سيدنا الحر عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
هو سيدنا الحر بن يزيد بن ناجية بن سعد من بني رباح بن يربوع
من بني تميم .
المولود قبل البعثة النبوية ، وهو من اشراف تميم ومن وجوه
العرب، أرسله ابن مرجانة مع ألف فارس ، لِصَدِّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عن الدخول
إلى الكوفة ، . وروي أنّه لمّا خرج من قصر الإمارة لهذه المهمّة نودي من خلفه:
أبشر يا حرُّ بخير(قاموس الرجال 3: 103، أمالي الصدوق:
131)..
فسار بجيشه لتنفيذ هذا المهمة ، فالتقى بركب الإمام الحسين
( عليه السلام ) في منطقة ذي حسم ، ولما حانَ وقت صلاة الظهر صلَّى وأصحابه خلف الإمام
الحسين ( عليه السلام ) .
ثم عرض عليه الإمام الحسين ( عليه السلام ) كتب أهل الكوفة
التي يطلبون فيها منه المجيء إليهم .
فقال الحر : فأنا لستُ من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد أمرنا
إذا نحن لقيناك ألا نفارقك حتى نقدِّمك على عبيد الله بن زياد .
لازم ركب الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأخذ يسايره حتى
أنزله كربلاء ، ولكن ما إن حلَّ اليوم العاشر من المحرم ، ورأى إصرار القوم على قتال
الإمام الحسين ( عليه السلام ) حتى بدأ يفكِّر في أمره ،ثم تذرّع بأنّه يريد سقي فرسه في صباح يوم العاشر،
وفارق جيش ابن سعد وأقبل يدنو نحو الحسين ( عليه السلام ) قليلاً قليلاً ، وقد أخذته
رعدة ، فسأله بعض أصحابه عن حاله .
فقال : إني والله أخيِّر نفسي بين الجنة والنار ، ولا أختار
على الجنة شيئاً ، ولو قُطِّعتُ وحُرقت ، ثُمَّ ضرب فرسه ، والتحق بالإمام الحسين
( عليه السلام ) .
وقف بين يديه معلِناً توبته ، فقال له الإمام ( عليه السلام
) : ( نَعَمْ ، يتوب الله عليك ، ويغفر لك ) .
فتقدَّم الحر أمام أصحاب الحسين ( عليه السلام ) ، و خاطب
عسكر الأعداء قائلاً : أيها القوم ، ألا تقبلون من الحسين خصلة من هذه الخصال التي
عرضها عليكم ، فيعافيكم الله من حربه و قتاله ؟
أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاءكم أسلمتموه ، وزعمتم
أنكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثم عدوتم عليه لتقتلوه .
أمسكتم بنفسه ، وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كل جانب لتمنعوه
التوجه في بلاد الله ، فصار كالأسير في أيديكم ، و حلأتموه ونساءه ، وصبيته وأصحابه
، عن ماء الفرات ، لا سقاكُم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا عمَّا أنتم عليه .
فحملت عليه الرجال ترميه بالنبل ، فرجع حتى وقف أمام الحسين
( عليه السلام ) .
وبعد مدة قصيرة استأذن من الامام الحسينَ ( عليه السلام
) للقتال ، فأذن له ، فحمل على أصحاب عمر بن سعد ، وجعل يرتجز ويقول :
إنّي أنا الحـرّ ومأوى الضيف *** أضـرب في أعناقكم بالسـيفِ
عن خير من حلَّ بأرض الخيف *** أضـربكم ولا أرى من حـيفِ
(بحار الأنوار 45: 14)
وجعل يضربهم بسيفه حتى قتل نيفاً وأربعين رجلاً ، ثمَّ حملت
الرجالة على الحر ، وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مسرح ، ورجل آخر من فرسان
الكوفة .
فاحتمله أصحاب الحسين ( عليه السلام ) حتى وضعوه بين يديه
، وبه رمق ، فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول : ( أنتَ الحُرُّ كمَا سَمَّتكَ أُمُّك
، حُرٌّ في الدنيا ، وسعيد في الآخرة ) . عصّب امامنا الحسين(عليه
السلام) رأس الحر بمنديل.
وفارق الحياة شهيدا فائزا بحسن الخاتمة مع سيد الشهداء سنة
61 هـ (680م) في واقعة كربلاء .
ضريحه المبارك :
بعد واقعة الطف دفنه بنو تميم على بعد ميل من قبر الامام
الحسين(عليه السلام)، حيث قبره الآن خارج كربلاء في المنطقة التي كانت تسمى قديما بـ"النواويس"
(الحسين في طريقه إلى الشهادة: 97).
يقع ضريح الحُر على
بعد فرسخ من مدينة كربلاء المقدسة ، (5 كيلو متر تقريباً)غربي كربلاء في منطقة الحر
المسماة بأسمه
يتكون الضريح من قبة وصحن مربع الشكل من الخارج وله ثلاث
ابواب ومن الداخل مجموعة من الغرف (الاواوين) على مدى طابقين من الجهة المقابلة للباب
الرئيسية فقط ، أما من الجهات الاخرى فهي ذات طابق واحد، كانت تستخدم من قبل طلبة العلم
الذين يقصدون المدينة، وبنيت بالجص وجذوع النخل وأخرى أحدث بناءها، وتراها ذات منظر
جميل على الرغم من قدمها، ثم ترى الضريح عبر باب كبيرة من الخشب (الصاج) تنظر إلى الشباك
المحيط بالقبر ترى قطعة فوقه مكتوب عليها (السلام عليك يا حر بن يزيد الرياحي) ومن
الجانب الاخر للشباك زيارة الحر، وفوق الضريح تشاهد الثريا المعلقة، وهنالك لوحة لها
قصة محزنة اهديت إلى المقام في مطلع خمسينات هذا القرن من قبل وفد من جمهورية إيران
كتب عليها انها رسمت عام 1329 هجري أي إن عمرها يناهز 96 عاماً تصور الحر وهو جالس
بين يدي أبي عبد الله مطأطىء رأسه مقدماً سيفه ودرعه يطلب التوبه وغفران الذنب والإمام
واضعاً يده على رأسه يبشره بقبول توبته، وتوضح منظراً يجسد قمر بني هاشم وذرية الإمام
والخيام من جهة ومن الجانب الاخر تروي جزء من المعركة
تشغل أبنية مرقد الحر أرضاً مربعة الشكل طول ضلعها 70 متراً.
وتتألف من بناية المرقد مكون من ضريح(يقع في القسم الوسطي من المرقد) بابعاد (1,60
× 2,5م) وهو مغطى بصندوق فضي مشبك ، تحيط به حضرة قطرها سبعة أمتار(مضلعة الشكل تبلغ
مساحتها حوالي 80/2م2) محاطة بمصلى للرجال وآخر للنساء حيث تكون المساحة الكلية للمرقد
(2,560م) محاطة من أمام الجهة الشرقية بايوان كبير بارتفاع (10) متر، كما كان يوجد
إيوانان بمساحة (12×3م) محاطة بصحن مساحته الكلية (2,395م) ومحاطاً من الخارج بالبساتين
والأحياء السكنية.
أما القبة التي ترتفع فوق ضريح الشهيد الحر الرياحي، فكان
قطرها (7م)، وارتفاعها عن أرضية غرفة الضريح حوالي 10 أمتار ، ويبلغ مجمل ارتفاعها
(25م) وهي مكسوة بالقاشاني الكربلائي، ويعود آخر إكساء لهذه القبة الى عام 1962م.
أما الجهة الأمامية لمبنى الضريح فيتقدمه بهو (إيوان) واسع
طوله 26 متراً وعرضه 3 أمتار ، تتصدره واجهة تتكون من عقود (أقواس) مدببة ، القوس الأوسط
فيها أكثر أتساعاً من الأقواس الأخرى. وتجلس الأقواس على أعمدة ذات مقطع دائري ، وقد
زينت من الخارج بالبلاط القاشاني، ويحيط ببناية الضريح صحن واسع تحيط به من جهاته الأربعة
غرف تتقدمها أواوين صغيرة تعلو واجهاتها عقود (أقواس) مدببة ، وتستخدم هذه الغرف والأواوين
لأستراحة الزائرين ، ويمكن الدخول إلى صحن مرقد الحر عن طريق مدخلين أحدهما في السور
الأمامي والثاني في السور الايسر للمرقد.
مراحل اعمار الضريح
أول بناء أقيم على قبر الحر كان من قبل الشاه إسماعيل الصفوي
عند زيارته إلى العراق سنة 914 هـ (1505ـ 1508م) ، الذي اصر على البحث والتنقيب عن
القبر الشريف، فأقام أياماً وليالي في الطريق بين كربلاء ومنطقة الحر حالياً، وأمر
المئات من العمال بحفر الأراضي، على مسافة واسعة، حتى وجد الجثمان الشريف، ويقال إنه
اراد أخذ العصابة التي وضعها الإمام الحسين (عليه السلام) حول رأس الحر، إلا إن العلماء
ومراجع الدين حذروه من مغبة القيام بهذا العمل، لأنه يعود الى الحر الشهيد ولا يجوز
تملكه، فاضطر لأن يأخذ قطعة صغيرة منه للتبرك ،وشيد فوق القبر بناء تعلوه قبة من الطابوق
(الآجر) والجص ، وجعل له صحناً (الفناء المكشوف) ، تحيط به الأواوين التي تعلوها الاقواس
المدببة.
في عام 1330 هـ
(1912 م) قام آغا حسين خان شجاع السلطان الهمداني يإعادة تعمير قبة الحر ، وإكسائها
من الخارج بالبلاط القاشاني ، ويوجد عند بـاب الايوان كتيبتيـن تقـرأ الاولى « تعمير
الايوان بسعي الحاج السيد عبد الحسين كليدار حضرة سيد الشهداء سنة 1330 هـ » . وفي
الجانب الآخر الكتيبة التالية « قد عمر هذا المكان بهمة آغا حسين خان شجاع السلطان
الهمداني دام ظله الفاني سنة 1330 ».
في عام 1951م تم ترميم الضريح.
في عام 1428 هـ تم تهديم قبة الحر ومبنى الضريح بصورة كاملة
عام 2006، تم تهديم المرقد لتبدأ عملية إعادة بناء المزار
في 3- 11-2008
وفي 1-2-2009، اخذت التصاميم والخرائط من اللجنة الهندسية
في جامعة الكوفة
حيث تم انشاء السقف الأول وهو خاص بالبوابة الخلفية وبارتفاع
(4.8م) وبعدها سقف بارتفاع (9.2م) مع مردات الماء وبعدها السقف الثالث بارتفاع
(2.12م) حيث تكون القبة الكبيرة في وسطه، وهناك اربع قبب ثانوية تحيط بالقبة الرئيسة
وكذلك يحتوي سقف المبنى على مآذن عدد 2 وبارتفاع (32م) ، وبتكلفة مالية مقدارها
(2.395745) مليار دينار، على ان تكون المأذنتان مشابهتين لما موجود حالياً في مرقد
الإمامين العسكريين (عليهما السلام) والتي تسمى بالنوع (المعلّق)
لازال العمل جاري اليوم في إنشاء الإواوين التي تحيط بالمزار
الشريف وفق طراز معماري إسلامي وما يتناسب مع شكل الصحن الحديث وكذلك انشاء قاعات لتدريس
القرآن الكريم ومكتبة للمطالعة وحدائق ومواقف للسيارات وتم الحصول على موافقة من قبل
وزارة البلديات باستملاك بعض الأراضي التي تحيط بالمزار الشريف بمساحة دونمين لتكون
المساحة الكلية لمزار الحر الرياحي (10.000) م2
وهنالك ضريحاً جديداً يتم الإعداد له وهو بمساحة (4×5) م
ومن النوع المذهّب، ليحل محل الضريح القديم، ومن الجدير بالذكر ان هنالك صلاة
للجمعة تقام في الضريح لاتباع سيدنا الشهيد الصدر المقدس .
واليكم اخوتي بعض الصور عن الضريح الطاهر:ـ
صورة لضريح سيدنا الحر(ع) عام 1890م ، وقد اشتبه عند البعض
ونسبوها لضريح مولانا الامام الحسين(عليه السلام)
الضريح الاخير قبل تهديمه
شباك الضريح الاخير قبل ازالته في الاعمار الاخير
مراحل انجاز الاعمار الاخير
من مصادر ومراجع المبحث:ـ
1ـ سفينة البحار 1: 242 / نقلاً عن الأنوار النعمانية للسيد
نعمة الله الجزائري.
2ـ جولة في الاماكن المقدسة / إبراهيم الموسوي الزنجاني
3ـ موسوعة العتبات المقدسة لجعفر الخليلي ، قسم كربلاء /
د. حسين علي محفوظ 4ـ الدليل الجغرافي/ أحمد سوسة / بغداد 1379هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق