الخميس، 31 مارس 2016

المتخلفون عن التظاهر والاعتصام الى أين ؟ بقلم الاستاذ الفاضل علي الزيدي

المتخلفون عن التظاهر والاعتصام الى أين ؟

بقلم الاستاذ الفاضل علي الزيدي 

قرأنا في التأريخ الكثير عن الذين حَكموا البلاد ، وخصوصاً الذين ظلموا منهم واكثروا فيها الفساد . وبالمقابل ايضاً قرأنا عن اولئك المصلحين الذين اخلصوا في دعواهم ، فواجهوا الطواغيت بقلبٍ شجاع فازاحوهم واراحوا العباد .

فكان لكل من الفريقين انصارٌ واعوان ، اعني للطواغيت والمصلحين وهذا الامر هو الذي سرى مفعوله بأحضان ألايام ودوران الدهور ، والامر تارة يكون لهؤلاء وتارة يكون لأولئك .

ولكن ما نريد ان نقوله او ما يهمنا في هذا المقال هو طبيعة فريق المناصرين للظالم والطاغوت وفريق المناصرين للحق والمصلحين ولِنقارن بين الاثنين على عجالة وعندها سيتضح المطلب بالشكل الآتي :

اولاً : ان المناصرين للظالم والطاغوت تجدهم دائماً من اهل القلوب الضعيفة ، هذا اذا لم نرد ان نقول انهم في الغالب من الجبناء ومن ذوي الافكار المستهلكة التي تحتاج الى تشكيل صاحبها ببعدٍ فسيولوجي وسايكولوجي جديد لينهض رافعاً هامته او يبقى تحت التراب بلا نفس ولا حِراك .

ثانياً : ليس من الضروري ان يكون ناصر الظالم والطاغوت من ذوي الحال الميسور والإسم المشهور ، بل تجد الكثير منهم يعيشون تحت مستوى خط الفقر وتحت ضغط المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الشديدة لكنه لا يقوى على التحرك الايجابي في إستنكار الظلم كونه يحلم بأن يأتيه حلٌ من السماء بلا عناء ولا شقاء ، فيبقى على حاله ولا يوجد الباعث والداعي للضغط على الظالم والتعرض الى سخطه .

ثالثاً : الكثير منهم يُصدّقون ما يسمعونه من الظلمة والطغاة من وعود وأكاذيب الغرض منها التخدير والتسويف ، حتى يتمكنوا منهم ويستضعفوهم بشكلٍ اوسع ، وهذا التصديق يتخذونه كسندٍ يتكؤون عليه ويحلمون من خلاله بقدوم التغيير والاصلاح .

رابعاً : للخوف على المركز والوظيفة والراتب اثرٌ بالغ في نفوسهم لأنهم قد ربطوا وجودهم بهذا الشأن ، وظنوا انهم لولا ما هم عليه من حال لماتوا ولقُضي عليهم بالمباشر وان عوائلهم سوف تضيع وتتشرد ، ومن اجل ان يحافظوا على ما هم عليه يساندون الطاغية والظالم الى ابعد حدٍ ممكن ، والوقوف ضد اي تحرك اصلاحي يصدر من اي جهة كانت .

خامساً : في مجتمعنا هناك بعض العادات والطبائع سلبية الى حد كبير ، قد تكون المجتمعات الاخرى اقل سلبية منّا في هذا الاتجاه ، منها ما نستطيع ان نسميه ظاهرة ( المنع العائلي ) او ( الصد العائلي ) الذي يصدر من رب الأسرة كالأب او الاخ او الأم وما شابه ذلك ، هذا المنع الذي يُحجّم ويُجمّد اختيار الفرد في التجاوب مع اي حركة تغييرية تصطدم بالظالم ، خوفاً عليهم من الاضطهاد او السجن او القتل ، حتى وان كان هذا الخوف لا يوجد الا في عالم الذهن فقط ولم يكن له في عالم الخارج شمة من الوجود .

هذه نقاط خمس ويوجد غيرها الكثير سنذكرها في محلٍ آخر ان شاء الله ، ولك ان تعكس ما ذكرناه لتعرف طبيعة المؤيدين والمساندين للمصلحين ولا حاجة لنا بعد لبيانها لأن الاشياء تُعرِف بأضدادها .

والعجيب ان كلما اتى خَلَفٌ لا يستوعب ولا يتعظ بالسلف ، وكأنه في منأى عما يجري ولم يسأل نفسه لأي الفريقين ينتمي هو . وعندما وصل الدور الينا وفي زماننا هذا ، عرض المصلح برنامج عمله وآلياته التي يقف بها في وجه الفساد ، فهل سأل المتخلفون عن الاندماج في هذا البرنامج الاصلاحي وخصوصاً ونحن نمر في مرحلة من مراحله ألا وهي مرحلة الاعتصام السلمي ، انه لماذا لم يكن ضمن المعتصمين ، وهل يا تُرى ظن ان المعتصم هو المفسد والحاكم هو الصالح ؟! ما لكم كيف تحكمون .

والحمد لله رب العالمين

وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.

من ساحة الإعتصام

علي الزيدي

١٩ جمادي الثانية ١٤٣٧

٢٩ - ٣ - ٢٠١٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق