السبت، 18 يوليو 2015

رد السيد القائد مقتدى الصدر على ما ذكره شيخ الازهر احمد الطيب عن التشيع

        

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم اخوتي الاحبة ورحمة الله وبركاته
الرد الذي كتبه سماحة حجة الأسلام والمسلمين السيد القائد المجاهد مقتدى الصدر اعزه الله على ما ذكره شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب عن التشيع و كان بعنوان علي بين الإمامة والخلافة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الشيخ الجليل ، إن (الشيعة) حينما ادّعوا (الإمامة)فقد أدعوها لأثني عشر شخصاً فقط أما (السُّنة) فإنهم أسندوا الإمامة لمن هبّ ودبّ - كما يعبرون - فقد جعلوا من الحجاج إماماً ومن ابن تيمية إماماً بل ومن محمد ابن عبد الوهاب إماماً .
فحسب فهمي لو انك نفيت الدليل على إمامة هؤلاء قبل أن تنفي الإمامة عن علي بن أبي طالب سيدنا وسيدكم لكان خيراًَ لك وأزكى .
ولكنك قد تقول أنا لم أنفِ الإمامة بالمعنى العام ، وإنما نفيت (نظام الإمامة ) أو قل (الخلافة) أعني بها الخلافة لرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه الاخيار .
ولعلي لا أستطيع الاستمرار بمناقشتك فيما قلت من نفي الدليل على إمامة علي أمير المؤمنين إلا بعد أن نتفق انا وأنت على معنى الإمامة التي سارعت إلى نفيها وجعلت النفي هو الأصل وقلت أن ما أستدل به الشيعة على امامته انما هو مشكوك ، فيدخل في قاعدة : ( الاحتمال مبطل للاستدلال ).
وظني بك ايها الشيخ الجليل انك لاتساوي بين الإمامة المسنودة والمدعاة لعلي بن أبي طالب عليه السلام وبين الإمامة التي تسندونها وتدعونها لفلان وفلان ، فشتان بين من ذكرنا آنفاً وبين أبن عم الرسول صلوات الله عليه وعلى الرسول والأنبياء أجمعين ، وحريُ بي أن لا أشك بذلك فأنت أعلى وأفهم من ذلك .
ولعلي هنا أذكرك بقوله تعالى {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} والمتسالم عليه عند الطرفين إن الإمامة هنا : الاقتداء والأتباع . ويذكر الرازي في تفسيره ما نصه : فالإمام أسم من يؤتم به كالأزار لما يؤتزر به أي يأتمون بك في دينك ) وهذا مطابق للمعنى اللغوي ايضاً، كما هو منصوص في معاجمها .
وطبعاً هذا بغض النظر عن (الخلافة) ، فعلي ابن ابي طالب هو إمام قبل أن يكون خليفة, ولا يمكن هنا ان نذعن ان الإمامة لا يتصف بها الا النبي ، كما أدعى ذلك الرازي في تفسير الآية: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} من حيث ان إبراهيم عليه السلام كان نبياً ثم جعلت له الإمامة .
فإن الرازي نفسه يذكر في تفسير الآية الشريفة {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} ما نصه: ( بإمامهم ) ، الامام في اللغة كل من ائتم به قوم كانوا على هدى او ضلال، فالنبي إمام أمته والخليفة إمام رعيته والقرآن إمام المسلمين وإمام القوم هو الذي يقتدون به في الصلاة .
من ذلك كله لا يكون حرجاً اذا ادعى أهل المذهب أعني (الشيعة) ان علياً أمير المؤمنين (إماماًَ) ومن أفضل منه في ذلك ولاسيما بعد ورود حديث الغدير المتسالم عليه ولو ضمناً من الطرفين .
فانك ايها الشيخ الجليل لو ادعّيت ان مدح الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار قٌبيل ( وفاته ) لعلي أمير المؤمنين لا ينهض بالمطلوب ، فأقول: اننا وانت نتسالم على كون الرسول معصوماً ولاينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى ولا يصدر منه ( الهجر ) أو اللغو او ما شابه ذلك.. فكيف بمدحه وقبيل وفاته لعلي, فما ظنك أيها الشيخ الجليل بهذا المدح أهو مدح لغوي ولا ينم عن قصد ؟!
أنا لا أشك كما أنت , أن هذا المدح قد جاء من معصوم ولابد من أن مقدمات البيان متوفرة عنده صلوات الله عليه وسلامه ولابد من أنه يقصد بهذا المدح عدة أمور, منها:
أولاًًَ : انه أفضلهم.
ثانياًًَ : أنه خليفته.
ثالثاًًَ : انه أعلمهم.
رابعاًًَ : انه إمامهم.
خامساًًَ : انه أعلمهم به، أي أفضل من يفهم الرسول وسنته والقرآن .
ولاسيما بعد التذكير انه عليه السلام صار عِدل القرآن : ( كتاب الله ) و( أهل بيتي ) والتذكير بالحديث الذي قد ورد في كتبكم من أنه : لولا انه لا نبي بعدي لكان علي نبياًَ ، حينما قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى اهل بيته : ( علي مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) وان دل هذا الحديث على شيء فإنه يدل على ان رتبته سلام الله عليه رتبة الأنبياء ومعه فلا إشكال بإسناد الإمامة لعلي ابن ابي طالب حتى عند أهل السنة وعند ( الرازي).
أيها الشيخ الجليل ... عليّ أن اوجه لك سؤالاً لو سمحت .. مفاده : من أولى بالخلافة؟! .. هل من مدحه الرسول قبيل وفاته ، ونصّ على مدحه دون غيره ، أم من لم يذكرهم الرسول بخطابه الأخير؟!
بل ان مبايعة علي (للخلفاء) الذين سبقوه على حد تعبيرك انما جاء لمصالح اُخَر غير ما قد يُدّعى من انه اقرار لخلافتهم ، فلعله يكون لمصالح أخرى كعدم شق عصا المسلمين ووحدتهم ، او لتقوية شوكتهم ، او لأمور قد خفيت عنا وعنكم .
وعموماً الاستدلال بأن المبايعة اعتراف ، ينطبق عليه ما قلت يا شيخ الازهر من ان الدليل اذا تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال ، فهذا سار عليك كما أردت أن تجريه علينا. ايها الشيخ الجليل ، ما أعظم وأوضح الدليل على إمامة علي ابن ابي طالب ، أعني به مدح الرسول له في مورد خاص قبيل وفاته أو استشهاده والله العالم..وإن ورد مدح لغيره في موارد اُخر عندكم او عندنا أيضاً والله العالم .
فالرسول بمثابة المؤسس للإسلام ، وهو أعرف بمن يمدح وبمن يذُم أو يُحجم عن هذا وذاك.. ولكن المدح حينما يرد بخطاب أشبه بالوصية ، فلا يمكنك أو لا يمكن لأحدٍ جعله سفهياًًَ ، لا يدل على ذلك ، ولا أقل من أن الممدوح فيه خير من الممدوح في غيره.
ومعه فالأفضل والأولى أن يكون الخليفة هو ذاك الممدوح والمذكور في خطاب الوصية ، التي لو وصلت اليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار الدّواة والقلم لكتبها والله العالم.
ولا تنسى ايها الشيخ الفاضل ، ما ذكره بعض خلفائكم من قوله : ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها الا ابو الحسن) .
نعم , الخطأ الذي وقع الجميع به بعد وفاة الرسول إلا من عصم الله تعالى ، هو عدم تمكين الأعلم من الحكم والخلافة وايصال الأمر الى ما دون ذلك ، الا ان ذلك لا يجب ان يكون سبباً للشتم والسباب والصراع وتذكية الطائفية .
فلو أن علياًَ خلف الرسول بعد إمامته ، لما وصل الأمر بالمسلمين الى هذا الحد ولما تمكّن بعض من يدعون اتباع عمر أو أبي بكر من تخريب بلدكم مصر الحبيبة أو ليبيا أو سوريا أو العراق أو البحرين أو غيرها.
لأن علياَ حكم بذوق الرسول ونهجه ولم يحكم بذوقه وفكره كما فعل غيره ، فما سنّ اموراًًَ قد رآها مصلحة آنية الا وفق القواعد العامة التي أخذها بالمباشر من فم ابن عمه الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه المنتجين الأخيار.
اذاًًَ ، فإن الدليل على إمامة علي ليس محتملاًَ بل هو نص وكلام ومدح صدر من معصوم يراد به اموراً ذكرناها أو غيرها ولا يمكن أن لا يراد به عدم خلافته وعدم إمامته والاقتداء به ولاسيما هو القائل : (إن محلي منها محل القطب من الرحى).
فاقتدوا بما يقول تفلحوا وتتخلصوا من شذاذ الآفاق التكفيريين الذين يتغذون على رقاب المسلمين ودمائهم ولحومهم، أعاذنا الله وإياكم منهم.
وتعال معي أيها الشيخ الفاضل الى كلمة سواء بيننا وبينكم : ان لانعبد الا الله ولا نشرك به شيئاًًَ وأن نؤمن بمحمد وما أنزل عليه ، ونواليه ونوالي أهل بيته من ذرية البضعة الزهراء روحي وأرواح العالمين لها الفداء ، ونحبهم ونحب كل الصحب الذين أنتجبهم الرسول من الأولياء والصالحين ممن لم يزلّوا وأن لا نقدسهم او نعظمهم الا بقدر طاعتهم ومحبتهم وعصمتهم ، فلا إله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله والصحب المنتجبين أحباب الله واحباب رسوله وأن لا نكفًّر أحداًًَ لعقيدته أو مذهبه ، بل المطلوب منا الآن الوحدة وتقويتها وعدم الانجرار خلف شذاذ الآفاق وتصرفاتهم الرعناء ، وان نحمي مقدساتنا في كل بلدان العالم ، وان يكون عدونا واحد ، ذلك فضل الله علينا..
اللهم فأتمم نعمك علينا وأرفع هذه الغمة عن هذه الأمة.

مقتدى الصدر

25 رمضان المبارك 1436

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق