مناقشة حمل رأس الامام الحسين عليه السلام من كربلاء الى الكوفة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
في هذا المبحث يتم مناقشة موضوع أمر قتل الامام الحسين عليه السلام وقطع رأسه الشريف وحمله من كربلاء الى الكوفة ضمن عدة نقاط تعويلا على بعض المصادر التاريخية، ومن الله التوفيق
1ـ ان الامر بقتل الامام الحسين عليه السلام وقطع رأسه وتسريحه الى الشام، قد صدر من يزيد الشؤم (عليه اللعنة) فور وصوله للسلطة(وبمشورة سرجون مولى معاوية)، وكان موجها الى الوليد بن عتبة (والي امية على المدينة)، في صحيفة صغيرة (المرافقة للكتاب العام) مكتوب فيها:
(خذ الحسين وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن ابي بكر وعبد الله بن الزبير بالبيعة اخذا شديدا ومن ابى فاضرب عنقه وابعث الي برأسه)
(مقتل المقرم ص135 ، عن مقتل الخوارزمي ج1 ص178)
وبالتمعن بمضمون نص الكتاب الرئيسي ليزيد (..وقد كان عهد الي واوصاني(أي معاوية) بالحذر من آل ابي تراب لجرأتهم على سفك الدماء..) يتبين جليا ان المقصود الرئيسي بالقتل هو امامنا الحسين عليه السلام
2 ـ قام يزيد بإرسال عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر وولاه امر مكة وموسم الحاج واوصاه بالفتك بالإمام الحسين عليه السلام اينما وجد(المقرم عن المنتخب ص304)
3 ـ ان يزيد (عليهم اللعنة)(وبمشورة سابقة من معاوية وحاضرة من سرجون)، قام بتعيين ابن مرجانه(عليه اللعنة) على الكوفة اضافة للبصرة(أي ولاه العراقين)، ترغيبا لابن مرجانة في سرعة وشدة تنفيذ جريمة القتل (المقرم عن تاريخ الطبري ج6ص99 )
وبعد قيام ابن مرجانة بقتل السفير مسلم عليه السلام وارسال رأسه وراس هاني بن عروة عليه السلام الى يزيد، اجابه يزيد برسالة منها (فيما يخص امامنا الحسين عليه السلام):
(...فاما ان تحاربه او تحمله الي)(مقتل الخوارزمي ج1ص215)
فارسل ابن مرجانة الى امامنا الحسين حين اخبره الحر بالنزول في كربلاء:
(...كتب الي امير المؤمنين يزيد ان لا اتوسد الوثير ولا اشبع من الخمير او الحقك باللطيف الخبير او تنزل على حكمي وحكم يزيد والسلام)
(المقرم عن البحار ج10ص189 ومقتل العوالم ص76)
وكان اللعين ابن مرجانه معسكر بالنخيلة وبريده مع عمر بن سعد لا يتوقف ، وهو يهدد ويحث عمر بن سعد على الشدة في تنفيذ الامر قائلا له :
(..لا تمسي ولا تصبح الا وخبرك عندي غدوة وعشية ..)
(المقرم عن تظلم الزهراء ص101ومقتل محمد بن ابي طالب)
ومن شدة مراقبته علم بحفر الابار فارسل آمرا بالمنع ..(المقرم عن مقتل الخوارزمي ج1ص244، نفس المهموم للمحدث القمي ص116، مقتل العوالم ص78)
وكتب اخرى يأمر عمر بن سعد بتخيير امامنا الحسين عليه السلام بين السلة والذلة او يسلم(عمر)قيادة الحرب للشمر(عليه اللعنة)
(المقرم عن ابن الاثير ج4ص23، الطبري ج6ص236)
اذن ومما سبق اعلاه يمكن ان نستنتج ما يلي:
بما ان امر قتل امامنا الحسين عليه السلام وقطع رأسه وتسريحه الى الشام صادر مسبقا من يزيد اللعين ولعدة مرات ولعدة ولاة وبالأخص ابن مرجانة، وهذا وواضح جلي في الكتاب الذي ذكره الطبري والمروي عن امامنا الحسين عليه السلام (((..لو كنت في جحر هامة من هوام الارض لأستخرجوني يقتلوني والله ليعيدن علي كما عدت اليهود على السبت والسلام )) الطبري ج4ص292
اذن ليس بالضرورة ان يحتاج ابن مرجانه الى بريد اضافي لتنفيذ الجريمة من جهة ، او لقطع الرأس المقدس وحمله والسبي الى الشام من جهة اخرى
وهذا ما قام به فعلا عمر بن سعد مع ابن مرجانة
(وهذه القرينة المحتملة تنفعنا لاحقا في موضوع مدة الاربعين يوما)
4ـ ان الشمر(عليه اللعنة) هو من احتز رأس الامام الحسين عليه السلام بصورة مباشرة (المقرم عن مقتل العوالم ص100 ، مقتل الخوارزمي 2: 36)
5 ـ ذكر الدينوري(الأخبار الطوال: ٢٥٩): أنّ عمر بن سعد بعث برأس الحسين من ساعته إلى عبيد الله بن زياد مع خولّي بن يزيد الأصبحي.
وقال الشيخ المفيد (الإرشاد: ٢: ١١٣): (وسرّح عمر بن سعد من يومه ذلك برأس الحسين عليه السلام مع خولّي بن يزيد، وحميد بن مسلم الأزدي، إلى عبيد الله بن زياد...) ومثله قال محمد بن أبي طالب(تسلية المجالس)
6ـ قال الشهيد الأوّل(محمد بن جمال الدين مكي العاملي) :... فإذا بلغت العَلَمَ وهي الحنّانة، فصلّ ركعتين، فقد روى محمّد بن أبي عمير، عن المفضّل قال: جاز الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغريّ فصلّى ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة؟
فقال هذا موضع رأس جدّي الحسين بن عليّ عليهما السلام ، وضعوه هاهنا لما توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد لعنة الله عليه ...) (المزار: ٦٩، وانظر: جواهر الكلام: ٢٠: ٩٣.) .
وقال الشيخ محمّد مهدي الحائري: (وقال المرحوم شيخنا النوري نوّر الله مضجعه: إنّه كان قريباً من النجف الأشرف ميل من الجص والآجر، ويقال له: القائم. ويسمّونه: بالعَلَمْ. فلما قُبض أمير المؤمنين عليه السلام وجاءوا إلى النجف الأشرف، فلما وصلوا إلى العَلَم والقائم انحنى تعظيماً لأمير المؤمنين كالراكع فسمّوه بالحنّانة، وزيد في شرفه أنّه لما جيء برأس الحسين عليه السلام إلى الكوفة ووصل هناك وقد مضى من الليل شطره، فوضع اللعين الحامل الرأس المبارك في ذلك المقام، وهذا أوّل منزل نزل به رأس الحسين عليه السلام في طريق الكوفة، بقي غريباً وحيداً في ذلك المقام، ثمّ بنوا مسجداً في ذلك المكان وسُمِّي بمسجد الحنّانة، ويُستحب فيه الدعاء والزيارة وقيل: سُمّي بالحنانة؛ لأنّه لما وضِع رأس الحسين عليه السلام في ذلك الموضع سُمِع من الرأس الشريف حنين وأنين إلى الصباح، والله العالم)( معالى السبطين: ٢: ٩٦)
7ـ قال السيّد هاشم البحراني: (إنّ عبيد الله بن زياد لعنه الله، بعدما عُرِض عليه رأس الحسين عليه السلام ، دعا بخولّي بن يزيد الأصبحي وقال له: خُذْ هذا الرأس حتّى أسألك عنه.
فقال: سمعاً وطاعة.
فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان، إحداهما ثعلبية، والأُخرى مُضَرية، فدخل على المضريّة، فقالت: ما هذا؟!
فقال: هذا رأس الحسين بن عليّ وفيه مُلك الدنيا!
فقالت له: أبشِر! فإنّ خصمك غداً جدّه محمّد المصطفى!
ثم قالت: والله، لا كنت لي ببعْل، ولا أنا لك بأهل! ثمّ أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه!
فانصرف من عندها وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟
قال: هذا رأس خارجيّ، خرج على عبيد الله بن زياد.
فقالت: وما اسمه؟
فأبى أن يُخبرها ما اسمه، ثمّ تركه على التراب وجعل عليه أُجانة.
قال: فخرجت امرأته في الليل، فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلى عنان السماء! فجاءت إلى الأجانة، فسمعت أنيناً وهو يقرأ! إلى طلوع الفجر! وكان آخر ما قرأ:
( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) ، وسمعت حول الرأس دويّاً كدويّ الرعد! فعلمت أنّه تسبيح الملائكة!
فجاءت إلى بعْلها وقالت: رأيت كذا وكذا، فأيّ شيء تحت الأجانة؟!
فقال: رأس خارجي، فقتله الأمير عبيد الله بن زياد، وأُريد أن أذهب به إلى يزيد بن معاوية؛ ليُعطيني عليه مالاً كثيراً!
قالت: ومَن هو؟!
قال: الحسين بن عليّ!
فصاحت وخرّت مغشيّة عليها! فلما أفاقت قالت: يا ويلك! يا شرّ المجوس! لقد آذيت محمّداً في عترته! أما خفت من إله الأرض والسماء؛ حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيّدة نساء العالمين؟!
ثمّ خرجت من عنده باكية، فلما قامت رفعت الرأس وقبّلته ووضعته في حِجْرها وجعلت تُقبّله وتقول: لعن الله قاتلك! وخصمه جدّك المصطفى!
فلما جَنّ الليل غلب عليها النوم، فرأت كأنّ البيت قد انشقّ بنصفين وغشيَه نور! فجاءت سحابة بيضاء، فخرج منها امرأتان، فأخذتا الرأس من حِجْرها وبكَتا!
قالت: فقلت لهما: بالله، مَن أنتما؟
قالت إحداهما: أنا خديجة بنت خويلد! وهذه ابنتي فاطمة الزهراء! ولقد شكرناك، وشكر الله لك عملك، وأنت رفيقتنا في درجة القدس في الجنّة!
قال: فانتبهت من النوم والرأس في حِجرها، فلما أصبح الصبح جاء بعْلُها لأخذ الرأس، فلم تدفعه إليه وقالت: ويلك! طلّقني! فوالله، لا جمعني وإيّاك بيت!
فقال: ادفعي لي الرأس وافعلي ما شئت!
فقالت: لا والله، لا أدفعه إليك!
فقتلها وأخذ الرأس...)
( مدينة المعاجز: ٤: ١٢٤ رقم ١٨٥، وانظر: ص١١٤، وهذه الرواية بهذا النحو رواها السيّد البحراني مُرسلة).
اما الطبري في تاريخه(٣: ٣٣٥):فقد روى ما مضمونه ان خولى وصل قصر ابن مرجانة متأخرا ووجده مغلقا فرجع الى بيته وكان على بعد فرسخ من القصر وجرى ما جرى مع زوجته حينما علمت بحقيقة الرأس ...
اذن ومما سبق في اعلاه يمكن استنتاج ما يلي:
في نهاية يوم عاشوراء قام عمر بن سعد بتسليم رأس الامام الحسين عليه السلام الى خولى والذهاب بسرعة الى الكوفة لتسليمه الى ابن مرجانة (الذي رجع مسرعا من معسكره بالنخيلة الى الكوفة)
وكان مع خولى بعض الانفار منهم حميد بن مسلم ولكنه وصل متاخرا (بعد منتصف الليل) فبات في منطقة الحنانة(ليلة الحادي عشر من محرم) ووضع الرأس الشريف في الموضع المعروف اليوم في مسجد الحنانة ، وفي الصباح (يوم الحادي عشر من محرم)توجه خولي مسرعا نحو ابن مرجانه لتسليمه الراس ولكن ابن مرجانه وقع في رعب حينما شاهد حيطان قصر الامارة تسيل دما بعدما ادخل الرأس المقدس عليه وكذلك رؤيته للنار التي تخرج من الحيطان باتجاهه (انظر: الصواعق المحرقة ص116وتاريخ ابن عساكر ج4ص339)
وهذا ما جعله يقوم بوضع الرأس مؤقتا عند خولي والذي حدث في منزله ما حدث..، ومن ثم قام الاخير لاحقا بارجاع الرأس المقدس الى ابن مرجانة (عليه اللعنة)
انتهى هذا المبحث
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.
من مصادر المبحث
1ـ مقتل الامام الحسين عليه السلام للسيد المقرم
2ـ مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة/ تأليف: علي الشاوي - الشيخ نجم الدين الطبسي - الشيخ محمد جواد الطبسي - الشيخ عزت الله المولاني - الشيخ محمد جعفر الطبسي - الشيخ محمد امين الاميني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق