بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم .
عظم الله اجر نبينا المصطفى وأهل بيته النجباء بذكرى استشهاد، رابع اصحاب الكساء واخ المذبوح من القفا عطشانا بكربلاء، مولانا ومقتدانا ريحانة حبيب الله وثاني خلفائه امامنا الحسن الزكي المجتبى (عليه السلام)
ويشرفني كتابه بعض السطور عن هذه الفاجعه الاليمه وضمن نقطتين ، واستغفر الله عن كل قصور وتقصير فيها ، والله ولي التوفيق والتسديد
1 ـ في الاحتجاج ص 149عن ابن موسى، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن ابن جبير، عن ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن عليه السلام فلما رآه بكى ثم قال:
إلي إلي يا بني فما زال يدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى وساق الحديث إلى أن قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم :
وأما الحسن فانه ابني، وولدي، ومني، وقرة عيني وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة أمره أمري، وقوله قولي من تبعه فانه مني، ومن عصاه فليس مني.
وإني لما نظرت إليه تذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي، فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما وعدوانا فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شئ حتى الطير في جو السماء، والحيتان في جوف الماء .
وروي عن الامام الصادق(عليه السلام)، عن آبائه عليهم السلام أن الحسن عليه السلام قال لأهل بيته:
إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى الله عليه واله قالوا: ومن يفعل ذلك ؟ قال:
امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فان معاوية يدس إليها ويأمرها بذلك، قالوا: أخرجها من منزلك، وباعدها من نفسك، قال: كيف اخرجها ولم تفعل بعد شيئا ولو أخرجتها ما قتلني غيرها، وكان لها عذر عند الناس.
فما ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا ويزوجها من يزيد وحمل إليها شربة سم لتسقيها الحسن عليه السلام فانصرف إلى منزله وهو صائم فأخرجت وقت الإفطار، وكان يوما حارا شربة لبن وقد ألقت فيها ذلك السم، فشربها وقال: عدوة الله ! قتلتيني قتلك الله والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك وسخر منك، والله يخزيك ويخزيه.
فمكث عليه السلام يومان ثم مضى، فغدر بها معاوية ولم يف لها بما عاهد عليه.
وروى عن أحمد بن عبيد الله بن عمار باسناده إلى مغيرة قال: أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث: انى مزوجك بيزيد ابني على أن تسم الحسن بن على، وبعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال ولم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم وقالوا يا بنى مسمة الأزواج.
وروى مثل ذلك ابن عبد البر المالكى في الاستيعاب راجع ج 1 ص 374 بذيل الإصابة.(ونقل بعض المؤرخين إن معاوية , كتب إلى ملك الروم يسأله أن يوجه إليه من السم القتال شربة، فكتب إليه ملك الروم: أنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا، فكتب إليه: إن هذا ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة قد خرج يطلب ملك أبيه، وأنا أريد أن أدس إليه من يسقيه ذلك، فأريح العباد والبلاد منه، ووجه إليه بهدايا وألطاف، فوجه إليه ملك الروم بهذه الشربة التي دس بها فسقيتها. واشترط عليه في ذلك شروطا).
وقال الشيخ المجلسي في بحار الأنوار / جزء 44: روي في بعض تأليفات أصحابنا أن الحسن عليه السلام لما دنت وفاته ونفدت أيامه ، وجرى السم في بدنه ، تغير لونه واخضر، فقال له الحسين عليه السلام: ما لي أرى لونك مائلا إلى الخضرة ؟ فبكى الحسن عليه السلام وقال: يا أخي لقد صح حديث جدي في وفيك ، ثم اعتنقه طويلا وبكيا كثيرا .
فسئل عليه السلام عن ذلك ؟ فقال: أخبرني جدي قال: لما دخلت ليلة المعراج روضات الجنان، ومررت على منازل أهل الإيمان ، رأيت قصرين عاليين متجاورين على صفة واحدة إلا أن أحدهما من الزبرجد الأخضر، والآخر من الياقوت الأحمر، فقلت: يا جبرئيل لمن هذان القصران ؟ فقال: أحدهما للحسن، والآخر للحسين عليهما السلام.
فقلت: يا جبرئيل فلم لم يكونا على لون واحد ؟ فسكت ولم يرد جوابا فقلت : لم لا تتكلم ؟ قال: حياء منك، فقلت له : سألتك بالله إلا ما أخبرتني فقال: أما خضرة قصر الحسن فانه يموت بالسم، ويخضر لونه عند موته، وأما حمرة قصر الحسين، فانه يقتل ويحمر وجهه بالدم. فعند ذلك بكيا وضج الحاضرون بالبكاء والنحيب.
وقال ابن أبي الحديد: روى أبو الحسن المدائني قال: سقي الحسن عليه السلام السم أربع مرات، فقال: لقد سقيته مرارا فما شق علي مثل مشقة هذه المرة. وعن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، قال: إن جعده بنت الأشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي عليهما السلام وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم وأما الحسن فاستمسك في بطنه ثم انتفط(قرحت أو مجلت) به فمات[الكافي (ج 1 ص 462)]
2ـ وروي إن مولانا الحسن (عليه السلام)قال في وصيته لأخيه الحسين(عليه السلام):
هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين بن علي: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولا ولي له من الذل، وإنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وإنه أولى من عبد، وأحق من حمد، من أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى. فاني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا ووالدا، وأن تدفنني مع رسول الله صلى الله عليه وآله فاني أحق به وببيته، ممن أدخل بيته بغير إذنه، ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله فيما أنزله على نبيه صلى الله عليه واله في كتابه: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم " فو الله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الإذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده.
فان أبت عليك الامرأة فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عزوجل منك والرحم الماسة من رسول الله صلى الله عليه واله أن تهريق في محجمة من دم، حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه واله فنختصم إليه ونخبره بما كان من الناس إلينا بعده، ثم قبض عليه السلام
وعن محمد بن الحسن، وعلي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
لما احتضر الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال للحسين عليه السلام: يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه واله لأحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع.
واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه واله وعداوتها لنا أهل البيت. فلما قبض الحسن عليه السلام وضع على سريره، وانطلق به إلى مصلى رسول الله الذي كان يصلي فيه على الجنائز، فصلي على الحسن عليه السلام فلما أن صلي عليه حمل فادخل المسجد، فلما اوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر وقيل لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي عليهما السلام ليدفن مع رسول الله صلى الله عليه واله، فخرجت مبادرة على بغل بسرج، فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا، فوقفت فقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فانه لا يدفن فيه شئ، ولا يهتك على رسول الله صلى الله عليه واله حجابه.
فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه واله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله صلى الله عليه واله قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى الله عليه واله ليحدث به عهدا.
واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله صلى الله عليه واله ستره لأن الله تبارك وتعالى يقول(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم))(سورة الأحزاب/ الآية 53)
وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه واله الرجال بغير إذنه، وقد قال الله عزوجل(يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي))(سورة الحجرات/ الآية 2)
ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند اذن رسول الله صلى الله عليه واله المعاول، وقال الله عزوجل(إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى))(سورة الحجرات/ الآية 3).
ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه واله بقربهما منه الأذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى الله عليه واله إن الله حرم على المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء.
وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله، لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.
قال: ثم تكلم محمد ابن الحنفية وقال يا عائشة: يوما على بغل، ويوما على جمل فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم، قال: فأقبلت عليه فقالت: يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك ؟ فقال لها الحسين: وأنى تبعدين محمدا من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم: فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحه بن حجر بن [عبد] معيص بن عامر، قال: فقالت عائشة للحسين عليه السلام: نحوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون ، قال: فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر أمه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع (الكافي ج 1 ص 302.)
(وفي المناقب ورموا بالنبال جنازته حتى سل منها سبعون نبلا فقال ابن عباس بعد كلام: جملت وبغلت ولو عشت لفيلت )( الإرشاد ص 174 - 176. مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 29 و 42 - 44.) .
وقال أبو عبد الله عليه السلام:
أول امرأة ركبت البغل بعد رسول الله صلى الله عليه واله عائشة جاءت إلى المسجد فمنعت أن يدفن الحسن بن علي عليهما السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
بحار الأنوار / جزء 44 / صفحة [ 150]
3ـ عن سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسن بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قبض الحسن بن علي وهو ابن سبع وأربعين سنة في عام خمسين، عاش بعد رسول الله صلى الله عليه واله أربعين سنة (الكافي ج 1 ص 461.).
وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: اختلف في مبلغ سن الحسن عليه السلام وقت وفاته، فحدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن علي بن إبراهيم بن حسن، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وجميل بن دراج، عن جعفر بن محمد عليهما السلام: أنه توفي وهو ابن ثمان وأربعين سنة. وحدثني أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن حسن بن حسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي بصير، عن جعفر بن محمد عليهما السلام: أن الحسن توفي وهو ابن ست وأربعين سنة
في الدر: عمره خمس وأربعون سنة، وقيل: تسعة وأربعون وأربع شهور وتسعة عشر يوما، وقيل: كان مقامه مع جده صلى الله عليه واله سبع سنين، ومع أبيه عليه السلام ثلاثة وثلاثين سنة، وعاش بعده عشر سنين، فكان جميع عمره خمسين سنة
4ـ عن الصادق عليه السلام: بينا الحسن عليه السلام يوما في حجر رسول الله صلى الله عليه واله إذ رفع رأسه فقال:
يا أبه ! ما لمن زارك بعد موتك ؟ قال: يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة، ومن أتا أباك زائرا بعد موته فله الجنة، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة أبوالبختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام كان يزور قبر الحسن عليه السلام في كل عشية جمعة ، فسلام الله على مولانا المجتبى يوم ولد طاهرا مطهرا في حجر الرساله ويوم استشهد مسموما مظلوما وممنوعا من دفنه مع جده المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) ويوم هدم ضريحه(عليه السلام) وأضرحة أبناء أخيه المعصومين(عليه السلام) في الثامن من شوال من قبل أبناء البغايا إخوان من منعه من أن يدفن مع جده (صلى الله عليه وآله وسلم) ويوم يبعث حيا
ثانيا ـ عبره من عبر هذه الفاجعة الاليمه
1ـ إن سبيل النجاة والفلاح في الدين والدنيا والاخره مرهون بالطاعة المطلقه لله ولرسوله ولأولي الأمر الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وقد رأى المسلمين العاقبة الاليمه والخسارة الجسيمه نتيجة معصية الله ومعصية رسوله في عصر الوحي والتنزيل ، وبالرغم من ان نبينا المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يترك صغيره أو كبيره تحفظ الإسلام والمسلمين من الوقوع في مهاوي الهلكه إلا وبينها لنا قولا وفعلا حتى أكمل الله لنا الدين وأتم النعمة بولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، لكن الأمة عصت الله وعصت رسوله مرة أخرى واتبعت سبيل المنقلبين على أعقابهم ، فباءت بالشقاء إلا مارحم الله ، وبعد مده من التيه عادت لمولاها وراعيها، وكان المفروض أن يكون التيه واعظ في عدم الرجوع إلى العصيان مرة أخرى ولكن للأسف ، لم ينعم ببركة أولياء الله المعصومين(عليهم السلام) إلا القليل ممن صدقوا ماعاهدوا الله عليه فرزئت الامه بالمرتضى(عليه السلام) بعد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيدة النساء(عليها السلام) واشتد الحال في زمن المجتبى(عليه السلام) ، فقد تخاذل الناس عن نصرة الحق تخاذلا عجيبا بسبب خلودهم الى الارض واتباعهم لاهوائهم...
فقد روي عن إمامنا الحسن(عليه السلام) قوله:
(والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا، ولو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكم الله بيني وبينه، ولكني عرفت أهل الكوفة وبلوتهم، ولا يصلح لي منهم ما كان فاسدا، إنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إن قلوبهم معنا، وإن سيوفهم لمشهورة علينا.)
وكان عاقبة العصيان وعدم إتباع حجج الله(عليهم السلام) ، هو الرجوع إلى التيه مرة اخرى ولكن ببلائات اشد وانكى ، وراح ضحية هذا التخاذل والعصيان زهق ألارواح الطيبة وطمس معالم الدين ولولا خروج امامنا الحسين (عليه السلام) وعصبته الطاهره من اهل بيته وانصاره لما بقي للدين من باقيه ، فما اغلى هذا الدين الذي بذل من اجل احيائه وابقائه دماء الطيبين الطاهرين وعلى رأسهم مولانا سيد الشهداء أبا عبد الله (عليه السلام)، ومما يدمي القلب إن جزء من هذه المظلوميه يقع على عاتقنا نحن الذين نحسب أنفسنا من المؤمنين وذلك لضعف إتباعنا وقلة طاعتنا لائمتنا الميامين(عليهم السلام) وتلاميذهم المخلصين(قدس)((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))(سورة الأنفال/ الآية 25)
فكيف ياترى نعالج هذا التقصير الذي كان ولازال يتسبب في ظلم أئمتنا وتأخير ظهور مولانا صاحب الزمان(عليه السلام) ؟
وقد أجاب أستاذنا علي الزيدي عن هذا السؤال بقوله:
[ويكون جواب ذلك من خلال ماقاله وبينه السيد الشهيد:ففي هذا الصدد يقول السيد الشهيد(قدس)(واهم مايشترط في هؤلاء المؤيدين، شرطان متعاضدان، يكمل احدهما الآخر، ويندرج تحتهما سائر الأوصاف:
احدهما ـ الوعي والشعور الحقيقي بأهمية وعدالة الهدف الذي يسعى إليه ، والاطروحه التي يسعى إلى تطبيقها .
ثانيا ـ الاستعداد للتضحية في سبيل هدفه على أي مستوى اقتضته مصلحة ذلك الهدف )
إذن، بعد أن عرفنا إن المؤمن هو الذي متى ماقصر فانه سوف يكون سببا في تأخير الظهور وان الأمور التي عليه إن لايقصر فيها هي التي تندرج تحت الشرطين اللذين ذكرهما السيد الشهيد (قدس).
ويمكن أن نعدد بعض النقاط التي تندرج تحت هذين الشرطين:ـ
1 ـ الصبر على الشدائد والثبات على الطاعة
2 ـ ترك الدنيا بكل ملذاتها
3 ـ معرفة جهة الحق بأقل القرائن وإتباعها بغض النظر عن الظروف والعناوين
4 ـ تكثيف العبادة والإكثار من أدعية الفرج
5 ـ أن يكون الفرد المؤمن ذو بصيرة في دينه ومن الذين لاتهزهم إثارة الشكوك والفتن بحيث تبعدهم عن مطلبهم العالي
6 ـ أن يشعر بأنه فرد مراقب من قبل إمامه وان عليه مسؤليه سوف تلقى ، يتوقف عليها الفتح العالمي ، فعليه أن يسعى جاهدا لإكمال أي نقص يعيقه عن تأدية ذلك الواجب المقدس
7 ـ أن يحدد مكانه في دائرة الوجود ، حتى يتمكن من خلاله أن يؤدي دوره الذي يرضي الإمام (عليه السلام) وضمن الشعور الذي يملي عليه تأدية واجبه الشرعي على أتم وجه ممكن ]
وهكذا فان الطاعة المطلقة والإتباع المخلص لأولياء الله ، في حقيقته جائزة يمن بها الله على الذين جاهدوا في الله حق جهاده مخلصين له الدين ولو كرهت النفس الاماره وإبليس اللعين وأتباعه الطواغيت ، وهذه الجائزة هي فوز عظيم تحتاج إلى توفيق الله وتسديده وشفاعة أهل البيت وبركاتهم(عليهم السلام)
2 ـ ليس القرب من العصمة الطاهرة ، هو القرب المادي فحسب فكم من قريب ماديا من العصمة(عليهم السلام) لم يتمكن من شكر هذه النعمة العظيمة وأداء شيء من حقها بل قد يصل في بعض الأحيان إلى أن يصبح صاحبه مطية لإبليس وأعوانه لضرب العصمة الطاهرة ، لتكون العاقبة خسران الدنيا والاخره ، وهذا يجري حتى على القرب المادي من تلاميذ أهل البيت المخلصين(قدس) بل وحتى على القرب المادي من الاضرحه المقدسه والمشاهد المشرفة ، وعليه فان القرب الحقيقي يكون بالإتباع الخالص لوجه الله تعالى لمن جعلهم أدلاء وقاده... ((...فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ...))(سورة إبراهيم/ الآية 36 )
وليس في إتباع غيرهم((... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))(سورة يونس / الآية 35)3 ـ صحيح إن المؤمن المحب لله محب للخير ويتمنى الخير للجميع فكيف بأسرته وأرحامه وجيرانه ...
فهو يتمنى لهم الخير أكيدا وما أعظم الهدايه من خير ، لذا فالمؤمن يتمنى لأهله الهدايه من كل قلبه ويسعى جاهدا من اجل ذلك ويتألم كثيرا عندما يبوء بالفشل ولكن((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ))(سورة القصص/ الآية 56 )
وعلى هذا الأساس ينبغي الحذر من هؤلاء الذين((... لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ))(سورة القصص/ الآية 50) ، لأنهم ليسوا أهل للمؤمن ((...إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ))(سورة هود/ الآية 46)
نستجير بالله من سوء العاقبة ونسأل الباري بحق مصابنا بإمامنا الحسن المجتبى(عليه السلام)أن يعجل فرج رئيسنا صاحب الزمان (عليه السلام ) وان يحفظ قائدنا المقتدى (اعزه الله) وان يرزق أهلنا حسن الخاتمه والمنقلب انه على كل شيء قدير ونعم المولى ونعم النصير
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين.
من مصادر ومراجع المبحث :1 ـ القرآن الكريم
2ـ بحار الأنوار/ الشيخ محمد باقر المجلسي ج44
3ـ كشف الغمة للاربلي ج 2 ص 167
4 ـ الكافي للشيخ الكليني
5ـ المناقب لابن شهر آشوب
6 ـ تذكرة الخواص لابن الجوزى ص 122
7 ـ اسأله معاصره حول الامام المهدي(ع)، س14 ، الاستاذ علي الزيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق