المقاومة الاجتماعية
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
مما علمنا
إياه مولانا المصطفى الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم )أن الحرب العسكرية مع
أعداء الله تسمى بالجهاد الأصغر ، وبلسان اليوم تسمى بـ (المقاومة
العسكرية)بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
أما الحرب مع النفس الأمارة بالسوء ومع إبليس فتسمى بالجهاد الأكبر ، وقد يكون من أسباب تسميتها بالجهاد الأكبر لخفاء العدو الذي نحاربه وقربه منا فالإنسان المؤمن في هذه الحرب إنما يقاتل نفسه ويقاتل الشيطان الذي يجري منه مجرى الدم .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فان الحرب العسكرية مهما طالت فان لها مدة معينة ، أما حرب النفس الأمارة بالسوء وصديقها إبليس فإنها لا تنتهي حتى لو قتل المؤمن نفسه الأمارة ، فان إبليس (عليه اللعنة) يستغل فترة بقائه إلى يوم الوقت المعلوم ويبقى يشن هجماته على الفرد المؤمن ليلا ونهارا .
اوليس الفرد المؤمن مرتبط بالمجتمع ، ونتيجة هذا الارتباط تترتب عليه مسؤوليات جمة وحقوق كثيرة فلابد وهذه الحال أن يتفاعل معها بما يرضي الله جل جلاله ، لذا فهو من جهة في تكامل مستمر لذاته ومن جهة أخرى يسعى في تكامل الآخرين من خلال بذل الجهد في إيصال الخير إليهم ودفع الشر عنهم ، وقد تجلت في هذا البلد المقدس صور واضحة لأقسام الجهاد فمن مرحلة الجهاد الأصغر إلى مرحلة الجهاد الأكبر ومن ثم مرحلة المقاومة الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية...
وفي هذا المقال نخص بالذكر المقاومة الاجتماعية ، ونذكر بعض ما يتعلق بها ضمن النقاط الوارده في ادناه ، ومن الله التوفيق .
1 ـ من الطبيعي إن حربنا مع أعداء الله مستمرة ولها صور متعددة وعلى لسانهم تكتيكات مختلفة فحينما ينسحبون عسكريا من ساحة المعركة فإنهم لن ينسحبوا من الهجمات الأخرى وهي بالتأكيد اخطر وأشرس من المعارك العسكرية والدليل على ذلك إن القتيل في المعركة العسكرية وهو ثابت اليقين فانه شهيد قد فاز بحسن العاقبة وانتقل إلى جوار ربه في مقعد صدق عند مليك مقتدر أما القتيل في المعارك الفكرية والاجتماعية ...فأن نتيجته سلبية أكيدا وفي اغلب الأحيان يكون مصيره الشقاء الأبدي .
2 ـ كان الناس ومن ضمنهم قبائل العرب بالخصوص (كون الرسالة الإسلامية انطلقت من رحم أمتهم) يمتلكون بعض الخصال الحميدة بالإضافة إلى وجود بعض الخصال السيئة ، فبعث الباري (جل جلاله ) حبيبه صاحب الخلق العظيم محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتمم مكارم الأخلاق ، فانتعشت به (صلى الله عليه وآله وسلم) الخصال الحميدة :
كالكرم والمروءة والنخوة وحفظ العهد...
وحوربت عادات الجاهلية كوأد البنات ، والتمايز العرقي والطبقي ...
وقد رأينا مصداق ونموذج حي لهذا التغيير على يد سيدنا المولى محمد محمد صادق الصدر(قدس) ، فقد كانت هنالك عادات وتقاليد سلبية في المجتمع العراقي تراكمت من سنين طوال كقيام أبناء العم بتجميد زواج بنت عمهم بما يسمى بـ (النهوة) وكذلك القيام بفك معظم النزاعات القبلية بـطريقة (الفصل بالنساء) وهذه المرأة التي تسمى بـ (الفصلية ) تُزوج في اغلب الأحيان لأصحاب العاهات أو العجزة وكبارالسن مما يترتب على ذلك ظلم فاحش يصيب الفتاة ..
إلى غيره من العادات السلبية كاحتقار من يمتهن بعض المهن كالحياكة ...أو الإسراف المبالغ فيه بالأعراس والفواتح ..
فقام سيدنا الشهيد (قدس) بمحاربة هذه العادات المشينة ، فشذب السانية العشائرية وطوعها للشرع المقدس ومد يده للغجر لانتشالهم من واقعهم المر وأصبح من المعيب جلب الفرق الموسيقية بالأعراس ومناسبات الفرح الأخرى ، وتم محاربة أسباب الفساد من ملاهي وأغاني وصور ماجنة ...
ولم يستخدم في ذلك الأسلحة النارية بل انه هذب أتباعه ومقلديه وأفاض عليهم من وعيه وأخلاقه فانطلقوا بين الناس للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، نعم في بادئ الأمر حصلت صعوبات ولكن بتوفيق الله وبالسعي المخلص حصلت بعد ذلك نتائج رائعة بانت آثارها وبركاتها في عموم المجتمع العراقي في تلك الفترة ، ولازال بعضها ماثلا إلى اليوم .
3 ـ حينما قسمت المقاومة إلى اجتماعيه وفكرية وسياسية ...
فأكيد هنالك فوارق أدت إلى تعدد التسميات بالرغم من اشتراك الجميع بمعظم القواسم والمفردات وأظن وعلى سبيل المثال إن المقاومة الفكرية ، رأسمالها العلم والتعليم بالرغم من عدم استغنائها عن باقي المفردات كحسن الخلق ، أما المقاومة الاجتماعية فان رأسمالها حسن الخلق والمداراة بالرغم من عدم استغنائها عن العلم والمعرفة ...
لذا من المهم معرفة ما تحتاج إليه كل مقاومة معينة من مؤهلات لكي يتم أدائها بنجاح
4 ـ بعد هذه المقدمة المختصرة المذكورة في النقاط أعلاه يتبادر السؤال التالي :
كيف يمكن القيام بالمقاومة الاجتماعية ؟
ومن الطبيعي عدم إمكانية إيفاء جواب هذا السؤال وتفصيل مطالبه بهذه العجالة ، ولكن الإشارة إلى بعض صور الاجابه لا تخلوا من فائدة إن شاء الله تعالى :ـ
ا ـ إن من يقوم بهذا العمل يجب أن يكون ممن تحلى بنسبة جيدة من مكارم الأخلاق ، فكيف ينجح بهذه المهمة من لم يكن مرآة عاكسه لبعض أخلاق أهل البيت(عليهم السلام) فالذي يأمر الناس بالبر يجب أن لا ينسى نفسه والذي ينهى الناس عن خلق يجب أن لا يأتي بمثله وإلا فانه يفسد أكثر مما يصلح إضافة إلا انه سوف يصبح محلا لازدراء الآخرين ، كما حدث في بيت جاري الذي دعاني إلى مجلس تعزية أقامه في بيته فتأخر الشيخ وبدأ الناس يتكلمون حول الشيخ لأن عدم الالتزام بالموعد قد تكرر منه لعدة مرات ، ومن جملة ما قيل إنه لماذا لا نطلب من الشيخ التكلم حول الالتزام بالمواعيد ، وآخر وهو سيد روى حادثة جرت معه ، مجملها:
[انه متفق مع خطيب يقرأ له التعزية وعندما ذهب لجلبه صادفهم بالطريق شخصا آخر تكلم برهة مع الخطيب ثم انصرف فقال السيد للخطيب إننا على موعدنا أم تغير الموعد ، قال الخطيب :
لا إننا على موعدنا ، ثم قال الخطيب للسيد انتظرني هنا لأجلب السماعة من بيتي ، وذهب الخطيب فانتظر السيد طويلا وبعد نصف ساعة توجه السيد إلى بيت الخطيب ليرى لماذا تأخر فأجاب عيال الخطيب بأن أباهم منذ نصف ساعة أخذ السماعه وخرج فذهب السيد ليسأل عنه وإذا به يخطب في مجلس الشخص الذي صادفهم بالطريق ؟ ]
ولنعود لمجلس جاري ، فقد جاء الشيخ وأعتذر عن تأخيره محتجاً بأعطال حدثت في سيارته وكثير ممن حظر المجلس غير مصدق بأعذار الشيخ ؟ اوليست هذه الحالة مخجلة بأن يسلك دعاة الدين مسالك المخادعين من أهل الحرف ؟؟
وكيف يسمع الناس الموعظة من شخص لا يثقون به ؟
ب ـ إن المقاوم في هذا الاتجاه يجب أن يتحلى بقدر عال من سعة الصدر ولطف المداراة والحلم بالإضافة إلى الخبرة في الكلام مع الأفراد كلا بحسبه ، فتنبيه وإرشاد الوالد والجد والعم والخال والشيخ الكبير... يجب أن يكون بطريقه تختلف عن طريقة إرشاد وتنبيه الابن والطفل الصغير ...
وهكذا بالنسبة للأم وما شاكلها فان طريقة إرشادها تختلف عن طريقة إرشاد البنت والزوجة والأخت الصغيرة...
كما يجب أن يحظى المقاوم بنسبة جيدة من احترام وثقة وحب من يرشدهم ، أو على اقل تقدير أن لايكون ممن لايحسن المقابل الظن فيه .
ج ـ نجد المحارب الإلهي ، يهيئ الاستعدادات والمستلزمات الكثيرة قبل بدأ المعركة العسكرية ، وتراه دائم الذكر لله طالبا منه المعونة والتسديد ...
فيجب أن يكون حال المقاوم في الجهات الاجتماعية والفكرية والسياسية...على نفس المنوال إن لم يكن أكثر ، وأهم ما في الأمر أن يكون خالصا لوجه الله تعالى
فكم أبطال برزوا بميادين هذه المعارك ، وكذلك هنالك من جرح وهنالك من اسر وهنالك منهزمين والعياذ بالله ، أجارنا الله من سوء المنقلب.
وقد قام أتباع ومقلدي الشهيد الصدر المقدس بقيادة سيدنا القائد مقتدى الصدر (اعزه الله) سواء كانوا أفرادا أم جماعات وكذلك مكاتب السيد الشهيد الشريفة ومؤسساتها المختلفة وخصوصا الهيئة الاجتماعية بأعمال كثيرة في هذا المجال من رعاية عوائل الشهداء والمعتقلين إلى خدمة الكثير من المحتاجين وكذلك فك الكثير من النزاعات العشائرية وغيرها ..
وكان لتوجيهات السيد القائد وأوامره في هذا الشأن وغيره الأثر البالغ في النجاح الذي تحقق في هذا الميدان ولكن لكثرة البلائات والمحن على هذا الشعب فان ما قمنا به لازال بسيطا ومحدودا فما تبقى من الحمل كثير ولا يرفع الحمل الثقيل إلا أهله بإذن الله تعالى وإن شاء الله بالإخلاص والتعاون والالتفاف الحقيقي حول قائدنا مقتدى الصدر(اعزه الله) سوف تتذلل الصعاب ونسأل بارينا المغفرة وحسن العاقبة بحق المصطفى محمد وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق