الاثنين، 5 ديسمبر 2016

مقتل الامام الحسن العسكري(ع) (القسم الثاني)


شهادة الامام العسكري(ع)
عن الحسن بن علي الزيتوني، عن إبراهيم بن مهزيار وسهل بن الهرمزان، عن محمد بن أبي الزعفران، عن ام أبي محمد عليه السلام قالت: قال لي أبو محمد يوما من الايام:
[تصيبني في سنة ستين حزازة أخاف أن أنكب فيها نكبة ، فان سلمت منها فالى سنة سبعين، قالت: فأظهرت الجزع، وبكيت فقال: لابد لي من وقوع أمر الله، فلا تجزعي]
وهكذا كابد امامنا الحسن العسكري(عليه السلام) ألوان من المحن ، منذ عهد المتوكل العباسي والمستعين العباسي الذي حبس الإمام(عليه السلام) عند واحد من أشد رجاله عداوة لآل البيت .. ( اوتاش الذي اهتدى بالإمام بعد ان رأى منه الكرامات((حُبس ابو محمد عليه السلام عند علي بن اوتامش، وهو احد اتراك العاصمه العباسيه .
وكان شديد العداوه لآل محمد عليهم السلام غليظا على آل ابي طالب .. فما اقام الا يوما حتى وضع خديه له(عليه السلام)، وكان لايرفع بصره اجلالا واعظاما، وخرج من عنده وهو احسن الناس بصيره واحسنهم قولا فيه ..)
ودخل العباسيون على صالح بن وصيف فقالو له : ضيق عليه . فلم يستنكر ابن وصيف ذلك، الا انه اراد ان يعلن اعتذاره عن عجزه عن التضييق عليه، فقال: وكلت به رجلين من شر ماقدرت عليه : علي بن بارمش واقتامش ..
فقد صارا من العباده والصلاة الى امر عظيم يضعان خديهما له .
ثم ان ابن وصيف امر باحضارهما لاستجوابهما امام النفر العباسيين عن هذا التغيير الذي طرأ عليهما . فقال لهما : ويحكما ماشأنكما في شأن هذا الرجل ؟
قالا : مانقول في رجل يقوم الليل كله، ويصوم النهار ولايتكلم ولايتشاغل بغير العباده .
فاذا نظرنا اليه ارتعدت فرائصنا وداخلنا مالانملكه من انفسنا ) .
وكاد(المستعين بالشيطان العباسي) ان يقتل الإمام(عليه السلام) لولا ان الله لم يمهله فخلع عن السلطة .
وإلى عهد المعتز الذي عمد على سجن الإمام(عليه السلام) فتضرع الإمام(عليه السلام) إلى الله حتى هلك .
وحتى عهد المهتدي الذي ظل يضايق الإمام(عليه السلام) حتى اعتقله وأراد قتله ولكن الإمام(عليه السلام) أخبر واحداً من أصحابه واسمه أبو هاشم بما يلي :
[يا أبا هاشم ان هذا الطاغية أراد قتلي في هذه الليلة . وقد بتر الله عمره ، ليس لي ولد وسيرزقني الله ولداً ](مهج الدعوات : ( ص 274) .
وأخيراً وفي عهد المعتمد الذي لم يزل يؤذي الامام (عليه السلام) حتى اعتقله
قال سيدنا محمد محمد صادق الصدر(قدس):
(ان القاء القبض على القائد، هو سجن لكل مبادئه ومثله وقواعده الشعبيه وتحد لها ..)
وهكذا يُعتقل الامام الحسن العسكري(عليه السلام) ثم يطلق سراحه ثم يعتقل مرة اخرى ..
الى ان اتى اليوم الذي تم فيه ارتكاب الجريمه البشعه وهي قتل الامام(عليه السلام) بواسطة السم فيصاب امامنا في اول يوم من ربيع الاول بالاوجاع والالام ويتعامل النظام مع الإمام في مرضه بطريقه ماكره جدا حيث أوعز الخليفة إلى خمسة من ثقاته بملازمة الإمام في مرضه ، وجمع له بعض الأطباء ليرافقوه ليل نهار (الإرشاد : ( ص 383 )) .
وذلك للتنصل عن مسؤولية اغتيال الإمام(عليه السلام) أمام الجماهير والعلويين (من جهه)
وللبحث عن امامنا القائم(عليه السلام) من جهة اخرى.
وكان المعتمد العباسي قد اتخذ تدابير استثنائية عندما ثقل حال الإمام(عليه السلام) وأشرف على الرحيل
وللوقوف على لمحه موجزه من حادثة شهادة مولانا الحسن العسكري (عليه السلام) نذكر الروايات التاليه المتعلقه بالمطلب :ـ
ا ـ قال أبو الحسن علي بن محمد بن حباب: حدثنا أبو الأديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأحمل كتبه إلى الامصار، فدخلت إليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا وقال:
تمضي بها إلى المدائن فانك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري، وتجدني على المغتسل.
قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي فإذا كان ذلك فمن ؟ قال:
من طالبك بجوابات كتبي، فهو القائم بعدي ؟ فقلت: زدني، فقال:
من يصلي علي فهو القائم بعدي، فقلت: زدني، فقال:
من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي.
ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان ؟ وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي عليه السلام فإذا أنا بالواعية في داره وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار، والشيعة حوله يعزونه ويهنؤنه . فقلت في نفسي: إن يكن هذا الامام فقد حالت الامامة،...... فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شئ ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة. فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليه السلام على نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط بأسنانه تفليج، فجذب رداء جعفر بن على ، وقال:
تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي
فتأخر جعفر، وقد اربد وجهه ، فتقدم الصبي فصلى عليه، ودفن إلى جانب قبر أبيه.
ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك، فدفعتها إليه، وقلت في نفسي: هذه اثنتان بقي الهميان، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي ؟ ليقيم عليه الحجة فقال: والله ما رأيته قط ولاعرفته. فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم ، فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا: فمن ؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنؤوه، وقالوا معنا كتب ومال، فتقول: ممن الكتب ؟ وكم المال ؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: يريدون منا أن نعلم الغيب.
قال: فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان وفلان، وهميان فيه ألف دينار، عشرة دنانير منها مطلية فدفعوا الكتب والمال، وقالوا: الذي وجه بك لاجل ذلك هو الامام.
فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية(مولاتنا السيده نرجس(ع))، وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت حملا بها لتغطي على حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي، وبغتهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فجاءة وخروج صاحب الزنج بالبصرة، فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن أيديهم والحمد لله رب العالمين لا شريك له.
ب ـ وعن العطار، عن أبيه، عن الفزاري، عن محمد بن أحمد المدائني، عن أبي غانم قال: سمعت أبا محمد عليه السلام يقول: [في سنة مائتين وستين تفترق شيعتي ]وفيها قبض أبو محمد عليه السلام، وتفرقت شيعته وأنصاره، فمنهم. من انتهى إلى جعفر، ومنهم من أتاه وشك، ومنهم من وقف على الحيرة، ومنهم....
ج ـ وعن ابن الوليد عن سعد بن عبد الله قال: حدثنا من حضر موت الحسن بن علي بن محمد العسكري ودفنه ممن لا يوقف على إحصاء عددهم ، ولايجوز على مثلهم التواطئ بالكذب .
وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام بثمانية عشر سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيدالله ابن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلق الله وأشد هم عداوة لهم .
فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأى، ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان، فقال أحمد بن عبيدالله: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ولا سمعت به في هديه وسكونه، وعفافه، ونبله، وكرمه، عند أهل بيته، والسلطان وجميع بني هاشم، و تقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر، وكذلك القواد والوزراء والكتاب وعوام الناس.
وإني كنت قائما ذات يوم على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس، إذ دخل عليه حجابه فقالوا له: ابن الرضا على الباب فقال بصوت عال: ائذنوا له فدخل رجل أسمر أعين حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، حدث السن ، له جلالة وهيبة . فلما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ، ولا بالقواد ولا بأولياء العهد ، فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه ، ومنكبيه ، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويكنيه ويفديه بنفسه وأبويه، وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل عليه الحجاب فقالوا: الموفق قد جاء . وكان الموفق إذا جاء ودخل على أبي تقدم حجابه وخاصة قواده ، فقاموا بين مجلس أبي وبين الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج ، فلم يزل أبي مقبلا عليه يحدثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ: إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثم قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الامير يعني الموفق(الموفق هو أخو الخليفة المعتمد: أحمد بن المتوكل، وكان صاحب جيشه) وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضى.
فقلت لحجاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل ؟ فقالوا: هذا رجل من العلوية يقال له: الحسن بن على يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتى كان الليل ، وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرت وما يرفعه إلى السلطان فلما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه فقال: يا أحمد ألك حاجة ؟ قلت: نعم يا أبه ، إن أذنت ، سألتك عنها ، فقال: قد أذنت لك يا بني فقل ما إحببت فقلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والاكرام والتبجيل، وفديته بنفسك وأبويك ؟ فقال: يا بني ذلك ابن الرضا، ذاك إمام الرافضة ، فسكت ساعة، فقال: يا بني لوزالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا، فان هذا يستحقها في فضله ، وعفافه وهديه وصيانة نفسه ، وزهده ، وعبادته ، وجميل أخلاقه ، وصلاحه ، ولو رأيت أباه لرأيت رجلا جليلا نبيلا خيرا فاضلا . فازددت قلقا وتفكرا وغيظا على أبي مما سمعت منه فيه ، ولم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره ، والبحث عن أمره ، فما سألت عنه أحدا من بني - هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية الاجلال والاعظام ، والمحل الرفيع ، والقول الجميل ، والتقديم له على أهل بيته ومشايخه وغيرهم ، وكل يقول: هو إمام الرافضة ، فعظم قدره عندي إذ لم أرله وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه ، والثناء عليه، فقال له بعض أهل المجلس من الاشعريين: يا ابا بكر فما حال أخيه جعفر ؟ فقال: ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به ......،
أنه لما اعتل(الامام العسكري(ع)) بُعث إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته مبادرا إلى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلا ومعه خمسة نفر من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته ، فمنهم نحرير وأمرهم بلزوم دار الحسن ابن علي وتعرف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمر هم بالاختلاف إليه ، وتعاهده في صباح ومساء.
فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف ، فركب حتى بكر إليه ثم أمر المتطببين بلزومه ، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه ، وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا.
فلم يزالوا هناك حتى توفي لايام مضت من شهر ربيع الاول من سنة ستين ومائتين فصارت سرمن رأى ضجة واحدة " مات ابن الرضا ".
وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده ، وجاؤا بنساء يعرفن الحبل ، فدخلن على جواريه فنظر إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل ، فأمر بها فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ، ونسوة معهم (قيل ان هنالك من دخل على المعتمد وكشف له عن حال ابن الحجة عليه السلام فوجه المعتمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية(مولاتنا السيده نرجس عليها السلام)، وطالبوها بالصبى فأنكرته وادعت بها حملا بها لتغطى على حال الصبى، فسُلمت إلى أبى الشوارب القاضى، وبغتهم موت عبد الله بن يحيى ابن خاقان فجاءه وخروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم(شكرا لله الذي انقذ مولاتنا ام القائم (عليها السلام)من حبس الظالمين) ..
ومن خلال الروايات اعلاه يمكن تكوين صوره بسيطه لحادثة الشهاده التي حصلت لمولانا الحسن العسكري(عليه السلام)وهكذا رحل الإمام(عليه السلام) بسم المعتمد وكان بجانبه حين رحيله امامنا القائم (عليه السلام) وسيدتنا ام القائم(عليها السلام) وبعد استشهاده(عليه السلام)تم تغسيله وتكفينه وصلى عليه امامنا القائم(عليه السلام)
وبعد ذلك صلى عليه من طرف السلطة أبو عيسى ابن المتوكل نيابة عن الخليفة .
كان يوم الثامن من ربيع الأول ، لعام 260 هجرية يوماً كئيباً في مدينة سامراء حيث انتشر نبأ استشهاد الإمام العسكري في عنفوان شبابه .
عطلت الأسواق وهرع الناس إلى دار الإمام يبكون وشبَّه المؤرخون ذلك اليوم الحزين بيوم القيامة ، لماذا ؟ لان الجماهير المحرومة التي كانت تكتم حبها واحترامها للإمام العظيم خشية من بطش النظام ..
فأطلقت ذلك اليوم العنان لعواطفها الجياشة، فسلام الله على مولانا العسكري يوم ولد ويوم استشهد مسموما مظلوما ويوم يبعث حيا ورحمة الله تعالى وبركاته

خلاصة المبحث ونتائجه:ـ
استخدم الطواغيت اساليب خبيثه متعدده لمحاربة جهة الحق وقد شجعهم على الاستمرار بهذه الاساليب وتطويرها كثرة المنخدعين بها من طبقه معتد بها من الناس فتراهم (وعلى سبيل المثال )يظهرون تكذيبهم لما يطرحه المصلح من قواعد وتعليمات تنفع الناس فيحاولون جاهدين ان لاتصل الى افهام الناس، وان ظهرت فيعمدون الى الاستهانة بها وتسقيطها بنظر الاخرين او حياكة الاباطيل حولها بالرغم من يقينهم بصحتها ..
وكذلك ذات المصلح الالهي وشخصه الكريم، فانهم يحاربونه بشتى الوسائل وان اعيتهم الحيله يعمدون الى ارتكاب جريمة سجنه او قتله بالرغم من خلوا ايديهم من المبررات التي تبيح لهم سيء افعالهم، لانهم يرون في المصلح الالهي موقف المعارضه ضد انحرافات الحكام ، ومن الحقد الوراثي عند الحكام ضد الخط الذي يمثله الائمه عليهم السلام .
وكانت كل مصادر القوه والسلاح ونفوذ الحكم بيد الخلفاء(الحكام) ولم يكن بيد الائمه ولا اصحابهم شيء .
وانما كانوا يمثلون دور المعارضه بشكل اعزل لا يراد به الا العدل الالهي ورضاء الله عز وجل )(سيدنا الصدر)) , وعند الاطلاع على المرحلة الزمنيه الخاصه بعصر مولانا الامام العسكري (عليه السلام)
نرى مجموعة من السمات والملامح المهمة التي كانت بارزه آنذاك وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ما يلي:ـ
1 ـ شيوع الاحاديث الشريفه التي تنص على ان خلفاء المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر خليفه وبانهم كلهم من قريش بل تعداه الى شيوع الاحاديث التي تنص على اسمائهم والقابهم وانسابهم واعمالهم (عليهم السلام)، وان خاتمهم(عليهم السلام) قائمهم الذي يملأ الارض قسطا وعدلا بعدما تمتليء ظلما وجورا
وانه(القائم عليه السلام) هو الذي يبيد العتاة المرده ويستأصل اهل العناد والتضليل ...
قال سيدنا الصدر:
(وكانت الارهاصات المسبقه والتبليغات المتواليه عن المهدي ..متتابعه متواتره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، رواها مؤلفوا الصحاح وهم معاصرون او متقدمون على هذه الفتره بما فيهم البخاري ومسلم واحمد بن حنبل . ومتتابعه متواتره عن الائمه عليهم السلام يرثها اصحابهم جيلا بعد جيل حتى اصبحت من ضروريات المذهب بل من قطعيات الاسلام ..وكان كل امام يقوم بدوره الكافي في التبليغ والارشاد الى هذه الفكره الكبرى وقد كان لكل هذه التبليغات اثرها الكبير في ترسيخ فكرة المهدي في نفوس المسلمين بشكل عام ..
ياخذ كل فرد منهم ما يناسبه منها بحسب عمق ايمانه وسعة تفكيره واتجاه مذهبه في الاسلام .
وستعرف انها استطاعت ان تثير اهتمام السلطه الحاكمه بشكل حاد مركز ، لا الايمان بها ، بل بالوقوف ضدها ومحاولة القضاء عليها) أي ان هذا كله كان بمرأى ومسمع من الطواغيت الذين لديهم ملفات موثقه كامله عن بعض الحقائق , وقد نطقوا بذلك مرارا وبمناسبات شتى..
فكيف اذن لايقفون الموقف المعادي ضد المعصوم(عليه السلام) ويحاولون القضاء عليه ما امكنهم ذلك
2 ـ عايش الناس سلسلة المعصومين(عليهم السلام) الذهبيه التي لو قرأت على الصم البكم لبرئوا باذن الله كما نطق بذلك المأمون العباسي، أي ان الناس وبمختلف طبقاتهم ومشاربهم عاينوا تحقق احاديث المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) وما اخبر به عن عترته الطاهره (عليه السلام)، وهذا ما يجعل طبقه كثيره من الناس تستيقن حدوث ما تبقى من احاديث المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) التي لم يحن تحقق اوانها بعد
فكيف اذن بالطواغيت واذنابهم فهم على يقين من ذلك
قال سيدنا الصدر:
(ان المعتمد(العباسي) يعرف موطن الحق ويؤمن في باطن نفسه بصحة موقف الامام(العسكري)ع, وعدالة قضيته)
3 ـ بالرغم من الجهاد العظيم ليلا ونهارا سرا واعلانا من سادتنا المعصومين (عليهم السلام) وتلاميذهم المخلصين الا انه لازالت القواعد الشعبيه (المسلمه بصوره عامه) و(المؤمنه بصوره خاصه ) بعيده وبصوره مؤسفه عما يريده الله واوليائه المعصومين(عليهم السلام)منهم، ومن نواحي عده تخص العلم والمعرفه والاخلاص والتضحيه والاراده الواعيه....
قال امامنا العسكري(عليه السلام) في مراسلته مع اسحاق بن اسماعيل النيسابوري:
(ولقد كانت منكم في أيام الماضي (عليه السلام) إلى ان مضى لسبيله وفي أيامي هذه ، أمور كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي ولا مسدّدي التوفيق)
اذن بالاضافه الى قيام امامنا العسكري(عليه السلام) بسد ما يمكن سده من فجوه بين القواعد الشعبيه وبين مايريده الله(تعالى شأنه)فقد واجه امامنا العسكري ضغوطا اضافيه من نوع خاص من قبل السلطات الحاكمه واتباعها لانه والد آخر معصوم الذي سوف يتم على يديه ازالة الظلم والجور وتشييد دولة العدل والتوحيد فكيف يكون اذن رد فعل الطواغيت مع من يهدد في وجوده كافة مصالحهم ..
4 ـ نلاحظ وبشكل واضح جلي كيف قام سيدينا الامام الهادي وولده الامام العسكري(عليهما السلام )، بمهمة التمهيد لغيبة امامنا المهدي(عليه السلام) وتدريب القواعد الشعبيه بمختلف طبقاتها على ذلك، لكي تلج هذه الطبقات في خوض مرحله صعبه من مراحل التكامل الالهي ...
وعلى هذا الاساس يمكن للمنصف رؤية مدى الجهد الجهيد الذي بذله ائمتنا من اجلنا..
وساعد الله قلب مولانا صاحب الزمان الذي حمل على كاهله اعباء الرساله المحمديه الغراء ومن عام 260هجـ وحتى اليوم ، فشكرا لله الذي من علينا بامامنا صاحب الزمان(عليه السلام)والذي لولاه، الله العالم ماهو حالنا اليوم، والعقل قبل الشرع يقر بان ليس جزاء الاحسان الا الاحسان ، وقد اطلق العقلاء على هذه القاعده بقاعدة (شكر المنعم)، فكيف نشكر الله ونقابل احسانه بالاحسان؟
ومن المؤكد ان ذلك يتم بشكر ولي الله وحجته البالغه (عليه السلام) ولايتم ذلك الا باتباع منهجه والسير على خطاه، ولن يتم ذلك الا من خلال اتباع نوابه المقدسين وتلاميذه المخلصين(قدس الله اسرارهم)
فنحن حين نعي ونعتقد بان غيبة امامنا المهدي(عليه السلام) قد سبقها تمهيد وخصوصا من امامينا العسكريين(عليهما السلام) الاينبغي ان ندرك ان ظهور امامنا واعلانه الشريف يسبقه تمهيد (وليس ذلك الا من رحمة الباري علينا نحن الضعفاء)
اوليس قام سيدينا الصدرين المقدسين بنقله نوعيه حملونا فيها من حاله الى حالة ارقى واقرب لفكر امامنا المهدي(عليه السلام) ومنهجه الشريف
الم يوقظنا مولانا محمد محمد الصدر(قدس) من نومة الغافلين ويحررنا من قيود الظالمين، وبعد ذلك الم يقم سيدنا مقتدى الصدر(اعزه الله) باكمال المسيره آخذا بايدينا نحو مولانا صاحب الزمان ليكون الانتظار والتمهيد عمليا حيا واعيا بعد ان كان فكرا نظريا يشوب بعض مفاصله الغموض في القرون السابقه
اذن اوليس الثبات على منهج سيدينا الصدرين(قدس) والسير على خطى نجلهما مقتدى نور العين هو مايسعد مولانا صاحب الزمان(عليه السلام) لانه هو المرضي عند ربنا العلي العظيم وعند مولاتنا سيدة نساء العالمين(عليها السلام)
5 ـ من الانصاف القول بان مولاتنا الطاهره المطهره السيده نرجس المقدسه امرأة عظيمه على مستوى رفيع من الكمال الالهي، بحيث استحقت بجداره ان تكون وعاءا للاسرار الالهيه، وأماً لقائم آل محمد(صلوات الله عليهم اجمعين)، كيف لا ، اوليست هي خيرة الاماء(عليها السلام)، كما وصفها مولانا امير المؤمنين(عليه السلام)
فلقد عانت ماعانت من جهاد جهيد وضحت التضحيات الجسام من اجل رضا الله تعالى، وطاعة العصمه الطاهره ونالها من اجل ذلك السبي تاره والحبس مع نساء الخلافه لمدة سنتان تارة اخرى، ثم اصابتها بألم فاجعة استشهاد امامنا العسكري(عليه السلام) ومارافقه من احداث يشيب لها الرضيع وكل ذلك خرجت منه ظافره بحول الله وقوته لانها العظيمة الاخلاص في الله الكادحه من اجل مرضاة الله فسلام الله على سيدتنا الطاهره المطهره يوم ولدت ويوم التحقت بباريها ويوم تبعث حيه ورحمة الله تعالى وبركاته
وفقكم الله يااخوتي جميعا لكل مافيه الخير والصلاح ان شاء الله وبتسديد من الله(تقدست اسماؤه) وشفاعة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهره(عليهم السلام)
وفي ختام هذا المبحث اسأل الباري الغفور ان يسامحني عن كل قصور وتقصير فيه، بحق مظلومية امامنا الحسن العسكري (عليه السلام)وان يعجل فرج رئيسنا الامام المهدي(عليه السلام) لتنتهي بدولته جميع اسباب الظلم والجور ان الله على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير.
--------------------------------------------
من مصادر ومراجع المبحث :ـ
1ـ بحار الانوار للشيخ محمد باقر المجلسي
2ـ الارشاد للشيخ المفيد، الكافي للشيخ الكليني
3ـ موسوعة الامام المهدي (ع) لسيدنا آية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر(قدس)ج1(تاريخ الغيبه الصغرى)
4 ـ كمال الدين لابن بابويه القمي.
5ـ اعلام الورى الفضل بن الحسن الطبرسي
6 ـ بصائر الدرجات للشيخ محمد بن الحسن بن فروخ " الصفار" المتوفي290هجـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق