ما اهم وجود المرأة في الحياة الانسانية ، بل لا حياة انسانية بدون وجود المرأة
فهي الام وهي الاخت وهي الزوجة وهي البنت...
هي المدرسة التي ان اعددتها اعددت جيلا طيب الاعراق.
هي الحب والحنان والرقة والعاطفة والتضحية والصبر والايثار...
هي التي ان تكاملت كانت خديجة الكبرى وثمرتها فاطمة الزهراء، وكانت مريم العذراء وثمرتها عيسى المسيح، فما اكرمها من شجرة مباركة طابت وطهرت وفاض منها الطيب.
وفي هذا المبحث يتم التطرق الى رؤية كل من الروائية: اليف شافاق ، والشهيدة آمنة الصدر الى موضوع حرية المرأة في كتاباتها الروائية والقصصية ، لمعرفة اي من هاتين الرؤيتين ادق واعمق وتصب حقيقة في خدمة وتكامل وحرية المرأة المتحضرة .
المبحث يتكون من محورين بالإضافة الى خلاصة المبحث :
المحور الاول. ويحتوي على النقاطة الآتية:
1.من هي إليف شافاق ( Elif Şafak):
هي روائية تركية ، من مواليد 1971 ، في ستراسبورغ(شرق فرنسا وهي مقر البرلمان الاوربي) ، والدها الفيلسوف نوري بيلغين ، ووالدتها شافاق أتيمان ، خريجة جامعة الشرق الأوسط التقنية في تركيا، ومنها حصلت على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية، تكتب باللغتين التركية والإنجليزية، نُشر لها 12 كتاب ثمانية منها روايات ، حصلت روايتها الصوفي الصادرة عام 1997 ، على جائزة رومي لأفضل عمل أدبي في تركيا عام 1998. وحصلت روايتها النظرة العميقة على جائزة اتحاد الكتاب التركيين عام 2000. تمثلت كتاباتها برؤية تجديدية (في الاخراج الصوري للحدث ) ، فمن خلال تشتيت عدة قصص ونسج خيط مشترك يتفاعل بين مفردات هذه القصص ، نقرا قصة ذات بعد ورؤية تمثل فهم الكاتبة للحياة ، وللمرأة بأسلوب تشويقي أخاذ ، وذلك من خلال استعراضه لتفاعلات الشخصية الانسانية بشكل دقيق ، كما تراها الكاتبة حيث تضع بعدها الفلسفي في رؤيتها القصصية ولو تأملنا قليلا بهذا البعد الفلسفي لوجدنا انه ليس فلسفة خاصة ، ولكن اسلوب استعراضها يبدوا جديدا للوهلة الاولى.
للكاتبة إليف شافاق عدة روايات والتي منها ما يلي:
الشر في عيون الأناضول، 1994م
مدينة المرايا، 1999م ، خاص 2000م
قصر القمل، 2002م ، المطهر، 2004م ، مد وجزر، 2005م
لقيطة اسطنبول باللغة الإنجليزية عام 2006 م
ورواية قواعد العشق الأربعون عام 2009 م
2. تم قراءة العديد من روايات الكاتبة إليف شافاق ، وسنتناول في ابعاد هذا المبحث استقراءً للروايات التالية :
ا. رواية قواعد العشق الاربعون
ب. رواية الحليب الاسود
ج. رواية لقيطة اسطنبول
لما وجدته من اسلوب معالجة للكاتبة كان يمثل رؤيتها الخاصة للمرأة .
ا. رواية قواعد العشق الأربعون صدرت عام 2009 ، وطبعت في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا عام 2010 ، وترجمها للعربية ، المترجم الذي يعمل في الامم المتحدة خالد الجبيلي في عام 2012 ، وصدرت النسخة العربية من دار طوى.
تسرد الكاتبة في الرواية حكايتين متوازيتين, إحداها في الزمن المعاصر والأخرى في القرن الثالث العشر, عندما واجه جلال الدين الرومي عام 1244 م، مرشده الروحي(كما تقول الكاتبة), الدرويش المتنقل "شمس التبريزي" فتحول من رجل دين عادي إلى شاعر صوفي يجيش بالعاطفة، فابتدع رقصة الدراويش، وتحرر من جميع القيود والقواعد التقليدية. لكن أفكاره لم تلق ترحيباً من جميع الناس، وأصبحت الرابطة الروحية القوية بين شمس التبريزي والرومي نهباً للشائعات والافتراءات والهجمات. وأسئ فهمهما، وحط الناس من قدرهما، وخانهما أقرب المقربين إليهما. وبعد مضي ثلاث سنوات على لقائهما انفصلا على نحو مأساوي، بقتل التبريزي.
اما التي في الزمن المعاصر ، خريف عام 2008 ، وفي نورثهامبتون التابعة لولاية ماساتشوستس (شرق الولايات المتحدة الامريكية)، فتحكي عن، شخصية إيلا روبنشتاين :وهي إمراة يهودية أربعينية ، خريجة آداب انكليزي من جامعة سميث، تعيش حياة رتيبة مع زوجها “ديفيد” طبيب الأسنان الناجح ، ولديها منه ثلاثة ابناء الاولى (جانيت)، في الاول جامعة ، ومن بعدها توأم ، البنت (اورلي)، والولد(آفي) ، ولديها كلب ذهبي عجوز اسمه(سيبيريت)، يرافقها في جولاتها الصباحية ، يعيشون في منزل فاخر مبني على الطراز الفكتوري ، وبحالة اقتصادية جيدة حيث لديهم تامين على الحياة وعلى السيارات وبرامج للتقاعد وخطط توفير في الجامعة وحساب مصرفي ،وشقتان اخريان واحدة في بوسطن والاخرى في رود آيلاند ، وفي عيد الحب الاخير اهداها زوجها قلادة ماسية على شكل قلب مرفقة ببطاقة كتب عليها عبارة جميلة عرفانا منه بجهودها ولكنها راتها كأنما نعي لحياتها ، وكانت بشخصية لاتتحمل المجازفة ولذا لم يستطع احد بما فيهم ايلا نفسها تفسير حقيقة ما يجري عندما تقدمت بطلب الطلاق في خريف عام 2008 م، بعد مضي عشرين سنة من زواجهما ، انه الحب (كما تشير الكاتبة) ، لم يكونا يعيشان في المدينة نفسها ولا في القارة نفسها انهما مختلفين اختلاف الليل والنهار ، وكان اسلوب حياتهما مختلف الى درجة استحالة تحمل احدهما لوجود الاخر ، وفجأة وبسرعة لم تتح لإيلا فيه وقت لتدرك حقيقة ما يجري ولكي تحذر من الحب دهم الحب حياتها
كانت ايلا ترى في الفترة الاخيرة ترى ابنائها بانهم لم يعودوا بحاجة اليها كما في السابق وان حياتها روتينية رتيبة ، وفي يوم السبت المصادف 17/ 3/ 2008م وهم جالسين على مائدة الطعام وكانت في زيارتهم العمة(إستر)، بشرها زوجها بانه وجد لها وضيفة في وكالة ادبية عن طريق توسط احد مراجعيه في العيادة الطبية مشجعا لها على قبول هذه الوظيفة فاستبشرت العمة استر وقالت بان ايلا تستحق هذه الوظيفة ولكن ايلا تساءلت هل هذا لشعور زوجها بالندم لعدم تركها تعمل في السابق او لشعوره بالندم لأنه على علاقة مع امرأة اخرى وفي هذه الاثناء تكلمت بنتها جانيت بان ايضا لديها خبر سار وهو انه قررت مع زميلها سكوت الزواج ، واكدت الخبر مرة اخرة لوالدها ، حينها تكلمت والدتها بعد ان كانت تفكر بحال حياتها الزوجية الرتيبة من جهة وبهذه الوظيفة الجديدة من جهة اخرة ، فقالت ايلا لبنتها لماذا، فأجابتها بنتها لأنه تحب سكوت فلم تقتنع ايلا بهذا الجواب فقالت انه يمكن ان تتفهم اذا كان هنالك امر خفي كان تكون حاملا منه فأعادت بنتها الجواب بانها تحب سكوت ولا يوجد امر آخر هنا تكلمت ايلا قائلة (أه ـ نعم وكأنك تستطيعين ان تتعرفي على شخصية رجل خلال ثمانية اشهر ، لقد مر على زواجي انا ووالدك عشرون سنة ، ومع ذلك لا يمكن ان ندعي ان احدنا يعرف كل شيء عن الاخر...)، وبعد كلام ردت ابنتها بقولها (اعرف لماذا تفعلين ذلك لأنك تغارين لأنني سعيدة وشابة انك ترغبين في ان تجعلي مني ربة بيت حزينة انك تريدين ان اكون مثلك يا امي)، طلب والدها ان تعتذر ولكن بنتها انسحبت من المائدة ثم تبعها اورلي وآفي ثم العمة وبعد هذا الجو من التوتر والاحساس بارتباك الشديد سال يفيد ايلا قائل(هل يمكنني ان استنتج انك لم تتزوجي الرجل الذي احببته)، فاعتذرت قائلة بانها ، فسال ومتى توقفت ، حينها اجهشت بالبكاء ، وانقذ الوقف ان جرس الهاتف يرن فأجابه ديفيد واذا هي الوكالة تريد ان تتحدث مع ايلا حول اول عمل ارسل لها من قبل الوكالة الادبية وهو نقد وكتابة تقرير عن كتاب يدعى "الكفر الحلو" وانها لابد من انهاء العمل في الوقت المحدد ، الرواية كاتبها رجل يدعى "عزيز زاهارا". تفتتن إيلا بقصة بحث شمس التبريزي عن جلال الدين الرومي ودوره في تحويله من رجل دين ناجح ولكنه تعيس إلى صوفي ملتزم, وما تلا ذلك من أحداث انتهت بمقتل التبريزى وتحول الرومي إلى شاعر عاطفي ، وتأخذ أيضاً بقواعد شمس , التي تقدم نظرة للفلسفة القديمة التي قامت على توحيد الناس والاديان, ووجود الحب في داخل كل شخص منا. من خلال قراءتها لهذا الكتاب تدرك أن قصة الرومي تعكس قصتها وأن زاهارا كما فعل شمس في الرواية , جاء ليريها طريق الحرية ، فتبدأ بمراجعة حياتها الأسرية والزوجية ، وتقرر تغيير ذلك ، فتهجر كل شيء وتلتحق بمؤلف الرواية ، زاهارا الهولندي المسيحي والذي أسلم لاحقا وأصبح “عزيز”، معلقا قلادة في صدره عليها شمس لتذكره بشمس التبريزي ، بعد أن تعرفت عليه عبر الإيميل ، وبعد عدة مراسلات جاءها الى بلدها لتلتقي به وبعد عدة ايام رحلت معه لتهجر اسرتها وزوجها وبلدها بدون وداع وهناك في تركيا وبعد عدة اشهر مات عزيز زاهار بسرطان الجلد وهي بجانبه وشاركت في دفنه في قونيا إلى جوار قبر الرومي، ومع وكانت مقتنعة بهذه النتيجة غير ملتفته الى موضوع خسارتها لبيتها وزوجها وابنائها ...، بحجة التزامها بقواعد العشق الاربعون.
ب. مختصر رواية الحليب الاسود.
محور القصة شخصية كاتبة تعيش ارهاصات نفسية بعد ان تستقبل خبر ولادة طفل لها ومحورية الحليب الابيض الذي سمي اسودا في القصة رؤية للمرأة وما تقدمه للجيل من حليب ممزوج ما بين سواد الأفكار السلبية الكئيبة التي تداهم بعض الأمهات بعد الولادة مباشرة وما بين حبر المثقفة وبعده الثقافي ونوازعها النفسية.
ج. مختصر رواية لقيطة اسطنبول.
ترصد الرواية العلاقة الشائكة بين الأتراك والأرمن من خلال عائلتين الأولى تركية تعيش في إسطنبول، والثانية أرمنية تعيش في الولايات المتحدة التي ربطت بينهم قرابة منذ أجيال بعيدة مرتبطة بالإبادة ولا يعرف عنها الأحفاد، خلال رواية قصة (شوشان) الفتاة الأرمنية التي هاجرت عائلتها من بلدها إلى الولايات المتحدة، هرباً من المجازر التي أرتكبها الأتراك، وذلك على لسان حفيدتها أرمانوش التي عادت إلى إسطنبول للبحث عن أصولها. وسوف تكتشف أرمانوش، بالتعاون مع آسيا، أسراراً كبيرة عن العائلة وعن تاريخ تركيا الحديث.
كانت الرواية تمثل صورة لمجتمع انثوي متعدد الاجيال ومقدار تأثيره في المجتمع العام ، وتأثره فيما بينه باعتبار استقراء عنوان الجدة والام واختلاف مستواهم الثقافي والبيئات التي تعايشوا بها ومعها .
4.مناقشة رؤية الكاتبة إليف شافاق ، الى موضوع حرية المرأة في رواياتها .
*.العناصر المكونة لرؤية إليف شافاق ، تعتمد على ما يلي:
ا. الاختلاف الثقافي(على سبيل المثال: ارمني تركي، شرقي غربي ، مسلم يهودي ، ...) .
ب. ان الخصائص الانثوية للمرأة في المعنى الاجتماعي وليس الفسلجي يحدد هويتها المجتمع.
ج. النوازع النفسية وعنصر الاكتئاب يمثل عنصر طبيعي منتج في شخصية المرأة وقراراتها.
د. ان جوهر المرأة شيء لم نفهمه ، ولم تفهم المرأة جوهرها لأنها وكما تقدمها تعيش برؤية واطار ذكوري.
هـ. النظر الى مؤسسة الزواج كجهة مواجهة في كتاباتها ، لذا فهي تحاول ايجاد حل خارج هذه المؤسسة وهذا امر يربك المجتمع الانساني باعتبار ان مؤسسة الزواج ضمانة انسانية للحفاظ على مصداقية العلاقات المتبادلة بينهم
و. رسم علاقات شخصياتها مع الجذر الاجتماعي بصورة متذبذبة ومترددة ، ولا تقدم شيئا جديدا، فبطلة قصة احد روايتها(لقيطة اسطنبول) ، تبدأ بقرارات بعيدة عن العائلة ثم ما تنفك بعد برهة وتعود لاستخدام اما خبرة الام او الجدة في معالجة مشاكلها وهذا يؤشر الى امرين
الاول. ان قضية الانفصال عن الام او عن الاب لا يمكن تطبيقها حتى في قصص شافاق
الثاني. حتى وان جعلت الجدة والام حاضنة لشخصية البطلة فهذا لا يلغي التأثير الذكوري على نشأة هاتين الشخصيتين
اذن لم تصنع اليف شافاق اي صورة لمجتمع انثوي بمعزل عن التفاعل عن الجنس الاخر، (اي لم تجعلها مستقلة عادت صياغة الواقع الطبيعي ، فالتردد السمة الذي يمثل كمال ، فلم المرأة لم تعطي مخرج ، فلا يوجد مجتمع نسوي خالص ، لان الحياة مكونة من جزئين متفاعلين وهي تحتاج الى هذا التفاعل)
ز. ان استعمال مفهوم تغيير الزمان والمكان في حل جوهر المشاكل امر جدلي، بسبب وجود مشاكل لم يتم حلها باستعمال طريقة تغيير الزمان والمكان ، نعم في ذلك تشويق واثارة قصصية ولكن جوهر المشكلة باقي والذي يحصل هو تسفير المشكلة في اسلوب الانتقال المكاني مثلا ، بالتالي بقاء المشكلة لبقاء مفرداتها وخصوصا في المشاكل الذاتية للشخصية نفسها.
*.وفق ما ذكر اعلاه ، يتم طرح السؤال التالي:
هل ان المرأة حرة ضمن هذه الرؤية ؟
الجواب:
بالتأكيد لا ، بل هي مغيبة ذاتا وقرارا ، ماضيا و مستقبلا ، فبالتالي ماهي حرية المرأة؟
لكي يتم توضيح المطلب من النافع الالتفات الى النقاط التالية:
1. العلاقة بين الحرية وطبيعة القرار.
لو تأملنا بعمق في كتابات إليف شافاق ، فإننا لانقرأ اي مدخل لحرية المرأة باعتبار انها لا ترسم اي شخصية تمتلك القرار حتى بعد ان تعيد تشكيلها في كتاباتها واهم عنصر مميز للحرية هو ، القرار المستقل ، بعيدا عند التردد والتذبذب.
والمرأة التي تقدمها الكاتبة إليف شافق ، في شخصياتها القصصية تعكس بعدا للوحدة والانعزال اكثر مما تعزز بناء الشخصية باعتبار انه تضعها ضمن اطار الحب والعلاقات المثيرة وتخفي عيبا اساسيا عميقا في تشكيل شخصيتها
فحينما نتأمل بشخصية إيلا التي قدمتها الدكتورة اليف شافاق في رواية قواعد العشق الاربعون، تجدها شخصية بوضع اقتصادي واجتماعي وثقافي ...، جيد ، ومع ذلك تنحدر فجأة لتصبح شخصية متذبذبة انفعالية تتخذ قرارها بمعزل عن جذرها الانساني المتراكم الخبرة ، وتهمل توجيهات عقلها ، ويكون قرارها تعبير عن تلبية حاجتها الغرائزية بشكل بدائي وفوضوي ، فهذا القرار سيكون غير صائب ولا ينم عن بعد حضاري لأنه من غير الممكن خلق فكر موزون حقيقي من امرأة مضطربة مترددة قلقة وذات شخصية عبثية ، بل ان ما يترشح عن هذه المرأة من افكار ستكون بعيدة عن القوانين المعرفية والطبيعية ونعني بالقرار ، القرار الذي لا يكون تلبية للنوازع النفسية ، بل يكون قرار حل يقف بوجه النوازع النفسية ، ولذا تجد كل حالة تغير في شخصيات اليف شافاق ، كان ردة فعل او مخرجا لصراع نفسي ولم يكن قرارا مبني على رؤية واضحة.
2. هوية المرأة.
هوية المرأة في كتابات إليف شافق ، اما ان تكون مغيبة ، أو ملغاة ، لان الكاتبة تعتبر هذه الهوية صناعة اجتماعية وليست صناعة خاصة بشخصيتها الانثوية وهذا الطرح يقارب ادبيات رؤية نظرية الفوضى الخلاقة ، التي رفع لواءها ، مجموعة من السياسيين الغربيين بعد احتلال العراق والربيع العربي.
فنظرية الفوضى الخلاقة ، التي استعملتها امريكا على المستوى السياسي في بعض الدول ، تمت الدعوى اليها والترغيب بها ، لكي تصبح اسلوب جديد في معالجة مشاكل الفرد ، حيث يعرفونها بانها : حاله إنسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة من أشخاص معروفه من أجل مساعده الآخرين في الاعتماد على انفسهم.
وللتوضيح اكثر ، هنا يتم استخدام مجموعة من المتغيرات المتضمنة بعض الاختلافات في اللغة والدين والجنس ، باعتبار ان هذه الاختلافات بحد ذاتها جانب ايجابي ، وادخالها في دائرة الصراع لكي يترشح منه شيء نافع ، كعمل فوضى خارج النظم لإنتاج نظام نافع للبلد ، أي ان صراع المتناقضات ينتج منه شيء جديد ونافع.
اذن فنحن هنا ، امام تغييب للهوية تظن الكاتبة انه خلاق ، لإنشاء هوية جديدة للمرأة تحدد ملامحها النوازع النفسية للشخصية ذاتها.
وهذه النظريات في واقعها نظريات سياسية مؤدلجة تهدف بالدرجة الاولى لإخضاع الانسان للنظام العالمي ولا يترشح منها اي بناء يعزز استقلالية الفرد وحريته والقرار الصائب له.
ج. كيف يتم قبول الطرف الآخر.
الكاتبة إلف شافاق ، تقدم مفهوم لقبول الطرف الآخر ، لا يُفَرِقْ بين الرؤى الفلسفية والعادات والتقاليد ، فقد وضعت الفارق الديني بمنزلة الفارق الثقافي ، وهو امر له جذوره الذي لا يميز ما بين التجربة الاجتماعية المكونة للثقافات والعادات في الشعوب وبين الايديولوجية ببعدها وجذرها المعرفي ، سواء كانت صائبة او غير صائبة ، وجعل الايديولوجية العقائدية بمنزلة العادات والتقاليد ، وهذا يؤدي الى السقوط في الوهم التالي وهو:
ان الانسانية ليس لها غاية روحية سامية تتحقق من خلال العقيدة الصائبة .
وهذا كله في قبال ما تطرحه الايديولوجية الاسلامية من التعايش مع الطرف الآخر الذي يختلف عقائديا ، والقبول ببعده الانساني كعامل مشترك للتعايش الانساني وهذا الفارق يعطي رؤية تقول بأن الانسانية لها غاية سامية تسعى لها ، وان الاختلاف يمكن ان يزول بالحوار وليس بالإلغاء ، أو بالإقصاء والتهميش
وذلك لان الايديولوجية الاسلامية تنظر الى الاختلاف بمستويين:
1.المستوى الطبيعي : وهذا مهم للتكامل والتبادل ، حيث قال تعالى:
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)) (الحجرات)
2.المستوى الايديولوجي : الاسلام يسعى لتهذيب الاختلاف وليس احتوائه ، لان الاسلام حينما يرفض بعض الافكار والتصرفات ، يرفضها لأنها ليست صحيحة في المجتمع الانساني ، فهل يقبل المجتمع الانساني عودة النازيين مثلا او الفاشيين ، بالتأكيد لا يقبل ، اذن هنالك فارق نوعي بين احتواء الاختلاف وتهذيبه.
المحور الثاني: هل هنالك رؤية تنظر الى موضوع حرية المرأة ، بشكل ادق واعمق من رؤية الكاتبة اليف شافق ، الجواب نعم، وهذا ما نجده في كتابات الشهيدة آمنة الصدر ، والتي تحث على التمسك بكل ما بشأنه ان يرتقي بمستوى الإنسانية من دين وافكار واخلاق وطرق معاملة بين الناس، وهذا ما سيتم التعرف عليه في هذا المحور وذلك ضمن النقاط التالية:
1.من هي الشهيدة آمنة الصدر .
هي الشهيدة العلوية آمنة بنت سيد حيدر بن سيد اسماعيل الصدر(قدس)، المعروفة ببنت الهدى ، المولودة عام 1937م والتي اغتالها النظام العالمي المستبد عام 1980 من خلال عميله السياسي في العراق الهدام(لعنه الله)، لما شكلته من خطر ثقافي ومعرفي باعتبارها شخصية عميقة الفكر ، وصاحبة حداثة في اسلوب المعالجة ، من خلال ما قدمته من ادبيات تختص بقضايا المرأة وحريتها ودورها الريادي في المجتمع ، حيث كان لها نشاطات متعددة في مجال السياسة والثقافة والعقائد ، وبذلت جهود كبيرة من اجل تحرير العقل العراقي من التبعية ، للطبقة السياسية الظالمة ، حيث انها عبرت عن رؤيتها لحرية المرأة ، بمنظور آخر يمكن ان نسميه ، حرية قائمة على تنمية المميزات الذاتية للمرأة (مثلا : ان المرأة الامية تكون اكثر حرية حينما تتعلم ، والام تكون اكثر تحررا عندما تتعلم ، وكذلك الزوجة ، تكون صالح وحرة اكثر كلما وضفت الخبرة الاجتماعية لهذا العنوان )، للشهيدة بنت الهدى ، العديد من المقالات المنشورة في مجلة الأضواء النجفيه ، كما لها اشعار ، ومجموعة قصصية طبعت ونشرت لعدة مرات ، وتحتوي هذه المجموعة القصصية على ما يلي :
1-الفضيلة تنتصر. ، 2-ليتني كنت أعلم. ، 3-امرأتان ورجل.
4-صراع من واقع الحياة. ، 5-لقاء في المستشفى. ، 6-الخالة الضائعة.
7-ذكريات على تلال مكة. ، 8-الباحثة عن الحقيقة. ، 9-كلمة ودعوة.
10-بطولة المرأة المسلمة. ، 11-المرأة مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
12ـالمرأة في شريعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).
2. في هذه النقطة من المحور الثاني من المبحث سيتم اختيار عدة نماذج قصصية ، تبين من خلالها الشهيدة بنت الهدى ، رؤيتها الى موضوع حرية المرأة، نذكر هنا كنموذج قصة الخالة الضائعة.
قصة الخالة الضائعة ص371 ، (ملخص القصة):
ذهبت الخالة الى اختها لتتكلم معها وحينما التقت بأختها وكانت خديجة بنت اختها موجودة في المجلس وتسمع الحوار ، تحدثت الخالة عن مدى تضحيتها من اجل ابنها الدكتور هشام وبنتها بشرى التي تدرس في خارج العراق بحيث انها قامت ببيع كل ما تملكه من قطع ذهبية ورهنت بيتها لمرتين من اجل ابنائها ، وفي النتيجة قام ابنها الدكتور بطرد والدته من منزله لان زوجته تراها دون مستوى النساء التي تلتقي بهن في بيتها ، اما ابنتها بشرى فكانت تتعامل مع امها وكأنها خادمة في البيت ومربية لابن بنتها مع ان بنتها تتجول في اوقات فراغها ما بين المسارح ودور السينما والنوادي ، وليلة امس كان حفيدها من بنتها كثير البكاء بحيث اتعب الجدة وحينما رجعت ابنتها متأخرة الى المنزل استقبلتها والدتها ولأول مرة اشتكت والدتها من حالة التعب الذي اصابها وانها ليست خادمة في البيت بل هي ام ، وما ان انهت كلامها حتى وصدمت من جواب ابنتها الغير متوقع حيث قالت لها ابنتها :انك تتكلمين وتنسين ان بيتي هو الذي تكفل بإعالتك واعاشتك ثم لا تنسي ايضا بانني كنت ولا ازال حرة وانني غير مستعدة ان اقيد نفسي من اجلك او من اجل طفلي . وهنا الخالة لم تستطيع الاسترسال بالحديث مع اختها واجهشت في بكاء مر حزين ، فنهضت خديجة بنت اختها وقدمت لخالتها كاسا من ماء بارد وحاولت مع امها ان تخففا عنها حتى سكن جأشها ....، وبعد عدة اسبوع من بقائها في منزل اختها حاولت خلالها الرجوع الى منزل ولدها او منزل بنتها ولكن مفاوضاتها فشلت بشكل سيء فقررت اختها ان تبقيها في منزلها ولكن الخالة وجدت ان منزل اختها صغير بالكاد يسع اختها وعائلة ابنها وفي الصباح الذي تلا الليلة الاخيرة بينما كانت تقرا القران دخلت عليها خديجة مع زوج خديجة محسن ثم تلتهم ام خديجة ، فتكلمت خديجة ترجوها بان تسكن المشتمل الموجود في حديقة منزل خديجة فوافقت وسكنت المشتمل وبعد مضي بضعة شهور انعمت بها الخالة براحة لم تشعر بها من قبل وفي ساعة مبكرة من صباح احد الايام جاءتها بنتها بشكل مضطرب حاملة طفلها وبدون سلام شكت من زوجها السيء وبعد برهة جاءت خديجة لتسلم عليهما ووافقت على بقاء بنت خالتها مع امها وبعد مدة من التوجيه من خديجة والنصح والارشاد تحولت بنت خالتها بشرى الى امرأة ملتزمة ومتزنة وانفصلت بشكل رسمي من زوجها ، مستغنية عن جميع حقوقها المادية من اجل طفلها ، وعاشت مع امها معيشة جديدة مفعمة بالحب والحنان والهدوء.
3. موضوع حرية المرأة في كتابات المفكرة آمنة الصدر ، ..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق