الثلاثاء، 6 يونيو 2017

الامام الحسن (عليه السلام) والحفاظ على بيضة الإسلام


لقد واجه الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، بلاءات شديدة ومحن عظيمة ، ففي فترة حكم والده أمير المؤمنين (عليه السلام)، قاتل مع والده الناكثين والقاسطين والمارقين ، وكان الإمام الحسن(عليه السلام)، يخطب في صفين ويقول :
(فإنه لم يجتمع قوم قط على امر واحد الا اشتد امرهم واستحكمت عقدتهم ، فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية وجنوده ، فإنه قد حضر ، ولا تخاذلوا ، فان الخذلان يقطع نياط القلوب ، وان الاقدام على الأسنة نجدة وعصمة ، لأنه لم يمتنع قوم قط الا رفع الله عنهم العلة وكفاهم جوانح الذلة ، وهداهم إلى معالم الملة ).
واخترق (عليه السلام)، جيش الاعداء، حتى قال امير المؤمنين(عليه السلام): 
(املكوا عني هذا الغلام لا يهدني فإنني أنفس بهذين على الموت لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ). 
وبعد مصيبة مقتل أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، اختلفت الرعية وتفرق الكثير من الجند ، وانزوى الى بئر الخيانة بعض الولاة وقادة الجيش، ولم يثبت مع الإمام الحسن(عليه السلام)، على منهج الحق المبين الا الثلة الطيبة الطاهرة من اهل بيته الميامين، والقلة القليلة من بقية الصحابة والتابعين، وأحدق الخطر بالإسلام بعد ان تكالبت قوى الشر عليه يبتغون وأده واستئصال حملة شريعته ، قال الإمام الحسن (عليه السلام):
( إنا والله ما يثنينا شك في أهل الشام ولا ندم وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر فشيبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع وكنتم في مسيركم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ألا وقد أصبحتم بين قتيلين قتيل بصفين تبكون له وقتيل بالنهروان تطلبون ثأره وأما الباقي فخاذل وأما الباكي فثائر ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة فإن أردتم الموت رددناه عليه و حاكمناه إلى الله عز وجل بظبي السيوف وإن أردتم الحياة قبلناه و أخذنا لكم الرضى ) .
فناداه الناس من كل جانب البُقيَة ! البُقيَة . .
فواجه الإمام الحسن(عليه السلام) ،هذا التخاذل الصادر من جزء كبير من رعيته وعماله وجنده، بحكمته العالية وجهاده العظيم ، وأفشل مخططات الاعداء التي تبتغي طمس معالم الدين ، مضحيا بنفسه الطاهرة في سبيل الله ، ليحمي الدين وشريعة جده سيد المرسلين(صلى الله عليه وآله وسلم )، وشيعة أبيه امير المؤمنين(سلام الله عليه) ، موصيا أخيه سيد الشهداء الحسين(عليه السلام)، بأن يواري جسده الطاهر في بقيع الغرقد إن حال الاعداء بينه وبين قبر جده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). 
فمن وصيته لأخيه الامام الحسين(عليهما السلام):
(... وأن تدفنني مع رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ) فإني أحق به وببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله وبالقرابة التي قرب الله منك والرحم الماسة من رسول الله ( صلّى الله عليه و آله ) ألا يهراق من أمري محجمة من دم حتى تلقى رسول الله فتخصمهم و تخبره لما كان من أمر الناس إلينا ).
فسلام الله عليك يا ولي الله وحجته البالغة يوم ولدت معصوما، وسلام الله عليك يا بن رسول الله وسبطه وثاني خلفائه يوم استشهدت مسموما ، وسلام الله عليك يا بن أمير المؤمنين وابن سيدة نساء العالمين يوم اعتدي على نعشك مظلوما ، وسلام الله عليك يا رابع اصحاب الكساء يوم هدم ضريحك مهضوما.
ألا أن حادثة البقيع *** يشيب لهولها فود الرضيع
و سوف تكون فاتحة الرزايا *** إذا لم نصح من هذا الهجوع
--------------------------------------------------------
من مصادر المقال:
المناقب ، ابن شهر آشوب، ج 4، ص 21. نهج البلاغة : الخطبة 207 . الكامل ، ابن الأثير، 3 / 406 .اعيان الشيعة ، محسن الأمين ، 1 / 585 . بيتين للسيد صدر الدين الصدر (قدس)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق