بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.
ها هي الاشهر الثلاثة المقدسة : رجب، وشعبان، ورمضانقد اقبلت علينا ومن الجدير بالذكر تذكير نفسي واخوتي ببيان السيد القائد مقتدى الصدر (اعزه الله) فيما يجب على المؤمنين تطبيقه في هذه الاشهر والمؤرخ في: 22 - 5 – 2012
ولو التفتنا الى المقطع الآتي من خطبة الجمعة الثانية التي القاها السيد القائد في مسجد الكوفة المعظم بتاريخ 3/ 4/ 2015 ، في قوله (اعزه الله):
...ومن هذا وذاك نفهم انهم سلام الله عليهم اجمعين اكدوا على امر مهم جدا وهو الطاعة الطاعة، طاعة الله سبحانه وتعالى ليس احد سواه قبل طاعتهم والتضرع الى الله قبل التضرع بهم وانه لن ينفع حبهم الا مع طاعة الله سبحانه وتعالى (كول لا)لاكما يشيع البعض ان حب اهل البيت وان لم يكن مقرونا بطاعة الله فهو كاف وواف في الدنيا والآخرة كلا والف كلا فانهم سلام الله عليهم جائوا من اجل نشر الطاعة ومحو الذنوب ومحوا العصيان..(انتهى)
فلأهمية وقدسية الاشهر الثلاثة(رجب وشعبان ورمضان) التي اقبلت علينا ولاهمية الطاعة التي اكد عليها السيد القائد بشدة ، اتشرف بعرض هذه الاسطر عن الطاعة واستغفر الله عن قصوري وتقصيري.
أولا ـ مفهوم الطاعة
مفهوم الطاعة بكل أنواع مدلولاته وبأي لغة كان , هو من المفاهيم التي ترافق نشأة الإنسان وابتدائا من مرحلة طفولته وبداية نطقه ونشأته , فمن أوليات ما يتعلمه من والديه وخصوصا والدته أو مربيته هو مفهوم الطاعة وتطبيقاته , وتختلف طرق التعليم والتوجيه لتثبيت هذا المفهوم في أذهان الأطفال , حسب مدارك الآباء والمربين ومدى مستوياتهم الفكرية واعتقاداتهم الدينية , فتجد هنالك من يستخدم الحكمة في التوجيه والإرشاد لتركيز مبدأ الطاعة وهنالك من يستخدم بالإضافة إلى التوجيه الترغيب بأنواع المغريات التي تلائم مرحلة الطفولة وهنالك من يستخدم العقوبات من ضرب وزجر وتوبيخ وغيرها من اجل تركيز هذا المفهوم , المهم إن مفهوم الطاعة يصبح وبصوره مبكرة من حياة الإنسان بديهي المعنى , وما يهمنا في هذا البحث هو ما تعنيه الطاعة من معاني ومداليل في مدرسة أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومدى أهميتها وكيفية أدائها وفق ما يريده الله تعالى شأنه ويقره العقل السليم والذوق الرفيع .
ثانيا ـ الطاعة بمعناها العام والخاص
الطاعة بمعناها العام :
هي الالتزام مع العمل , وهي أساس الشرائع الالهية والأحكام الربوبية لأنها محور كل تكليف الهي وقانون وضعي فلا فائدة في تشريع لا تطبيق له .
أما , الطاعة بمعناها الخاص(طاعة الله جل جلاله) :
فهي الإيمان بالله (جل جلاله)وبدينه الحق والعمل بأحكامه وشريعته التي انزلها على رسوله الأمين , وطاعة الله تعالى واجبه بالذات لان له الطاعة المطلقة والحاكمية التامة ,وهنالك فرق بين الطاعة والتطوع، حيث إن الطاعة موافقة الإرادة في الفريضة والنافلة.
والتطوع التبرز بالنافلة خاصة ، واصلها الطوع الذي هو الانقياد , وروح الطاعة تبرز لدى إلتزام الإنسان بما لا ينسجم مع مصالحه الآنية الذاتية.
وهذا هو المعيار الذي يميّز به المؤمن عن العاصي، فالإزدواجية في الإلتزام بأحكام الله تعالى، تدلّ على روح العصيان، بل أحياناً على عدم الإيمان و بعبارة اُخرى ، إن الإيمان يظهر أثره فيما لو كان القانون على خلاف مصالح الفرد ومع ذلك يلتزم به الفرد ، وإلاّ فان العمل بالأحكام الشرعية ، إذا اتفقت مع المصالح الشخصيّة لا يعتبر افتخاراً ولا علامة على الإيمان ولهذا يمكن تمييز المؤمنين عن المنافقين من هذا الطريق فالمؤمنون يلتزمون بجميع الأحكام ، والمنافقون يذهبون إلى التبعيض
, وهنالك أكثر من ثمانين موضعاً خاطب الله المسلمين في كتابه الكريم بهذه العبارة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) . وهذا الخطاب يتضمن إشارة إلى ميثاق التسليم الذي عقدته الجماعة المسلمة مع ربّها بعد الإيمان به ، وهذا الميثاق يفرض على الجماعة الطاعة والإِنصياع لأوامر ربّ العالمين ، والإِستجابة لما يأتي بعد هذه العبارة من أحكام.)
(هذه بعض كلمات سيد عبد الأعلى السبزواري وشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ الطوسي حول مفهوم الطاعة بأهم معانيه وهو ان إن طاعة الله واجبه بالذات) .
ثالثا ـمن نتائج الطاعة.
للعلماء في تعريف الإسلام تعاريف كثيرة منها :
انه تأدية الطاعات على السلامة من الأدغال , ويجب أن تكون جميع نشاطات الإنسان الماديّة والمعنوية في الحياة مشفوعة بالفكر والتدبّر، ويتّضح من هذه العبارة أمران :
1 ـ
إنّ الإنسان إضافة إلى وجوب التسليم أمام أوامر الله يجب أن يُطيع هذه الأوامر عن تفكّر وتعقّل لا عن اتّباع أعمى، وبعبارة اُخرى على الإنسان المؤمن أن يعي أسرار الأحكام وروحها ليس فقط في مجال تحريم الخمر والقمار، بل في جميع المجالات ولو إجمالاً.
ولا يعني هذا الكلام أنّ إطاعة الأحكام الإلهيّة مشروطة بإدراك فلسفتها وحكمتها، بل المراد أنّ الإنسان يجب عليه بموازاة الطّاعة العمليّة أن يسعى إلى فهم أسرار وروح الأحكام الإلهيّة.
2 ـ
أنّ على الإنسان أن لا يحصر تفكيره في عالم المادّة وحده أو عالم المعنى وحده، بل عليه أن يفكّر في الإثنين معاً، لأنّ الدنيا والآخرة مرتبطتان وكلّ خلل في أحدهما يخلُّ بالآخر، وأساساً لا يُمكن أن يؤدي أحدهما إلى رسم صورة صحيحة عن الواقعيّات في هذا العالم، لأنّ كلاًّ منهما هو قسم من هذا العالم، فالدنيا هي القسم الأصغر والآخرة القسم الأعظم، فمن حصر فكره في أحدهما فإنّه لا يمتلك تفكيراً سليماً عن العالم . وقد بين لنا أئمتنا الطاهرون الكثير من أسرار ونتائج الطاعة وكيفيتها وأهميتها... فعن سليم بن قيس الهلالي قال :
سمعت امير المؤمنين عليه السلام يقول :
(احذروا على دينكم ...، إلى قوله , ولا طاعة لمن عصى الله ، إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر ، وإنما امر الله تعالى بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية ، وإنما أمر بطاعة أولى الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية)
وعن الكافي والعياشي عن الصادق(ع) ، والقمي عن الباقر صلوات الله عليهما ذكر الله لأهل الطاعة أكبر من ذكرهم إياه ألا ترى أنه يقول اذكروني أذكركم.
ولذلك قال علماء الأخلاق إن الصبر على ثلاث شعب:
الصبر على الطّاعة: أي المقاومة أمام المشاكل التي تعتري طريق الطاعة.
الصبر على المعصية: أي الثبات أمام دوافع الشهوات العادية وارتكاب المعصية.
الصبر على المصيبة: أي الصمود أمام الحوادث المرّة وعدم الإنهيار وترك الجزع والفزع
(انتهى)
اسأل الباري توفيق الطاعة وبعد المعصية لأخوتي جميعا ولأخيهم الاقل ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
من مصادر المبحث:
1 ـ مواهب الرحمن في تفسير القرآن/ السيد عبد الأعلى السبزواري الموسوي(قدس)،(تم أخذ مقاطع كثيرة من كلماته الشريفة في هذا المبحث ومن ثم تم ترتيبها بتصرف)
2 ـ التبيان في تفسير القرآن/ الشيخ الطوسي
3 ـ الأمثل في تفسير القرآن/ الشيخ ناصر مكارم شيرازي
4 ـ تفسير نور الثقلين/ الشيخ عبد على بن جمعة العروسى الحويزى
5 ـ تفسير الصافي/ الشيخ محسن الفيض الكاشاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق