دفن الاجساد الطاهرة لشهداء الطف عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
يستشف من بعض الاشارات التاريخية انه تم استدعاء السبي الحسيني مرتين الى دار الامارة وهذا ما يذهب اليه السيد المقرمبسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
هذا من جهة ، ومن جهة اخرى انه تم القيام بحبس السبي الحسيني
المهم هنا انه حصلت فرصة ترك فيها السبي الحسيني فقام فيها امامنا السجاد عليه السلام بمغادرة الحبس والذهاب الى كربلاء للقيام بدفن الاجساد الطاهرة لشهداء الطف عليهم السلام
ففي رواية إثبات الوصية عن سهل بن زياد بن العباس، عن إسماعيل بن سهل، عن بعض أصحابه قال:
(كنت عند الرضا عليه السلام ، فدخل عليه عليّ بن أبي حمزة، وابن السرّاج، وابن المكاري، فقال عليٌّ - بعد كلام بينهم وبينه عليه السلام في إمامته -: إنّا روينا عن آبائك عليهم السلام :أنّ الإمام لا يلي أمره إلاّ الإمام مثله(راجع الكافي: ١: ٣٨٤ - ٣٨٥ )) ، فقال له أبو الحسن عليه السلام :فأخبرني عن الحسين بن عليّ كان إماماً أو غير إمام؟!)
قال: كان إماماً. قال:فمَن ولِيَ أمره؟!) .
قال: علي بن الحسين!، قال: وأين كان عليّ بن الحسين؟!) .
قال: كان محبوساً بالكوفة في يد عبيد الله بن زياد.
فقال: كيف ولِيَ أمر أبيه وهو محبوس؟!) .
قال: له روينا أنّه خرج وهم لا يعلمون، حتّى ولِيَ أمر أبيه، ثمّ انصرف إلى موضعه.
فقال له أبو الحسن: إنّ هذا الذي أمكن عليّ بن الحسين وهو مُعتقل، فهو يُمكّن صاحب هذا الأمر - وهو غير مُعتقل - أن يأتي بغداد ويلي أمر أبيه ويتصرَّف وليس هو المحبوس ولا مأسور!)
(إثبات الوصيّة/ ابي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي:ص ١٧٥)
قال الدربندي في أسرار الشهادة
: (وكان إلى جنب العلقميّ حيّ من بني أسد، فمشت نساء ذلك الحيّ إلى المعركة، فرأين جثث أولاد الرسول، وأفلاذ حشاشة الزهراء البتول، وأولاد عليّ أمير المؤمنين عليه السلام فحل الفحول، وجثث أولادهم في تلك الأصحار وهاتيك القفار، تشخب الدماء من جراحاتهم، كأنّهم قتلوا في تلك الساعة! فتداخل النساء من ذلك المقام العَجبُ! فابتدرن إلى حيّهنّ، وقلن لأزواجهنّ ما شاهدنه، ثمّ قلن لهم: بماذا
تعتذرون من رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة الزهراء، إذا أُوردتم عليهم؛ حيث إنّكم لم تنصروا أولاده، ولا دافعتم عنهم بضربة سيف ولا بطعنة رمح ولا بحذفة سهم؟!
فقالوا لهنّ: إنّا نخاف من بني أُميّة!
وقد لحقتهم الذلّة وشملتهم الندامة من حيث لا تنفعهم، وبقيت النسوة يجُلْن حولهم ويقُلْن لهم: إن فاتتكم نصرة تلك العصابة النبويّة، والذبّ عن هاتيك الشنشنة العليّة العلويّة، فقوموا الآن إلى أجسادهم الزكيّة فواروها، فإنّ اللعين ابن سعد قد وارى أجساد مَن أراد مواراته من قومه، فبادِروا إلى مواراة أجساد آل رسول الله، وارفعوا عنكم بذلك العار! فماذا تقولون إذ قالت العرب لكم: إنّكم لم تنصروا ابن بنت نبيّكم مع قُربه وحلوله بناديكم؟! فقوموا واغسلوا بعض الدَرَن عنكم!
قالوا: نفعل ذلك.
فأتوا إلى المعركة، وصارت همّتهم أوّلاً أن يواروا جثّة الحسين عليه السلام ثمّ الباقين، فجعلوا ينظرون الجثث في المعركة، فلم يعرفوا جثّة الحسين عليه السلام من بين تلك الجثث؛ لأنّها بلا رؤوس وقد غيّرتها الشموس، فبينا هم كذلك، وإذا بفارس أقبل إليهم حتّى إذا قاربهم قال: أنّى بكم؟).
قالوا: إنّا أتينا لنواري جثّة الحسين عليه السلام وجثث ولْده وأنصاره، ولم نعرف جثّة الحسين عليه السلام !
فلما سمع ذلك حنّ وأنَّ وجعل يُنادي: واأبتاه! واأبا عبد الله! ليتك حاضر وتراني أسيراً ذليلاً!) .
ثمّ قال لهم: أنا أُرشدكم) .
فنزل عن جواده، وجعل يتخطّى القتلى، فوقع نظره على جسد الحسين عليه السلام فاحتضنه وهو يبكي ويقول: يا أبتاه، بقتلك قرّت عيون الشامتين! يا أبتاه، بقتلك فرحت بنو أُميّة! يا أبتاه، بعدك طال حزننا! بعدك طال كربنا!) .
قال: ثمّ إنّه مشى قريباً من محلّ جثّته فأهال يسيراً من التراب، فبان قبر محفور ولحد مشقوق! فأنزل الجثّة الشريفة وواراها في ذلك المرقد الشريف كما هو الآن.
قال: ثمّ إنّه عليه السلام جعل يقول: هذا فلان، وهذا فلان.
هذا والأسديّون يوارونهم، فلما فرغ مشى إلى جثّة العبّاس بن أمير المؤمنين عليهما السلام فانحنى عليها، وجعل ينتحب ويقول: يا عمّاه! ليتك تنظر حال الحرم والبنات وهنّ يُنادين: واعطشاه! واغربتاه!) .
ثمّ أمر بحفر لحْده وواراه هنا، ثمّ عطف على جثث الأنصار وحفر حفيرة واحدة وواراهم فيها، إلاّ حبيب بن مظاهر، حيث أبى بعض بني عمّه ذلك، ودفنه ناحية عن الشهداء.
قال: فلما فرغ الأسديون من مواراتهم قال لهم: هلموا لِنوارِ جثّة الحرّ الرياحي) .
قال: فتمشَّى وهم خلْفه، حتى وقف عليه فقال: أمّا أنت، فقد قَبِلَ الله توبتك، وزاد في سعادتك ببذْلك نفسك أمام ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ) .
قال وأراد الأسديّون حمْله إلى محلّ الشهداء، فقال: لا، بل في مكانه واروه) .
قال: فلما فرغوا من مواراته ركب ذلك الفارس جواده، فتعلّق به الأسديّون، فقالوا: بحقّ مَن واريته بيدك! مَن أنت؟
فقال: أنا حجّة الله عليكم، أنا عليّ بن الحسين عليه السلام ، جئت لأواري جثّة أبي ومَن معه من إخواني وأعمامي وأولاد عمومتي وأنصارهم، الذين بذلوا مُهجهم دونه، وأنا الآن راجع إلى سجن ابن زياد لعنه الله، وأمّا أنتم فهنيئاً لكم، لا تجزعوا إذ تُضاموا فينا!) .
فودّعهم وانصرف عنهم. وأمّا الأسديون، فإنّهم رجعوا مع نسائهم إلى حيّهم)( أسرار الشهادة: ٤٥٢.)
وقال السيّد عبد الرزاق المقرّم:
(وفي اليوم الثالث عشر من المحرّم، أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد عليه السلام ؛ لأنّ الإمام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله ولما أقبل السجّاد عليه السلام وجد بني أسد مُجتمعين عند القتلى مُتحيّرين! لا يدرون ما يصنعون، ولم يهتدوا إلى معرفتهم فأخبرهم عليه السلام عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقفهم على أسمائهم، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب ثمّ مشى الإمام زين العابدين إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً، وأتى إلى موضع القبر، ورفع قليلاً من التراب، فبان قبر محفور، وضريح مشقوق! فبسط كفّيه تحت ظهره وقال: بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول الله، صدق الله ورسوله، ما شاء الله، لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العظيم) . وأنزله وحده، لم يُشاركه بنو أسد فيه، وقال لهم:إنّ معي مَن يُعنني) ، ولما أقرّه في لحْده وضع خدّه على منحره الشريف قائلاً: طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مُظلمة، والآخرة بنورك مُشرقة، أمّا الليل فمُسهَّد! والحزن سرمد! أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت بها مُقيم! وعليك منّي السلام يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته) . وكتب على القبر: هذا قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب، الذي قتلوه عطشاناً غريباً) .ثمّ مشى إلى عمّه العبّاس عليه السلام ، فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السماء! وأبكت الحور في غُرَف الجنان! ووقع عليه يلثم نحْره المقدّس قائلاً: على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منِّي السلام من شهيد مُحتسب ورحمة الله وبركاته) .
وشقّ له ضريحاً، وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: إنّ معي مَن يُعينني!) .
نعم، ترك مساغاً لبني أسد بمُشاركته في مواراة الشهداء، وعيّن لهم موضعَين، وأمرهم أن يحفروا حفرتين، ووضع في الأُولى بني هاشم، وفي الثانية الأصحاب.
وأمّا الحرّ الرياحي، فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن، وقيل: إنّ أمّه كانت حاضرة، فلما رأت ما يُصنع بالأجساد حملت الحرّ إلى هذه المكان.
وكان أقرب الشهداء إلى الحسين ولَده (الأكبر)عليه السلام ، وفي ذلك يقول الإمام
الصادق لحمّاد البصري(كامل الزيارات: ٣٢٥.) : قُتِل أبو عبد الله غريباً بأرض غُربة، يبكيه مَن زاره، ويحزن له مَن لم يزره، ويحترق له مَن لم يشهده، ويرحمه مَن نظر إلى قبره، ابنه عند رجْليه ...)
(مقتل الحسين (ع)/ للمقرّم: ٣١٩ - ٣٢١.)
(انتهى المبحث)
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم.
من مصادر المبحث:ـ
1ـ مقتل الامام الحسين عليه السلام/ للسيد المقرم
2ـ مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة/ تأليف: علي الشاوي - الشيخ نجم الدين الطبسي - الشيخ محمد جواد الطبسي - الشيخ عزت الله المولاني - الشيخ محمد جعفر الطبسي - الشيخ محمد امين الاميني
3ـ زينب الكبرى (ع) من المهد الى اللحد/ سيد محمد كاظم القزويني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق