معرفة الله (ج4)
توحيد الربوبية
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
يدل لفظ ( الرب) في اللغة : على المتصرف والمتحمل والمدبر لأمر الشيء ،أما في العقائد، فقال العلماء بأن الرب :
هو الذي يقوم بالتصرف المستقل في مربوبه (هو المدبر المستقل لشؤون وأمور مربوبه)
فرب الدار :هو المدبر لشؤون وأمور الدار
ورب العمل: هو المدبر لشؤون وأمور العمل، وربة البيت هي المدبرة لشؤون وأمور البيت، وعلى هذا الأساس فالربوبية تعني تدبير شؤون الأمور، فعند ملاحظة إن الله جل جلاله هو الخالق لجميع المخلوقات وهو الذي يمدها بأسباب البقاء والتكامل ويدير جميع شؤونها وأمورها، فهي محتاجه ومفتقرة إليه في كل شيء ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستقلال عنه إطلاقا وكيف يمكن لها أن تستقل عن خالقها وبارئها ومصورها ومحييها ومميتها وهاديها ورازقها وآمرها وناهيها وحافظها وحاميها ونافعها وساترها.....
فمن لحاض هذه الروابط بين الله تعالى شأنه وبين مخلوقاته، ينتزع مفهوم الربوبية
لذا فأن توحيد الربوبية يعني الاعتقاد القاطع بأن الله جل جلاله هو المدبر المستقل الوحيد لجميع شؤون خلقه حدوثا وبقاءا، ولا يمكن للخلق على الإطلاق أن يستقل عن الله في أي شأن من شؤونه ولو لأقل من طرفة العين ,وعليه فلا يمكن أن يكون مدبر مستقل من غير أن يكون خالق مستقل، ولا يمكن أن يكون خالق مستقل من غير أن يكون مدبر مستقل،لذا فأن كل من يدير شؤون الخلق من ملائكة وأولياء ومعصومين(عليهم السلام )، هم في طول تدبير الله العلي العظيم
أي إنهم وسائط في إجراء وتنفيذ أوامر الله(تقدست أسماؤه) في تدبير الكون، قال الشيخ اليزدي:
(إن المخلوقات الإلهية لا يمكنها الاستغناء في أفعالها عن الله تعالى، وإنما يتم تأثير كل مخلوق من المخلوقات في الآخر بإذن الله وفي ظل القدرة التي منحها الله
تعالى له ، وفي الواقع إن الموجود الوحيد الذي يفيض تأثيره في كل مكان،
وفي كل شيء، بصورة مستقلة وبدون احتياجه لغيره، هو الذات الالهيه المقدسه،
وأما فاعلية الآخرين، وتأثيرهم فهي في طول فاعليته وتأثيره، وفي ظله ومدده
ومستمده ومكتسبه منه تعالى) هو الذي يقوم بالتصرف المستقل في مربوبه (هو المدبر المستقل لشؤون وأمور مربوبه)
فرب الدار :هو المدبر لشؤون وأمور الدار
ورب العمل: هو المدبر لشؤون وأمور العمل، وربة البيت هي المدبرة لشؤون وأمور البيت، وعلى هذا الأساس فالربوبية تعني تدبير شؤون الأمور، فعند ملاحظة إن الله جل جلاله هو الخالق لجميع المخلوقات وهو الذي يمدها بأسباب البقاء والتكامل ويدير جميع شؤونها وأمورها، فهي محتاجه ومفتقرة إليه في كل شيء ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستقلال عنه إطلاقا وكيف يمكن لها أن تستقل عن خالقها وبارئها ومصورها ومحييها ومميتها وهاديها ورازقها وآمرها وناهيها وحافظها وحاميها ونافعها وساترها.....
فمن لحاض هذه الروابط بين الله تعالى شأنه وبين مخلوقاته، ينتزع مفهوم الربوبية
لذا فأن توحيد الربوبية يعني الاعتقاد القاطع بأن الله جل جلاله هو المدبر المستقل الوحيد لجميع شؤون خلقه حدوثا وبقاءا، ولا يمكن للخلق على الإطلاق أن يستقل عن الله في أي شأن من شؤونه ولو لأقل من طرفة العين ,وعليه فلا يمكن أن يكون مدبر مستقل من غير أن يكون خالق مستقل، ولا يمكن أن يكون خالق مستقل من غير أن يكون مدبر مستقل،لذا فأن كل من يدير شؤون الخلق من ملائكة وأولياء ومعصومين(عليهم السلام )، هم في طول تدبير الله العلي العظيم
أي إنهم وسائط في إجراء وتنفيذ أوامر الله(تقدست أسماؤه) في تدبير الكون، قال الشيخ اليزدي:
وهنالك أدله عقليه كثيرة دالة على توحيد الربوبية، ذكر الشيخ محمد تقي اليزدي، الدليل التالي ، الذي يدل بالمباشر على التوحيد في الربوبية ، ويفند معتقدات المشركين
الدليل على توحيد الله
إن افتراض وجود الهين، أو آلهة متعددة للكون، لا يخرج عن الاحتمالات الاتية:ـ
1 ـ فأما إن كل واحدة من الظواهر والكائنات الكونية، مخلوقة ومعلولة لجميع هذه الآلهة.
2 ـ وأما إن كل مجموعه منها معلولة لواحد من الآلهة المفترضة
3:ـ وأما إن نعتبرها جميعا مخلوقه لإله واحد ,بينما نفترض سائر الآلهة مدبرة للكون .
أما افتراض
(1) إن كل ظاهرة وكائن له آلهة متعددة خالقة له فهو افتراض محال،
وذلك لأن القول بأن هناك اثنين أو أكثر من الآلهة الخالقة(بمعنى العلة
الموجدة) تخلق الموجود، يعني إن كل واحد منها يفيض وجودا، ونتيجة لذلك،
أن توجد عدة وجودات بعدد الآلهة المفترضة للشيء الواحد، مع إن كل موجود
ليس له إلا وجود واحد، وإلا لم يكن موجودا واحدا .2 ـ وأما إن كل مجموعه منها معلولة لواحد من الآلهة المفترضة
3:ـ وأما إن نعتبرها جميعا مخلوقه لإله واحد ,بينما نفترض سائر الآلهة مدبرة للكون .
أما افتراض
وأما افتراض
(2) إن كل واحد منها خالق لمخلوق واحد، أو لمجموعة معينة من المخلوقات، فيلزم من هذا الافتراض أن يكون كل مخلوق قائما بخالقه، ولا يحتاج لموجود آخر، إلا الاحتياج الذي يؤول وينتهي بالتالي إلى خالقه وهو احتياج إلى خصوص مخلوقات خالقه، وبعبارة أخرى:
إن افتراض الآلهة المتعددة للكون يلزم منه وجود أنظمة متعددة في الكون وكل واحد منها مستقل ومنفصل عن الآخر، مع إن للكون نظاما واحدا، وكما يوجد ارتباط وتفاعل بين الظواهر الموجودة في زمان واحد ، وتحتاج كل منها إلى الأخرى فان هناك ارتباطا وعلاقة بين الظواهر السابقة مع الظواهر الحاضرة الراهنة ، وكذلك بين الظواهر الراهنة والظواهر المستقبلية واللاحقة، وكل ظاهرة سابقة ممهدة لوجود اللاحقة
إذن فهذا الكون الذي يتألف من أجزاء مترابطة متلاحمة ويحكمه نظام واحد، لا يمكن أن يكون معلول لعدة علل موجدة.
وأما الافتراض
(3) وهو إن الخالق لكل المخلوقات اله واحد وأما سائر الآلهة فتتكفل
بمهمة تدبير الكون وإدارته فهذا الافتراض غير صحيح أيضا، وذلك لان كل
معلول قائم بكل شؤون وجوده بعلته الموجدة له وليس لأي موجود مستقل آخر سبيل
للتصرف فيه إلا أن يكون من قبيل التفاعلات الحاصلة بين معلولات العلة
أنفسها، ولكنها خاضعة للفاعل الموجد لها، ولا تخرج عن حكومة قدرته وسلطانه،
ولا يتم شيء إلا بأذنه التكويني وفي هذه الحالة لا تكون كل تلك الآلهة ـ
غير الخالق الموجد ـ (ربا) بمعناه الحقيقي ، إذ إن المعنى الحقيقي للرب،
أن يقوم بالتصرف المستقل في مربوبه والمفروض في هذه التصرفات والتأثيرات
إنها غير مستقلة، بل أنها كلها مقتبسة من ربوبية الخالق، وبالقوة التي
زودها بها ذلك الخالق، ولولاه لما أمكن أن توجد هذه التصرفات .وافتراض وجود مثل هذه الأرباب المدبرة للكون لاتنافي التوحيد في الربوبية، كما أن الخالقية التي تتم بالإذن الإلهي لا تنافي التوحيد في الخالقية
وفي القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ما يدل على ثبوت مثل هذا الخلق أو التدبير التبعي وغير المستقل لبعض عباد الله ,إذ يقول الله تعالى في كتابه الكريم عن عيسى(عليه السلام):
([وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني))(سورة المائدة/ الآية 110)
وقوله تعالى أيضا ((فالمدبرات أمرا))(سورة النازعات/ الآية 5)
والحاصل إن التوهم بإمكان آلهة متعددة للكون، ناشئ من قياس الله وتشبيهه بالعلل المادية والمعدة، حيث يمكن القول بتعددها للمعلول الواحد ([وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني))(سورة المائدة/ الآية 110)
وقوله تعالى أيضا ((فالمدبرات أمرا))(سورة النازعات/ الآية 5)
ولكن لايمكن ان نشبه العلة الموجدة بأمثال هذه العلل، ولا يمكن أن نفترض لأي معلول، عدة علل موجدة أو عدة أرباب مدبرة بالاستقلال
إذن فلأجل تفنيد هذا التوهم، لابد أن نتأمل بدقة أكثر في مفهوم العلة الموجدة وخصائص هذا النوع من العلة، حتى ندرك استحالة تعدد مثل هذه العلل للمعلول الواحد ، وكذلك لابد من التأمل في ترابط الكون ليتضح لنا أن هذا النظام المترابط الذي يحكم الكون لايمكن أن يكون مخلوقا لآلهة متعددة أو خاضعا لتدبير أرباب مستقلين).
ولمزيد من الإيضاح نورد ما ذكره الشيخ حسن مكي العاملي، من أدله في توحيد الربوبية وكما يلي:ـ
الدليل الأول ـ [الاستحالة العقلية]
أي استحالة قبول العقل وجود أكثر من اله لإدارة مجموع الكون ولتوضيح ذلك، لو تعلقت إرادة احدهما بتحريك جسم ما ، فلا يخلو من
1 ـ إما أن يمكن للآخر تسكينه
ا ـ إما أن يقع مرادهما معا، وهذا محال لاستلزامه اجتماع النقيضين .
ب ـ أو لا يقع مراد أي منهما، وهذا محال، لاستلزامه ارتفاعهما وخلو الجسم عن الحركة والسكون
ج ـ أو يقع مراد احدهما فقط، وهذا فاسد من ناحيتين :ـ
أولا ـ الترجيح بلا مرجح ، وهو محال .
ثانيا ـ عجز الآخر ،وعجز الإله باطل، إذ يخرج بذلك عن صلاحية التدبير، ويكون حاله كغيره من الموجودات، فلا يكون إلها
2 ـ وان لم يمكن للآخر تسكينه، يلزم عجزه، وعجز الإله باطل .
فظهر من ذلك استحالة وجود أكثر من مدبر واحد لمجموع الكون
2 ـ أو لا يمكن .
فان: أمكن ، فلا يخلو من :ـ ا ـ إما أن يقع مرادهما معا، وهذا محال لاستلزامه اجتماع النقيضين .
ب ـ أو لا يقع مراد أي منهما، وهذا محال، لاستلزامه ارتفاعهما وخلو الجسم عن الحركة والسكون
ج ـ أو يقع مراد احدهما فقط، وهذا فاسد من ناحيتين :ـ
أولا ـ الترجيح بلا مرجح ، وهو محال .
ثانيا ـ عجز الآخر ،وعجز الإله باطل، إذ يخرج بذلك عن صلاحية التدبير، ويكون حاله كغيره من الموجودات، فلا يكون إلها
2 ـ وان لم يمكن للآخر تسكينه، يلزم عجزه، وعجز الإله باطل .
الدليل الثاني: [ثبات النظام الكوني]
إن اتساق النظام الكوني وثباته، دليل وحدة الرب المدبر له، فلو كان مع الله جل جلاله شريك في تدبير الكون، للزم فساد نظام الوجود ، والحال انه متسق وثابت ، فينتج عدم الشريك له .وبيان ذلك :
لو كان تدبير الكون وتنظيم أموره ورعاية موجوداته، راجعا إلى أكثر من اله، فحينئذ كل اله سيفعل ما يريده ويراه مناسبا في تدبير هذا الكون الواحد .
فيلزم فساد النظام، لتنازع الآلهة المدبرة له وتمانعها ـ لامحالة ـ في إدارته، وهو خلاف المشاهد بالحس من انتظام الكون بما فيه على أحسن وأتم نظم ((لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا))(سورة الأنبياء/ الآية 22 )
الدليل الثالث ـ [وحدة النظام الكوني]
ويدل على وحدة الرب المدبر لهذا الوجود، خضوعه في جميع أجزائه لنظام
واحد منسجم ومتعاطف، وقد كشف العلم الحديث عن كثير من الحقائق في ترابط
الإنسان بدنا وروحا بمحيطه
وترابط الأرض والماء والهواء والأفلاك في علاقات
متبادلة تحفظ توازن الوجود وبقائه واستمرار مقومات الحياة لجميع الموجودات
فلو كان ثمة اله آخر يدير قسما من الكون لشاهدنا نظامه، وأحسسنا بوجود
نوعين من الانظمه يدار بهما الكون، لكل منهما خصائصه ومميزاته التي ينفرد
بها، وذلك كله منتف، فيدل ذلك على انه لا مدبر سوى اله واحد : ((وما كان معه من اله إذا لذهب كل اله بما خلق))(سورة المؤمنون/ الآية 91)
قال مولى الموحدين علي(عليه السلام) في وصيته لمولانا الإمام الحسن(عليه السلام ):[واعلم يا بني لو كان لربك شريك لأتتك رسله، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته]
وقسم العلما ء الأمور المرتبطة بالربوبية الإلهية المطلقة إلى قسمين :ـ
1ـ الربوبية التكوينية:
وتختص بتدبير الأمور لكل الموجودات وإرضاء احتياجاتها، ولا تنافي بينها وبين الولاية التكوينية لبعض عباد الله الصالحين، لأنه وكما تبين إن هذه الولاية التكوينية لبعض عباد الله الصالحين غير مستقلة عن ولاية الله بل هي في طول ولايته التكوينية ومستمدة منه جل جلاله
2 ـ الربوبية التشريعية :
وتختص بالموجودات التي تملك الشعور والاختيار، وتشمل بعث الأنبياء
وإرسال الكتب السماوية وتعين الوظائف والتكاليف، ووضع الأحكام والقوانين،
ولا تنافي بينها وبين الولاية التشريعية للمصطفى الخاتم وآله الأطهار لأنها
في طول ولاية الله وبأذنه ومستمده منه جل جلاله . ومن خلال كل ما ذكر أعلاه يتبين معنى ما ذكره السيد عبد الأعلى السبزواري من إن
[(الرب)مجمع جميع أسماء أفعال الله المقدسة لأن جميع أفعاله تبارك وتعالى متشعبة من جهة تدبيره تعالى وتربيبه في كل موجود بحسبه فالرب مظهر الرحمة والخلق والقدرة والتدبير والحكمة فهو الشامل لما سواه تعالى فأنهم المربوبون له تعالى على اختلاف مراتبهم]
وقال السيد في موضع آخر
[إثبات وحدة فعله تعالى بذكر (رب العالمين)لأن العالمين بمعنى ما سواه، وهو فاعل الكل ومربيه]
وقال المحقق الخوئي (إن الكمال الأول لكل ممكن من العقول والنفوس والأرواح والأشباح إنما هو وجوده .
ولاريب في انه فعل الله سبحانه وهو مبدعه وموجده , وأما الكمال الثاني وهي الأمور التي تو جب الفضل والميز، فما كان منه خارجا عن اختيار المخلوق فهو أيضا من أفعال الله تعالى بلا ريب، وذلك كما في نمو النبات، وإدراك الحيوان منافعه و مضاره ، وقدرة الإنسان على بيان مقاصده، وما كان منه صادرا عن المخلوقين باختيارهم، فهي وان كانت اختيارية إلا أنها منتهية إلى الله سبحانه، فأنه الموفق للصواب، والهادي إلى الرشاد .
وقد ورد [إن الله أولى بحسنات العبد منه ]وقد أشير إلى ذلك بجملة(رب العالمين)) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل يارب على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
من مصادر ومراجع المبحث :ـ
1 ـ القرآن الكريم
2ـ دروس في العقيدة الإسلامية للشيخ محمد تقي اليزدي
3 ـ بداية المعرفة للشيخ حسن مكي ألعاملي
4 ـ الإلهيات للشيخ جعفر لسبحاني
5 ـ مواهب الرحمان في تفسير القرآن للسيد عبد الأعلى السبزواري
6 ـ البيان في تفسير القرآن للمحقق الكبير ابو القاسم الخوئي
1 ـ القرآن الكريم
2ـ دروس في العقيدة الإسلامية للشيخ محمد تقي اليزدي
3 ـ بداية المعرفة للشيخ حسن مكي ألعاملي
4 ـ الإلهيات للشيخ جعفر لسبحاني
5 ـ مواهب الرحمان في تفسير القرآن للسيد عبد الأعلى السبزواري
6 ـ البيان في تفسير القرآن للمحقق الكبير ابو القاسم الخوئي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق