بيروت - لبنان .دار السيرة - بيروت لبنان )
إبن تيمية ، وحديث الدار :
أما إبن تيمية ، فقد انكر ...حديث الدار ، وأورد عليه بماملخصه :
أولا : إن في سند رواية الطبري أبو مريم الكوفي ، وهو مجمع على تركه ، وقال أحمد : ليس بثقه ، واتهمه إبن المديني بوضع الحديث الخ .
وثانيا : تنص الرواية على أنه قد جمع بني عبد المطلب وهم أربعون رجلا
ومن الواضح : أنه حين نزول الآية لم يكن بنو عبد المطلب بهذه الكثرة .
وثالثا : قول الرواية إن الرجل منهم ليأكل الجذعة ، ويشرب الفرق من اللبن ، كذب ، إذ ليس في بني هاشم من يعرف بانه يأكل جذعا ،ولشرب فرقا .
ورابعا : إن مجرد الاجابة للمعاونة على هذا الامر لا يوجب أن يكون المجيب وصيا وخليفة بعده صلى الله عليه وآله ؟ فإن جميع المؤمنين أجابوا إلى الاسلام ، وأعانوه على هذا الامر ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيله .
كما أنه لو أجابه الاربعون ؟ أو جماعة منهم فهل يمكن أن يكون
الكل خليفة له . ؟
وخامسا : إن حمزة ، وجعفرا ، وعبيدة بن الحرث قد أجابوا إلى ماأجاب إليه علي ، بل حمزة أسلم قبل أن يصير المؤمنون أربعين رجلا (منهاج السنة ج 4 ص 81 - 83 ) .
الرد على ابن تميمية :
ولكن كل ما ذكره إبن تيمية لا يصح ، ولا يلتفت إليه ، وذلك لما يلي :
ألف - فأما بالنسبة لما ذكره أولا عن أبي مريم ، فقد قال إبن عدي :
سمعت إبن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحد في مدحه (راجع : الغدير ج 2 ص 280 ، ولسان الميزان ج 4 ص 43 )
وأثنى عليه شعبة (لسان الميزان ج 4 ص 42 ) .
وقال عنه الذهبي : كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال (ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 631 و 640 ، ولسان الميزان ج 4 ص 42 ) .
وعدا عن ذلك فقد صرحوا بسبب تضعيفهم له ، وهو كونه شيعيا .
ونحن نرى أن ذلك لا يضره ؟ فقد روى أصحاب الصحاح ، ولا سيما
البخاري ومسلم عن عشرات الشيعة (ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 631 و 640 ، ولسان الميزان ج 4 ص 42) .
ومع غض النظر عن ذلك ؟ فإن المتقى الهندي قد نقل عن الطبري :
أنه قد صحح هذا الحديث (كنز العمال ج 15 ص 113 ) .
كما وصححه الاسكافي المعتزلي (راجع : شرح النهج للمعتزلي ج 13 ص 244 ) وصححه أيضا : الخفاجي في
شرح الشفاء (راجع : الغدير ج 2 ص 280 ) .
وقد رواه أحمد بسند جميع رجاله رجال الصحاح بلا كلام ، وهم :
شريك ، والاعمش ، والمنهال ، وعباد ، وعلي " عليه السلام " (المصدر السابق ، ومسند أحمد ج 1 ص 111 ) .
ولو سلم كل ذلك ؟ فإن طرق الحديث مستفيضة ، يقوى بعضها
بعضا ؟ فلا يضر ضعف بعض الرجال في بعض الاسانيد .
وأعجب من ذلك دعوى أن لا تكون قضية الخلافة بعده صلى الله
عليه وآله مذكورة في المسانيد ، فإن من راجع المصادر التي ذكرناها
للحديث آنفا ؟ يعرف أنها موجودة في عشرات المصادر والمسانيد .
وأما الطعن في رواية إبن أبي حاتم باشتمال سندها على عبد الله بن عبد القدوس . وقد ضعفه الدار قطني ، وقال النسائي : ليس بثقة . وقال إبن معين : ليس بشئ ، رافضي خبيث .
أما هذا - فقد قال الشيخ المظفر : " رحمه الله " تعالى في جوابه :
" وفيه : أن تضعيفهم معارض بما في تقريب ابن حجر : أنه صدوق .
وفي تهذيب التهذيب : قال محمد بن عيسى : ثقة .
وذكره إبن حبان في الثقات .
وقال البخاري : هو في الاصل صدوق ، إلا أنه يروي عن أقوام
ضعاف . مع أنه أيضا من رجال سنن الترمذي .
ومدح هؤلاء مقدم ؟ لعدم العبرة في قدح أحد المتخالفين في الدين
في الاخر ، ويقبل مدحه فيه . وهم قذفوه بذلك ؟ لانهم رموه بالتشيع ، ولا نعرفه في رجالهم .
لكن قد ذكر ابن عدي : أن عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت .
ولعل هذا هو سر تهمتهم له ( دلائل الصدق ج 2 ص 234)
2 - وأما ذكره إبن تيمية ثانيا : فإن الظاهر هو أن كلمة ( عبد ) زيادة من الرواة ، بدليل : أن عددا من الروايات يصرح بانه قد دعا بني هاشم (كما في السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 459 عن ابن أبي حاتم
وكذا في البداية والنهاية ج 3 ص 40 ، راجع كنز العمال ج 15 ص 113 ، ومسند أحمد ج 1 ص 111 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 350 وابن عساكر ترجمة الامام علي بتحقيق المحمودي ج 1 ص 87 ، واثبات الوصية للمسعودي ص 115 ، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 27 ، ومسند البزار مخطوط في مكتبة مراد رقم 578 . )
وجاء في روايات أخرى : انه دعا بني عبد المطلب ، ونفرا من بني المطلب (الكامل لابن الاثير ج 2 ص 62 ط صادر ) فلعل الامر قد اشتبه على الراوي وأضاف كلمة " عبد " ، وهذاكثير .
وعليه فلا يلزم من ذلك كذب أصل الواقعة المتفق عليها إجمالا .
كما أن أبناء عبد المطلب إذا كانوا عشرة ، وكان أصغرهم يصل
عمره حينئذ إلى ستين عاما ؟ فلماذا لا يكون لهم من الولد ما لو انضموا إليهم لبلغوا أربعين رجلا ، بل اكثر من ذلك بكثير ، وما وجه الاستعباد لذلك ؟
3 - وأما ما ذكره ثالثا : فقد أجاب عنه الشيخ المظفر : بأن عدم
معروفيتهم بالاكل لا تدل على عدم كونهم كذلك ، فلعلهم كذلك في
الواقع .
ولو سلم ؟ فإنه يلزم منه مبالغة الراوي في إظهار معجزة النبي " صلى
الله عليه وآله وسلم " في إطعامهم رجل الشاة ، وعس اللبن الواحد (دلائل الصدق ج 2 ص 235 ) .
4 - وأما ما ذكره إبن تيمية رابعا : فجوابه ما ذكره الشيخ المظفر من أن قوله هذا ليس علة تامة للخلافة ، ولم يدع ذلك النبي صلى الله عليه وآله ، ليشمل حتى من لم يكن من عشيرته ، بل أمره الله بإنذار عشيرته ؟
لاانهم أولى بالدفع عنه ونصره ؟ فلم يجعل هذه المنزلة إلا لهم ، وليعلم من أول الامر : أن هذه المنزلة لعلي " عليه السلام " لان الله ورسوله يعلمان :
أنه لا يجيب النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ويوازره غير علي " عليه السلام " ؟ فكان ذلك من باب تثبيت إمامته ، بإقامة الحجة عليهم . ومع فرض تعدد المجيبين يعين الرسول الاحق بها منهم (دلائل الصدق ج 2 ص 236 ) .
وقد أوضح ذلك المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني : بأن
الخطاب إنما هو للجميع ، لكن النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم من خلقهم وعلاقاتهم ، وطبائعهم : أنهم سوف لا يجيبون إلا علي " عليه السلام " ، هذا بالإضافة إلى إعلام الله له بذلك .
ونقول نحن : ويؤيد ذلك النص الذي سوف يأتي نقله عن البحار ،
عن ابن طاووس ، تحت عنوان : " ماذا قال النبي صلى الله عليه وآله يوم الانذار " . وقد قلنا هناك : إن ذلك النص هو المنسجم مع الاية الكريمة ،
وقد جاء فيه : " إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخا ، ووزيرا ، ووصيا ،ووارثا من أهله ، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء من قبلي إلى أن قال : وقد والله أنبأني به ، وسماه لي ، ولكن أمرني أن أدعوكم وأنصح لكم ، وأعرض عليكم لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد " (البحار ج 18 ص 215 / 216 ، عن : سعد السعود ص 106 ) .
واحتمل صديقنا المحقق الروحاني : أن يكون الخطاب لواحد منهم
على سبيل البدل ، ولذا قال لهم : أيكم يؤازرني الخ . . فالمجيب أولا هو الذي يستحق ما وعد به " صلى الله عليه وآله وسلم " ، وإجابة أكثر من واحد بعيدة الوقوع جدا ، ولا يعتنى باحتمالها عرفا . لا سيما وأن الذي يضر هو التقارن في الاجابة ، وذلك أبعد وأبعد . هذا مع علمه صلى الله عليه وآله بانه لا يجيب سوى واحد منهم .
ولكن قد ذكر بعض الاعلام : أن كون المراد هو المؤازرة في الجملة بعيد ؟ لكون المسلمين على اختلاف مراتبهم قد وازروه في الجملة .
فالمراد هو المؤازرة في جميع الامور والاحوال . والمؤازرة الكاملة في الدين تحتاج إلى أعلى درجات الوعي ، والعلم ، والسمو الروحي إلى درجة العصمة . الامر الذي يعني : أن شخصا كهذا هو الذي يستحق الامامة ، ولا يستحقها سواه ؟ ممن تلبس بالظلم ، كما قال تعالى : " لا ينالعهدي الظالمين " . وليس ذلك سوى علي " عليه السلام " .
أضف إلى ذلك : أن إمامة وخلافة علي " عليه السلام " ، إنما هي بجعل من الله سبحانه وتعالى ، لا يجعل من النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لتترتب على المؤازرة المنشودة ، والمرغب بها ، مع علم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بعدم إجابة غير علي " عليه السلام " ،فيكون ما جرى في يوم الانذار لاجل إقامة الحجة ، وقطع كل عذر . فكلام المظفر هو الاولى والاقرب انتهى .
وأما ما ذكره ابن تيمية خامسا ، وأخيرا فهو لا يصح أيضا باي وجه :
أولا : لان وجود حمزة إنما يضر ، لو كان قد اسلم قبل نزول آية
الانذار ، ونحن لم نستطع : أن نحتمل ذلك ، فضلا عن أن نجزم به ؟ إذ من القريب جدا ، بل هو ظاهر ، إن لم يكن صريح ما ورد في كيفية إسلام حمزة : أن يكون إسلامه بعد الاعلان بالدعوة ، وبعد وقوع المواجهة بين النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وقريش ، وبعد مفاوضاتها لابي طالب .
وثانيا : لو سلم فإن إنذار عشيرته يمكن أن يكون أثناء الدعوة
السرية ، وقبل إسلام حمزة ، حتى لو كان قد أسلم في الثانية من البعثة ، ويكون ما جرى بين حمزة وأبي جهل ، بمثابة إعلان جزئي للدعوة . وتكون قريش قد بدأت تتعرض لشخص النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " حتى في الدعوة السرية ، وأما بالنسبة لسائر من أسلم فقد كان ثمة محدودية في التعامل معهم ، وسرية بالنسبة لمن يدخل في الاسلام منهم . ويدل على ما
ذكرناه : أنهم يذكرون : أن قوله تعالى : " فاصدع بما تؤمر " كان هو السببفي إخراج الدعوة من السر إلى العلن . ولا ريب أن إنذار العشيرة كان قبل ذلك .
وثالثا: إن وجود حمزة ، إن كان قد أسلم آنئذ ، كوجود أبي طالب
بينهم ، فلعلهما كانا يريان أنهما غير مقصودين بهذه الدعوة . ولا سيما إذا كانا يدركان : أن بقاءهما إلى ما بعد وفاة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أبعد احتمالا ؟ فإن سن حمزة كان يقارب سن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، كما يدعون ، ولكننا نعتقد : أنه كان أكبر من النبي " صلى الله عليهوآله وسلم " باكثر من عشرين سنة ، لأنه كان أكبر من عبد الله ، والد النبي" صلى الله عليه وآله وسلم " والذي كان أصغر أولاد عبد المطلب .
وهكذا يقال بالنسبة للعباس أيضا .
وأما ابو طالب ؟ فإنه كان شيخا هرما لا يحتمل البقاء إلى ما بعد
وفاته صلى الله عليه وآله ، فلا معنى لان يقدم أي منهما نفسه على أنه خليفته من بعده ، أو على الاقل هكذا فكرا آنئذ .
وهكذا يتضح : أن جميع ما جاء به ابن تيمية إنما كان كسراب
بقيعة ، أو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف .
نقاط هامة في حديث الانذار
الف - روايات لا يمكن أن تصح :
هذا ، وقد حاول إبن تيمية أن يقوي جانب روايات أخرى تبعد عليا
وأهل البيت عن الانظار ، بل وتستبعد الهاشميين منه عموما أيضا كتلك الروايات التي في الصحيحين ، والتي تقول : إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " جمع قريشا - حين نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) فاجتمعوا ، فخص وعم ، فقال : يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار الخ (راجع : منها ج السنة ج 4 ص 83 ، والدر المنثور ج 5 ص 95 و 96 عن : أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي عن عائشة ، وأنس ، وعروة بن الزبير ، والبراء ، وقتادة ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 287 ) .
وفي رواية أخرى : إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " جمع بني هاشم وأجلسهم على الباب ، وجمع نساءه فأجلسهم في البيت . ثم كلم بني هاشم ، وبعد ذلك أقبل على أهل بيته ؟ فقال : يا عائشة بنت أبي بكر ، ويا حفصة بنت عمر ، ويا أم سلمة ، ويا فاطمة بنت محمد ، ويا أم الزبير عمةرسول الله ، اشتروا أنفسكم في الله ، واسعوا في ف فكاك رقابكم ؟ فاني لا أملك لكم من الله شيئا ، ولا أغني ؟ فبكت عائشة وقالت . . ثم تذكر الرواية محاورة لها معه " صلى الله عليه وآله وسلم " (الدر المنثور ج 5 ص 96 عن : الطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة ، وهذه الروايات موجودة في مصادر كثيرة أخرى ...).
وثمة نصوص أخرى كلها تؤكد على دعوته قريشا وإنذاره لها .
وهذه الروايات لا يمكن أن تصح .
فاولا : لقد تقدم : أن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها لم تكن
حينئذ قد ولدت .
وثانيا : إن عائشة ( والغريب في الامر : أنهم يعتقدون : أن عائشة إنما ولدت في الخامسة من البعثة ، والانذار للعشيرة كان في الخامسة ، فهم يناقضون أنفسهم مناقضة صريحة ، وإن كنا نحن نعتقد : أن عائشة قد ولدت قبل البعثة بسنوات ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى . )
وحفصة ، وأم سلمة لم يكن من أزواجه حينئذ ،ولكن من أهله ، وإنما صرن من أهله في المدينة بعد ذلك بسنين كثيرة . .
وثالثا : إن هذه الروايات تناقض ما ورد من أنه " صلى الله عليه وآله وسلم " إنما دعا قريشا وبادءها حين نزل قوله تعالى : فاصدع بما تؤمر .
وليس حين نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) .
ورابعا : ان هذه الروايات تناقض نص الآية نفسها ، فانها تأمره
بإنذار العشيرة الاقربين ، لا مطلق عشيرته ، ولا مطلق الناس ، وعشيرته الاقربون إما هم بنو هاشم ، أو بنو عبد المطلب ، والمطلب .
والقول بتعدد الانذار : لا يدفع الاشكال ، بعد تصريح الروايات :
بان مفادها قد وقع حين نزول الآية عليه " صلى الله عليه وآله وسلم " .
وهذا كله مع غض النظر عما في أسانيد هذه الروايات ، فإن جميع رواتها - كما يقولون - لم يدركوا زمان إنذار عشيرته " صلى الله عليه وآله وسلم " .
ب - ما المراد بكونه خليفته في أهله :
وقد ذكر الشيخ المظفر ( ره ) : أن من الواضح : أن قوله : خليفتي فيكم ، أو في أهلي لا يضر ، ما دام أن ثمة إجماعا على عدم جواز وجود خليفتين : خاص ، وعام . فخلافته الخاصة تقتضي خلافته المطلقة . ولعل الاصح هو : أنه قال - كما في الروايات الاخرى - : " من بعدي " ، أو أنهقال : " فيكم " ، باعتبار أنهم من المسلمين .
وأما القول بان المقصود : هو أنه القائم بشؤونهم الدنيوية ؟ فيكذبه
الواقع ؟ فإن عليا " عليه السلام " لم يكن كذلك بالنسبة لاي منالهاشميين . ولو كان المقصود هو خصوص الحسنين عليهما السلام ،وفاطمة صلوات الله وسلامه عليها ، فإن من الواضح أنهما وكذلك أمهما ما كانوا قد ولدوا بعد . كما أن نفقة هؤلاء واجبة عليه بالاصالة لا بالخلافة ، وأما غيرهم فلم يكن " عليه السلام " مكلفا بالإنفاق عليه ، ولا كان يفعل
ذلك ( راجع : دلائل الصدق ج 2 ص 239 ) .
أضف إلى ذلك كله : أنه بعد أن يصبح الانسان رجلا عاقلا وكاملا ، فإنه لا يبقى بحاجة إلى ولي يدبر شؤونه ، بل يستقل هو نفسه في ذلك .
وعلى هذا ، فلا يبقى للولي وللخليفة معنى . إذا كان هذا هو المراد .
ونشير هنا إلى أن الدواعي كانت متوفرة لتحريف هذه الواقعة ،
وجعلها خاصة بالخلافة على الاهل ، ولا تشمل الخلافة العامة التي هي موضع الاخذ والمراد كما هو معلوم .
ج - لماذا تخصيص العشيرة بالدعوة ؟ ! :
هذا ولا يخفى أن الاهتمام بدعوة عشيرته الاقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته ، ونشر رسالته ؟ لان الاصلاح يجب أن يبدأ من الداخل ، حتى إذا ما استجاب له أهله وقومه ، اتجه إلى غيرهم بقدم ثابتة ، وعزم راسخ ومطمئن .
كما أن دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضعف
والقوة في البنية الداخلية ، من حيث ارتباطاته وعلاقاته الطبيعية ، وليعرفمقدار الدعم الذي سوف يلاقيه ؟ فيقدر مواقفه ، وإقدامه ، وإحجامه على أساسه .
أضف إلى ذلك : أنه حين يبدأ بالاقربين من عشيرته ، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء ، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه ، ومقتنع بصحة ما جاء به ، ويريد لاحب الناس إليه ، الذين لا يريد لهم إلا الخير ، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين . وقد رأينا : أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة .
فراجع .
ومن الجهة الاخرى : فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على
أساس قبلي ؟ - فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية - وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبلية كعنصر فعال في حماية مواقفه ، وتحقيق أهدافه ؟ فإن من اللازم : أن يتخذ من ذوي قرباه موقفا صريحا ، ويضعهم في الصورة الواضحة ؟ وأن يهئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم ، بحرية ، وصراحة ، وصفاء ، بعيدا عن أي ضغط ، وابتزاز ولوكان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي في ما بينهم ؟ لأنه عرف مرفوض إسلاميا .
وهنا تبرز واقعية الاسلام في تعامله مع الامور ، وفي معالجتهللقضايا ، الاسلام الذي لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم ،وحتى أعرافهم - الخاطئة - التي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه ،وتحقيق أهدافه .
نعم ، إن الاسلام يعتبر الوسيلة جزءا من الهدف ، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه - كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه .
وفقنا الله للسير على هدى الاسلام ، والالتزام بتعاليمه ؟ إنه خير
مأمول ، وأكرم مسؤول .
وعلى كل حال ، فقد خرج " صلى الله عليه وآله وسلم " من ذلك
الاجتماع بوعد أكيد من شيخ الابطح ، أبي طالب ( ره ) بالنصر والعون ؟
فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللا إنساني ، واللا معقول ، قال له :
" يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننه . يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فاعلمنا ، حتى نخرج معك بالسلاح (تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 28 / 27 ط صادر ) " ....) انتهى)
الى هنا اتوقف بحول الله وقوته واذنه ومشيئته ، سائلا الباري العطوف ان يسامحني عن كل قصور وتقصير في النقل وفي العرض ...
وشكر لله على توفيقه لعبده الفقير الاقل لهذا الشرف وغيره من النعم التي لاتعد ولا تحصى , وما تم عرضه من صوره لحديث الدار ما هو الا جهد شريف مبارك شارك فيه جمع غفير من العلماء والمحققين ...جزاهم الله وحسب نواياهم خير الجزاء
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير الخلق محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين المعصومين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق