مقام الإمام علي عليه السلام ، وقبر اليماني وكلاهما من الآثار التاريخية المشهورة عند العارفين وعند السواد الأعظم في النجف الأشرف.
كان المقامان خارجين عن مدينة النجف خلف السور الذي أشاده آصف الدولة الهندي سنة 1226هـ ، وعلى أثر تكرار غزو الأعراب والوهابيين للنجف تبرع نظام الدولة الوزير محمد حسين خان العلاف ببناء سور صغير يحوط المقامين ، فأدخلا في المدينة.
ويقع كلا من المقام وقبر اليماني في منطقة تسمى قديما بالمسبل، وعرفت بعد ذلك بالعمارة.
واليماني هو الشيخ الجليل (اثيب اليماني) المعروف باسم صافي صفا المتوفي عام 38 للهجرة النبوية وهو رجل مؤمن صالح من أهل اليمن دفنه أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام أيام خلافته
وصف الشيخ محمد حرز الدين قبر اليماني ، قائلا : يقع مرقده بين المسجد الذي فيه مقام أمير المؤمنين (عليه السلام) غربا وبين صحنه المستطيل شرقا .
وتحوط صحنه من الدخل دور عامرة تسكنها اليوم(وقت الشيخ حرز الدين) سدنة القبر .
وفي الجانب الشمالي من صحنه حياض ماء بقربها بئر عباسية واسعة يستقي الزائرون منها بالدلاء للوضوء والتطهير ، كل ذلك وقف على الزائرين .
ومن هنا مسلك طريق ينفذ إلى مقام الإمام زين العابدين (عليه السلام) ، فالزائرون يتطهرون بهذا الماء ويوروا المقامين من هذا المسلك الضيق.
ومن الآثار القديمة التي تصرح بأنه مقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وجود لوحين من الحجر الأبيض منقوش عليهما قصيدتان من الشعر كل منهما تصرح بأنه مقام علي (عليه السلام) .
الصخرة الأولى كانت مثبتة في البناء فوق المحراب كتب عليها بالحفر قصيدة هائية في اثني عشر بيتا من الشعر العربي مطلعها :
شاد مقام الطهـر مـولى رقـى *** أعـلا مقامـات الـورى قـدره
والصخرة الثانية هي أكثر وضوحا من الأولى مثبتة في جدار المقام على ارتفاع قامة إنسان على يسار مستقبل القبلة قرب محراب المسجد ، تاريخها سنة 1170هـ ، كتب عليها قصيدة لامية في عشر أبيات فيها تصريح بأنه مقام علي (عليه السلام) ، مطلعها :
فناهيك صرحا يزدري كل منزل *** أناخ على العليا بأعظم كلكل
وقد تحول المكان إلى مسجد يعد الآن من مساجد النجف القديمة . يقول الشيخ محمد حرز الدين : أن هذا المسجد يقع إلى جنب مقبرة الصفا.
وكان الإمام علي (عليه السلام) إذا أراد الخلوة بنفسه أثناء خلافته في الكوفة ، يأتي إلى طرف الغري ، فبينما هو ذات يوم مشرف على النجف فإذا برجل قد أقبل من جهة البرية راكبا ناقة وأمامه جنازة ، فحين رأى الإمام (عليه السلام) قصده وسلم عليه فرد عليه الإمام (عليه السلام) قائلا له : من أين ؟
قال : من اليمن
قال(عليه السلام) : وما هذه الجنازة التي معك ؟
قال: جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض
فقال(عليه السلام) : لم لا دفنته في أرضكم ؟
قال : هو أوصى بذلك ، وقال : إنه يدفن هناك رجل يدعي في شفاعته مثل ربيعة ومضر
فلما سمع الإمام (عليه السلام) حديثه قال : أتعرف هذا الرجل ؟
قال لا
فقال (عليه السلام) : أنا والله ذلك الرجل
فوقع الرجل اليماني على قدمي الإمام يقبلهما ويبكي.
فقال الإمام: ما دام قد أوصى بذلك، وقد قطعتَ به كل تلك المسافة فسوف أتولى الصلاة عليه ودفنه.
فقال الرجل: هنيئا لأبي، لقد أوصى أن يدفن عندك، فوجدك حاضرا هذا المكان، وسوف يحضى بشرف صلاتك عليه ودفنه بجوارك.. ثم سأله الإمام (عليه السلام) ما كان أبوك يصنع في حياته حتى أتمّ الله له ذلك؟ قال الرجل: إنه والله كان دائم الذكر لك يا أمير المؤمنين، أسمعه دائما وهو يناجي الله باسمك وخاصة في صلاة الليل ويدعو بذلك كثيرا ".
ثم دفن في المكان نفسه سادات أجلاء من بعد المؤمن اليماني الصالح، هذا ويحيط بالمقام الشريف المطل على منخفض بحر النجف مسجد قديم يعود تاريخ بنائه الى القرن السابع وقيل الثامن للهجرة النبوية الشريفة.
والبناء قبل تهديمه الاخير بناء واسع يلحظه الناظر عن بعد ترتفع فوقه قبه مزينة بأبهى النقوش والكتابات والزخارف الإسلامية والى جواره يقع مقام الإمام زين العابدين (ع) ، وقد تم تهديمه اخيرا واعادة بنائه ولازالت الاعمال جارية في اعماره.
واليكم بعض الصور عن هذا المقام:
1ـ مقام صافي صفا قبل الاعمار الاخير
2ـ مقام صافي صفا اثناء الاعمار الاخير
3ـ الشكل النهائي للاعمار الاخير
من مصادر ومراجع المبحث:
1ـ معارف الرجال/ محمد حرز الدين : 3/125.
2ـ ماضي النجف وحاضرها/ جعفر آل محبوبة : 2/47
3ـ أعيان الشيعة/الأمين1/402
4ـ مباحث عراقية/ يعقوب سركيس ق2/232 نقلا عن ديوان السيد مير رشيد ورقة 50-51
5ـ دليل العتبات والمزارات والمشاهد الدينية في العراق
6ـ العتبة العلوية المقدسة ـ شبكة الامام علي (عليه السلام).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق