السبت، 3 سبتمبر 2016

الحلقة الخامسة والاخيرة من البحث القيم ( إعتقال أم إغتيال ) بقلم الاستاذ الفاضل علي الزيدي


إذن والحال هذه، فإن المبرر القانوني غير ناهض بهذا العنوان، وعندها لن يبقى لدى المحقق إلاّ أن يختار مسوغ قانوني آخر يتمكن به من سجن المقاومين الشرفاء، وهنا سيكون للكذب والافتراء، ولسياط التعذيب دور كبير في تحريف الحقائق وإبدالها بأكاذيب وإرتكابات ما أنزل الله بها من سلطان، ليتمكنوا من خلالها إيقاع المقاوم الشريف في قيود الإعتقال.
وهذا هو الظلم بعينه، الذي لن ترضى به شريعة السماء ولا القانون الوضعي.فشريعة السماء قد منحت المقاوم سمة المجاهد متى ما كان حياً، ومنحته سمة الشهادة إذا فارق الحياة بسلاح العدو، ومنحته سمة الصبر إن كان معتقلاً خلف قضبان السجون، وهذه كلها أوسمة شرف ما بعدها شرف.
فلماذا يأتي البعض ويريد أن ينسف هذه المنحة والهبة الإلهية، ويحاول أن يغير مفاهيمها زوراً وبهتاناً، بالرغم من أن المسببين المباشرين للإعتقال يزعمون أنهم من تيارات دينية معروفة فإن تعجب فعجب قولهم. 
إذن لابد أن لا يستمر الحال كما هو عليه الآن، وعلينا كعراقيين وكأخوة نعيش على أرض هذا الوطن الحبيب لا يفرقنا دين أو مذهب أو طائفة أو قومية، أن نعمل سوياً من أجل إخراج إخواننا المعتقلين من سجن الظلم والفساد، لأنهم كانوا ولا زالوا عنوان عز وشرف وبطولة لنا، فمن المشين علينا أن نبقى مكتوفي الأيدي قبالهم.
ولا زال سماحة السيد القائد مقتدى الصدر أعزّه الله يراهم بذلك العنوان العالي، ولن يرضى أن يخرجوا بطريقة يتساوون بها مع خروج الإرهابيين والمجرمين والقتلة، بل يجب أن يخرجوا بعنوان عز وكرامة فهم أهل لذلك وزيادة، فالإرهاب والمجرمون لهم عنوانهم وصفتهم الخاصة بهم، ولا تمت الى المقاومة الشريفة بصلة. وإن لم يكن ذلك فعلى المعتقلين الشرفاء من ابناء التيار الصدري أن يصبروا الى أن يأذن الله أو يقضي أمراً كان مفعولا.
وقبل أن أختم البحث أود أن أبين لأخوتي المعتقلين من المقاومين الشرفاء أمراً، وإن كان فيه بعض المرارة والحسرة والتحمل وهو : 
إنكم أيها الشرفاء الأبطال عندما نزلتم الى ساحة الشرف والبطولة، ساحة مقاومة المحتل الغاشم، نزلتم وأنتم تعلمون بأنكم ستواجهون الصعاب وأنكم ستتحملون النتائج مهما كانت صورها والتي من أهمها : 
أولاً: أن تنتصر على المحتل الغاشم وتخرجه من أرض العراق.
ثانياً : أن تنال الشهادة.
ثالثاً : أن لا يتحقق النصر بالمباشر، وقد تعتقل، أو تعيش ألم تحمّل تصرفات وسلوكيات الظالمين.
ولولا علمكم بذلك لما دخلتم الى المعركة ولما واجهتم أعتى قوّة طاغوتية في العالم.
فبالنسبة للنقطة (الأولى) إن تَحقَقَ النصر فبها ونعمت فهو المطلوب من ذلك التحرك والهدف الرئيس من المقاومة.
وأما بالنسبة للنقطة ( الثانية )، فهي إحدى الحسنيين أما النصر أو الشهادة {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} [التوبة : 52].
وأما بالنسبة للنقطة ( الثالثة) وهي تحمل الصعاب والصبر على الشدائد والتي من أقساها، هو ألم الإعتقال في سجون الظالمين ومطامير الظلام الموحشة، وآلام الفراق القاتلة، وحزن الليل الطويل وذكريات الأسرة التي توشحت بالسواد فما عرفت للفرحة من قدوم، ولا حتى طيف يمر ليسامر لحظة غفوة المرهقين من سهر ليل الصابرين، فلم تبقَ إلّا رنّة الحسرات، وذرف الدموع، وعصر القلوب عصراً كأن اصحابها قد أُذِنَ لهم بالرحيل بلا وداع ولا عودة، أو أمل يسبق خطوات اليأس القاتل في ظل حكومة بني العباس الفاسدة، وقضاء مسيس تلعب به الصبيان.
فيا أخوتي المقاومين الشرفاء ستبقون أنتم نجوماً عالية في سماء العراق لن تأفل أبداً وستبقون عنواناً للعز والبطولة والشرف ولن يستطيع أي عميل أو جبان أو حاقد أن ينتزع هذا العنوان عنكم، فتحمّلوا وأصبروا على ما كتب الله تعالى لكم، فإنكم ستجنون الخير الكثير حاضراً أم في المستقبل، فإن السنين تمضي والعمر ينقضي كلمح البصر، وقد يكون الإعتقال لكم حفاظاً عليكم من مرديات الزمن وتكالب الفتن، الذي يعيشها شعبكم الجريح المظلوم، وأعلموا أن قائدكم السيد مقتدى الصدر لا يريد لكم إلاّ الخير والسمو والرفعة والكرامة في الدنيا والاخرة. 
وأخيراً فلنردد معاً دعاء هذه الآية المباركة : 
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة : 286] 
والحمد لله رب العالمين 
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم 
علي الزيدي 
حرر هذا البحث بمناسبة الندوة الحوارية التي اقامها مكتب السيد الشهيد الصدر قدس سره بغداد والمحافظات الشمالية حول المعتقلين وتحت شعار ( رد الجميل للمعتقلين المقاومين للاحتلال اطلاق سراحهم ) في 20 / 8 / 2016 الموافق 17 ذي القعدة 1437 هـ 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق