الاثنين، 13 يوليو 2015

دموع في مولد المجتبى(عليه السلام)


ولد الامام أبو محمد الحسن الزكي المجتبى سبط النبي وريحانته وثاني اوصياءه وخليفته في النصف من شهر رمضان المبارك ، من السنة الثالثة للهجرة ، في مدينة جده المنورة ، وكان مولده(عليه السلام)، بعد مبعث جده رسول الله( صلى الله عليه واله وسلم)، بخمسة عشر سنة وأشهر، وولدَته السيدة فاطمة(عليها السلام)، ولها أحد عشر سنة كاملة (كما نقل أرباب السير والتراجم)
وكانت ولادته(عليه السلام )، مثل ولادة جده وأبيه (صلوات الله عليهم)، طاهرا مطهرا يسبح الله ويهلل في حال ولادته ، ويقرأ القرآن على ما رواه أصحاب الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وكان شبيه جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) خلقا وخلقا (كشف الغمه ج2ص80).وأن جبرئيل ناغاه في مهده...
ويالها من سعادة وفرحه غمرت البيت النبوي الطاهر وانتشرت في السماوات والأرض حينما أشرق نور المجتبى(عليه السلام )، ولكنها كانت ممزوجة بدموع الحزن لما سيلاقي الإمام الزكي من كثرة البلاءات والمحن.
وقام الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، ببيان بعض مقامات ولده الزكي (عليه السلام)، ومكانته لكي يكون الناس على علم ومعرفه حين يقدمون على أي عمل اتجاهه فقد روي عن المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)،انه قال فيه(عليه السلام):
(...هو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فإنه ليس مني ...) ( فرائد السمطين ج 2 ص 35)
وعن أنس بن مالك قال: دخل الحسن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأردت أن أمطيه عنه ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
(ويحك يا أنس، دع ابني، وثمرة فؤادي ، فإن من آذى هذا آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله) (سنن ابي ماجة ج 1 ص 51 )

وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال :
(لو كان العقل رجلاً لكان الحسن)(فرائد السمطين)

وقال(صلى الله عليه وآله وسلم):
(اللهم إن هذا ابني وأنا أحبُّه ، فأحبَّه ، وأحبَّ من يحبه)

وقال(صلى الله عليه وآله وسلم):
أحب أهل بيتي إليَّ: (الحسن والحسين) (تهذيب تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 205 والغدير ج 7 ص 124 وفضائل الخمسه، وفرائد السمطين)

وقال(صلى الله عليه وآله وسلم)، للحسنين(عليهما السلام):
(ابناي هذان إمامان، قاما، أو قعدا) (مجمع البيان ج 2 ص 452 و المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 368)

وهذا نزر يسير مما بينه المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، بحق ولده الحسن المجتبى(عليه السلام)، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، كشف عن جمله من الامتحانات التي سوف تجري على هذه ألامه بخصوص عترته الطاهرة ومنهم إمامنا الحسن(عليه السلام) ، فعن ابن موسى ، عن الأسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن ابن جبير، عن ابن عباس ، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن عليه السلام فلما رآه بكى ثم قال:

(إلي إلي يا بني فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى وساق الحديث ، إلى أن قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم:
..وأما الحسن فانه ابني ، وولدي ، ومني ، وقرة عيني وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الامة أمره أمري ، وقوله قولي من تبعه فانه مني ، ومن عصاه فليس مني . وإني لما نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي ، فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شئ حتى الطير في جو السماء، والحيتان في جوف الماء من بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون ، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ) (امالى الصدوق : 99 , بحارالانوار 44: 148)

وبعد هذا المولد المبارك بفترة قصيرة من الزمن ولد إمامنا أبو عبد الله الحسين الشهيد (عليه السلام)، فامتلأت الأرض بأنوار الله المقدسة ، قادتنا وسادتنا أصحاب الكساء (صلوات الله عليهم اجمعين)،فتنعم الخلائق بهذه النعم العظيمة والبركات الكثيرة المفاضه من هذه الأنفس الطاهرة ، وكانت نشأة الحسنين (عليهما السلام ) سويه ، يرى الناس أنوارهم ويسمعون كلامهم ويعاينون سيرتهم وسلوكهم ، وكيف يتعامل معهم المصطفى (صلى الله عليهة وآله وسلم)، وكيف يتعامل معهم المرتضى(عليه السلام)، وكيف تتعامل معهم الزهراء(عليها السلام)، فوالله إن حياتهم يعجز اللسان عن وصفها لان العقول قاصرة عن إدراكها ومع كل ذلك تجد الاعتراضات على قدم وساق من قبل المعترضين ، والله العالم بدوافع هذه الاعتراضات هل هي نتيجة ضعف الإيمان بالحقائق الإلهية مع ان الباري(جل في علاه) يقول :
(( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4))(النجم)
أم هو حسد على ما اعطى الله المصطفى وعترته من الفضل والكرامات، أم هو انعكاس لما في قلوب البعض من أمراض جعلت من أصحابها أضل من الأنعام سبيلا ، وإلا فماهو تفسير كثرة الاعتراضات المتكررة والعداوات المتأصلة والأحقاد المتراكمة طيلة هذه القرون على أفضل خلق الله؟
ويمكن لنا في هذه المناسبة الجليلة التنويه الى بعض الامور والتي منها :

1ـ تم التطرق في كتاب الله إلى سيرة بعض الأنبياء والأولياء ، وذلك لفوائد جمة والتي منها:
اخذ العظة والعبرة , سيما وان ماجرى على الأمم السابقة سوف يجري علينا وسوف نحذو حذوهم، حذو النعل بالنعل والقذه بالقذه .

2 ـ ان المتتبع لسيرة نبينا المصطفى، وإمامنا المرتضى والسيدة الزهراء (صلوات الله عليهم )، يجد فيها ، ادوار متعددة من الناطقية ، والتي يجب علينا فهمها لكي ننجوا من الوقوع في بئر الاعتراض على المعصومين(عليهم السلام)، وتلاميذهم المخلصين(قدس)، أثناء المسير الإلهي .
وفي سياق هذا المقال المتشرف بذكر مولد الامام الحسن عليه السلام، الم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بحق ولديه الحسن والحسين(عليهما السلام):
( ابناي هذان إمامان، قاما، أو قعدا )
وقال الله تعالى:
((...وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))(من الآية 7 :الحشر)
ومع كل ذلك فقد اعرض الناس عن سماع قول ربهم وقول نبيهم؟!
وذلك بسبب كثرة الذنوب التي سودت قلوب أصحابها , فكان (( عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون ))(سورة الروم/ الآية10)
مما جعل الامة تحتاج إلى جهد جهيد وكفاح عظيم من قبل أئمتنا (عليهم السلام)، وتلاميذهم المخلصين(قدس)، لكي تشعر بمسؤوليتها اتجاه خالقها واتجاه نفسها، ولابد من أن يكون تكاملها اختياري وبشعور واعي لكي يتحقق الهدف الإلهي .
قال الامام الحسن (عليه السلام):
(...اقسم بالله قسما تاليا لو ان الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و لما اختلف فى هذه الأمة سيفان ، و لأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة ...)

3ـ لقد أصيب إمامنا الحسن الزكي(عليه السلام) بظلم عظيم فقد :ـ
خان الناس جده المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، وابيه المرتضى (عليه السلام)، واستسلموا لمن أزاح الرسالة عن قواعدها، واغتصب حقوق العترة ، وحرق دار الرسالة .
ثم كررو الخيانة مرة اخرى بقتلهم أمير المؤمنين(عليه السلام) ، مبايعين الطلقاء بيعة العبيد، ثم عمدوا الى قتل الامام الحسن(عليه السلام) ، مردفيها بالاعتداء على نعشه الشريف ، ثم عدوا على أخيه والقائم بالأمر من بعده الامام الحسين(عليه السلام) ، فقتلوه عطشانا قرب شط الفرات في مجزرة وملحمة لن تبرد حرارتها ولن يخبوا ذكرها الى يوم القيامة ، ثم نزوا على حجج الله الثمانية المعصومين من ابناء اخيه الامام الحسين(عليه السلام) ، فقتلوهم واحد تلو الاخر، ولو تمكنوا من قتل قائمهم (عجل الله فرجه )، لقتلوه ولكن ((...يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32))،ونتيجة طفح الحقد الاعمى في قلوبهم ، اقبلوا على الضريح المقدس للامام الحسن وابناء اخيه الائمة السجاد والباقر والصادق(عليهم السلام)، فهدموه وسرقوا مافيه من ذخائر وكنوز في الثامن من شوال (1932)،...

4 ـ ان شاء الله سوف تصل الامة إلى مرحلة معتد بها من الشعور بالمسؤولية الالهية ، ومستوى لابأس به من الوعي مادام فيها من يستمع الى اولياء الله ، الذين حملوا الامانة بهمة الابطال ليقودوا الامة نحو الفهم الحقيقي لما يريده الله وكيفية التمسك بحبله المتين ، فتحققت بذلك نتائج كبيرة على يد ابطال الحوزة الناطقة الشريفة وخصوصا الشهيدين الصدرين المقدسين ، فلقد راينا ماحققه السيد محمد باقر الصدر من نتائج نوعية اغضبت الطواغيت مما جعلهم يقتلوه ، ورأينا كيف تعامل مرجعنا السيد محمد محمد صادق الصدر مع الأحداث، فالتزم التقية حين رآها ترضي الله وخرج طلبا للإصلاح حين رآه يرضي الله , وقد أصاب الهدف في المرحلتين ، حتى صرخ الشيطان الاكبر قائلا: اطفئوا نار الكوفة
واليوم هاهو الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر ، يقود ثلة طيبة من الامة ، ادركت معنى الطاعة الحقيقية وثمرة التسليم لأمر الله تحت قيادة أولياء الله وان القادة الإلهيين لايسبقون الله بالقول وهم بأمره يأتمرون.
فقاد بهم ثورة الاصلاح المباركة ، خالصا وجهه لله ، فما كان لله ينموا ويتكامل ويثمر ،وما علينا إلا الجد والاجتهاد والصبر والتسليم والرضا بقضاء الله وقدره والتوكل عليه مخلصين له الدين ، فالخير والبركة وسعادة الدارين في مواصله السير على خطى السيد مقتدى الصدر متمسكين بمنهج الشهيدين الصدرين ، عسى أن نتشرف بالفرج القريب لوريث الأنبياء والأوصياء الذي سيملئ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، ان الله على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق